الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

جدل كنائسي حول قصة "آدم وحواء"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت المجتمعات الكنسية، والإنجيلية والأرثوذكسية، فى الآونة الأخيرة حالة من الحراك الفكري؛ حول قصة آدم وحواء التى وردت بالكتاب المقدس فى سفر التكوين.
الحراك الفكرى بدأ منذ أكثر من عام داخل الكنيسة الإنجيلية، حيث أثارها الدكتور النفسى أوسم وصفي، الذى قال، إن القصة رمزية، الأمر الذى قابله قساوسة الكنيسة الإنجيلية باتهام الأول بالهرطقة.
ومنذ أكثر من شهر انتقل الحراك ذاته إلى الكنيسة الأرثوذكسية، بعد عظة للأنبا أنجيلوس أسقف أمريكا المنتدب، الذى أكد أن القصة رمزية، وقد قابله عدد من أساقفة المجمع بالرفض، واتهمه البعض الآخر بالهرطقة.
افتقاد الكنائس إلى منصة لمناقشة الفكر بالفكر، نقل الأزمة إلى مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» دون اللجوء إلى جلسات تناقش تلك الأفكار والتأكد من صحتها من عدمه، وتاه الشعب المسيحى فى أفكار لاهوتية لا يعرفها ولم يتطرق لها فى ظل صمت الكنيسة.
ورد كاهن كنيسة ماريوحنا بالقوصية، الأجبية-كتاب صلوات بالكنيسة الأرثوذكسية- تشهد للعقيدة الكنسية المقدسة بحكمه عالية سمائية، وتم وضعها فى كتاب صلوات الأجبية المقدسة. والتى تعلمنا أن أبانا آدم حقيقى وقصة الخلق حقيقة، وما ذكر فى سفر التكوين صادق، ففى صلاة الأجبية فى قطع باكر نصلى قائلين: «أيها النور الحقيقى الذى يضىء لكل إنسان آت إلى العالم، أتيت إلى العالم بمحبتك للبشر، وكل الخليقة تهللت بمجيئك. خلصت أبانا آدم من الغواية، وعتقت أمنا حواء من طلقات الموت، وأعطيتنا روح البنوة، نسبحك ونباركك».
بداية الأزمة
بدأت الأزمة عقب تصريح الأنبا أنجيلوس الأسقف العام لكنائس شبرا الشمالية والنائب البابوى المنتدب بأمريكا، الذى قال ردًا على تساؤل أحد الحضور بالكنيسة، الذى أراد الإجابة عن سؤال أحد رفاقه فى المدرسة، وهى لماذا نرث خطية آدم وحواء؟
وجاء نص رد الأنبا أنجليوس: «أنا جبت سيرة وراثة خطية، أنا جبت سيرة خطية آدم أو جبت سيرة وراثة خطية؟
فزاد السائل، لماذا يتم تعميدنا؟ فيجيب الأسقف: «عشان فساد الطبيعة فالإنسان العتيق بيحصله».
بينما نفى الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس وأسقف وسط المدينة، الاتهامات الموجهة للأنبا أنجليوس بالهرطقة وقوله، إن قصة آدم وحواء مجرد أسطورة، فقال عبر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك: «فى حديث تليفونى طويل مع أخى وأبى نيافة الأنبا أنجيلوس الأسقف العام بأمريكا، أكد نيافته تمسكه بالإيمان المسلم لنا من الآباء بكل تفاصيله، وأن ما نشر من مقطع فيديو مسجل لنيافته هو جزء من رد على سؤال موجه من أحد الحاضرين، تعليقًا على كلمة مقروءة للقديس أثناسيوس الرسولى، والذى يقول فيها إن الفردوس أسماه موسى النبى رمزًا ولا يقصد أبدًا أن يلغى حقيقة وجود الفردوس».
وأكد أن ما تعلمناه ونشأنا عليه فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، هو أن الجنة حقيقية والشجرة حقيقية.
وفى تغريدة أخرى قال: لا تسمعوا لمن يروج أن الكتاب المقدس به قصص أسطورية.
بيما قام الأنبا أغاثون أسقف سمالوط كعادته بعمل ورقة بحثية للرد على أسقف أمريكا، تحت عنوان «سؤال وإجابة حول جنة عدن وشجرة معرفة الخير والشر والحية، نشرها عبر موقع الإيبارشية على فيسبوك، أكد من خلالها «أن قصة آدم حقيقية ولا مجال للرمزية بها».
