الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

إبداع البوابة نيوز

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اللوحات للفنانة التشكيلية آية محمود
نشأت الفنانة التشكيلية آية محمود، بمحافظة الفيوم، وبدأت مشوارها الفنى وهي في عمر الزهور حيث تجلّت موهبتها الفنية منذ أن كانت تلميذة، وما لبثت أن تطورت الموهبة مع الاهتمام الأسري واهتمام معلميها بالمدرسة، فبدأت بالتواصل مع قصر الثقافة بالمحافظة، ثم المشاركة بورش الرسم والمعارض الفنية، وساعد في إكتشاف موهبتها كل من الفنانين أحمد بيومي ووليد ياسين وعمرو فهمي.


الكومبارس
عاود جرس الباب الرنين مرة أخرى، بينما ساد الصمت داخل الشقة، وتكرر صوت الرنين عدة مرات مما دل على إصرار الرجل الواقف أمام الباب على الحصول على إجابة، ولكنه لم يحصل إلا على التجاهل.
وفى الداخل حبست ناهد أنفاسها وتجمدت يدها وهى تمسك بفنجان قهوتها، وهى تدعو أن يرحل هذا الرجل سريعًا، وبالفعل لم يستمر صوت الجرس طويلًا حتى عاود الصمت ثانية، ونظرت ناهد إلى أسفل الباب من الداخل لتجد تلك الورقة الصغيرة وقد تركها لها محصل الكهرباء...
التقطت ناهد كعب إيصال الكهرباء الملقى على الأرض لتضعه مع أقرانه فى درج صغير مخصص لمثل هذه الأوراق وهى تتحسر على حالها الذى دفعها للاختفاء عن أنظار محصلى الفواتير.
وعلى الرغم من أنها سعت إلى توفير استهلاكها للكهرباء؛ فإن المبلغ المطلوب فى الفاتورة مع المبالغ السابقة لا تستطيع دفعه بأية حال فى ظل الأزمة الحالية.
عاودت ناهد شرب فنجان القهوة الذى تركته وهى تفكر فى أحوالها المادية، فلم يعد العمل جيدًا بعد ثورة يناير وقل إنتاج الأعمال السينمائية والتليفزيونية إلى حد كبير، ولم تعد طلبات العمل إلى سابق عهدها حتى مع مرور عدة أعوام بعد الثورة.
سنين طويلة مضت منذ بدأت العمل فى هذا المجال إلا أنها لم تتجاوز مرحلة الكومبارس أبدًا.

