الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

الملك فاروق الأول.. الوجه الآخر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تولى العرش في سن صغيرة، حين كان بلغ السادسة عشرة، عقب وفاة والده الملك فؤاد الأول، بتاريخ 28 أبريل 1936، ليكون آخر من تولى عرش مصر من أسرة محمد علي، لتنسدل برحيله، الستار على الملكية في مصر وتبدأ البلاد عصر الجمهورية.. إنه الملك فاروق الأول، الذي حاصرت قصره الدبابات الإنجليزية في مثل هذا اليوم من 1942.
ولد« فاروق» في قصر عابدين في 11 فبراير 1920، واهتم والده الملك فؤاد الأول بتربيته لدرجة مبالغ فيها وكانت مربيته الانجليزية (مس انيا تايلور) صارمة في التعامل مع الأمير الصغير متسلطة لدرجة أنها كانت تعترض على تعليمات والدته الملكة نازلي فيما يختص بتربيته، وأصبح فاروق وليا للعهد وهو صغير السن وأطلق عليه لقب «أمير الصعيد» في 12 ديسمبر 1933، وكان الملك فؤاد ينتهز أية فرصة ليقدم بها الأمير الصغير إلى الشعب الذي سيكون ملكا عليه.
وفي 28 أبريل 1936 توفى والده الملك فؤاد وترك له تركة ثقيلة وهي حكم البلاد، وأسرته الملكية المكونة من والدته الملكة نازلي وأربع شقيقات هن فوزية، فايزة، فائقة، وفتحية.
عاد فاروق من بريطانيا إلى مصر في 6 مايو1936، وهو التاريخ الذي اتخذ فيما بعد التاريخ الرسمي لجلوسه على العرش، ونصب ملكا خلفا لوالده، واستمرت الوصاية عليه ما يقارب السنة وثلاثة شهور حتى أتم الملك فاروق سنة هلالية فى 21 جمادى الأول 1356 الموافق 29 يوليو 1937، واستقبل الملك الصغير من الشعب استقبالا رائعا واستبشروا بقدومه خيرا بعد عهد أبيه الذى كان ينظر إليه على أنه ملك مستبد وميال للإنجليز.
تبرع الملك فاروق في أغسطس 1937 بمبلغ 4325 جنيها للفقراء والجمعيات الخيرية، وقد شمل التبرع فقراء القاهرة والإسكندرية، من خلال الجمعية الخيرية الإسلامية بالقاهرة، جمعية المواساة الإسلامية بالإسكندرية، وجمعية الإسعاف، وجمعية التوفيق القبطية، والمستشفى الإسرائيلي.
وكان الملك فاروق طوال فترة حكمه يتبرع من أمواله الخاصة للفقراء، ويأمر باستقدام الطلبة العرب والأفارقة للدراسة في الأزهر علي نفقته الخاصة، وتبرعاته خلال زيارته للمساجد والمصانع يستحيل حصرها لكثرتها.
قام بزيارة مصانع المحلة الكبرى وافتتاح مصنع الغزل والنسيج يوليه 1944، والتبرع بألف جنيه لنادي العمال، وأثناء زيارته لنادي العمال دعا بعض العمال للجلوس معه على مائدة لاستكمال الحديث، ثم أمر بركوب نقيب العمال معه في طريقه لزيارة نادي العمال، وهو ما رفع رصيد حب المصريين له.
أمر بتأسيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية سنة 1945 للنهوض بالدراسات التاريخية ونشر الوعى التاريخي بين المواطنين، واتخذت مقرا مؤقتا بوزارة المعارف العمومية ثم انتقلت إلى جوار مقر الجمعية الزراعية الملكية، وظلت هناك حتى سنة 1958، ثم انشأت هيئة المعارض مكانها، فتبرع حاكم الشارقة بـ 600 متر في الحي الثامن بمدينة نصر وهو المقر الحالي.
قام بافتتاح المدينة الجامعية لجامعة فؤاد الأول ( القاهرة ) والتبرع بحوالي مائة وخمسون ألف جنيه لإتمامها.
وفي عام ١٩٤٦، أمر الملك فاروق، بإنشاء مجلس لمكافحة الفقر والجهل والمرض، وأخذ «فاروق» الخطوة بالتوجه إلى مجلس الوزراء، داعيًا اياهم بإنشاء المجلس بكلمات تضمنت أبرزها « لقد جئت لأطالبكم بحق الفقير في أن تحموه من الفقر والجهل والمرض»، مناديًا بالإصلاحات الاجتماعية التي بدأها في تفتيش أنشاص، وطلب من الوزراء زيارتها للتعرف عليها وقال لهم شرطي الوحيد أن يطبقها كل منكم في ملكه الخاص.
ولم تنتهي إنجازاته التي تركت أثر في نفوس المصريين؛ فتبرع كشخص مجهول للفدائيين الجامعيين لشراء أسلحة لازمة لحرب العصابات في منطقة القنال.
قام بافتتاح مبنى الغرف التجارية للقطر المصري ( اتحاد الغرف التجارية فيما بعد ) في 15 مايو، وكان آخر مناسبة رسمية شارك فيها الملك قبل أن يغادر مصر.
انتهى حكم الملك الشاب بحركة الضباط الأحرار ونهاية الحكم الملكي لمصر، حيث أرغم على التنازل عن العرش لإبنه الطفل «أحمد فؤاد»، ففي السادسة من مساء يوم 26 يوليو 1952 غادر الملك مصر على ظهر اليخت الملكي «المحروسة»، ولسخرية القدر هو نفس اليخت الذي غادر به جده الخديوي اسماعيل عند عزله عن الحكم، وطالب آنذاك فاروق بأن يحافظ على كرامته في وثيقة التنازل عن العرش فطمأنه علي ماهر باشا رئيس الوزراء في ذلك الوقت وذكر له انها ستكون مثل الوثيقة، التي تنازل بها ملك بلجيكا عن عرشه، وغادر فاروق إلى منفاه الاختياري في روما دون إراقة نقطة دم واحدة من المصريين وهو ما ترك أثر إيجابي وحب داخل قلوب المصريين له.
توفي في مثل هذا اليوم 18 مارس من عام 1965، ليعود بعد ذلك ليدفن في مصر بعد رفض من الحكومة المصرية، ويدفن في أحد المدافن، ثم يعود بعد عدة سنوات لتتحقق رغبته في أن يدفن بجوار والده وأسرته في مدافن الأسرة العلوية بمسجد الرفاعي، وكأنما أراد القدر أن يبتسم له ويحقق له أمنيته في أن يدفن في المكان الذي قد اختاره من قبل، ولكن حتى تلك الأمنية لم تتحقق له أيضا إلا بعد مماته بعدة سنوات.