الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"إعادة تصور بريطانيا" كتاب صنع أزمة في المملكة المتحدة

بريطانيا
بريطانيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«إعادة تصور بريطانيا» هو الكتاب الأحدث لرئيس أساقفة كانتربرى جوستين ويلبي، والذى يعد من أكثر الكتب التى تثير جدلا كبيرا فى بريطانيا، فى الوقت الحالى سواء فى الصحف أو المنتديات أو منظمات المجتمع المدني، فقد وصفته جريدة الإكسبرس البريطانية بأنه يفجر قنبلة من الوزن الثقيل، من خلال كشفه عن تغلغل الإسلام السياسى فى المملكة المتحدة.
المحور الرئيسى للكتاب هو البحث عن مستقبل وشكل بريطانيا فى ظل تغير الديمواغرفية السكانية بها، ويعلن الكتاب بصراحة عن رفضه لتطبيق الشريعة الإسلامية أو بعضا منها فى المملكة.
فيقول جوستين إن أحكام الشريعة الإسلامية لا تتوافق مع القوانين البريطانية التى تعدّلت وتطورت إلى أن خرجت من العباءة الدينية لتستند إلى العلمانية وإلى الحقوق العالمية للإنسان والمرأة، مبينا أن أحكام الشريعة لا تقتصر على تطبيق الحدود من قطع اليد وغيرها.. وأن تعقيداتها الكبيرة الآتية من تأويلات فقهيه بشرية تتعارض كليا مع تطور القانون البريطانى خلال الـ٥٠٠ سنة الماضية.. وأن القوانين البريطانية الحالية والمعمول بها وإن كانت علمانية إلا أنها تستند إلى القيم الأخلاقية الراسخة فى التراث الدينى المسيحي. ومستمده منه. وأوضح المؤلف استحالة جعل الشريعة جزءا رسميا من النظام القضائى البريطاني.
الكتاب يعد رد فعل مباشرا بعد إصدار وزارة الداخلية من أسابيع قليلة تقريرها حول أحكام مجالس الشريعة - الإسلامية - فى بريطانيا، بعد تحقيق مكثف خلال السنة الماضية (٢٠١٧).. بين المطالبين ببقائها وتنظيمها والإعتراف بها ضمن النظام القضائى البريطاني.. ومنظمات العمل المدنى النسوية التى ترفض وجودها كليا وتعتبرها تشريعات تنتهك من حقوق المرأة وتؤكد على أنها لا تساعد على الاندماج بل ترسخ وُتجّذر للفصل بين المجتمعين.. وساعدت فى التقرير الأكاديمية البريطانية من أصل باكستانى منى صديقي.. والتى أكدت أن بعض هذه المحاكم تمارس تمييزا عنصريا ضد المرأة.. وخلص التقرير إلى تشريع إلزام كل المسلمين طبقا للقوانين البريطانية، وحماية لحقوق المرأة بالزواج المدنى قبل الزواج فى مجالس الشريعة، أو فى نفس الوقت الذى يتم فيه عقد الزواج.. ومجالس الشريعة هى تعد محاكم خاصة للمسلمين فى بعض المقاطعات البريطانية تقيم الشريعة فى مجالات الأحوال الشخصية بصفة خاصة، والتى تخالف القوانين البريطانية الخاصة بالزواج والميراث. 
كتب رئيس أساقفة الكنيسة الإنجلياكية فى كتابه يرفض تعدد الزوجات، ويطالب بتقنين قصر الزواج بزوجة واحدة، لتعارض التعدد المعمول به بين مسلمى بريطانيا مع القوانين البريطانية. الأمر الذى يرفضه مسلمو بريطانيا، ولهذه الأسباب فإن الكتاب يلقى تعاطفا كبيرا ورواجا من المنظمات النسوية التى ترفض وجود المجالس الشرعية للفصل فى قوانين الأسرة والإرث، وأيضا تعدد الزوجات.
وأكد الكتاب أن ما يقال عن تاريخ تطبيق الشريعة فى جزئها السردى عن التاريخ القديم المستند والمدمج فى نظام قضائى يستند إلى تأويلات فقهية معقدة، تعطيها قدرة فائقة فى رسم هوية لا تستطيع أن تتقبل أو تكون جزءا من هوية أخرى لذلك هى تصطدم بالتالى بالهوية البريطانية. 
