السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

ذكرى عودة طابا تجدد العهد بالحفاظ على كل حبة رمل من تراب مصر

طابا- أرشيفية
طابا- أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل غدا ( الاثنين ) الذكرى ال 29 لرفع العلم المصري على أرض طابا ، واسترداد مصر لأخر أراضيها المحتلة بعد حرب عام ١٩٦٧ ، ذكرى تستلهم روح البطولة فى الجندى المصرى ، وتجدد العهد بالحفاظ على كل حبة رمل من تراب مصر ، فإذا كان استرداد طابا بمساحتها الصغيرة قد جسد ملحمة دبلوماسية وطنية استخدمت مصر فيها كافة الوسائل الدبلوماسية لإثبات حقها في طابا ، فإن العقيدة المصرية التى تقود حاليا أشرس حرب ضد الأرهاب على أرض سيناء ماضية فى طريقها لتطهير الارض وإستعادة الأمن في شتى ربوع مصر .
اختلف الزمان والظرف وبقى المقاتل المصرى خير أجناد الأرض ، ليقود ملحمة تاريخية جديدة على أرض سيناء من اجل نشر الأمن والأمان في ربوعها وحماية حدود مصر من كل معتد ، دروس فى التضحية بالروح تسطرها مصر كل يوم أمام العالم ، ونيابة عنه ، كما سطرت سابقا درسا في الدبلوماسية أثناء مفاوضات طابا ، نظرا لظهور تلك المشكلة عقب إقرار معاهدة السلام مع اسرائيل وما نصت عليه من اللجوء للوسائل الدبلوماسية حال وقوع خلاف بين الجانبين .
ظهرت إشكالية طابا قبل الانسحاب الاسرائيلي من سيناء بشهر واحد ، وحرصا من القيادة السياسية المصرية على اتمام الانسحاب الإسرائيلي في موعده وعدم إفساد فرحة الشعب بعودة سيناء ، اتفق الجانبان المصري والإسرائيلي على تأجيل الانسحاب من طابا وحل النزاع بالرجوع لقواعد القانون الدولي وبنود اتفاقية السلام ، وأعلن رئيس الجانب العسكري المصري في اللجنة العسكرية المشتركة المشكلة لإتمام الانسحاب الإسرائيلي من سيناء أن هناك خلافا بين مصر وإسرائيل حول بعض النقاط الحدودية وخاصة العلامة 91 .
وقررت مصر أن تكون معركتها لتحرير «طابا» قانونية دبلوماسية تستخدم فيها كافة الوثائق والمخطوطات التي تحصل عليها من دور المحفوظات العالمية كى تثبت للعالم أجمع أن حقها في طابا ، وشكل الجانب المصري فريقا تفاوضيا ضم 24 خبيراً بينهم 9 من أقطاب الفكر القانوني، و5 من أكبر الدبلوماسيين بوزارة الخارجية، إضافة إلى 2 من علماء الجغرافيا والتاريخ، و8 من العسكريين وخبراء المساحة العسكرية، منهم ( مفيد شهاب - حامد سلطان - وحيد رأفت -كمال حسن على - اللواء عبدالفتاح محسن - يونان لبيب رزق - نبيل العربي)، ومثل مصر في هيئة التحكيم الدكتور حامد سلطان، ورئيس المحكمة الدستورية والقاضى الفرنسي بيير بيليه ، فيما مثَّل إسرائيل الدكتور روث لابيدوت، واختاروا القاضي السويدي جانرلاجروجرين، والأربعة قضاة اختاروا القاضي الرئيسي السويسري البروفيسور ديتريش شندلرالسويسرى.
عملية التفاوض مع الجانب الإسرائيلي لم تكن سهلة ، إلى أن وافقت في نهاية الأمر وبعد الضغط من الجانب المصري والذي رفض التفريط في أي حبة رمل من رمال سيناء الغالية ، ووافقت على التحكيم في يناير عام 1986، ودخل الجانبان في مفاوضات لصياغة مشارطة التحكيم والتي انتهت في سبتمبر من نفس العام، وظل تشكيل هيئة التحكيم مثار مناقشات طويلة وخلافات عميقة بين مصر وإسرائيل استغرقت عدة شهور، فالقواعد المتعارف عليها لتشكيل هيئات التحكيم هي أن يختار كل طرف محكما عنه ثم يتفق الطرفان على أسماء المحكمين المحايدين الثلاثة ـ وهو الأمر الذى كان مثار خلاف كبير، حيث دأبت إسرائيل على رفض كل الأسماء التي (كان الوفد المصري) يتقدم بها وبالمثل استمرت مصر في رفض قبول الأسماء التي اقترحتها إسرائيل» حتى وصل أعداد الاسماء المرفوضة من الطرفين إلى 44 اسما على مدى ستة أشهر، إلى أن قام المحكمان المتفق عليهما بتسليم الجانبين ورقة عليها أسماء سبعة محكمين ليقرر كل طرف على حده الأسماء التي يقبلها، ليتم الاتفاق على هيئة التحكيم.
حاول الجانب الإسرائيلي الاعتماد على فكرة التضليل الإعلامي والتزييف للحقائق ، فعمدوا نتيجة سيطرتهم على المنطقة من 1967 إلى 1982 ، إلى محاولات لتغيير ملامح طابا الجغرافية لإزالة علامات الحدود المصرية قبل حرب يونيو، وكان رهان الإسرائيليين على عجز مصر فى إثبات حقها في طابا، فيما كانت مصر تعتمد واثقة على الحقائق التاريخية لطـابا ، وبذل الجانب المصري جهودا مضنية لأثبات أحقية مصر في طابا ، فقد نصت مشارطة التحكيم على تقرير مواضع علامات الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، أي في الفترة ما بين عامي 1922 و1948 ،وبالرغم من ذلك فإن اللجنة المصرية بدأت البحث في الوثائق بدءا من ثلاثينيات القرن التاسع عشر ، والوثائق في الفترة اللاحقة على عام 1948 حتى حرب يونيو ونتائجها ، و استخدم الجانب المصري كافة الوثائق الدبلوماسية والقانونية والمخطوطات النادرة لإثبات حقها ، ومن بينها صورة للجنود المصريين تحت شجرة “الدوم” في هذه المنطقة ،،وكانت هذه الشجرة موجودة أثناء التحكيم وما زالت وكانت شاهد إثبات على حق المصريين .
وبعد العديد من المعارك القانونية التى استمرت لوقت طويل ، استعادت مصر طابا ، حيث تم إثبات 10 علامات حدودية لصالح مصر من مجموع 14 علامة بأغلبية 4 أصوات ضد صوت واحد، واثبات 4 علامات لصالح مصر بإجماع الأصوات الخمسة ، واستمرت المماطلة من الجانب الإسرائيلي، الذي لم يرق له هذا النجاح الدبلوماسي، ورفض تنفيذ القرار، وواجهت مصر ذلك بعزيمة وممارسة الضغط والسعي لإجبار إسرائيل على تنفيذ حكم التحكيم، وبعد مفاوضات وتصميم مصري استعادت مصر طابا.