الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

5 ملايين صوفى يواجهون نظام الخمينى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت العاصمة الإيرانية طهران الأسبوع الماضى اشتباكات واسعة بين الأمن الإيراني، واتباع طريقة «دراويش كنابادي» الصوفية، حيث تجمّعوا أمام مركز شرطة بشارع باسداران شمال طهران، احتجاجًا على توقيف القائد الروحى للطريقة فى طهران «نعمة الله رياحي». الجماعة الصوفية الشيعية تعد أبرز الجماعات فى إيران، ويقدر أتباعها بالملايين، وتشكل صداعا لنظام المرشد الأعلى على خامنئي.

تأسست جماعة «دراويش كنابادي» فى نهاية القرن التاسع الهجرى والرابع عشر الميلادي، على يد الشاعر الصوفى الإيرانى السيد نور الدين شاه نعمة الله بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يحيى العلوى الحسينى الكرمانى الماهاني، المعروف بشاه نعمة الله ولي، وينسبه البعض إلى الإمام السادس جعفر الصادق.
و«نعمة الله ولي» ولد فى حلب السورية سنة ٧٣٠ هـ، وأقام بالعراق ثم بمكة، كما زار يزد وهراه وسمرقند، ثم وصل به المطاف إلى ماهان من توابع كرمان، وبها وفاته فى الخامس من رجب سنة ٨٢٠هـ ن وقيل ٨٣٤ هـ.
وقد سافر إلى أماكن متعددة فى العالم الإسلامي، ليتعلم فلسفات العديد من المشايخ، ولكن دون أن يجد شيخا يكرس وقته له. وفى تلك الفترة درس كتابات الفيلسوف الصوفى الكبير ابن عربي. وأخيرا التقى شاه نعمة الله بالشيخ عبدالله يافعى فى مكة وصار مريدًا، درس بجدية عند أستاذه لسبع سنوات، إلى أن تطور روحانيًا، ومن تم إرساله فى رحلة جديدة ولكن هذه المرة كأستاذ متحقق.
مكث بشكل مؤقت فى سمرقند على طريق الحرير فى وسط آسيا. وهناك التقى بتيمورلنك، ولكن ليتحاشى المشاكل مع زعيم دينيوي، رحل من هناك ليستقر فى مقاطعة كرمان الفارسية. ومزاره يقع فى ماهان وهى قرية قريبة من مدينة كرمان (عاصمة المقاطعة).
من آثاره: ديوان شعر و«نصيحت ملوك» و«نكات صغير» و«شرح گلشن راز» و«معرفت نفس» و«مهدية» و«برزخية» و«أمانت» و«شرح فاتحة» و«شرح اخلاص» و«منهاج المسلمين» و«هدايت» و«مكاشفة» و«فيوضات» وغيرها.
عندما توفى العارف شاه نعمة الله ولى كان يبلغ من العمر ١٠٤ سنوات، ويعود حجر البناء الرئيسى لهذا المرقد، الذى وضعه سلطان دكن فى بلاد الهند شاه احمد البهمنى الدكني، الى قبل حوالى ٧ قرون مضت، وقدم سلطان دكن الذى كان من مريدى شاه نعمة الله ولي، مبالغ لبناء هذا المرقد، ويعلو مدخل المرقد كتيبة تشير إلى تاريخ بناء المرقد وهو/ عام ٨٤٠ هـ.

باعث الطريقة
عقب تولى الصفويين الحكم وتحول إيران إلى المذهب الشيعي، تراجع حضور «دراويش كنابادي» نظرا لسياسة الدولة الصفوية، ولكن بعد زوال وانتهاء الدولة الصفوية وبداية حكم القاجاريين وبعد تغيير المناخ السياسي، تم إحياء طريقة نعمة الله ولى الصوفية بشكل كبير وواسع على يد شيخها المعاصر آنذاك رضا على شاه سنة ١٢١٤ هجري، وكان محمد حسين خان الملقب حسين على شاه بن محمد على نور على شاه الأول الأصفهانى من صوفية نعمة الله ولى مما زاد نفوذهم داخل الدولة القاجارية المقربة إلى الجماعات الصوفية، وأصبح لها مناصب سياسية عليا فى ظل حكم القاجاريين التى لها علاقة تقارب مع الصوفيين.
