الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"البوابة نيوز " تحقق مع أطراف القضية.. أحضان على باب المدرسة من الشاشة الصغيرة إلى المدارس والجامعات.. الشرطة تنفي حدوث الفيديو فى منطقة الحدائق.. والنواب: أين وزارة التربية والتعليم؟!

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أثار فيديو احتضان الولد والفتاة لبعضهما البعض فى الشارع، أمام مدرسة، ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية، وأصيب كثيرون بالصدمة والذعر فور مشاهدة مقطع، احتضان الشاب للفتاة وزميلة لهما تصورهما.

وقالت لهم بالمعنى الدارج «احضنها احضنها» ومن هنا قامت الدنيا ولم تقعد، متهمين البعض بأن السينما وما يعرض فيها سبب فى انهيار هذه الفئة العمرية وتقليدهم للأفلام.

«البوابة نيوز» تحقق فى الأمر مع جميع الأطراف وتحدثنا مع نقاد الفن وأساتذة علم الاجتماع والطب النفسى أساتذة القانون والقضاة النواب رئيس مباحث المنطقة أساتذة التربية الأهالى.. فكان معهم هذا التحقيق


بعد مطالبة النقاد بضرورة اجتماع لمجموعة من علم النفس والطب النفسى مع التنمية البشرية، لوضع مدونة فى السلوك الاجتماعى تتدرس لهذه الفئة.. وفى هذا التحقيق يجب ألا نغفل الدوافع الاجتماعية والنفسية لهذه الفئة العمرية، فقمنا بالتحدث إلى أساتذة فى علم الاجتماع والطب النفسى.

ففى البداية تقول أستاذة علم الاجتماع الدكتورة، هالة منصور، أولا تلك الواقعة لا ترتبط بالولد والبنت فقط، وإنما أصبحت بين قطاعات كبيرة جدًا بين الناس سواء الفنانون أو أصحاب المراكز، فطريقة التعامل بينهم هى البوس والأحضان، وهذا ناتج عن تأثير الأعمال السينمائية والحياة الواقعية التى نعيشها الآن، لافتة إلى أن الأشخاص الذين يمتنعون عن ذلك يصبحون مثل ما يقولون بالمعنى الدارج «دقة قديمة» أو أشخاص دون المستوى، فالمجتمع كله يروج لهذا السلوك، وهذا من وجهة نظرى أعتبره سلوكًا خاطئًا، وغير لائق، وغير متفق مع عاداتنا وتقاليدنا.

وتابعت: العلاج لهذا المشهد أو لغيره أنه يجب أن نعيد للمجتمع أخلاقيته، وليست هناك مشكلة أن ننفتح على الغرب، ولكن مع الاحتفاظ بعاداتنا وتقاليدنا، وأشارت إلى أن هذا المشهد ليس له عقوبة، لأن أصبحنا نعيش فى مجتمع كل شىء فيه عادى، وإذا تمت المحاسبة لا بد أن نحاسب الفنانين والمذيعين والإعلام الذى يقوم بتصوير ذلك للمصريين ويعتبره شيئًا عاديًا، وعندما يقوم المجتمع بأكمله بهذا السلوك من خلال المقابلات والحوارات الفنية المطروحة، فكيف نعاقب ونحاسب هؤلاء الأطفال؟! وشددت أن على المجتمع المصرى كله لا بد أن يراجع نفسه ويعيد أخلاقه وعاداته وتقاليده من خلال مؤسساتنا التعليمية.


ويضيف الدكتور جمال فيروز، الطبيب النفسى، هذا المشهد الذى حدث هو صورة من صور الانهيار الثقافى، فالناس تعتقد أن الانهيار هو عدم قراءة الكتب، ولكن هذا خطأ، وإنما هو انهيار فى العلاقات الثقافية والاجتماعية بين الأشخاص وبعضهم، والفهم والوعى فى المجتمع، وأضاف: أنا مندهش للغاية من هذا المشهد أن يكون طالبين لا يفقهان شيئًا، ويفعلان هذا الفعل الفاضح، وتابع: هذا المشهد ناتج عن التربية، وعندما تغيب التربية يكون مصدر الوعى عند هؤلاء هذه الفئة العمرية هو الإعلام والفن، وعندما يعرض أى شىء يقومون الشباب بتقليدهم، فمثلًا عندما قدم الفنان هانى سلامة والفنانة هنا شيحة مشهد احتضانهما فى الشارع من خلال فيلم السلم والثعبان، فقاما بعض من شباب الجامعات بتقليدهما.