الأنبا أنجيلوس
وقام أحد نشطاء فيس بوك بنشر محتوى صورة ضوئية من حديث مع الأنبا أنجليوس تعقيبًا على الأزمة وتصريحاته، فجاء رد الأخير على الاتهامات التى توجه له كالتالي: أظن أن من شيم الرجال أن يسألوا، الشخص عمَّا يقوله وما المقصود منه دون تشهير بعدم فهم، وباجتزاء أقوال من سياقها، وإلقاء تهم الهرطقة، على رجال الكنيسة دون دراسة ولا وعى ولا فهم.
وأرجو ألا تزايد على إيمان أحد، فأنت لست حكمًا على صحة إيمان أحد، وإيمانى هو إيمان الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية الأرثوذكسية، إيمان القديس أثناسيوس والقديس كيرلس والقديس ديوسقوروس هذا هو إيمانى إلى النفس الأخير، أما سوء فهمكم والتشهير بى فأرجو منكم عدم الاعتماد على السماع، بل أنصحك بأن تدرس الكتاب المقدس وأقوال الآباء وكتابات الليتورجيا دراسة وافية، لكى تستطيع الحكم بطريقة سليمة على الأمور، وألا تتسرع فى أحكامك، لأن الله ينظر ويجازى شكرًا.
وزاد الأنبا أنجليوس: عندما تفهم تكلم؛ وإن كنت لا تفهم فاسأل وأنت تفهم الموضوع، لا تصح مناقشته على مواقع «التواصل الاجتماعي» وبالشات ولكن بالمحاضرات، وأنا لا أخاف ولا أخفى شيئًا مما أعلمه، بل إنكم تجتزئون الكلام وأنتم غير فاهمين للأسف، وتكررون كالببغاء ما يكرره الآخرون بدون وعي، ومصرون على التطاول المغرض، ولم أمنعكم من مناقشة القضية معى وجها لوجه، وفمًا لأذن، بدلا من ترويج قصة كاذبة بمسميات توحى كذبًا بمخالفة الإيمان المسلم مرة واحدة من القديسين، مازلت لا أعلم سبب كراهيتك غير المبررة وإصرارك على التزييف، إلا أن هناك شيئًا فى قلبك يحتاج للتوبة والجلوس مع أب اعترافك، ليعلن لك روح الله القدوس، ما هو لخلاصك، وأكرر أنت لست حكمًا على إيمان أحد، ولكنك تحتاج إلى النظر لخلاص نفسك بأكثر تدقيق، فويل لمن تأتى منه العثرات، الرب يعينك ويرحمك ويرفع عنك كل غشاوة القلب والعينين.
«الأجبية» شاهد على قصة الخلق
وجاء رد القس لوقا راضى كاهن كنيسة ماريوحنا بالقوصية، أن الأجبيهة-كتاب صلوات بالكنيسة الأرثوذكسية- تشهد للعقيدة الكنسية المقدسة بحكمه عالية سمائية، وتم وضعها فى كتاب صلوات الأجبية المقدسة. والتى تعلمنا أن أبانا آدم حقيقى وقصة الخلق حقيقة، وما ذكر فى سفر التكوين صادق، ففى صلاة الأجبية فى قطع باكر نصلى قائلين: «أيها النور الحقيقى الذى يضىء لكل إنسان آت إلى العالم، أتيت إلى العالم بمحبتك للبشر، وكل الخليقة تهللت بمجيئك. خلصت أبانا آدم من الغواية، وعتقت أمنا حواء من طلقات الموت، وأعطيتنا روح البنوة، نسبحك ونباركك».
وأشار راضى أن كتاب الصلوات يؤكد أن آدم أخطا وهو فى الفردوس ومن أجل خطيئته التى تجرأ عليها فالفردوس، جاء الابن الوحيد ليخلصنا من خطايانا بالحب على الصليب ومات عنا.
وأشار أن صلوات الساعة السادسة نقول فيها للمسيح: سمرت على الصليب، من أجل الخطية التى تجرأ عليها أبونا آدم فى الفردوس، مزق صك خطايانا أيها المسيح إلهنا وخلصنا. أنا صرخت إلى الله والرب سمعني. اللهم استجب صلاتى ولا ترفض طلبتي. التفت إليّ واسمعني.