وإلى مدينة جناباد فى مقاطعة خراسان يعود اسم جنابادي، حيث ولد حاج ملا سلطان محمّد كنابادی الملقّب به «سلطان علیشاه» أحد كبار مشايخ الطريقة، والذى يتبع «نعمة الله» ويدعى القطب الرابع والثلاثون فى مشايخ الطريقة.

دستور كنابادي
وضع مؤسسو طريقة كنابادى عددا من المبادئ الأساسية لاتباع الطريقة، تعتبر بمثابة «دستور» لا يمكن الحياد عنها، وهى الذكر والفكر والمحاسبة والمراقبة والدعاء.
والطريقة الكنابادية تؤكد على اتباعها التحلى بصفات منها، الامتناع عن تناول المخدرات، أو العزلة، أو ارتداء أى زى يميزهم عن سائر أبناء المجتمع، وتطالبهم بامتهان أى مهنة لكسب العيش، واحترام كافة الأديان والمذاهب والتعاطى معهم بالمحبة، ونشر وترويج السلام والأخوة والمساواة.
ومن مبادئ أتباع الطريقة أيضا الولاء التام لممثل الإمام الغائب على الأرض ويسمى «القطب»، وإلى جانب القطب الذى يشكل رأس الطريقة ومرشدها الروحي، يأتى ٦ مشايخ يختارهم القطب لإدارة الطريقة، وهم يعدون بمثابة المعلمين الروحيين لأتباع الطريقة.

دراويش كنابادي
من «كناباد» انتشرت طريقة «دراويش كنابادي» فى شتى أنحاء إيران، لتصبح أكبر طريقة صوفية شيعية فى إيران، وتهدد مكانة نظام ولاية الفقيه، حيث تعترض الطريقة على أساليب إدارة الدولة التى وضعها الخمينى ويقودها الآن المرشد الأعلى على خامنئي.
وتشير الأرقام إلى أن اتباع «دراويش كنابادي» يصلون إلى ٥ ملايين إيراني، وتشعل طهران معقل الطريقة الآن، وتعتمد فى تمويلها على التبرعات بأنواعها التى يقدمها أعضاء الجماعة.
ورغم التضيق الشديد من قبل نظام ولاية الفقيه فإن غالبية اتباع الطريقة من الشباب وهى تحقق نموا واتساعا وشهرة فى مختلف أرجاء إيران وخارجها وتتمتع بمصداقية كبيرة بين أطياف الجماعات الدينية داخل إيران وخارجها.
ويجتمع أعضاء كنابادى يومى الإثنين والجمعة، فى مبنى الحسينية وتكون متاحة للجمهور، سواء دراويش أو غيرهم.
ويعتقد الصوفية أن لديهم السؤال الوجودى الدائم «من أين أتيت؟ ولماذا أتيت؟
وفقا لكاسرا نوري، أحد الدراويش فى كنابادي، فإن السؤال والقلق من كل إنسان كما فى قصيدة مولانا جلال الدين الرومي، التى تقول: «من أين أتينا؟» ولماذا أتينا؟
لكن الدراويش يعتقدون أن لديهم الإجابة على هذا السؤال، وهذا هو السبب فى حياة واضحة. يقول أحد أتباع الرطيقة، كسرى نوري: «إن اختلافنا مع الآخرين قد يكون أننا نعرف ما نريده من حياتنا وكيف نعيش». إن أعمالنا وأفعالنا تتوافق مع نظرياتنا، ونحن نفعل ما نقوله، أى الوصول إلى الحقيقة تحت قيادة الدكتور تابانديرا فى طريق الطلاق والمساواة والصداقة».
القطب والقائد
قطب الجماعة وقائدها الحالى هو «نور على تابنده» وهو من مواليد ١٤ أكتوبر ١٩٢٧ فى مدينة بيدخت، إحدى المدن التابعة، لكناباد، فى محافظة خراسان رضوى، وحظى « تابنده» بتعليم دينى على يد السلطان على شاه واكتسب أساسيات التعليم الديني. كما تعلم علم الفلك القديم والجديد من والده. فى وقت لاحق، انتقل إلى طهران لمواصلة مساعيه مواصلة التعليم وفى عام ١٩٤٥، وتخرج من المدرسة الثانوية فى طهران مع أعلى الدرجات الحصول على شهادة فى الأدب وبعد عام واحد حصل على دبلوم فى علم الأحياء أيضا.