بعد نشر الفيديو على السوشيال ميديا والمواقع الإلكترونية، شن كثيرون هجومًا حادًا على الأعمال السينمائية، وقالوا إن بعض مشاهد الأفلام تأثر فى هذه الفئة من الشباب، وأشاروا إلى أن الشباب يقلد المشاهد السينمائية على أرض الواقع.. وهذا جعلنا فى البداية أن نتحدث مع كبار نقاد الفن ليحللوا لنا تلك المشهد والظاهرة التى يتهمون فيها صناع السينما


ففى البداية، يقول الناقد الكبير طارق الشناوي: أولًا أنا ضد من يحمل الفن طوال الوقت موبقات الحياة ومشاكلها، وهذا المشهد ناتج عن التربية والأسرة التى نشأ فيها الشاب والفتاة، وتساءل: هل من الممكن أن بعد تقديم مسرحية مدرسة المشاغبين إن نقول أن سبب تردى التعليم فى مصر هو المسرحية. وأضاف فى الأساس هذا العمل المسرحى مأخوذ من فيلم أمريكى، وهل معنى ذلك أن التعليم فى أمريكا قد تضرر، من المؤكد لا، وأشار إلى أنه لا نستطيع تحميل الفن فوق طاقته، وأكبر دليل على ذلك أن قابيل قتل فى بداية البشرية، ولم تكن هناك أعمال فنية ولا صحافة وتليفزيون، وهذا يؤكد أن النفس البشرية عدوانية دون أى شىء، وتابع بالنسبة للمشهد الذى حدث فى الشارع، الأمر يبدأ من الأسرة ثم المدرسة، فيجب أن تكون هناك بنية تحتية، وليس معنى ذلك إننى ألغى قيمة الفن.


وتضيف الناقدة ماجدة موريس، أرى أن الفن بصفة عامة وليست الأعمال السينمائية فقط، ليست سببًا فى انحدار الأخلاق بهذه الدرجة، لافتة إلى أن هناك مشهدًا آخر حدث منذ عدة أشهر داخل الحرم الجامعى، شاب قام بخطبة فتاة فى الجامعة دون علم أسرتهما، وكل هذه المشاهد وأكثر منها تعود إلى أن سقف الحرية فى مصر ارتفع أكثر مما ينبغى، وما يشيع حول تأثير الفن على هؤلاء الفئة من الشباب غير صحيح إطلاقًا، فكثير من هذا الجيل لا يرى ما يقوم به السينمائيون المصريون من أعمال فنية، فالشباب يشاهد الأعمال الغربية أكثر، فالمسألة لا ترتبط بالفن المصرى، وإنما نعيش فى عصر مختلف، ومع جيل يمتلك وسائل معرفة لا يمتلكها آباؤنا أو أجدادنا، ولديه من المهارة الكبيرة التى يتعامل بها معه، بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعى التى أصبحت منفتحة على العالم أجمع، بالإضافة إلى رقابة الأسرة على الأبناء أصبحت بسيطة، مشددة على ضرورة الاعتراف باختلاف العصر كى نعرف نواجه هذا الجيل، حتى لا تتدهور الأمور أكثر من ذلك، وأشارت إلى أن هؤلاء الطلبة والطالبات لم نعطهم دروسًا تربوية ولا توعوية، ففى الخارج تقوم المدرسة بتوعية الطلاب على كل شىء وأيضًا العملية الجنسية، ونحن فى مصر نضع رءوسنا فى الرمال، ولا نقوم بمعرفة الطرف الآخر لأى شىء، ولكى نتفادى تلك الحالات لا بد أن تكون هناك أسس لتربية هؤلاء الشباب فى المنزل.