وإن هذه الشريعة المستندة إلى تاريخ ثفاقة ماضية جرى دمجها بالإيمان، على أنها أوامر إلهية لتأكيد الهوية المُغلقة والمنغلقة. وأن القبول بأى جزء منها سيوحى ويعطى الانطباع للبريطانيين المسلمين بقبولنا بقيمها.. من حيث نظرتها للآخر، ورفضها التعايش.. تتعارض مع قيمنا التى تقوم على التسامح وقبول الآخر.. وحرية الاعتقاد.. وندد الكتاب بوجود ما يفوق على ٨٥ مجلس شريعة فى بريطانيا تنظر فى قضايا الطلاق وفض المنازعات للمسلمين الذين يريدون الإلتزام بالقوانين الشرعية.
وتعرض الكتاب أيضا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث حذر رئيس أساقفة كانتربرى جاستن ويلبى من أن مهمة الاتحاد الأوروبى الدءوبة للتوسّع قد أدت الى فقدان الاتحاد لروحانيته المسيحية واكتسابه طابعًا ماديًّا.
واتهم ويلبى الاتحاد الأوروبى بفشل قيادته قائلًا: إن قصص الحرب قد تلاشت كما هو شعور الهروب من الأنظمة الشمولية فى الكتلة السوفيتية قبل عام ١٩٨٩. ولكن تم استبدال المصالحة الفرنسية الألمانية بمادية فظّة.
رئيس أساقفة كانتربرى أشار إلى حرص الاتحاد الأوروبى على توسيع حدوده حيث من المحتمل أن تجرى محادثات لانضمام البانيا ومقدونيا فى وقت لاحق من هذا العام، وفى كتابه اعتبر ويلبى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى حافزا للتأمل فى الداخل البريطانى وكراهية الأجانب وقال: بدأت الشقوق فى مجتمعنا تظهر من خلال جرائم الكراهية ونمو التعصب والانعزال.
وتعليقا على الكتاب وضجته، قال الدكتور القس جاد الله نجيب، راعى كنيسة المجتمع العربى ببرايتون منذ عام ٢٠٠٦، يكشف الكتاب عن التخوف من خطورة وتمدد الإسلام السياسى فى بريطانيا حيث تجمع بريطانيا أقليات إثنية متعددة تصل نسبتها إلى ١٥٪ من سكانها. وهناك إحصائية عن التعدد الدينى تقدر نسبة المسيحيين بـ ٥٩٪ من إجمالى تعداد السكان، يليهم اللادينيون ٢٥٪، ثم المسلمون ٤.٨٪، فالهندوس ١،٥٪، والسيخ ٠.٨٪، اليهود ٠.٥٪ بينما تمثل بقية الأديان نسبة ٠.٨٪. 
ورغم هذا التعدد إلا أن بريطانيا تتميز بدفع الأقليات العرقية للتعبير عن ثقافاتها الخاصة كجزء من المجتمع المتعدد الثقافات. وهذه التعددية الإثنية خلقت أيديولوجيات تهدف إلى احتفاظ كل جماعة بخصوصيتها الإثنية والاحتفاظ بتراثها وطريقتها فى الحياة، مع المساواة فى الحقوق السياسية والمدنية أمام القانون. ومما يتسبب أحيانًا فى نوع من الانعزالية، وتكوين مجتمعات إثنية مغتربة داخل المجتمع البريطاني. مثل مجالس الشريعة التى أشار الكتاب إليها وندد بها. 
وأضاف وجد الإسلام السياسى بريطانيا أرضًا خصبة له لما فيها من حرية، وتسامح وقيمة للإنسان والعمل معه ولأجله. فاتخذ بقوة الواقع المهيأ لتنفيذ أهدف إنسانية يتعاطف معها أفراد المجمتع، ولكن يظل الإسلام السياسى من خلال تلك الأنشطة يدعم أهدافه وهى تغيير المجتمع بالقوة الناعمة أو بالقوة الخشنة من خلال دعم مباشر لجماعات متطرفة أو إرهابية. واستمرت فى نظر بريطانيا هذه الجماعات تهدف للإنسان وخدمته، وفاقت بعد الأحداث الشرسة والمهولة فى الآونة الأخيره لتدرك أن خلف الأهداف الإنسانية أجندة خاصة، لذلك أصبحت هناك آراء كثيرة ونوافذ إعلامية وكتب تحذر من جماعات الإسلام السياسي، وتطالب بإدراج جماعة الإخوان الإرهابية فى قائمة الجماعات الإرهابية.