الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

أردوغان.. السلطان الكاذب "1"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى مثل هذا اليوم - عام 1924م- ألغى القائد التركى مصطفى كمال أتاتورك منصب الخليفة العثمانى من تركيا، وقام بتوحيد التعليم، وطوال هذه المدة أحدث قرار أتاتورك انقلابات خطيرة فى عالمنا العربى والإسلامى، أخطرها ظهور تيارات الإسلام السياسى، التى تعمل على إعادة الخلافة مستخدمة خطابًا دعائيًا يروج لفكرة أن الخلافة فريضة دينية يجب على المسلمين العودة إليها. 
وطوال شهر مارس ستفتح البوابة ملف «الخلافة»، وتحديدًا الخلافة العثمانية لتجيب عن سؤالين.. أولهما: هل كانت الدولة العثمانية خلافة بالمعنى الإسلامى المعروف تاريخيًا؟.. وهل كانت الدولة العثمانية تقود المسلمين إلى التقدم فى الدين والدنيا، كما يأمر الإسلام أم أنها كانت سلطنة عفا عليها الدهر فقادت المسلمين إلى التخلف والانهيار؟
وسنعتمد فى هذا الملف على نصوص كتبها علماء إسلاميون أجلاء تؤكد أن الخلافة ليست فريضة دينية، بل شأن حياتى للمسلمين ترتيبه على الوجه المناسب للعصر، هذا التصور يعد نقيضًا لما تزعمه تيارات الإسلام السياسى، وفى مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية. 
كما سيضم الملف حوارات مع متخصصين فى الدولة العثمانية تكشف الوجه الفاسد لهذه الدولة، والنظام الذى يلهث الجرو التركى رجب طيب أردوغان لإعادته من أجل مطامع دنيوية وليست دينية.

الخلافة وسلطة الأمة «١»
الخليفة يجب أن تكون عنده «الولاية العامة» على جميع المسلمين فى إدارة شئونهم الدينية والدنيوية من سياسية وإدارية واجتماعية وغيرها، ولكننا يجب أيضًا أن هذا الشرط كان ممكنًا تطبيقه أيام الخلفاء الراشدين، إذ كانت البلاد الإسلامية كلها تحت لوائهم وحكمهم، ولكنه أصبح عديم النفاذ بعد أن انقسمت البلاد إلى ممالك مستقلة
فقهاء أتراك: إلغاء أتاتورك منصب الخليفة لا يخالف شرع الله لأنه لا يمكن تطبيق الخلافة بعد حكم «الراشدين»
المجلس الوطنى فى أنقرة فصل السلطنة عن الخلافة بعد فرار «وحيد الدين»
هذا نص كتاب «الخلافة وسلطة الأمة»
بقلم: عبدالغنى سنى بك
الصادر عن مطبعة الهلال
بمصر سنة ١٣٤٢ هـ - ١٩٢٤ م
مقدمة للمترجم
ألغت الجمهورية التركية الخلافة قبل أن ينجز طبع هذا الكتاب. ولعله يخيل للقارئين بهذا الاعتبار أنه لم يبق محل لنشره ولا فائدة منه. ولكن لما لمقام الخلافة من الأهمية بنظر الأمة الإسلامية، أردت أن أتمم طبعه وأنشره، لأطلعهم على ما استند إليه رجال الجمهورية من النصوص والأحاديث واجتهادات الفقهاء بأمر «تفريق السلطنة عن الخلافة» - ولأن رأينا بعض الوجوه التى تلائم الحال والزمان فى هذا التفريق، وقد كنت أسهبت فى تعليله بمقالة نشرتها فى جريدة الأهرام «عدد ١٤ نوفمبر ١٩٢٣» أنقلها عيناً هنا ليطلع عليها القراء الكرام - فإننا لا نرى مسوغًا شرعيًا ولاحقًا لمجلس أنقرة الجمهورى لأن يلغى الخلافة من تلقاء نفسه وأمرها يعود على العالم الإسلامى أجمع. فصار من الواجب على الأمة الإسلامية أن تتدارك هذا الأمر وتربطه على أساس قويم حسب مقتضيات العصر والظروف الحاضرة، ولا تترك مجالاً لتشتت الأفكار وتفرق الكلمة. وهذه هى المقالة التى نشرتها فى الأهرام بعنوان: «مركز الخليفة ومقام الخلافة».

