السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

رفيق جريش يكتب: الصوم هو زمن النعمة

 الاب رفيق جريش
الاب رفيق جريش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصوم هو تجديد للذات والعودة إلى الله. فبالخطيئة ابتعد الإنسان عن ذاته وعن الآخرين وعن الله. الصوم هو العودة والتوبة والرجوع إلى الله الذى شفانا من جرح الخطية، كما قال القديس أغسطينوس: «لقد خلقت قلبنا لك يا الله وهو لا يزال قلقًا مضطربًا حتى يرتاح فيك».
انطلاقا من نص إنجيل متى «إن غفرتم للناس زلاتهم، يغفر لكم أيضًا أبوكم السماوى زلاتكم. وإن لم تغفروا للناس زلاتهم، فأبوكم أيضًا لا يغفر لكم زلاتكم» (متى ٦: ١٤).
هذا النص يكلمنا عن الصوم الحقيقى والصلاة والصدقة «لا تكنزوا كنوزًا فى الأرض»، وقبل كل شىء المغفرة. يحذرنا قداسة البابا فرنسيس فى تعاليمه الأسبوع الماضى «خطر الصوم بلا منطق» أى بدون تغيير كاحتقار الآخرين وعدم الاهتمام بهم. ويحدثنا القديس يوحنا ذهبى الفم بقوله: «ما فائدة الصوم إذا تنهشون لحم بعضكم البعض». فالصوم هو غسل للروح وتطهير لها، فكما أن علينا أن نغسل أجسادنا يوميا، علينا أن نغسل أرواحنا كذلك، وهذا يتم عن طريق الصوم والصلاة والابتعاد عن مغريات هذه الدنيا وعن الخطيئة والشرور، وأن نعود أنقياء، كما كنا بعد المعمودية المقدسة.
الصوم هو فترة روحية، يقضيها الجسد والروح معًا فى عمل روحي. يشترك الجسد مع الروح فى عمل واحد هو عمل الروح. يشترك معها فى الصلاة والتأمل والتسبيح والعشرة الإلهية. نصلى ليس فقط بجسد صائم، إنما أيضا بنفس صائمة. بفكر صائم وقلب صائم عن الشهوات والرغبات، وبروح صائمة عن محبة العالم، فهى ميتة عنه، وكلها حياة مع الله، تتغذى به وبمحبته. الصوم بهذا الشكل هو الوسيلة الصالحة للعمل الروحي. هو الجو الروحى الذى يحيا فيه الإنسان جميعه، بقلبه وروحه وفكره وحواسه وعواطفه. فى الصوم لا يهتم الإنسان بما للجسد به أيضًا فى حالته الروحية، فالصوم ليس نظام أكل أو صوم رياء أو قوانين للامتناع عن بعض المأكولات. فيقول القديس بولس الرسول «الرب هو الروح، وحيث تكون روح الرب تكون الحرية» (٢ كو ٣ / ١٧)، فالصوم هو دعوة للتحرر.
الصلاة: تتطلب أن تتحرر من أنانيتك، التمحور حول ذاتك ولكن لانطلاقك، الصلاة هى صلة وانفتاح كامل نحو الله.
الصوم: يتطلب منك أن تتحرر من كل ما يكبلك، من كل ما تظنه مصدر حياتك كنفوذك أو مالك، لأن المسيح يسوع هو الذى يعطى الحياة.
الصدقة: تتطلب منك أن تتحرر من كنزك الذى فى قلبك، ويكون كنزك الأوحد أعمالك الصالحة نحو الآخر. كل ذلك لا يتحقق إلا بالمغفرة. أن تتحرر من خلافك مع الآخر أو عدم تفهمك أو حقدك لكى تنال مغفرة الآب.
المؤمن فى صومه وجهاده يصون نفسه من الهجمات الشريرة، ويحفظ نفسه صحيحا سليما، فيفوز بالقيامة مع السيد له المجد، ويتمتع بالحياة الأبدية، فالصوم من أجل المسيح، هو افتقار إلى الله، هو توق إلى الخالق، إلى السعادة الحقيقية الأبدية، لذا، الصوم من أجل المسيح هو سر التواضع أمام الله، سر محبة الله، ونحن نبادله المحبة بافتقارنا إليه.
نحن فى زمن الصوم علينا أن نهتم أكثر كيف ننمو روحيا وفكريا وعقليا مع لله، لينعكس بذلك على كل من يحيط بنا ليتعرفوا الآخرين على محبة الله ورحمته الواسعة من خلالنا. إذا دعونا أن نكون فى زمن الصوم المقدس رسل محبة ورحمة كما أرادنا الله.