الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحلم.. والحرب التي انتهت بهزيمة الوهم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للحياة أولويات، قد تكون صغيرة بالنسبة للأفراد، لكنها تختلف لدى الدول، فاهتماماتها ليست عادية، لكنها عملاقة، ولها فلسفتها وثقافتها المنتجة والمتجددة، ومن غير اللائق أن يستمر البعض على مدار أيام وشهور وسنين في التسفيه من شأن تلك المساعي والتحركات، خاصة إذا كانت غير عادية وفي ظروف إستثنائية تمر بها بلاده، والتي لم تتوقف لحظة في سيرها نحو المستقبل رغم ما تواجهه من تحديات تتفتت مكوناته وتندثر أمام إرادة قائد المسيرة.
‏لا تخلو الحياة من المستمسكين بالماضي، لأنهم لا يملكون القدرة لمواكبة التطورات، وهؤلاء لا غبار عليهم، فهم لا يضرون سوى أنفسهم، أما من يتمسك باللاشيئ ويعمل على تغليفه بأشياء براقه، لكنها أصبحت لا تلمع في العيون، بعد أن اتضحت الحقيقة، وهدف من يدعي قيمها، فهؤلاء يستهدفون تعطيل المسيرة التي إنطلق قطارها منذ أربع سنوات، لتعود الدولة إلى المربع صفر، حتى لا يشعرون بخيبات الأمل المسيطرة على أفكارهم وتفكيرهم، لذلك يشوهون كل شيء بعد أن أصبحت صورتهم كاتمه، وثوبهم لا يوجد به بقعة بيضاء واحدة، فالأسود بات لونهم في كل شيء، لذلك أدمن هؤلاء الظلام.
اتخذ المعارضون في مصر منهجاً لن تجد له مثيل في أي دولة بالعالم، يعلنون الهزيمة قبل بداية المعركة، ويقاطعون الحاضر والمستقبل الذي لفظهم، فأصبح لا وجود لهم سوى الماضي رغم اعتراضهم عليه آنذاك، ليصبحوا في الوقت الراهن نشطاء، متمرسين في الهدم، وعند فشلهم في تحقيق ذلك ينتقدون كل شيء، فباتوا غير معارضين للنظام، فهدفهم إسقاط الدولة بعد أن أصبح حلمهم قريب من الواقع الذي تبدل وأصبح وهم بفضل ثورة الثلاثين من يونيو وحماية القوات المسلحة لها، وهو ما جعلهم يكفرون بالعقيدة الوطنية والفقه السياسي، ليصبحوا كزرع غير طيب في بلد طيب.
إن الثقة بالذات وبإمكانات المجتمع ومدى قدرته على التحقيق، تعد أحد السمات التي يجب توافرها في رجل السياسة، أي كان موقفه، سواء في السلطة أو الجانب الآخر منها، لكن تلك الأمور باتت غير ذي جدوى في معسكر المعارضة التي تحولت إلى نشطاء لا يجيدون سوى الحديث عن الحرية والديمقراطية، وفي نفس الوقت يعلنون المقاطعة لمساراتها، لأن الديمقراطية بالنسبة لهم هي الوصول للسلطة بعد الإنتهاء من هدم الدولة، والتصدي لمثل هذه المخططات يصفونه بالديكتاتورية، وهو ما جعل المجتمع يستدعي فنون بالتجاهل والنظر لهم بعين السخرية لا أكثر.
ومن خلال ما شهدته مصر على مدار السنوات الثماني الماضية، إسترجع المصريون قيمهم الحقيقية، بعد أن تشوهت صورتها لبعض الوقت بفعل العوامل والمتغيرات التي طرأت وقتها، فتحرر الجميع من فكرة أن يكون أداة بيد أحد، لتنتهي رحلة الدفاع عن الأشخاص، ليتقن الشعب فنون مناصرة الحق والعدل والقيم الوطنية والشكل الذي يأملون أن يكون عليه دولتهم وحياتهم، لذا تجدهم متمسكون بالأمل والحلم بعد أن أصبحوا واقعاً وحقيقة منجزة لم تشهدها بلادنا منذ عقود طويلة، لذلك تجد الأغلبية الساحقة داعمة وستظل داعمة للرئيس عبد الفتاح السيسي في الإنتخابات الرئاسية، فكما يقول أبو العلاء المعري ( مشيناها خطى كتبت علينا، ومن كتبت عليه خطى مشاها )، لنستكمل بذلك ما تم تحقيقه في بناء الدولة الوطنية الحديثة في شتى المجالات والقطاعات، والتي كانت في الماضي مجرد حلم، فأصبحت واقعا وحاضراً نحياه.