مركز الخليفة ومقام الخلافة
أنبأنا مندوب «الأهرام» بالاستانة فى ١٠ نوفمبر الحالى، نقلاً عن جريدة تركية، أن جلالة الخليفة عزم على التنازل عن منصب الخلافة، ثم أنبأنا فى اليوم التالى بعدم صحة هذه الإشاعة، قائلاً إن جلالته أفصح لبعض مندوبى الصحف التركية عن دهشته لذلك الخبر، وقال لهم: «إنه لا يهتم بالاشتغال بالشئون السياسية، بل يوجه اهتمامه إلى الواجبات الدينية وشئون الإسلام»، وأشار إلى «عقد مؤتمر فى الأستانة يشترك فيه مندوبون يمثلون جميع البلدان الإسلامية لتقرير اختصاصات الخلافة ومزاياها الدينية»، وختم قوله بأنه «ما دام المؤمنون لا يتحولون عن ولائهم نحوى فلا أرى سببًا للنزول عن منصب الخلافة».
هذا ما نقله إلينا مراسل الأهرام، وبهذه المناسبة أرى من الواجب إيضاح بعض النقاط الهامة التى تمس مركز جلالة الخليفة ومقام الخلافة فأقول:
لا يغرب عن البال أنه بعد فرار وحيد الدين من مركز السلطنة والخلافة، التأم المجلس الوطنى الكبير فى أنقرة، وقرر فصل السلطنة عن الخلافة، وانتخب جلالة عبدالمجيد بن عبدالعزيز خان خليفة للمسلمين، وأعلن الأمر على الملأ الإسلامى فبايعته الأغلبية الساحقة من الأمم الإسلامية، وعلى هذه الصورة لم يخل مقام الخلافة من القائم بأمرها.
ولكن هذه الحادثة، حادثة فصل السلطنة عن الخلافة، قوبلت عند البعض بالاستغراب، وانتقدها الآخرون ومنهم بعض العلماء والمتشرعين، وقام منهم من فندها وادعى أنها مخالفة للأحكام والقواعد الشرعية إلى غير ذلك من المدعيات.
وقد كنت نشرت فى ذلك الوقت مقالتين فى إحدى صحف القاهرة بعنوان «الخلافة العثمانية والخلافة الإسلامية»، شرحت فيه هذه القضية الهامة وبينت الفروق بين الخلافتين، الخلافة مع السلطنة والخلافة بلا سلطنة. واستنتجت أن الخلافة العثمانية كانت خلافة اسمية وقولية لا يتعدى نفوذها الفعلى حدود السلطنة العثمانية، لأن الخليفة، مع حيازته السلطنة السياسية بصفته سلطان تركيا، لا تسوغ له هذه الصفة تأسيس العلاقات بينه وبين الشعوب الخارجة عن الحكم التركى، ولهذا كانت الخلافة عبارة عن اسم بلا فعل.
أما بعد أن رفعت عنه السلطة السياسية التركية، أصبح بصفته خليفة المسلمين كافة مرتبطا فعلا وبلا أدنى مانع، بالأمم الإسلامية كلها، وأمسى حراً بتأسيسه العلاقات معها من حيث واجباته الدينية والاجتماعية والأدبية، وهذه الواجبات لا يستهان بها لما تحتوى عليه من الوظائف التى يقوم بها لخدمة الدين والملة الإسلامية، ومن الوجهات التى تولد بين شعوبها حسن الروابط وتقوى نهضاتها الاجتماعية والأخلاقية، وتكمل ما ينقصها من الشعائر والآداب الإسلامية، وتحمى ما أماته الدهر فيها من المزايا السامية التى كان الإسلام يفاخر بها الأمم فى أيام شوكته.