وبعد انتهاء تعليمه الثانوي، بكلية الحقوق فى جامعة طهران، ليحصل على شهادة فى القانون فى عام ١٩٤٨، وفى الوقت نفسه بدأ تعليمه فى التعاليم الإسلامية، وبجانب التعليم الحكومي، التحق «تابنده» بالتعليم الدينى حيث تعلم علوم الفقه والشريعة وعلوم التصوف، ولا سيما مع أخيه العظيم، الحج سلطان حسين طبنده. كما حضر دروسا مع محمود شهابي، سيد محمد مشكوت، والشيخ محمد سونغولجي.
كما حصل على شهادة الدكتوراه فى القانون من جامعة باريس فى عام ١٩٥٧ عندما كان يدرس الفرنسية ويمكن تحقيق دبلوم فى اللغة الفرنسية، فى وقت واحد، وعمل محاميا لآية الله سيد مرتضى صالحي، شقيق آية الله الخميني، وأيضا محاميا لآية الله جلال الدين طاهري، إمام جمعة أصفهان.
ويعد «تابنده» من الوجوه الدينية المعروفة فى إيران والخارج، عمل لأول مرة فى وزارة الشئون الخارجية وبعد فترة من الوقت تم نقله إلى وزارة العدل فى عام ١٩٥٠، ولفترة من الوقت كان رئيسا لمحكمة طهران، فى وقت لاحق أصبح مستشارا لحاكم ولاية طهران.
ومنذ ١٩٩٦ أصبح «نور على تابنده» الذى لقبه أتباعه بـ«مجذوب على شاه» علما على الفرقة التى يخشاها نظام ولاية الفقيه فى إيران، حيث يتخطى عددها الـ٥ ملايين إيراني، وتقدم إسلاما معتدلا ومتسامحا بعكس «ولايه الفقيه» المتشددة، والتى تقدم رؤية متطرفة للإسلام الشيعى، وهو ما يسرق ويهدد مكانة «ولاية الفقيه» والقائمين عليها فى إيران وخارجها.
وأيد «نور على تابنده» فى ٢٠٠٩ المرشح الرئاسى مهدى كروبي، والذى يخضع للإقامة الجبرية الآن، ويعرف أنه كان قريبًا من الرئيس الإيرانى الراحل على أكبر هاشمى رفسنجاني، وهو دائم الانتقادات للنظام الإيرانى خلال السنوات الأخيرة، نظرًا لسياسة النظام التى تؤثر على حياة الشعب وتزيد من معدلات الفقر.

الصراع مع الخميني
مما لا شك فيه أن النظام الإيرانى يحمل هو الآخر عقيدة دينية مبنية على قراءته الخاصة عن التشيع والداعية إلى استلام الحكم وتفويضها إلى «الولى الفقيه» الذى على عاتقه تطبيق «الشريعة» من خلال أدوات الحكم ورفض أى قراءة أخرى خاصة إذا كانت شيعية، لذا فإن أصحاب الطرق الصوفية التى ترفض تدخل الدين فى السياسة تشكل خطرًا على «ولاية الفقيه» التى تعبر عن نفسها عبر التمسك بأدوات الحكم.
وتصاعدت الضغوط على «دراويش كنابادي» من قبل نظام ولاية الفقيه، منذ ١٩٧٩، ولكن فى آخر عشر سنوات شهدت الكرقة قمعا متواصلا من قبل نظام خامئني، فقد كان عهد الرئيس أحمدى نجاد من أسوأ الفترات التى شهدتها الجماعة، حيث دعم «دراويش كنابادي» إلى انتفاضة ٢٠٠٩، والتى تعرف بالثورة الخضراء والتى خرجت عقب إعادة انتخاب نجاد رئيسا لإيران لفترة ثانية.
وشهدت ٢٠٠٩ أول عملية قمع ضد «دراويش كنابادي» عقب إصدار بيان من قبل إمام جمعة مدينة أصفهان ضد الصوفيين، حيث قامت الجرافات التابعة للبلدية بتدمير ضريح «الدرويش ناصر على» فى مقبرة «تخت فولاذ» بأصفهان، وتم نهب مقتنيات الضريح، وذكرت حينها جريدة «أمير كبير» أن عدد المهاجمين للمقبرة بلغ ١٧٠ شخصا من عناصر وزارة الأمن والبلدية وموالين للمؤسسة الدينية الرسمية، كما تعرضت حسينيات وتكايا تابعة للصوفيين فى مدينة قم وبروجرد وشرامين إلى الهجوم، واعتقلت السلطات الإيرانية فى عهد نجاد المئات من أتباع الطريقة ومنع الكثيرين منهم من الدراسة فى الجامعات.

