الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

أضخم كشف أثري بالمنيا يضع "تونا الجبل" على الخريطة العالمية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مفاجآت جديدة فى الاكتشافات.. جمجمة كلب وجعران مزين بـ«هابى نيو يير» أبرزها

ما تزال الحضارة الفرعونية لم تبح بكل أسرارها بعد، وفى كل فترة تفاجئنا بالكثير من الأسرار الجديدة والمفاجآت الخاطفة للألباب والأفئدة، على طول نهر النيل الذى شيد عليه قدماء المصريون معابدهم المهيبة، وفى قلب الجبل الوعر حفروا مقابرهم الخالدة، ووضعوا توابيتهم وتماثيلهم ومومياواتهم، تمهيدًا للحياة الأبدية كما كانوا يعتقدون.

فى منطقة تونا الجبل التابعة لمركز ملوى غرب محافظة المنيا، وتحديدًا فى جبانة منطقة الأشمونين، وهى الإقليم الخامس عشر من أقاليم مصر العلى، كان عشاق الآثار على موعد السبت الماضى، مع الإعلان عن كشف أثرى مهم، وهو عبارة عن مجموعة من المقابر الخاصة بكهنة الاله «تحوت» وهو المعبود الرئيسى للإقليم الخامس عشر وعاصمته الأشمونين. وتخص أحد هذه المقابر أحد كبار كهنة تحوت وكان يدعي «حر سا ايسة» وكان يحمل لقب عظيم الخمسة وهو أحد الالقاب التى كان يلقب بها كبار كهنة تحوت بالاشمونين، وتضم المقبرة 13دفنة، تم العثور بداخلها على عدد هائل من تماثيل الاوشابتي المصنوعة من الفيانس الأزرق، منها اكثر من 1000 تمثال كامل ومئات اخري مكسورة في أجزاء وتقوم البعثة حاليا بتجميعها وترميمها. هذابالاضافة الي أربعة من الأوانى الكانوبية من الألبستر فى حالة جيدة من الحفظ ذات أغطية علي هيئة أبناء حورس الأربعة المسئولة عن حماية أحشاء المتوفي حسب

عقيدة المصرى القديم. مازالت تحتفظ هذه الأواني بأحشاء المتوفي كما حفر عليها كتابات هيروغليفية لاسم صاحبها وهو المدعو «جحوتى اير دى إس» احد كبار الكهنة.


«البوابة» كانت شاهدة على الكشف الأثرى الأبرز والذى تم إعلانه السبت الماضى، وفيما يلى نرصد كل تفاصيل وكواليس الكشف الأثرى.

وزير الآثار: نستعد لاكتشافات جديدة خلال الأسابيع المقبلة

خالد العنانى: الوزارة تصدت للمخربين وناهبى الآثار.. المقابر تحتوى على ٤٠ تابوتًا

استعرض الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، ما تم من أعمال أثرية بملوى، قائلًا: «افتتحنا قبل عامين متحف ملوى الذى طالته يد الإرهاب وتم تحطيمه وتدميره بالكامل وتم افتتاحه بشكل أفضل مما كان عليه، والعام الماضى تم الكشف عن مقبرة أثرية كانت تضم أكثر من ١٧ مومياء أثرية، وهذه المنطقة تحتاج سنوات من العمل، وما سيتم افتتاحه اليوم ٤ مقابر من أصل ٨ مقابر تم اكتشافها».

وأضاف العناني: هذه المنطقة طالتها يد المخربين منذ سنوات، وهذه المقابر بها توابيت يبلغ عددها أربعين تابوتًا تقريبًا مطعمة ومزخرفة وفى حالة رائعة بعضها للإله حوتى، وبها أربع أوانٍ كانوبيه تحتوى على الأحشاء، وعدد تماثيل أوشابتى تتخطى الألف تمثال، وهذه المنطقة ستشهد اكتشافات أثرية واسعة، وهنا أربع بعثات تعمل بالمنطقة منها بعثات جامعة القاهرة وجامعة عين شمس، وهنا حفائر مصرية خالصة، فالبعثات المصرية تكشف عن آثارنا بشكل منتظم.

وتابع العنانى بقوله: أشكر من عمل على هذه الحفائر من الأثريين، الذين عملوا فى ظروف صعبة وقاسية، واليوم معنا علماء آثار من مخالف دور العالم ومختلف المراكز البحثية وعدد من نواب مجلس الشعب والأثريين والإعلاميين، وأؤكد للعالم من هنا أن مصر بلد الأمن والأمان، وأؤكد أن ما كشفنا عنه اليوم هو بداية كشف أثرى مجرد بداية لجبانة عظيمة ستضاف إلى رصيد الجبانات الأثرية المصرية.

وأشار العنانى إلى أن شرطة السياحة والآثار استطاعت فى وقت سابق القبض على عدد من من لصوص الآثار أثناء تنقيبهم فى المنطقة الأثرية، ثم قامت بالإبلاغ عن المنطقة التى تولت وزارة الآثار بدء حفائر منظمة فيها نتج عنها الكشف الحالى، مؤكدًا أن الأسابيع المقبلة سوف تشهد مزيدًا من الاكتشافات أبرزها فى منطقة تل بسطة وفى سوهاج.


بعثة التنقيب تكشف كواليس مقابر كهنة الإله «تحوت»

«عبدالقادر»: 9 توابيت فى المقبرة السادسة.. «السيد»: العثور على تابوت «بدى بش»

على هامش المؤتمر الصحفى الذى عقده وزير الآثار بالمنيا، حرصت «البوابة»، على أن تلتقى بعض أعضاء البعثة المصرية التابعة لوزارة الدولة لشئون الآثار، لتكشف عن كواليس ما حدث..

