الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"تتبع الأدوية".. نظام إلكتروني يعود للحياة.. "الصحة" فشلت في تطبيقه قبل 5 سنوات.. ومختصون: يقضي على انتشار المنتجات المغشوشة

الأدوية
الأدوية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلنت وزارة الصحة، مُنذ أيام، عن بدء تطبيق نظام إلكتروني جديد لتتبُع التشغيلات الدوائية المنتجة محليًا والمستوردة، وذلك في محاولة للسيطرة على انتشار الأدوية المغشوشة ومُنتهية الصلاحية في سوق الدواء، بالإضافة لضمان خلو السوق من الأصناف المُهربة، مما يُسهل ملاحقة الجهات الرقابية بالوزارة للصيدليات التي تتاجر في الخفاء وتخزن الأدوية المغشوشة، وبما يُحافظ على صحة ملايين المرضى المصريين.
ويهدُف تطبيق تتبُع التشغيلات الدوائية الإليكتروني إلى تسجيل الأكواد الإنتاجية لجميع المستحضرات الدوائية والصيدلانية عبر برنامج إلكتروني يظهر على أجهزة الإدارة المركزية للصيدلة، ما يُساهم في متابعة أي دواء يتم انتاجه محليًا أو دخوله مستوردًا برقم كودي، رقم التشغيلة، على أن تتم متابعته أيضًا في شركات التوزيع والمخازن والصيدليات، كما يُساعد الأجهزة المسئولة في التعرف على الأرصدة الدوائية الموجودة بالسوق المحلية وتوفير الأصناف الناقصة أولًا بأول.
ومَنَحت الوزارة الشركات والمصانع التي تعمل في سوق الدواء مُهلة أسبوعًا لتسجيل بيانات المستحضرات الدوائية المنتجة لديها برقم تشغيلاتها التي خرجت بها من المصنع على أن يتم تسجيل الكميات الدوائية التي توزع على شركات التوزيع الكبرى والمخازن والصيدليات لضمان تتبُعها حتى وصولها للمريض، وذلك وفقًا لتصريحات رشا زيادة، رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بوزارة الصحة والسكان.
وأكدت "زيادة" أن يوم 18 مارس الجاري هو آخر موعد لتسجيل المستحضرات على الشبكة الإلكترونية للإدارة المركزية لشئون الصيدلة، للبدء في مراقبة توزيعها، مشددةً على أنه يتعين على الشركات إدراج بيانات أي تشغيلات منتجة أو واردة لها اعتبارًا من 1 يناير 2018 بأثر رجعي، لافتةً إلى أن النظام الجديد، والذي أعلنت الوزارة العام الماضي عن سعيها لإطلاقه، يهدُف إلى ضبط السوق والقضاء على ظاهرة غش الدواء ومنع انتشار الأدوية المهربة والأدوية مجهولة المصدر.
كما أشارت "زيادة" إلى أن برنامج تتبُع التشغيلات الدوائية سيكون متاحًا للمتابعة على أجهزة الموبايل والأجهزة اللوحية المختلفة بما يفيد فى التعرف على الأرصدة الدوائية الموجودة بالسوق المحلى عبر الشبكة الإلكترونية للإدارة المركزية للصيدلة، مؤكدة أن البرنامج تم وضع أسسه بتوجيهات وزير الصحة وإشرافه الكامل عليه، وأن أى شركة ستخالف القرار سيتم فرض عقوبات عليها.
وأوضحت "زيادة" أن هناك 150 مصنعًا و1000 شركة و40 شركة تقوم باستيراد المستحضرات الصيدلانية، مؤكدة على أنه سيتم فى المرحلة الأولى التعاون مع الشركات الكبرى التى لها مستحضرات كثيرة فى السوق المحلى والتى يتخطى عددها 500 شركة، وأنه خلال المرحلة المقبلة سيتم ربط شركات التوزيع بنفس النظام الإلكتروني لتتبع الأدوية التى يتم تداولها حتى وصولها ليد المريض.
الدكتور محمود فؤاد، رئيس المركز المصري للحق في الدواء، قال إن برنامج التتبُع الإليكتروني لتشغيلات الأدوية فكرة تأخر تنفيذها في مصر كثيرًا، خاصة وأنه مُطبق فيما يزيد على 120 دولة في العالم، وأن النظام الجديد المُقرر اتباعه خلال الأيام القادمة من قِبل الإدارة المركزية للصيادلة بوزارة الصحة سيُساعد على معرفة أماكن تواجد الدواء، كما أنه سيوفر الكثير من وقت المرضى في البحث عن الأصناف، وأيضًا الكشف عن الأدوية المغشوشة والمُهربة وغير المسجلة والتى ليس لديها تصريحًا بالتسجيل داخل حدود الدولة.
