وفجأة فى إحدى المناسبات وجدت الراحل الدكتور أدهم النقيب، الذى كان يحرص على دعوتى فى لقاءات (قدامى خريجى كلية فيكتوريا)، ومنهم عمر الشريف ويوسف شاهين، ومن الساسة الصادق المهدى، رئيس وزراء السودان الأسبق، والوزير المصرى اللامع منصور حسن والدكتور محمد أحمد عبد اللاه، رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق والمهندس أحمد حمادة، رئيس نادى سبورتنج الأسبق والمرحوم أحمس خليفة، رجل الأعمال، الذى أغتيل فى الخارج، وكانت هذه الجمعية تحظى برعاية جلالة الملك حسين، عاهل الأردن الراحل، وضمت هذه المجموعة من الملوك السابقين الملك سيرون، ملك اليونان الأسبق، ولهذه الجمعية طقوسها وتقاليدها ودورات انعقادها بين الخريجين القدامى، ونشأ أكرم النقيب على أننى من أصدقاء الوالد الدكتور أدهم النقيب، وحافظ الشاب على هذه العلاقة، وأشهد بأن أكرم كان يختلف ربما عن والده، حيث يتميز بالاندماج الاجتماعى فى كل الميادين، فضلًا عن حرصه على أن يشارك فى جميع واجبات العزاء، وأسعدنى حضور الليلة الروتارية التى تقلد فيها شارة (الروتارى) وهو يمثل مكسبًا للخبرات التى يضمها النادى، خاصة أنه يتميز بالتواضع وحب عمل الخير وسعة الأفق، ويذكر الصديق القديم الأستاذ الكبير مفيد فوزى أحد رواد مدرسة الحوار (التوك شو) حاليًا، لكنه يتميز بالذكاء الخارق والمعالجة الأمية للقضايا التى يتناولها، وهى مدرسة المذيعة العظيمة أمال فهمى، التى وصفها أستاذى الكبير العظيم موسى صبرى فى مقال له بأنها (ملكة الحوار) وتخرج فى مدرستها الحوارية الفنان الكبير ابن الإسكندرية سمير صبرى، فقد اتصل بى الأخ مفيد فوزى طالبًا إجراء لقاء مع نماذج من كلية فيكتوريا واتصلت بالابن العزيز أكرم النقيب، لكى يكون تحت تصرف الأستاذ الكبير فى برنامجه الذى أحدث ضجة فى الرأى العام (حديث المدينة)، وفعلًا اختاره مفيد ضيفًا فى الحلقة، ويومها حينما قدمه بأنه شقيق الأمير أحمد فؤاد، رد عليه أكرم بثبات شاهده الملايين.. قال له طالما أننا نتحدث من منطلق أمانة التاريخ، فإن أحمد فؤاد أخى.. هو آخر ملوك مصر من الناحية الدستورية ويبدو أن من ذكاء أكرم النقيب أن يقول هذه الحقيقة على الشاشة.
ومرة أخرة وجدته يتصل بى منزعجًا من قيام التليفزيون المصرى بتقديم شخصية والدته، التى كان يرتبط بها ارتباطًا وثيقًا، ويطلب إلى أن ما ينشر عن المسلسل يسىء إلى التاريخ وليس لوالدته، ووجدتها فرحة، فقلت له، ولماذا لا تكون هذه الملاحظات فى شكل حديث لى بعد صمت خمسين عامًا؟ خاصة وأنا أعرف أن لها تجربة مع إعلامى كبير، حيث حصل على حديث معها قام بتسويقه بغير إذنها، فقال لك هذا، وبعد أيام كانت الملكة ناريمان معى على التليفزيون ونقلت حديثها إلى الرأى العام بعد صمت نصف قرن، حيث انتقدت القناة وإدارة الإنتاج والديكورات والملابس، والطريف أن الكاتب الكبير الأستاذ أحمد صالح قابلنى فى مناسبة افتتاح مطابع أخبار اليوم فى أكتوبر بحضور الرئيس حسنى مبارك، فقال لى، إننى تسببت فى إصابة الممثلة الناشئة بالجنون، حيث أصيبت بلوثة دفعتها إلى أن تتجول فى أروقة التليفزيون، وتقول «أنا اللى الملكة ناريمان هاجمتنى فى أخبار النجوم»، وكان ردى «أنت مدير تحرير المجلة، وأنت الذى نشرته»، وكثير من المناسبات المصورة اختص بها أخبار اليوم، وكانت جميعًا بأداء المصور الفنان محمود عبدالعزيز، وبعد النشر بأسابيع تلقيت مكالمة من الأخ العزيز محمد تبارك يبلغنى أن إبراهيم سعدة، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم وقتها يطلب منك إقناع الملك ناريمان، لكى تزور مطابع (أخبار اليوم) وسوف نستقبلها استقبالًا كملكة، لكنها إعتذرت لظروفها الصحية، فقد وصلت وقتها إلى درجة من صعوبة تحركها، ووعدت إذا تحسنت حالتها الصحية أن تلبى هذه الدعوة.
وكان رحمه الله عاشقًا للتاريخ وتصويبه والذاكرة مزدحمة بوقائع كثيرة، حيث كنت أتلقى مكالماته وأحاديثه واللقاءات الروتارية معه وغيرها من المناسبات الاجتماعية، وأشعر خلالها بأنه يريد أن يتحدث كثيرًا عن عشق وهو التاريخ فضلًا عن اعتزازه بأنه فلاح من الشرقية، وهو بلديات الزميل العزيز الأستاذ إسماعيل النقيب، وهو من أعظم الحكائين فى مصر.
أكرم النقيب محصلة جهد وعطاء، وهو أبلغ رد على الذين رسخت فى عقائدهم وثقافتهم أن أبناء الملوك والملكات لا يعرفون إلا عيشة الترف، لكنه اختار المعاناة والطريق الشاق، كأنه يرد على صورة أبناء الذوات والأمراء فى فيلم (الأيدى الناعمة).