وفى ٢٠١٠ بعهد الرئيس أحمدى نجاد، شكل رجال الدين فى هذا الاجتماع أربعة لجان كل واحدة منها تهتم بمذهب أو فرقة معينة والهدف النهائى من ورائها هي: القضاء على أهل السنة تحت ذريعة مكافحة الوهابية، واستئصال الصوفية تحت ذريعة أنهم لم يدركوا معنى الولاية بمعناها الصحيح، وقمع البهائية تحت ذريعة أن مركزهم يتواجد بمدينة حيفا فى إسرائيل وهؤلاء جواسيس لإسرائيل، واستئصال جميع الطرق الروحانية وما شابهها بحجة أنهم يعبدون الشيطان.
وأشار «مصطفى آزمايش» المتحدث باسم دراويش كنابادي، فى مقابلة مع موقع «جرس» فى مايو ٢٠١٠، إلى الاجتماع السنوى السرى الذى يعقده رجال الدين الشيعة فى الحكومة الإيرانية، حيث بدأت هذه المجموعة أول أعمالها حينما تولى أحمدى نجاد الرئاسة فى البلاد، من أجل التعامل مع جميع الفرق والمذاهب الدينية فى إيران بما فى ذلك أهل السنة، ولتكون السيادة الكاملة للشيعة، وهى الخطة التى فشل ملوك الصفوية قبل قرون من إكمالها، وهذه هى المهمة الأساسية لهذه الفئة من رجال الدين. وإليكم هذا الجزء من المقابلة والذى اخترناه لكم:
وتابع «تم إنشاء المركز السرى فى بداية الحكومة التاسعة برئاسة أحمدى نجاد، حيث يجتمع فيه سنويا أشخاص غالبيتهم من الخطباء وأئمة المساجد والجمعة من مختلف المدن الإيرانية، وذلك تحت إشراف الشيخ محمد يزدى نائب رئيس مجلس الخبراء ورئيس الحوزة العلمية بقم، ويدور حديثهم فى الاجتماعات حول التيارات والمعتقدات المختلفة بما فى ذلك الأقليات المذهبية والأفكار الإسلامية التى تتناقض مع الأفكار التى تؤيدها الحكومة الإيرانية، فيتخذون القرارات الصارمة والسياسات العامة لمواجهتها فى البلاد.

القرارات التى يصدرها هذا المركز ويصادق عليها يلزم جميع الأجهزة التنفيذية والقضائية تنفيذها. وقد قالوا فى الاجتماع الذى انعقد مؤخرًا بأن المسئولية الكبرى على الحكومة بأن تدافع عن الحدود الفكرية والعقدية للمواطنين المسلمين فى إيران، لذلك يجب إلغاء جميع الأفكار والمدارس التى لا تتفق مع الأفكار والسياسات الرسمية للحكومة الحالية فى إيران وذلك بحجة الدفاع عن الحدود الأيديولوجية لأبناء إيران المسلمة.
وشكل رجال الدين فى هذا الاجتماع أربعة لجان كل واحدة منها تهتم بمذهب أو فرقة معينة والهدف النهائى من ورائها هي: القضاء على أهل السنة تحت ذريعة مكافحة الوهابية، واستئصال الصوفية تحت ذريعة أنهم لم يدركوا معنى الولاية بمعناها الصحيح، وقمع البهائية تحت ذريعة أن مركزهم يتواجد بمدينة حيفا فى إسرائيل وهؤلاء جواسيس لإسرائيل، واستئصال جميع الطرق الروحانية وما شابهها بحجة أنهم يعبدون الشيطان.
أما الدفاع عن حدود عقائد المواطنين المسلمين فيرجع إلى أن جميع المفاسد التى ذكرت تجب إزالتها عبر الصلاحيات التى تتمتع بها السلطة القضائية وإلغاء تراخيص الوكالة عن المحامين الذين يرغبون فى الدفاع عن المعتقلين، حتى أن جميع حكام المناطق والمجالس الأمنية فيها يلزمهم إجراء ما يقرره المجلس إذا أرادوا تدمير مركز دينى ما وفى أى مكان ما، وأن يعدوا ويقدموا جميع الوسائل اللازمة لهم. حتى فى البرلمان الإيرانى توجد مجموعة من رجال الدين الذين يعملون تحت مظلة باسم لجنة الأمن القومى، والذى يعمل محمد إسماعيل كوثرى فيها كنائب الرئيس، وكان يعمل فى وقت سابق رئيسًا لقاعدة «ثأر الله»، حيث يعارضون أفكار الدراويش والصوفية، لأن فهمهم عن الولاية يختلف عن الولاية التى هم يؤمنون بها، بل يعتبرون الولاية التى يعتقدها الصوفية بأنها تعارض وتدمر الولاية التى تؤمن بها حكومتهم «حكومة ولاية الفقيه».