وتقول الناقدة ماجدة خير الله بجرأتها وصراحتها المعتادة: أرى أن الولد والبنت ليسا طفلين وما فعلاه ليس كارثة، وأتساءل: إذا كان الشاب وتلك الفتاة يحبان بعضهما البعض.. فما المشكلة إذن؟ وتابعت: وهل هو على سبيل المثال يقوم بالتحرش بها أو اغتصابها، وبالنسبة لاتهام البعض بأن الأعمال السينمائية هى السبب فى وصول تلك الفئة إلى هذه الجرأة، فأريد أن أقول لهم إن السينما وأفلامها موجودة منذ زمن بعيد وأكثر من مائة وعشرين عامًا، فلماذا لا تؤثر إلا فى الوقت الحالى؟

وأضافت أرى أن مشاعر الشباب والشابات موجودة طوال الوقت، وفى فترة المراهقة يحبون بعضهم البعض ويذهبون إلى الحدائق، وأيضًا أبناء الجيران يتقابلون تحت السلالم، فهناك مشاعر لا تغفل حتى إن كانت وقتية، وإذ ظل المجتمع يحاسب هؤلاء على ما فعلوه وسوف يفعلونه، فهذه كارثة، وستنعكس عليهم بالسلب وتصبح بالنسبة لهم شىء عادى، لأنه إذ ظللنا نعظم الأشياء التى تمر مرور الكرام، ونجعلها خطيئة لا تغتفر، فإذن نحن نقلل من شأن الخطيئة عندما تحدث، وليس مغزى كلامى أن هؤلاء الفئة تنحرف، ولكن أن يكون كل شىء فى حدود المنطق.

وأشارت إلى عندما يحاسب هؤلاء الشباب والشابات على مشاعرهم وأحاسيسهم الذى تمت بموافقتهم، فلماذا لا نقوم بفعل هذا الهيجان على المجرم الذى يغتصب فتاة أو المتحرش والجميع يقف للمشاهدة فقط، ولماذا نتفرض السيئ ونلاحقهم ونعنفهم، فمن الممكن أن هذا الشاب بالفعل يكون بيحب الفتاة حبًا حقيقيًا، وسوف يتزوجها فى المستقبل.


ولا نغفل فى هذا التحقيق عن دور النواب، فالتقينا النائبة جليلة عثمان، فتقول: بالفعل رأيت الفيديو وصدمت عندما شاهدته، وأكدت أن هناك انحلالًا أخلاقيًا ولا توجد رقابة، ومن يقول إن هذه الواقعة لست أمام مدرسة شخص كاذب، لأن الفيديو تم تصويره أمام باب مدرسة السلام الثانوية فى حدائق القبة، وهذا يؤكد أن ليس هناك حياء، ومنذ زمن كان توجد شرطة أمام المدرسة، أما الآن فنفتقد ذلك.

وتابعت: لا نحمل العبء على الأفلام، لأن لو كانت هناك ضوابط أسرية وأخلاقية لن يحدث ذلك، وأضافت: كيف البنت مرتدية الحجاب وتسير فى إطار دينى وتقاليد معينة، ومن المفترض أن حجابها هذا للتقرب إلى الله ولكى ترضيه، وأتساءل: هل ما فعلتيه يرضى الله؟! بالتأكيد لا، وقالت: يحب أن تستعيد الأسرة دورها، وكذلك المدرسة ورجال الأمن، وتابعت: عندما تم نشر الفيديو، ماذا فعلت المدرسة ووزارة التربية والتعليم؟ يجب على الوزارة أن ترسل إنذارًا إلى المدرسة، وتستدعى أسرتى الشابين ويبحثون فى الأمر، لكى لا يتم تكراره.

بعد ما شن كثيرون هجومًا حادًا على التربية والتعليم بسبب المشهد الذى أحدثه الفتاة والولد، قمنا بالحديث مع مجموعة من الأساتذة فى كلية التربية، لنعرف منهم رأيهم فى المشهد وردهم على ما يُقال عليهم


فى البداية، يقول الدكتور حسنى السيد، استاذ المناهج بالمركز القومى للبحوث التربوية وخبير تربوى، هذا المشهد سببه انهيار قيمى وأخلاقى فى المجتمع المصرى، فنحن أصبحنا ننحدر بشدة أكثر مما ينبغى، لافتًا إلى أن علاج تلك الحالات قبل القانون، هى التربية السليمة، فالمدارس والجامعات وحدها لا تربى، فالتربية الأسرية لها أسس ومقومات كثيرة للغاية، منها المنزل ثم المدرسة والدين والإعلام، بالإضافة إلى الأصدقاء المحيطين بالشباب. وتابع: بالطبع هذا المشهد فعل فاضح فى الطريق العام، وله عقوبة، ولا بد أن تتم محاسبتهما، لافتًا إلى أننى اندهشت للغاية عندما شاهدت الفيديو، ورأيت الفتاة محجبة، وتقوم بمثل هذا الفعل، وأقول لها: الحجاب فى القلب قبل الرأس، وما دام هذا الفعل المشين حدث أمام سور مدرسة، فالمدرسة مسئولة فى الأول والآخر، ولا بد أن تُعاقب الفتاة، وهناك لائحة تنص على الانضباط للمعلمين فلا بد أن تفعل


