الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«داعش» يحاول العودة.. «الإيكونومست»: التنظيم هرّب 400 مليون دولار من سوریا والعراق.. تقارير: عناصره بأفغانستان تصل إلى 3000 شخص.. وأسس جيشًا فى الصحراء الليبية بقيادة بـ«أبوبركات»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

محاولات وتحركات لجأ إليها تنظيم «داعش» الإرهابى خلال الفترة الأخيرة، لمحاولة الظهورة فى الفترة المقبلة بصورة مختلفة وتكتيكات جديدة، بهدف البقاء والحفاظ على وجوده - إن لم يكن حدث بالفعل -، فعلى الرغم من هزيمة هذا التنظيم الإرهابى وخسارته المناطق التى كان يسيطر عليها، إلا أن فلوله ما زالت باقية وحية تعمل بنشاط، وتحاول استعادة قواها، وتشن الهجمات على مواقع عسكرية ورسمية ومدنية، كما شوهد خلال الأيام الماضية فى العراق وسوريا واليمن وليبيا وأفريقيا.



تحركات غامضة للتنظيم الإرهابى لاستعادة قوته بعد هزيمته فى سوريا والعراق اللجوء لخزائن الأموال لبسط نفوذه فى أفغانستان وليبيا الخلايا النائمة بدأت التحرك فى آسيا وأفريقيا بعد استعادة التنظيم لتوازنه المفقود فى سوريا

الكثير من الدلائل تشير إلى أن هناك خلايا نائمة تعمل تحت إدارة وتنظيم يوجه ويشرف، كما يبدو أيضًا أن «داعش» غير من استراتيجيته، بالاعتماد على حرب العصابات والتشكيلات صغيرة الحجم، وإيقاظ الخلايا النائمة، ومحاولة إحياء الحواضن الشعبية التى وفرت له الحماية والغطاء خلال السنوات الماضية، خاصة فيما يتعلق بمستقبل التنظيم، عقب الإشارة إلى المخزون المالى المتوفر لديه لتمويل عملياته وعناصره، ومن ثم التطرق إلى توصيات مؤتمر الخارجية الأمريكية الذى انعقد فى واشنطن مؤخرًا، والانتقال إلى الحالة الراهنة للتنظيم فى كل من آسيا وأفريقيا وتمركزه فى أفغانستان وليبيا على وجه التحديد.

نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت الولايات المتحدة خلال مؤتمر دولى نظمته وزارة الخارجية الأمريكية بحضور ممثلى ٩٠ دولة ومنظمة رسمية، أن داعش يتطوّر ويتكيّف مع الهزائم التى مُنى بها فى كل من العراق وسوريا، محذرة من أن تحول التنظيم الجهادى إلى اللامركزية يجعله أكثر انتشارًا وخطورة، هذا يعنى بحسب ممثل الخارجية الأمريكية فى المؤتمر، أن المعركة لم تنتهِ على الإطلاق، إنها مجرد مرحلة جديدة، وتنتقل من جهد عسكرى بالدرجة الأولى إلى جهود مدنية وقمعية متزايدة، متوقعًا أن ما تراه الولايات المتحدة هو أن تنظيم داعش، سيسعى ليصبح «شبكة دولية لا مركزية»، على غرار تنظيم القاعدة الإرهابي.


صندوق أموال التنظيم

وفيما يتعلق بحجم الأموال التى يمتلكها التنظيم لتنفيذ خططه وتمويل عناصره، قالت تقارير اقتصادية إن التنظيم الداعشى استطاع تخزين ملايين الدولارات التى ستساعده على تنفيذ مخططاته بواسطة الآلاف من عناصره التى تمكنت من الهرب إلى بلدانهم الأصلية أو إلى حواضن أخرى فى ليبيا أو أفغانستان، فيما بقى البعض فى سوریا والعراق، حيث إن العناصر الباقية لديهم وسيلة تمكنهم من ذلك، حيث إن تنظيم «داعش» خزن الملايين من الدولارات فى المنطقة، فقد استثمر فى العراق، واشترى الذهب فى تركيا، وقام بتحويل الأموال إلى التابعين له بالخارج.

ونقلت مجلة «الإيكونوميست» عن تاجر سلاح سابق تعامل مع عناصر التنظيم الإرهابي: «لن تصدقوا مبلغ المال الذى خرج من أراضى داعش»، فيما يقدر مسئولون عراقيون أن التنظيم هرب قرابة ٤٠٠ مليون دولار من سوریا والعراق فى مرحلة تراجعه، وتمكن من تكوين احتياطى ضخم من الأموال، كسبها فى سوریا والعراق من مبيعات النفط، وفرض ضرائب، وعمليات نهب، فضلا عن سرقته لما يقرب من ٥٠٠ مليون دولار من البنوك العراقية.