والسبب الرئيسى أن الدراويش وقفوا مع السيد كروبى ودعموا حملته الانتخابية: لما قامت حكومة أحمدى نجاد بتدمير حسينية للدراويش عبر اللجنة التنفيذية للسياسات الثقافية التابعة لهذا المجلس، سكت جميع العلماء والمراجع الدينية فى قم والضباط فى جميع أنحاء البلاد إلا السيد كروبى، حيث احتج على هذه الخطوة وكتب رسالة إلى وزير الداخلية «مصطفى بور محمدي» ورسالة إلى وزير الاستخبارات «محسنى أجئي» ورسالة مفتوحة إلى الضباط فى البلاد أدان فيها تدمير الحسينية التابعة للدراويش.
وقد هوجمت حسينية الدراويش ثلاث مرات، وفى كل مرة احتج السيد كروبى على هذه الخطوة واعتبرها مخالفة للتقاليد الإسلامية والالتزامات الدستورية وحرية الشعب. لذلك دعم الدراويش حملته الانتخابية الأخيرة، وبموجب الإحصائيات التى تتوفر لدينا فإن عدد الدراويش «كنابادي» فى إيران يبلغ أكثر من ٤ ملايين شخص، حيث صوتوا جميعا لصالح السيد كروبي. وهذا نموذج من جهة ومقارنة من جهة أخرى مع الإحصائيات التى أعلنتها الحكومة عن عدد الأصوات التى حصل عليها كروبي، ما يدل على وجود تزوير فى الانتخابات بشكل واضح، حيث أعلنوا إحصائية السيد كروبى بـ ٣٥٠ ألف صوت!
حينما قرر الدراويش أن يصوتوا لصالح السيد كروبى أنشئت ٣٠٠ دائرة انتخابية خاصة بالدراويش، حيث دعمت حملته الانتخابية.
صدامات فبراير
وفى الأشهر الأخيرة اهتمت تقارير إعلامية إيرانية مقربة من الحرس الثورى الإيراني، بعسكرة « نور على تابنده» الصوفية، ونشرت وكالة تسنيم الذراع الإعلامية لمؤسسة الحرس الثورى تقريرًا قالت فى افتتاحيته: «تدل التّحركات الأخيرة التى قام بها مناصرو نور على تابندة، أن هذه المجموعة قد تحوّلت من مجموعة متصوّفة إلى مجموعة سياسية وحتى إلى مجموعة مسلّحة».
وأضافت الوكالة قائلة: «بنظرة إلى تاريخ هذه الفرقة التى قامت بأعمال عنف خلال الأيام الماضية فى العاصمة الإيرانية طهران لأصبح بالإمكان القول بأنّه لا يُمكن حسابهم على أساس أنّهم مجموعة درويشية وصوفية، فاليوم هذه المجموعة قد تحوّلت إلى مجموعة سياسية ومسلّحة إلى حدّ ما».
وتابعت بالقول: «مجموعة دراويش نعمت اللهى كنابادى هى من مجموعات التّصوف التى أسسها نور الدين شاه نعمت الله ولى فى القرن الثّامن للهجرة، وأصبح يُطلق على أتباعه بـ«نعمت اللهى» نسبة إليه، ولقد أُعطى هذا اللقب إلى كل شخص يعتقد بالعقيدة والمسار الصّوفى لهذه الشّخصيّة، وواحدة من المشاكل التى تُحدثها هذه المجموعة عدم التزامها بالأحكام الشّرعية إلى حدّ عدم قبول المجموعة الحالية بقيادة نور على تابندة وأتباعه بإقامة صلاة جماعة عادية».
وأوضحت أنه فضلًا عن العقائد الخاصّة لهذه المجموعة، فقد انتهجت خلال الأيام الماضية سلوكا مخلّا بالأمن غير مقبول ولا يُمكن تصديقه، إلّا أن استخدام غطاء التّصوّف والدرويشية من أجل الوصول إلى أهداف سياسية لم تكن المحاولة الأولى من نوعها وسبقتها محاولات ماضية.
