الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ناس من بلدنا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نزل من على حماره وقد أنهكه العمل فى أرضه طوال اليوم، ألقى السلام، ثم مد يده ليصافح الحضور، قبض على يدى فشعرت بفرط الحفاوة، وخشونة الحياة، وشممت فى ملابسه رائحة الأرض (الشراقي) عندما يرويها الماء، وقرأت فى وجهه الرضا بالرزق الحلال، سألنى عن موعد المؤتمر، ثم طلب أن تكون له كلمة أسوة بالحضور، وأن يتحدث إلى القنوات التليفزيونية مثلما يفعل الآخرون، سأل وطلب.. فكان الرد ابتسامة فهم أنها استجابة، فامتطى حماره وانصرف، ثم عاد إلى المؤتمر، ووقف ليتحدث، فأجبر الجميع على الصمت بسبب عذوبة الكلام وبلاغة التعبير.
لم نسمع من الفلاح الفصيح شكوى من ضيق عيش أو عوز، بل سمعنا تحريضًا على المشاركة فى الانتخابات الرئاسية، مبررات التحريض كانت قوية ومقنعة رغم بساطتها، أحالنا الرجل إلى محاولات النيل من مصر التى تتزامن دائمًا مع أحداث مهمة، وأن أعداء الوطن يرون فى الانتخابات فرصة لبث الفتنة ونشر الفوضى، لذلك وجب على المصريين تفويت الفرصة وتحويل أيام الانتخابات الثلاثة إلى عرس من خلال المشاركة، ثم نظر إلى المحيطين به من الفلاحين، وقال: زيك زى الوزير أو رئيس الجمهورية.. لك صوت انتخابى وله صوت، كلنا متساوون، انزل وشارك لأن لا الرئيس ولا الوزير أفضل منك، محتاجين نبعث برسالة إلى الخارج، ورسالتنا هى المشاركة فى الانتخابات وبلاش حد فيكم يحرم نفسه من حقه فى الإدلاء بصوته.
الرسالة التى من أجلها كان المؤتمر هى أهمية المشاركة فى الانتخابات الرئاسية، وحتى تصل الرسالة إلى الجميع.. دعونا أساتذة جامعات ونوابًا فى البرلمان وشخصيات عامة ومثقفين، لكن الفلاح العائد لتوه من الأرض وفر مجهود الجميع، ونأى بنا عن المكلمة والمصطلحات المعقدة واللف والدوران، ولو كان الأمر بيدى لأنهيت المؤتمر عقب كلمته.
لا أعرف سببًا لتلك المقارنة التى ألحت على خاطرى بين هذا الفلاح البسيط والدكتور ممدوح حمزة، أنظر إلى الرجل، وهو يتحدث ثم تستدعى ذاكرتى لقاءات حمزة وتويتاته، ثم أتساءل: أيهما أكثر وطنية.. ومن منهما أكثر فائدة للمجتمع.. هل استفادت مصر من حمزة أكثر من استفادتها من هذا الفلاح.. وأيهما استفاد من مصر.. ولماذا يحاول حمزة ومن هم على شاكلته احتكار الوطنية؟ ألا يتساوى الاثنان فى أى استحقاق يخص الوطن؟ ولماذا هذا السخط الدائم من حمزة على النظام؟ وهل يتوقف هجومه غير المقنع لو استجابت الحكومة مثلًا لعرضه الأخير الخاص بتطوير سكك حديد مصر؟ هل وطنية حمزة حقيقية ومجردة عن أية مصالح شخصية؟ وهل يتغير موقفه من السيسى لو أسندت إليه وزارة الإسكان أحد مشروعاتها؟ ثم.. لماذا يسلط الإعلام الضوء على المواطن ممدوح حمزة، ويبتعد عن ذلك الفلاح الفصيح.. هل هو كسل أم أن مصر هى القاهرة فقط، ومواطنوها هم ممدوح حمزة وشلته؟
فى الأقاليم أيضًا ناس من بلدنا، واجبهم علينا أن نستمع إليهم، فهؤلاء هم الراضون الصابرون الوطنيون، وهم الأبعد عن النفاق والابتزاز، أجندتهم الوحيدة هى حب الوطن حتى لو عاشوا على كسرة خبز.
يقينى أن المقارنة بين هذا الفلاح وممدوح حمزة لن تكون فى مصلحة الأخير، فمن فلاحة الأول كان الخير، ومن إنتهازية الثانى كانت التويتات، التى لا تحمل نفعًا إلا لمن سطرها.