من كان يتخيل هذا؟؟
لقد كانت تظن أنها ستصبح نجمة كبيرة مثل قريناتها اللاتى بدأن العمل معها فى الوقت نفسه، ولكن مرت أعوام عديدة ولم يتغير وضعها فمن مشهد واحد إلى عدة مشاهد، إلا أن حالها لم يتغير وظلت كومبارسًا لا يلاحظ وجودها أحد.
ومع كل رشفة من فنجان قهوتها كانت تستعيد ذكريات قديمة لأشياء فعلتها وأشياء تريد أن تنسى أنها فعلتها فى سبيل الوصول إلى النجومية إلا أنها لم تصل إليها أبدًا.
كل ما وصلت إليه هو ابنتها (منى) التى أصبحت تعنى كل حياتها، على الرغم من ازدياد الهوة بينهما كل يوم، فلم تستطع منى تقبل فكرة أن أمها مجرد كومبارس تقضى أيامًا طويلة فى التصوير من أجل أن تظهر فى مشهد واحد ولا يلاحظها أحد.
كانت منى هى كل حياتها، خصوصًا بعد وفاة زوجها منذ سنوات طويلة، كانت منى فى طفولتها تقول لزميلاتها إن أمها ممثلة، ولكن حين كبرت وأصبحت تفهم الفارق بين أن تكون ممثلة معروفة وأن تكون كومبارس، فلم تعد منى تتكلم عنها وعن مهنتها واكتفت بالقول إنها يتيمة، وإنها تحيا مع أمها فقط.
رن جرس هاتف ناهد المحمول فقفزت لتنظر إلى شاشته وحين وجدت اسم (عوني) وكيل الفنانين همست من داخلها... يا مانت كريم يا رب.
ردت على عونى سريعًا، وهى تقول:
- مساء الخير يا أستاذ عوني... فيه شغل جديد ولا إيه؟
- أيوه يا ست ناهد... بدأت تفرج.. فيه بكرة تصوير.
تنهدت ناهد وهى تحسب كم تحتاج لتدفع الفواتير المتأخرة، وتعطى منى نقودًا لتستطيع شراء ما تحتاجه من ملابس جديدة للجامعة مع بداية الشتاء لتسأل عوني:
- كام يوم تصوير يا عوني؟
- مش أقل من تلت أيام يا ست ناهد. 
- وهيدفعوا كام فى اليوم؟
- تلتميت جنيه.
انهارت أحلام ناهد بعد أن سمعت هذا الرقم الذى لا يقترب من نصف ما كانت تتقاضاه من قبل.
- قليل قوى يا عوني.
- يا ست ناهد إنتى عارفة الظروف إحنا ما صدقنا يبقى فيه شغل، أنا آخر مرة كلمتك كانت من مدة طويلة.
- والدور إيه يا عوني؟ هيحتاج لبس معين أجيبه معايا؟
- صاحبة كباريه وإنتى أدرى بطريقة اللبس يا ست ناهد.
صمتت ناهد هذه المرة... كانت قد قررت أنها لن تقوم بأى دور تضطر فيه إلى ارتداء ملابس غير ملائمة؛ لكى لا تشاهدها ابنتها بهذه الصورة خصوصًا بعد إصرار منى على أن ترتدى الحجاب.
- مافيش غير الدور دا يا عوني؟ ما انت عارف إنى بطلت ألبس اللبس بتاع الأدوار دي.
- والله يا ست ناهد أنا أول ما طلبوا منى واحدة للدور دا إنتى أول واحدة أكلمها.. أنا عارف الظروف وإنتى لسه مكلمانى تسألى على شغل... إبقى ظبطى اللبس على قد ما تقدري.
أخذت ناهد تفكر فى رد فعل منى حين تشاهدها وهمت بالرفض إلا أن منظر الفواتير المتراكمة جعلها تقول:
- ماشى يا عونى بس خليهم يزودوا الفلوس.
- حاضر يا ست ناهد هاحاول أوصلهم خمسمية فى اليوم.... هنتجمع فى المكان بتاعنا المعتاد والأتوبيس هيجى على الساعة سبعة الصبح... سلام.
وضعت ناهد الهاتف وتذكرت أنها لم تسأل عن المخرج وأبطال العمل، ثم قالت لنفسها هتفرق إيه؟؟..... إنها بحاجة لأى نقود وستعمل مع أى أحد، وستحاول أن تتجنب الجميع حتى تمر فترة التصوير وتقبض نقودها، ومن يدري.. أحيانًا كثيرة يمتد التصوير لأيام أخرى مما يعنى زيادة فى النقود.
كانت ذكرى آخر عمل قامت به ما زالت تؤلمها حين زلت قدمها فمدت يديها لا إراديًّا كى تتشبث بإحدى بطلات الفيلم، التى كانت تقف بجوارها أثناء التصوير، مما أدى إلى فقدانها اتزانها وسقوطهما معًا، وعلى الرغم من كم الاعتذارات التى قالتها ناهد لها؛ فإنها انهالت عليها بالسباب وبألفاظ لا تستطيع نسيانها حتى الآن، حتى إنها أثارت شفقة جميع الموجودين فى مكان التصوير، وعلى الرغم من اضطرار المخرج إلى إعادة تصوير المشهد؛ فإنه لم يوجه لها أى لوم بعد ما سمعه من الممثلة المشهورة التى أصرت على أن تترك ناهد مكان التصوير، وأن يتم استبدالها بأى كومبارس أخرى.
أخذت دموع ناهد فى الانحدار على خديها وهى تستعيد أحداث ذلك اليوم، ولكنها لم تلبث أن مسحت دموعها وهى تقوم من مكانها وتتجه إلى غرفتها لتعد ملابسها استعدادًا للغد، وحاولت أن ترتب الكلمات التى ستقولها لابنتها حين تشاهدها فى هذا الدور، وما لبثت أن همست... ربنا يتوب علينا.
قصة لـ «د. أحمد سعيد»