بحسب تجار العملات فى المدن التركية التى تحد سوريا، فإن التنظيم الإرهابى حول مبالغ هائلة من مناطق سيطرته العام الماضى عبر «نظام الحوالة»، وهى شبكة غير رسمية من مكاتب تحويل الأموال تتسم بأنها رخيصة وسريعة ويكاد يكون من المستحيل تنظيمها وإخضاعها للقوانين، ما سمح للاجئين وتجار الأسلحة ومهربى النفط والجماعات الإرهابية ومنها «داعش» بتحويل الأموال النقدية إلى داخل البلاد وخارجها.


داعش فى أفغانستان

ومن ناحية أخرى، كشفت هيئة مكافحة الإرهاب بمنظمة شنغهاى للتعاون، خطط عناصر «داعش» لإنشاء شبه دولة تسمى «ولاية خراسان» ستشمل أراضى دول جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى، وأن الوضع فى أفغانستان يثير القلق الشديد، إذ يتمركز بمحافظاتها الشمالية مقاتلو تنظيم «داعش»، الذين يصل عددهم إلى حوالى ٣ آلاف مقاتل حاربوا سابقا فى الشرق الأوسط و٨٠٪، منهم منحدرون من روسيا والصين ودول آسيا الوسطى، وهذا الوضع فى شكله العام سيزيد الأمور تعقيدًا فى أفغانستان، إذ توجد حركة طالبان التى يسيطر ٧٠ ألفا من عناصرها على ٦٠٪ من أراضى أفغانستان ويشنون أكثر من ٩٠٪ من الهجمات على القوات الحكومية.

وأشارت المنظمة إلى أن عناصر «داعش» الإرهابى يقومون بإعادة نشر قواتهم فى كل من روسيا وأوروبا وجنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى، حيث ينشئون «خلايا نائمة» لتدبير عمليات إرهابية فى المدن الكبرى، مما سيؤدى إلى ازدياد خطر وقوع عمليات إرهابية بمشاركة الإرهابيين الأجانب الذين يعودون إلى الدول التى خرجوا منها، ويأتى ذلك على خلفية دحرهم فى سوريا والعراق بعد تعزيز القوات العسكرية المضادة للإرهابيين فى سوريا والعراق وتكثيف جهودها لطردهم من تلك المناطق أدى إلى تغيير تكتيكات الإرهابيين، وتستخدم حاليًا بحسب المراقبين تكتيك «اختبار عشوائي» لأهداف لشن هجمات إرهابية فى مدن كبرى بمشاركة عناصر «جهاد» تدربوا عبر الإنترنت.


الوضع فى ليبيا

وعن وضعية التنظيم فى أفريقيا، يحاول تنظيم داعش الإرهابي، فى أكثر من منطقة ليبية، تنظيم صفوفه من جديد بعد الإعلان عن إخراجه من مدينة سرت الساحلية فى ديسمبر ٢٠١٦ من قبل قوات تبناها المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى بطرابلس مدعومة بطيران القوات الأمريكية فى أفريقيا ( أفريكوم )، وخلال الأسابيع الماضية نفذ التنظيم عمليات إرهابية فى منطقة الجفرة الواقعة فى المنطقة الواسطة للبلاد والتى تعتبر نافذة الشمال على الجنوب الشاسع، فى حين قالت مصادر عسكرية إن إرهابيى داعش لا يزالون يتوزعون على مناطق عدة فى الجنوب والوسط والغرب، إضافة إلى خلايا نائمة فى المنطقة الشرقية كدرنة وبنغازى والبيضاء، وأخرى فى مدن الساحل الغربى كالعاصمة طرابلس والزاوية وزليتن ومصراتة، وكان مسئول قضائى ليبى أعلن أن منتمين لداعش شكلوا جيشًا من ثلاث كتائب على الأقل فى الصحراء الليبية، بعد أن فقدوا السيطرة على معقلهم فى سرت الساحلية أواخر ٢٠١٦

وقالت تقارير قضائية إن عناصر التنظيم أسسوا جيشًا فى الصحراء بقيادة الليبى المهدى سالم دنقو الملقب بـ«أبوبركات»، وأن «هذا الجيش تم تأسيسه بعد تحرير مدينة سرت، وهو يضم ثلاث كتائب تحت قيادة دنقو، ولكل منها قائد. والآن هم موجودون فى الصحراء الليبية» وأشارت إلى أن التنظيم اعتاد فى السابق استخدام دروب لجلب مقاتلين أجانب إلى ليبيا من دول الجوار مثل السودان ومصر وتونس والجزائر.