وأضاف فؤاد لـ"البوابة نيوز" أن نظام التتبع الإليكتروني للأدوية سيُساهم أيضًا في القضاء على المشاكل الأزلية في سوق الدواء المصري، كونه يُساعد مُفتشي الصحة والصيادلة والمرضى في اكتشاف والتفرقة بين الدواء الحقيقي والمزيف، وفى الوقت نفسه يُساعد البرنامج الإليكتروني الشركات الكبيرة في الحفاظ على العلامات التجارية الخاص بها، بالإضافة للسيطرة على أزمة نواقص الدواء المُتكررة عن طريق معرفة أصناف الأدوية وكمياتها المُتاحة وأماكنها ومقدار العجز المتوقع في كل محافظة على حدة.
وقال الدكتور محمد عزالعرب، استشاري الكبد ومؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد، إن برنامج تتبُع التشغيلات الدوائية الإليكتروني يُعتبر خطوة مهمة طال انتظارها، ومن الممكن أن تؤتى ثمارها لو أحسنت الجهات المعنية دراستها، مُشيرًا إلى أن ظاهرة حجم انتشار الأدوية المغشوشة في مصر تمثل 10% من سوق الدواء، وأن الاستخدام الإليكتروني في التتبُع الدوائي عن طريق "الباركود"، بداية من مرحلة التصنيع ووصولًا بمرحلة التوزيع، سيقضى على ظاهرة الغش التجاري المُنتشرة خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف عزالعرب لـ"البوابة نيوز" أن النظام الجديد المُقرر اتباعه خلال الأيام المُقبلة سوف يُساعد في تنظيم عملية صلاحية الأدوية، بالإضافة للكشف عن حجم نواقص الأدوية في السوق المحلي، خاصة الأصناف الحيوية منها، وأيضًا سيمكن الأجهزة المسئولة من معرفة المخزون الاستراتيجي من بعض الأدوية الهامة للمريض المصري، منوهًا بأنه من الضروري أيضًا استخدام الميكنة الإلكترونية في القريب العاجل في جميع إجراءات تسجيل الأدوية داخل الإدارة المركزية للصيدلة بالوزارة، مؤكدًا أن تحقيق مبدأ "الأمان الدوائي" يتطلب مراجعة شاملة لكل الأصناف والكميات الموجودة بالأسواق، لكي يصل الدواء آمنًا إلى المريض.
وفي السياق ذاته، كشف الدكتور حاتم البدوي، السكرتير العام للشعبة العامة للصيدليات باتحاد الغرف التجارية، أن مشروع تطبيق نظام إلكتروني لتتبُع التشغيلات الدوائية المنتجة محليًا والمستوردة موجود مُنذ ما يزيد على 5 سنوات، حيث قامت وزارة الصحة بالاشتراك مع منظمة الغذاء والدواء الأمريكية FDA بتدريب مجموعة من كوادر الإدارة المركزية للصيادلة على كيفية تتبُع التشغيلة الدوائية، بداية من كونها مادة خام وصولًا بعلبة الدواء المُتاحة في صيدلية بعينها، بطريقة إليكترونية فعالة، لكنه لم يتم تطبيق هذا النظام بسبب "مافيا الدواء" على حد قوله.
وأوضح البدوي لـ"البوابة نيوز" أن أصحاب المصالح، مُمثلين في شركات إنتاج الدواء وتوزيعه، أحالوا بين تنفيذ نظام التتبع الدوائي فعليًا مُنذ سنوات، لأنه يحرمهم من جني عشرات الملايين من الجنيهات من جيوب المرضى المصريين من خلال تعطيش السوق بأصناف حيوية بعد تخزينها خلسة ثم مطالبة وزارة الصحة برفع أسعارها للاستمرار في ضخها في السوق، وهو ما ظهر جليًا خلال الشهور الماضية فيما يُعرف بأزمة نواقص الأدوية المُتكررة، مؤكدًا أنه لو تم تطبيق نظام التتبع مُنذ سنوات ما كانت ظهرت الأزمات الأخيرة.
وأشار "البدوي" إلى أن منظومة الصحة في تكوينها وتنفيذها تفتقد للكفاءة في إدارة ملف الدواء في مصر، موضحًا: "لو طابقت رقم التشغيلة الموجود في الفاتورة مع التشغيلة الموجودة على علبة الدواء ستجدها غير مطابقة ما يُسهل من عملية إفلات الشركات من المحاسبة في حالة وجود خطأ بالتشغيلة، وهو ما يحدث كثيرًا على مرمى ومسمع من مسئولو وزارة الصحة، لذا أقول؛ أَفلحوا إن صدقوا بتنفيذ منظومة التتبُع التى فشلوا في تنفيذها منذ سنوات على هوى أصحاب المصالح"، مؤكدًا أن هناك بادرة أمل في ملف الدواء المصري بمشروع القانون الجديد، الذي ينُص على إنشاء؛ هيئة الدواء العليا، لتكون تحت إشراف مباشر من رئيس الجمهورية.