السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

"أندريه كونت سبونفيل".. فنان على طريق الفلسفة

أندريه كونت سبونفيل
أندريه كونت سبونفيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"الفلسفة ليست فقط نمطًا من التفكير، وإنما هي فن للعيش"، تلك هي خلاصة نظرة "أندريه كونت سبونفيل" للفلسفة، ذلك الكاتب والفيلسوف الذى تحل ذكرى ميلاده بعد غد الإثنين 12 مارس، من عام 1952 بباريس، الذى تخرج من المدرسة العليا للأساتذة، وأصبح أستاذًا محاضرًا بجامعة السوربون، وصاحب "بحث موجز في الفضائل الكبرى"، و"هل الرأسمالية أخلاقية؟"، و"عروض حول الفلسفة"، و"الجنس أو الحب"، و"قيمة وحقيقة"، و"لست فيلسوفًا"، و"المعجم الفلسفي"، و"لذة التفكير"، وغيرها من المؤلفات.
يشير سبونفيل في حواراته وكتاباته، إلى أنه كان يحلم أن يكون كاتبًا أو روائيًا، لكنه حينما اكتشف الفلسفة، تغيّّر كل شيء بالنسبة له. فالحياة الصعبة والمؤلمة التي عاشها في كنف أم مكتئبة انتحارية، جعلته يترعرع في حزنها، في هشاشتها، وفي مرضها، الأمر الذي جعله يكتوي بعلتها. تعرَّف في بداية الأمر على فلاسفة كباسكال، وكيركجارد، وألبير كامو، فكانت الفلسفة، أو الكتابة، هي المخرج والملجأ والدواء على حد سواء. وقد اعتقد أن الفلسفة يجب أن تكون موجَّهة للإنسانية جمعاء، على اعتبار أنها تخاطب الحياة، وتبدِّد كل الأوهام والعوائق التي تفصل الحكمة عن السعادة والحقيقة، فالفلسفة لديه ليست فقط نمطًا من التفكير، بل هي كذلك "فن للعيش"، يساعد على التفكير في الحياة، وعلى بعث الحياة في الفكر، وتتعلق بالحكمة والسعادة. فإذا كانت الفلسفة هي الوسيلة، فإن الحكمة هي الغاية، بمعنى أن الممارسة الفلسفية لم تعد تقتصر فقط على بناء مفاهيم وأنساق ومدارس فكرية، يتم نقلها من جيل إلى جيل آخر، بل أصبحت مع سبونفيل، تؤسس لنمط حياة وفن للعيش، فكل المجالات من "منطق، وعلوم طبيعة، وأخلاق"، يجب أن تُحيا كتجربة وجودية، وليست كمشكلات معرفية صرفة. الأمر الذي يعكس أن التقليد الفلسفي الذي يراهن عليه سبونفيل، يعود بنا إلى أولئك الحكماء القدامى أمثال ابيقور، وديوچين، وسنيكا، أو الفلاسفة المحدثين من أمثال مونتاين، وباسكال، وسبينوزا، هؤلاء الذين اختاروا نمطًا محددًا للعيش وفق أحاسيس وطقوس فلسفية معينة.
إن الروح الفلسفية الجديدة التي يحاول سبونفيل أن يمجدها تعبر بالفعل عن أن هناك تقليدًا فلسفيًا فرنسيًا بدأ يترسخ، يختلف عما كان سائدًا، حيث يجعل الفلسفة فنًا للحياة، ونوعًا من العلاج لأكثر الأمراض تفشيًا في العالم المعاصر، وليست تكرارًا واجترارًا لما قيل ويقال، أو غرقًا في توليد وتجريد المفاهيم. إنها الفلسفة بالفعل، أو لنقل، الفلسفة بوصفها "فن حياة".