«هووووووووف»
أغلقت الهاتف فى خيبة أمل.. أحزنها أنه لم يفهم حقيقة رغبتها فى الإفصاح.. كان رغم ثقافته لا يؤمن بأن هُناك أنواعًا من الـ«فضفضة» لا يُمكن أن تُمارس مع شخص نعرفه، بالضبط

زفرت بقوة وهى توقف السيارة أمام عمارتها الفاخرة.. أبطلت المُحرّك وظلّت موضعها..
«أعمل إيه دلوقتي»، سألت نفسها فى تردد وهى تُشعل سيجارة، التقطت الهاتف المحمول تعبث بصفحاته.. حاولت خداع نفسها والأفكار تندفع برأسها مرة واحدة.. قاطع عبثها رنين الهاتف بنغمته الهادئة، فأسرعت ترد وكأنها ستجد الإجابة لدى المُتصل..
«أيوه»..
«أنتى فين؟»..
«أنا تحت العمارة.. هطلع الـ Psychiatric Clinic»..
«بتعملى إيه تحت.. ومستنية إيه؟»..
«أنا خايفة و..»، قاطعتها فى عصبية شديدة، وسمعت صوت إشعال سيجارة، وكأن جملتها أشعلت النيران بداخله «لازم تهتمى مش تخافى.. حياتنا بتدّمر.. وأنتى المسئولة»، سمعته ينفث الدخان وكأنه مُشتعل بدوره «مش عاوزة تتكلمى معايا أنا مُتفهّم ده جدًا.. مقدّر أزمة الثقة، واللى أنا أصلًا مش عارف سببها.. روحى للدكتور»، حاولت رفع صوتها لترد فتابع «هو أقرب لك منّي.. سلام».
«لا مش قصدي»، وبدا فى صوتها البُكاء «أنا بحبك».
«علشان أنا كمان بحبك وعاوز أكمّل معاكى لازم تساعدينى وتساعدى نفسك.. علشان نعدّى الأزمة دى» قالها بصوت عالٍ ثُم كرر وداعه «سلام»..
أغلقت الهاتف فى خيبة أمل.. أحزنها أنه لم يفهم حقيقة رغبتها فى الإفصاح.. كان رغم ثقافته لا يؤمن بأن هُناك أنواعًا من الـ«فضفضة» لا يُمكن أن تُمارس مع شخص نعرفه، بالضبط كما يفعل المُحبطين عندما يدخلون إلى أحد البارات ويبدأون فى الثرثرة بعد الكأس العاشر مع أقرب جالس.
فأين بارها الخاص؟؟..
غادرت السيارة فى بطء شديد وقلبها يدق بقوة.. تجاهلت المصعد وبدأت تخطو على السلم بنفس البطء.. تتذكر ما أوصلها لهذه المرحلة..
«رايحة فين يا ست؟؟»، سألها البواب العجوز فارتبكت «الرابع.. العيادة»، أشار إلى المصعد «الأوسانسير شُغّال» صمتت وأشارت بالنفى «لأ.. أنا مش بحب أركبه»، هز رأسه فى تفهم «أيون.. كلوستروفوبيِه.. أنى جولت كده» أدار ظهره وتركها تصعد «ربنا يشفى المريض»..
وصلت إلى باب العيادة محاولة ألا تنظر لأحد.. بدا عليها الخوف من شىء لا تعرفه؛ جلست فى شرود تام بين المنتظرين، قطع شرودها صوت الممرضة وهى تُنادى رقم المريض.. عادت تلتفت إلى الوجوه حولها مُتأملة «كل دى ناس بتعاني»، أخذت جولة بعينيها تتفحص المكان والمنتظرين، تحاول أن تدارى خجلها، فجأة بدأت تتذكر طفولتها القاسية؛ قاطع ذكرياتها صوت المُمرضة وهى تُنادى على رقمها، التفتت إليها فقالت بابتسامة مهنية «الدكتور فى انتظارك»..
دخلت بهدوء الغرفة ذات الألوان المريحة.. جلست فى صمت، تناهى إلى أذنيها لحن يُعجبها كثيرًا، نهض الطبيب مُصافحًا إياها ومُشيرًا إلى مقعد يُشبه الشازلونج القديم مع لمسة عصرية «اتفضلى هنا يا مدام»، قوله دفعها للابتسام «مش الكلام ده فى الأفلام بس»، ضحك وأشار إليها بالجلوس ثانية فرفعت يدها «ممكن أولّع سيجارة»، أخرج علبة سجائره وأعطاها واحدة وأشعل لنفسه أخرى «اتفضلي»، جلست باسترخاء وجلس هو فى المقعد المُقابل والتقط علبة عصير من الثلاجة الصغيرة بجواره وقذفها لها «ها.. شاطرة.. اشربيها بقى»، ضحكت لقوله وشعرت براحة كبيرة ورغبة فى الكلام «أنا عايزة أقول ده من ٢٥ سنة»..
ارتفع حاجبا الطبيب فى دهشة مدروسة من قولها «اللى هو..؟!»، اعتدلت فى جلستها وأخذت نفس من سيجارتها «كل يوم فيه مشهد مش بيفارق خيالي.. صاحية.. نايمة.. حتى يوم فرحى كان بيطاردني»، نظرت للطبيب فأشار إليها بالاستمرار وهو يضع المطفأة بينهما «وأنا عندى ٥ سنين شفت أمى بتخون أبويا.. لحد النهاردة مش قادرة أنسى.. ولا أتعامل مع الموضوع على أنه حاجة وعدت»، هزت رأسها وهى تُطفئ سيجارتها «ولا قادرة أكرهها.. ولا قادرة أقول لبابا.. ولا قادرة أقول لجوزي»..
صمت الطبيب مُنتظرًا بقية حديثها، أخرجت إحدى سجائرها وأشعلتها «تفتكر ممكن أعمل إيه؟.. طب ليه ماما عملت كده.. بلاش.. بابا كان مقصّر فى إيه؟!»، نظرت له بعصبية «تفتكر أعمل إيه علشان أنسى المشهد ده، ويبطل يطاردنى؟!!»..
أنهت حديثها وقامت من مكانها فجأة «أنا آسفة.. لازم أمشى».
قصة لـ «ياسمين حسن»