ومن تتبع التاريخ الإسلامى، يرى أن الأمم الإسلامية تشتت أمرها بعد الخلفاء الراشدين، رضوان الله عليهم، فتضعضعت أركان وحدتها وانقسمت إلى ممالك، زالت من بينها تلك الرابطة الجامعة التى كانت وصلت بها إلى قمة السؤدد والكمال.

ولا حاجة هنا ولا محل للأسف أو الاستغراب؛ لأن أية مملكة بلغت من السعة والعظمة هذا القدر، أصابها التقطع فى أوصالها وانقسمت إلى ممالك متعددة، وهذه سنة جارية فى جميع الشعوب والأمم. لننظر اليوم إلى دولة قياصرة الروس، وسلطنة النمسا، وسلطنة إنجلترا نفسها، كم افترقت عنها بلاد وأصبحت ممالك مستقلة.
وكذلك السلطنة العثمانية، التى سبقت فى سعة الملك دولة الرومانيين، بعد أن وصلت أوج الكمال، بدأت فى الانحطاط والانقسام منذ ثلاثة عصور حتى وصلت إلى حالتها الأخيرة عقب الحرب الكبرى، ثم تلاشت، ولكنها لم تكد تدهور الأمة معها، حتى خلق الله رجالاً قاموا بإحياء هذه الأمة وأسسوا بنيانها ولكن ليس على دعائمها وأنقاضها البالية، بل على ركن جديد وغيروا شكل حكومتها وإدارتها وأعادوا إليها شبابها وعزها.
هذا ولم يهملوا طبعا أمر الخلافة، ومعناه أمر الإسلام لأنهم مسلمون ويهمهم أمره، فاعتنوا بانتخاب أمير المؤمنين، وأيدوا رابطة العالم الإسلامى بتعهدهم «بالدفاع عن مقر الخلافة ومقامها بقوتهم ودمائهم».
ويستدل من هذا الميثاق أن الخليفة ليس، كما ادعاه البعض، لا حول له ولا طول، بل هو فى مركز محفوظ، منيع الجانب، مكرم، محترم، يزود عنه قوم ذوو بأس شديد، يحرصون على الدين وعلى إقامة أحكامه.
وإن كانت البلاد الإسلامية الآن ليست مرتبطة سياسيًا فيما بينها، فلا مانع من تأسيس الروابط الاجتماعية والأدبية والفكرية والاقتصادية لإنهاضها وعمران بلادها ونمو ثروتها ورواج متاجرها ورقى صنائعها من جهة، وتهذيب أخلاقها وتحسين مزاياها وترصين أمورها الدينية من جهة أخرى.
وهذه المسائل الحيوية التى تجمع المسلمين تحت لواء الخلافة الدينية والاجتماعية هى أهم المسائل وأسماها بنظر من يفكر فى إعلاء أمر الدين والدنيا فى المجتمع الإسلامى، ولا حاجة للقول بأنه كلما رسخت هذه الأمنية الشريفة فى الأذهان وبقدر ما يتوسل إليها أرباب الفكر والنظر وأصحاب الحمية الشرقية والإسلامية تحسنت أحوال البلاد واستتب الأمن والطمأنينة والراحة والسكون، وساد الرفاه وتوسعت أسباب المواصلات التجارية مع جميع البلاد والشعوب وازدادت وسائل الألفة بين الشرق والغرب أيضاً.



ولننظر الآن إلى نقطة جوهرية ربما فكر فيها الكثيرون ولم يجرؤ على بحثها إلا القليل، وهى: كيف تكون علاقات الخليفة مع الدول الإسلامية المستقلة والبلاد الإسلامية التابعة للاستعمارات والانتدابات؟
فى الوهلة الأولى قد يستعظم الإنسان هذه النقطة ويقول فى نفسه: «وإذا مانعت حكومات هذه البلاد فى تأسيس هذه العلاقة بني شعوبها وبين الخليفة، أو امتنعت هى من تأسيسها معه!».