وارتفعت مستويات المخاطر بالإعلان عن انتقال المئات من مسلحى التنظيم من سوريا والعراق إلى الأراضى الليبية، وحذّر عسكريون وخبراء أمنيون من خطورة سعى تنظيم داعش الإرهابى من النهوض من جديد باستغلال الفوضى فى ليبيا، عقب خسارة مواقعه فى سوريا والعراق، كما أكدوا أن عدد الإرهابيين فى ليبيا يتجاوز بكثير توقعات الخبراء حيث وصل إلى أكثر من ٧ آلاف عنصر من جنسيات مختلفة، يمكنهم القيام بهجرة جماعية إلى دول الجوار وأوروبا.

وأجمعت آراء العسكريين والخبراء الأمنيين على أن التنظيم الإرهابى يسعى إلى إنشاء معقل جديد له وجعل ليبيا نقطة انطلاق جديدة بعدما تقلص حجمه فى سوريا والعراق بسبب الضربات العسكرية.

وتشير ذات التقديرات إلى أن التنظيم الإرهابى يعمل على تجنيد عناصر جديدة فى جنوب ليبيا وغربها. واجتمعت دول الجوار على وجود خطر حقيقى فى إعادة تشكل ميلشيات داعش فى ليبيا.

من جانبه أعرب وزير الخارجية سامح شكرى، عن قلق مصر البالغ من تنامى الخطر الإرهابى، خاصة مع عودة إرهابيى «داعش» من سوريا والعراق ومحاولاتهم الهروب إلى ليبيا ومنطقة الساحل، بما يهدد أمن واستقرار المنطقة ككل، بالإضافة إلى استمرار عمليات الهجرة غير الشرعية، مؤكدا أهمية تضافر جهود كل من مصر وتونس والجزائر لمواجهة التحديات الأمنية ومخاطر الإرهاب فى ليبيا، مشيرا إلى ضرورة التحسب لعودة أعداد كبيرة من إرهابيى «داعش» من سوريا والعراق إلى ليبيا والدول المجاورة لها، بعدما تعرض التنظيم لضربات موجعة هناك.

وتوقع وزير الشئون الخارجية التونسى خميس الجهيناوى، أن تغير الجماعات الإرهابية، من اسم داعش إلى اسم آخر بعد الانتصارات المتلاحقة عليها فى العراق وغيرها، مؤكدا أن هذه الجماعات تبحث حاليا عن ملاذات آمنة فى مناطق ودول أخرى ومنها تونس أو ليبيا، ومن جانبه شدد وزير الدفاع التونسى عبدالكريم الزبيدى أمام لجنة الأمن والدفاع إجماع مجلس نواب الشعب، على «وجود تهديدات إرهابية على الحدود الجنوبية الشرقية للبلاد، ناجمة عن تدهور الوضع الأمنى وتعقد الوضع السياسى فى ليبيا» وفق تعبيره

كما أعلن وزير الخارجية الجزائرى عبدالقادر مساهل، أن تنظيم داعش حث عناصره على «الهجرة نحو ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء بشكل أضحى يمثل خطرا على المنطقة»، وقال اجتماع حول مكافحة الإرهاب فى أفريقيا عقد بمدينة وهران: «إن تراجع الإرهاب عسكریا فى سوریا والعراق، جعله یأخذ منحى آخر، ویطرح تحدیات وتهدیدات وقیودا أمنیة جدیدة».

وكذلك أكدت تقارير وتصريحات لمصادر عسكرية ليبية، أن النظام القطرى لا يزال يسعى إلى تنفيذ خطته بنقل مئات من عناصر تنظيم داعش الإرهابى الفارين من سوريا والعراق إلى داخل التراب الليبي، واتهم المتحدث العسكرى باسم الجيش الليبى العميد أحمد المسمارى النظام القطرى بنقل مسلحين من تنظيم داعش الإرهابى موجودين فى سوريا إلى ليبيا، مؤكدا أن الدوحة مستمرة فى تمويل المجموعات الإرهابية فى ليبيا.