الزائر
جلس يُتابعنى من بعيد.. يتجول بعينيه داخلى وكأنه ينتظر حدوث شيء معين. أحاول التهرب من نظراته وأنا أدخن سيجارتى ببطء. رأيته ينهض مع آخر أنفاس سيجارتي، اقترب منى مجُددًا؛ وفى تلك اللحظة لم أقو على منع دموعى من الفرار بينما الخوف يحتل عروقي.

١
تسلل إلى قلبى هذا الصباح حنين لأشياء مضت، ووجوه محاها أثر الخصام، والبعد، وتلك المسافات اللعينة.
أحاول أن أتخلص منه، ولكن، يبدو أنه أقسم على البقاء..
رأيته يجلس أمامى مباشرة، مبتسمًا ابتسامة انتصار.. حاول أن يخلق معى حديثًا. تذمرت فى بادئ الأمر، ولكننى استسلمت أخيرًا.. لا توجد لديَّ الطاقة الكافية لأسرد تفاصيل ذلك الجدال، أو -على الأدق- الصراع، الذى أزال القناع عني، وترك المرأة المهشمة..
جلس بعيدًا يُشعل سيجارته وهو يتابعنى بنظرات خفية.. أتحرك داخل غرفتى -تلك القلعة الرمادية المهجورة- التى ملأتها الفوضى والكآبة، منذ أن غادرها الربيع منذ بضع سنوات دون رجعة.. كانت خطواتى ثقيلة دون هدف..
ألقى نظرة على ملامح وجهى فى المرآة؛ ملامحى عابثة.. متغيرة.. تائهة.. تُسيطر عليها آثار الخذلان والسنين.. اختفت ملامح القوة تمامًا.. تبدو أنها تمردت. ظهر شبح ابتسامة ضعف -أو استسلام- لذلك الحنين المتوغل.
عيناى تبدوان كالزجاج، تحضنهما تلك الهالات السوداء الواضحة، تظهر خطوط الشيب بوضوح تلك المرة. أقترب أكثر لألمح دمعة تقرر الفرار.. أهرب من مواجهتها.. أحدق فى خيط رفيع جدًا من الضوء يتسلل من نافذتي، التى أحاول جاهدة إغلاقها بإحكام هربًا من أشعة الشمس، فأنا أكرهها، ولى أسبابي؛ أهمها أنها تُظهر كل شيء على حقيقته، وتفضح ما يستره الليل.
أتجول فى شرود.. تقع عيناى على فنجان قهوة أعددته منذ ساعة تقريبًا، قبل تلك الزيارة الملعونة.
ألتقط الفنجان وأرتشف منه وأتركه فى موضعه. أرتمى بجسدى على أقرب مقعد.. ألهث، وتخرج أنفاسى ثقيلة، تعافر من أجل البقاء..
٢
أعافر من أجل البقاء.. 
أتناول قهوتى بيدان ترتعشان، فأنا الآن عارية تمامًا. مجُرّدة من جميع الأسلحة. الثقة.. الهدوء.. الصلابة، وحتى اللامبالاة. فقد استولى عليها ذلك الزائر أثناء الصراع، وضعها جانبًا وهو يبرم معى اتفاقًا أن يتركها لى قبل أن يغادر.. اتفقنا على هدنة ألتقط فيها أنفاسى وأحتسى قهوتى وأدخن سيجارة ربما أقوى على استكمال المواجهة.