وفى ٦ فبراير الماضى، تجددت المواجهات بين النظام الإيرانى وجماعة كنابادي، حيث حاصرت قوات الأمن فى إيران منزل المرشد الروحى وقطب الجماعة «نور على تابنده» مما أدى إلى تجمع أنصاره من أجل الدفاع عنه، فأدى إلى اشتباكات بين الجماعة وشرطة خامنئي، فسقط ٣ أعضاء وتم اعتقال ٣٠٠ آخرين.
اعترف رئيس شرطة طهران حسين رحيمي، بتورط قوات الأمن فى قمع مظاهرة احتجاجية نظمتها فرقة صوفية تدعى «دراويش جنبادي» المناهضة لولاية الفقيه فى منطقة باسداران بالعاصمة.
وأورد التليفزيون الإيرانى تصريحات لرحيمى قال فيها، إن الشرطة كان بإمكانها التصعيد خلال تلك الأحداث، واستهداف المحتجين الصوفيين بسلاح «آر بى جي».
من جانبه، أعرب الرئيس الإيرانى حسن روحاني، قبل أيام عن غضبه من «الإهانة» و«العنف» اللذين زعم أن قوات الشرطة تعرضت لهما خلال تلك الاشتباكات الدامية.
كما طالب وزير الداخلية عبد الرضا رحماني، مليشيات الحرس الثورى والباسيج بمزيد من العنف تجاه أية احتجاجات مماثلة.
وزعم آية الله ناصر مكارم شيرازى المرجع الدينى للنظام فى مدينة قم الإيرانية، أن تصرفات جماعة دراويش جنابادى الصوفية تماثل تصرفات الدواعش، وأنهم يعتقدون بالتوحيد المزيف، إذ يكفرون ويحلون سفك الدماء.
وبحسب ما ذكرته وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، ذكر شيرازى خلال أحد دروس الفقه، أنه يأسف لما فعلته جماعة جنابادى خلال تطورات الاشتباكات فى طهران، من قتل عناصر الشرطة وتخريب وإحراق الممتلكات العامة، وأنه يأمل أن ينالوا عقابهم سريعا.
كما ادعى أن عرفانهم «تصوفهم» هو تصوف مزيف يقحم نفسه فى شئون عقائدية واجتماعية وأخلاقية خطيرة، وأنهم دهسوا عناصر الشرطة فى سابقة تسجل باسمهم.
كما زعم بهروز نعمتى المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، أن هناك بصمات لجهات أجنبية تدخلت فى أحداث شارع باسداران، الذى شهد اشتباكات بين الأمن الإيرانى وجماعة دراويش جنابادى الصوفية، وقال إن الاشتباكات الأخيرة مع الجماعة لا ترتبط بمثيلتها، حين احتجت الجماعة على اعتقال أحد أفرادها.
وذكرت وكالة أنباء «إرنا» الإيرانية، أن على لاريجانى رئيس البرلمان الإيراني، قدم خلال اجتماع -غير علني- للبرلمان، تقريرًا عن الاضطرابات التى حدثت، والإجراءات التى اتخذها الأمن وجهاز المخابرات بشأنها.
وأضافت «إرنا» أن اجتماعا شكل للجنة الأمن القومى بالبرلمان بمشاركة مسئولين أمنيين وعسكريين، من أجل مناقشة تلك الأحداث وتوضيح تفاصيل مجرياتها للرأى العام.

وتشكل جماعة «دراويش كنابادي» منافسا قويا لنظام ولاية الفقيه بل وبإمكانها أن تسحب المكانة والقوة والنفوذ من ولى الفقيه فى الوسط الشيعي، وخاصة بين الشباب، حيث تقدم الطريقة رؤية معتدلة ومتسامحة للإسلام الشيعى بعكس ولاية الفقيه التى تقدم رؤية متشددة ودموية فى إيران وخارجها، ورغم التضيق الشديد من قبل نظام ولاية الفقيه فإن غالبية أتباع الطريقة من الشباب وهى تحقق نموا واتساعا وشهرة فى مختلف أرجاء إيران وخارجها وتتمتع بمصداقية كبيرة بين أطياف الجماعات الدينية داخل إيران وخارجها، وخاصة فى دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعتبره نظام ولى الفقيه خطرًا على مكانته السياسية فى الحكم والسيطرة الروحية والسياسية.