قد تكون هذه الملاحظة فى محلها لو أن للخليفة صفة سياسية منحصرة فى ملك واحد وشعب واحد، كما أشرت آنفًا عن السلاطين العثمانيين، لأن هذه الصفة نفسها هى التى كانت تمنع حصول هذه الرابطة وذلك لأنه لا يحق لملك بلاد أن يتدخل فى أقل مسألة تخص بلاداً لا سلطة له عليها. ولكن مع تجرد الخليفة من هذه الصفة، وقد أصبح أميراً للمؤمنين كافة لم يبقَ من مانع، حتى ولا حق لأية دولة إسلامية أو دولة لها شعوب إسلامية أن تتعلل أو تتردد فى أمر لا يمس مصالحها السياسية والإدارية، وهو حق لكل مسلم أن يحترمه.
وأقول رداً على بعض المترددين والقائلين فى «أن الخليفة إذا لم يكن حائزاً الصفة السياسية والإدارية فلا تكون صفة الخلافة فيه تامة صحيحة».
نعم إن الخليفة يجب أن تكون عنده «الولاية العامة» على جميع المسلمين فى إدارة شئونهم الدينية والدنيوية من سياسية وإدارية واجتماعية وغيرها، ولكننا يجب أيضًا أن هذا الشرط كان ممكنًا تطبيقه أيام الخلفاء الراشدين، إذ كانت البلاد الإسلامية كلها تحت لوائهم وحكمهم، ولكنه أصبح عديم النفاذ بعد أن انقسمت البلاد إلى ممالك مستقلة، وقد كنا نرى أحياناً خليفتين فى وقت واحد هذا عدا الملوك والأمراء، الذين لم يذعنوا لأمر الخلفاء، ربما أن العمل بالشىء خير من إبطاله فيمكننا الآن أن نقول: إن الخليفة يفوض قسمًا من واجباته إلى الملوك والأمراء أو الحكومات، وهى السياسية والإدارية، ويستبقى ما يمكنه تنفيذه حسب ظروف الزمان، ولو أن هذا التفويض لم يقع قولاً ولكنه واقع فعلاً كما يُقال: ما لا يدرك كله لا يترك جله. وهذا مطابق لأحكام الشرع الشريف، وطبعًا العقل والحكومة يقتضيان قبول الممكن وإهمال المتعذر.



وكذلك باطل ما يدعيه بعض المتطرفين من لزوم إلغاء الخلافة بتاتاً، لأنها لم تستكمل شرائطها المعينة شرعّا. ولأن الحكومات الإسلامية أو التى تضم تحت حكمها من المسلمين لا هم لها إلا مصالحها الحكومية ومصالحها الزمنية ولا تلتفت إلى تأسيس الروابط بين هذه الشعوب فلذلك لا بد من وجود قطب يجمع بين تلك الشعوب ويقوم بتقوية علاقاتها هذه، وهذا القطب الجامع ليس سوى الخليفة، وقد أقرت بوجوده الأمم الاسلامية منذ الخلفاء الراشدين.
ويفهم من أقوال جلالة الخليفة عبدالمجيد - أيده الله - أنه مهتم لهذه النقطة المهمة الجوهرية، وأنه مقدر عظم أمر الخلافة وما ستأتى به من الفوائد للدين والأخلاق فى المجتمع الإسلامى، والسعى فى رقى هذا العالم الذى هو فى أشد الحاجة إلى من يسير به فى سبيل الرشاد والسعادة، وأنا أعد ما فاه به جلالته من أهم البشائر للملأ الإسلامى. وفقه الله لخدمة الأمة والدين.
نزيل القاهرة: عبدالغنى سنى
تمهيد للمترجم
كثيراً ما تداولت الألسن وتضاربت الأفكار لما فصل المجلس الكبير الوطنى بأنقرة بين الخلافة والسلطنة، عقب فرار وحيد الدين سلطان تركيا الأخير من مقر ملكه، وناط سلطة الأمة لنفس المجلس يقوم بأمورها السياسية والإدارية على يد الوكلاء «الوزراء» المنتخبين منه كهيئة مسئولة لديه.