جلس يُتابعنى من بعيد.. يتجول بعينيه داخلى وكأنه ينتظر حدوث شيء معين. أحاول التهرب من نظراته وأنا أدخن سيجارتى ببطء. رأيته ينهض مع آخر أنفاس سيجارتي، اقترب منى مجُددًا؛ وفى تلك اللحظة لم أقو على منع دموعى من الفرار بينما الخوف يحتل عروقي.
أخذ من يديَّ اللتين ما زالتا ترتعشان فنجان القهوة بهدوء ووضعه مكانه واقترب وأنا أتهرب منه. أشيح بوجهى بعيدًا بينما أحاول السيطرة على تلك الرعشة التى سرت فى جميع أنحاء جسدى ولم أقو أيضًا، فيما تنهمر الدموع وكأنها أمطار ديسمبر. يتابع التجول فى غرفتى بخطوات ثابتة وكأنه يُثبت لى أنه الأقوى والآن يبدأ فى خوض صراع آخر لم أقو أيضًا على سرد تفاصيله؛ ولكنه أنهاه بجملة وهو يضع أسلحتى أمامى بهدوء وثبات وبعض العطف.
ربت على رأسى قائلًا بنبرة واثقة: «كنت أجهز لتلك الزيارة منذ سنوات عديدة ولكنى انتظرت.. أمهلتك وقتًا كى تستعيدى الحياة التى رحلت وغادرتك واستبدلتها بتلك الأقنعة المزيفة المسكونة بلعنة اللامبالاة والقسوة؛ وعندما رأيتك تهمين بتشييع إنسانيتك أيضًا جئت إليكِ كى أعيد صوابك.. رأيتك تودعين أصدقاء وتُغلقين أبواب قلبك بإحكام. تتوالى عليكِ الأزمات وأنتِ لا تُبالين.. تضحكين فى أحلك اللحظات. وأخيرًا تعدت نسبة الأنانية بداخلك الحد المسموح.. أتيت كى أواجهِك بأنكِ ممن قرروا الموت منذ زمن، وحان موعد ذهابي.
أراكِ قريبًا فى حياة أخرى» قالها وذهب.
قصة لـ «نهى جلال»

فى خصائص الإنسان

شاهد معايا 
قسوة المشهد 
وأنا بحارب فى كل اتجاه 
وقفت تشاهد من بعيد 
كسرتى وسوء الاختيار 
وقفتى بين شوق وعايز 
رميتى وسط الأزايز 
والزمن ما نسيش يشارك 
شعرة بيضة فوق جبينى 
والزعل يسرح فى عينى 
وانتى واقفة بتلومينى 
طيب ما أنت شايفة 
ولا خايفة 
ولا فكرك هقدر ابعد 
أو أقرب 
أنا بجرب 
واقف مكانى 
والزمن بيلف بيا 
ببقا بفتكره نسينى 
وارمى نفسى 
تسندينى 
تمسحى بإيدك جبينى 
تضحكى وتطمنينى 
وتقوليلى أنت هنا 
ما أنت عارفة 
خبطتين فى الراس بتوجع
على خبطتين فوق الضلوع 
وسنين وجع من غير رجوع 
من حقى أزعق
من حقى اجوع 
يبقا اللى فاضل من حياتى 
بس أنت 
وضحكتك 
ولمسة جبينى 
أرجوك سامحينى 
أنا مقدر قسوة الأيام.

قصيدة لـ «عمرو شوقي»