سيناريوهات محتملة:

وقبل الحديث عن السيناريوهات المتوقع حدوثها إذا استمر عمل التنظيم على هذا النحو، ينبغى الإشارة أولًا إلى تلك الآليات التى اعتمدتها الإدارة الأمريكية فى حربها ضد التنظيم، وكان من أبرزها؛ العقوبات المالية وقائمة بأسماء المسافرين جوًا واستخدام البيانات البيومترية فى ضبط الحدود، وأوصت بقية دول العالم بأن تحذو حذوها، فعلى صعيد العقوبات المالية، أدرجت على قائمتها السوداء للمنظمات والأفراد «الإرهابيين» سبعة فروع لتنظيم داعش (فى غرب أفريقيا والفلبين وبنجلادش والصومال ومصر وتونس) واثنين من قيادات التنظيم الإرهابى هما أبومصعب البرناوى زعيم جماعة بوكو حرام فى نيجيريا وغرب أفريقيا ومهد معلم القيادى فى تنظيم داعش فى الصومال.

وفيما يخص قائمة المسافرين جوًا، «سجل أسماء الركاب»، فهى تعتبر بنك معلومات يحتوى على بيانات المسافرين جوًا، كأداة لمكافحة الإرهاب، وأوصت الولايات المتحدة كل الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة بالعمل على أن تكون لديها قائمة مماثلة. أما فى ما يتعلق بالبيانات البيومترية، فتعود إلى تأكد واشنطن من أن استخدام هذه التكنولوجيا يعزز مراقبة الحدود ويحول دون إمكانية تسلل الإرهابيين.

ففى أوروبا، يبقى التوقع بمواصلة تنظيم داعش الإرهابى نشر تهديداته بشن هجمات إرهابية جديدة فى عواصم غربية، وهو ما استدعى حالة الاستنفار داخل الدول الأوروبية خوفًا من هجمات الخلايا الإرهابية، والدليل على ذلك ما كشفه تقرير وكالة «سانا» للأنباء، عن نشر مجموعة موالية للتنظيم الإرهابى ملصقًا على الإنترنت عليه صورة برج إيفل فى باريس ودار الأوبرا فى سيدنى وتمثال الحرية فى نيويورك وكتب عليها بالأحمر: «ماذا سيكون القادم؟» فى إشارة إلى هجمات محتملة على واحدة من هذه المدن، بالإضافة إلى دعوات منشورة تحرض الإرهابيين على تنفيذ هجمات مميتة باستخدام الشاحنات.

وفى أفريقيا، تسعى دول الجوار الليبي، تونس ومصر والجزائر، إلى التنسيق الأمنى والمخابراتي، لمواجهة تهديدات ظهور بوادر لإعادة تنظيم صفوف داعش على امتداد مساحات شاسعة من الأراضى الليبية التى لم تستطع السلطات الحكومية المتنازعة فى غرب البلاد وشرقها، السيطرة عليها، وتطهيرها من الإرهاب.

وبالتالى من المحتمل أيضًا، إعلان حرب جديدة فى ليبيا ضد تنظيم داعش، فى أقرب وقت؛ كضربة استباقية ضد إمكانية هجوم داعش على الهلال النفطي، أو إعلانه إقامة إمارة جديدة له فى وسط أو جنوب البلاد، وهو أمر ليس من المستبعد وقوعه، مما بات يثير حذرا وحيطة دول شمال أفريقيا التى تجد نفسها أمام تحديات كبيرة تستهدف بالأساس السيطرة على ليبيا عبر التدخل المباشر كما حدث فى سوريا والعراق.

وفى آسيا، أعربت روسيا عن شعورها بـ «قلق شديد» جراء تنامى نفوذ تنظيم داعش فى أفغانستان، إزاء التقدم الذى يحرزه تنظيم داعش وتزايد نفوذه، واستدعى الأمر التشكيك الروسى فى طريقة تعاطى التحالف الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة فى أفغانستان مع هذا التهديد والتدابير التى يتخذها للقضاء عليه وخاصة أن البعض من المحللين يرون أن مكان «داعش» فى المستقبل سيكون فى أفغانستان، ثم آسيا الوسطى.

وتدعو موسكو من جهتها إلى إدخال طالبان فى مفاوضات سلام ومباشرة مع الحكومة الأفغانية، واقترحت أن تستضيف هذا الحوار «الإيجابي» بين المتقاتلين، وتريد السلطات الروسية وقف تقدم الدواعش فى أفغانستان، معربة عن تخوفها من تسللهم إلى الجمهوريات السوفيتية السابقة فى آسيا الوسطى المجاورة، التى تعتبرها موسكو جزءا من منطقة نفوذها.