وقد كان فى نفس المجلس من خالف هذا القرار وعده منافياً للقاعدة المألوفة والجارية منذ عصور، قاعدة السلطنة الشخصية التى كانت تحصر حلق السلطة فى شخص السلطان، يرثها من سلفه ويورثها إلى من يخلفه حسب قانون الوراثة للأسرة المالكة فى السلطنة العثمانية.
وظهر بين أعضاء المجلس من اعتبره مخالفًا لأحكام الشريعة بنزع الخلافة عن السلطنة أو إلغاء السلطنة الشخصية بتاتًا، وقال بعدم مشروعية الحكم من جانب المجلس الوطنى إذا لم يكن ممن يرأسه بصفة سلطان أو خليفة إلى غير ذلك من الاعتراضات والردود التى لا نهاية لها، حتى إن بعضًا منهم أيقن بأن الأمة التركية التى اعتادت وجود سلطان على رأسها لا يمكنها هضم هذه البدعة المنافية لشعورها وسترجع لما كانت عليه قبلًا ولو بعد حين.
ولكن المجلس الكبير الذى لم يعبأ بكل هذه الأقاويل أصر على قراره ونشر مبادئه التى ارتكن عليها وخطب رجاله، وفى مقدمتهم الغازى مصطفى كمال باشا، موضحين الأساسات التى بنوا عليها دعائم هذا المظهر الجديد وأيدوا لزومه، وأثبتوا مطابقته على مزاج القوم وروح العصر، وبينوا حقائقه وأفاضوا بشرح ما فيه من الفوائد للأمة، وأظهروا ما سينتجه من الثمرات فى الحال والاستقبال. ولم يكتفوا بهذا بل عمدوا إلى رجال العلم وعلماء الشرع لينيروا حقيقة هذا المبدأ القويم الذى يعتقدون مطابقته لأحكام الشرع المنيف. وهؤلاء الأفاضل بعد أن قتلوا المسألة بحثًا وتدقيقًا جمعوا الأحكام الشرعية آخذا من أمهات الكتب الفقهية والوثائق والمستندات، آخذين من الكتاب والسنة والقياس والإجماع، ونشرت حكومة المجلس تلك المجموعة بعنوان «الخلافة وسلطة الأمة» بينوا فيها الأحكام الباحثة عن الخلافة وأوصافها وشروطها وأدوارها وتقلبات باعتبارها السابقة والحالية.
ومن هذا الملخص يستفاد ويفهم ما استند إليه المجلس فى إلغائه السلطنة، وكفَّه الخلافة عن تدبير أمور الأمة السياسية والإدارية، وهاكم ما حواه هذا الكتاب الجامع، وهو فصل الخطاب وهداية لكل مرتاب، فقد عنيت بنقله إلى العربية حرفيا لم أنقص منه ولم أزد، ليطلع عليه العالم الإسلامى العربى ويفهم ما هو مستند المجلس المذكور فيما قام به من هذا الأمر الجلل.
وفى الحقيقة لم يكن مظهر حكومة المجلس إلا الجمهورية المعروفة والمشهود أمثالها فى سائر الأمم، ولكن الظروف التى ولدتها لم تدع مجالاً لوضع شكله المعروف والمتعارف فى بادىء أمره، وبعد أن تم عقد الصلح مع الدول المتحالفة واختلت الحكومة بأمورها الداخلية نسقت شكلها، وأخذت اسمها الحقيقى، وهو «الجمهورية التركية» وهذا الشكل هو المطابق لأول دولة إسلامية تأسست بعد ارتحال النبى، صلى الله عليه وسلم، دولة الخلفاء الراشدين «رضى الله عنهم» وفقها الله لخدمة الدين والأمة آمين.
القاهرة: ديسمبر ١٩٢٣ ع. سنى.