كهنة شيكاغو
أصدر مجمع كهنة شيكاغو بيانا طالبوا فيه البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، باتخاذ موقف حاسم وقوى ضد أولئك الذين، يتهمون آباء الكنيسة، أو من يختلف معهم بالرأى بالمهرطق، منتقدين مناقشة إيمان الكنيسة عبر مواقع التواصل الجتماعي.
وأكدوا أن بعض المجموعات تَدّعى حماية الإيمان الأرثوذكسي، بل ونَصَّبَ أعضاؤها أنفسهم أوصياء على الكنيسة دون أن تكون لهم أى دراسة لاهوتية أو حتى خدمة أو رتبة كنسية، وتقوم هذه المجموعات الصغيرة بتوزيع الاتهامات الخطيرة بالهرطقة على كلّ مَنْ يقررونه هدفًا لهجومهم. مع العلم بأن الهرطقة هى الانحراف عن الإيمان الثابت والمستقر فى الكنيسة، وهو أمر خطير لا يمكن اتهام شخص به إلا من خلال الكنيسة ممثَّلةً فى مجمعها.
وبخصوص الأفكار اللاهوتية قالوا: فإنّ مجال مناقشتها يكون من خلال علماء الكنيسة برعاية آباء المجمع المقدّس فى مناقشات دراسية على ضوء من تعاليم الكتاب المقدس بحسب ما استقر فى الكنيسة من شرح وفهم وتفسير بواسطة آباء الكنيسة الأوائل. وإن وُجِدَ بإجماع الكنيسة أن هناك أفكارًا تحيد عن هذه الثوابت، يتمّ مناقشة أصحابها فى إطارٍ من الحبّ الرعوى والأبوّة الكنسية، وفى حالة ثبوت انحراف أفكارهم عن الإيمان الصحيح، وإصرارهم عليها رغم محاولات إثنائهم عنها؛ حينئذٍ فقط تحكُم الكنيسة بسقوطِهِم فى الهرطقة. أَمَّا أن يقوم البعض برمى آخرين باتهامات الهرطقة بهذه البساطة التى تحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، مع استخدام ألفاظ مشحونة بروح الإدانة البغيضة مثل «الموسوم عقائديا» أو «المُهرطِق».. فهذا يتنافى تمامًا مع التقاليد الكنسيّة.
وأعرب كهنة شيكاغو عن أن هذه المجادلات الدائرة من مجموعات دأبت وكرَّستْ كلّ وقتها تقريبًا للتربُّص بآباء كهنة ورهبان وأساقفة للاعتراض على بعضٍ أقوالهم المُقتطَعة أو المُجتزأة من سياقها، أو التى يُصوُّرونها على أنّها تعاليم خاطئة، صارت سببًا فى عثرة العامّة من شعب الكنيسة فى كلّ مكان سواء فى مصر أو المهجر، نرى بحسب ما تُمليه علينا ضمائرنا كرعاةٍ فى الكنيسة ألاَّ نقبل بأن يتمّ تجاهُل سبب هذه العثرة بدون راع.
وزادوا أن ما يتمّ تقديمُه من بعضٍ أعضاء هذه المجموعات على أنّهم علماء بالكنيسة، ويتمّ دعوتهم لتعليم الكهنة والخدّام فى مؤتمرات العقيدة، رغم أنّ سيرتهم تخلو من أيّ خبرات خدمية أو مؤهلات دراسية، وليس لهم أى وزن حتّى فى خدمة مدارس الأحد بكنائسهم.
واختتم البيان بالمطالبة بالتعامل مع هذا الموقف، والذى صار يستلزم تدخُّلًا عاجلًا بحِكمةٍ وحسمٍ، لئلا يتّسع الشِقاق ويزداد التشويش وكلّ أمر رديء. مؤكِّدين أنّ ولاءنا ليس لأشخاصٍ مهما كانوا، بل للمسيح وكنيسته المقدّسة، وهدفنا هو فقط تمجيد اسم الله.
وإلى أقباط فيرجينيا حيث أصدر مجمع كهنة كنائس ولاية فرجينيا، بيانًا رسميًا، أدانوا فيه الهجوم الذى يشنه عدد من النشطاء الشباب، مؤكدين صحة تعاليم الأنبا أنجيلوس الأرثوذكسة والآبائية، وأن الكنيسة مستعدة للرد على أى استفسار يخص هذه التعليم.