ويضيف الدكتور طه أبوحسين، أستاذ علوم التربية جامعة الأزهر، أرفض هذا المشهد تمامًا، ولا يجوز أن يحدث قط، وأرى أنه تم تجريد المجتمع من الفضيلة، وتم إسقاط رموز الفضائل فى مصر بطريقة متعمدة، وهذا سبب الانحدار الأخلاقى الذى وصلنا إليه، وأيضًا وجود أفلام سينمائية قبيحة تسىء للمجتمع ساهمت بشكل كبير فى تقليد هؤلاء الشباب لهم، فالمدرسة غير مسئولة عن هذا الفعل المشين، والمسألة خرجت عن نطاق السيطرة، فلا دور للمدرس ولا المدرسة، وإنما هى تتوافق مع الحالة التى نعيشها من حالة الانفلات والتفريط المتعمد فى الجوانب الأخلاقية سواء فى المدرسة أو التليفزيون أو الأفلام التى تقدم والشوارع والبيوت أيضًا.

بعد ما نادى كثيرون بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الشابين، قمنا بالتحدث مع أساتذة القانون ورؤساء المحاكم لنتعرف على رأيهم فى هذا الفيديو المثير وحقيقة عقوباتهما


يقول الدكتور عادل عامر، أستاذ القانون، هذه المشاهد، من الناحية القانونية، تسمى خدش الحياء العامة، لأنه لا بد من الحفاظ على القيم والمبادئ والعرف الخاص فى المجتمع، لافتًا إلى أن علاج تلك الحالات بالقانون والتربية، وشدد على أن القانون موجود ولا بد أن يُفعل، وأطالب بضرورة تفعيله، مشيرًا إلى أن هذين الشابين لهما عقوبة من شهر إلى ثلاثة شهور، لأن نشر فيديو مثل هذا وتصويره بهذا الفكر له عقوبة.

ويضيف المستشار يحيى عبدالمجيد، وزير الدولة لشئون مجلس الشورى الأسبق، أرى هذا المشهد بمنظور مختلف تمامًا، هذا الموقف ليس مشهد تحرش، وإنما هو برضى الفتاة والشاب، ومن الممكن أن يكون فى تسرع من كلتا الطرفين، وبالطبع غير ملائم لهما هما، وبه تهور وخروج عن المسلك العام، وأكد أنها عقوبة اجتماعية أكثر منها قانونية.


قمنا بالاتصال برئيس مباحث قسم حدائق القبة لنعرف منه حقيقة الفيديو، وأين دور رجال الشرطة فى الواقعة. فقال تامر فراج، رئيس مباحث قسم الحدائق، هذا الفيديو لا نعلم عنه شيئًا، ولم يحدث فى منطقة الحدائق مثل ما أشيع، وبالنسبة لى لم أره جيدًا، وأرَ أنه بالطبع غير أخلاقى.

 

قمنا بالاتصال بالدكتور رضا حجازى، رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، على مدار ثلاثة أيام، وأرسلنا له الواقعة والفيديو عبر تطبيق واتس آب، لكى يعلق على الأمر، ولكن لم يرد.

 

تقول ربة منزل وأم السيدة فاطمة حسين: بالفعل قد شاهدت الفيديو، وانفعلت كثيرًا عندما شاهدته، فكيف لهؤلاء الأطفال أن يقوموا بذلك، وغضبت أكثر من الفتاة، لأننا فى مجتمع ذكورى، ودائمًا الشاب لا يعيبه أى شىء والفتاة محط أنظار الجميع، وإذا كانت هذه البنت ابنتى لكنت قتلتها، وأتساءل: أين أهلهما؟ وإذا كان كل هدفهما الزواج فليتركا التعليم أفضل.