قال محمد رجب عبدالقادر، مفتش آثار بمنطقة تونة الجبل بالمنيا، وعضو البعثة المصرية، إن المقبرة التى تم اكتشافها تعد السادسة والأكبر من حيث عدد التوابيت الموجودة بها، حيث يبلغ عددهم الذى تم العثور عليه ٩ توابيت مختلفة الأشكال، وهى من التوابيت الحجرية أو الحجر الجيرى المقطوع، والتى تعد مختلفة عن باقى الأحجار الموجودة داخل المكان نفسه

وأضاف رجب، أن اختلاف الدفنة الرئيسية للمقبرة تعد أول دفنة لأكبر تابوت فى قلب المنطقة، والتى تمثل حجرًا مختلفًا داخل هذا المكان، بالإضافة إلى التوابيت الخماسية والسداسية والآدمية والمستطيلة، بالإضافة إلى التابوت الحيوانى الوحيد، والذى يأخد شكل حرف «L» بل ربما يكون على شكل كلب مستأنس أو حيوان محبب لدى صاحب المقبرة الذى فضل أن يدفن معه داخل المقبرة.

وأكد رجب أنه تم العثور على عدد كبير من تماثيل «أوشابتي» المنقوشة داخل المنطق، وهى تماثيل كبيرة مكتوب عليها اسم صاحب المقبرة ووظيفته، الذى كان كاهنًا للإله «تحوت» الإله الرئيسى لمدينة الأشمونين عاصمة الأقليم الخامس عشر فى مصر العليا، مضيفًا أنه فى الوقت الحالى تضم مجموعة التوابيت المكتشفة التى على شكل خماسى وسداسى أنها تحتوى على توابيت خشبية داخلها، والتى كان ينقش عليها، ولكن بسبب التآكل لم يتم العصور على هذه النقوش، وعلى طريقة الدفن وأشكال التوابيت تشير إلى نهاية العصر الفرعونى وبداية للعصر البطلمى للأسرة السابعة والعشرين.

فيما قال وائل سليمان السيد، مفتش آثار وعضو فريق العمل لوزارة الآثار، إن عملية الاكتشاف بدأت أولًا بالشفط للمقبرة الأولى، وهو بير الدفن المكون من بير وحجرة بداخلها هذه الآثار على تابوت من الحجر الجيرى للمدعو «بدى بش» والذى لُقب بعظيم الخمسة حامل العروش الملكية المنتمى لنهاية العصر الفرعونى بداية للعصر اليونانى الرومانى، وعثر منه على تابوت تم العثور منه على اسم المتوفى، بالإضافة إلى أربعة أوانٍ كانوبيه بأغطائها تحتوى على أحشاء المتوفى.

وأضاف سليمان، أنه تم العثور أيضًا على تابوت مصمت لم يكتمل بعد، إلا أنه من المحتمل أن المتوفى لم يطل به الوقت لتكليف عمال المحاجر لتنفيذه، ولم يتم الأربعين فتوفى قبل استكماله، كما عثر على تابوت خشبى تم ترميمه من قبل البعثة، بالإضافة إلى عملية التنظيف والانتهاء من هذه المقبرة تمامًا.

ومن جانبه، قال محمد الصعيدى، مدير المكتب العلمى للأمين العام بالمجلس الأعلى للآثار، إن التابوت الذى تم اكتشافه ترجع أصوله إلى العصر المتأخر، وهو تابوت من الحجر الجيرى الذى يأخذ الشكل الآدمى، وأهم ما يميزه اسمه وصفة صاحب الدفن، كبير الكهنة «حيرسا إيست» وأهم ما لقب به هو عظيم الخمسة، وهو عظيم الكهنة الخاصة بالإله «تحوت» رب الإقليم الخامس عشر فى مصر العليا.

وأضاف الصعيدى، أن أهم ما يميز التابوت أولاد حورس الأربعة وهم «إمستى، حابى، قبحسنوف، دواموتف»، بالإضافة إلى الإلهتين الربتين إيزيس ونفتيس حاميتى التابوت المصرى، ولكن للآسف لم نجد التابوت بوضعه السليم، لكنه تعرض للسرقة من الناحية الشرقية للدفن، بالإضافة إلى أغلبية المقابر والشفاطات تعرضت للسرقة فى أزمنة متلاحقة حتى أولى الحفائر المنتظمة فى عامى ٢٠٠٢، ٢٠٠٣ كانت عبارة عن حفائر قصيرة جدًا على مدى شهر كل عام.

وأوضح الصعيدى، أن الموسم الأول للحفر تم من قبل المجلس الأعلى للآثار، برئاسة الدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وبتعليمات من قبل الوزارة بالعمل داخل المكان بفريق عمل مصرى متكامل توصلوا من خلاله لاكتشاف العديد من المقابر عبارة عن كنوز ما تزيد على ١٠٠٠ تمثال أوشابتى.


أمين عام المجلس الأعلى للآثار: الحفائر مستمرة لخمس سنوات بأيدٍ مصرية خالصة

قال الدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، نحن نتحدث عن بداية جبانة ترجع فترتها إلى ٢٧٥٠ عامًا تقريبًا، بالإضافة إلى عاصمة الإقليم ١٥، التى تعد من أقاليم مصر العليا، وعاصمة الأشمونية، وتونة الجبل، ومحافظة المنيا، والمنطقة المهمة آثاريًا، والتى تضم فى جانبتها منطقة تونة الجبل، والأشمونين، وبنى حسن، وتل العمرنة، والتى تعد من المناطق الغنية بالآثار والجاذبة للسياحة منذ ٢٠ عامًا، ولكن فى الفترة السابقة أصبحت الأقصر وأسوان الأكثر ترويجًا.

وأضاف أنه يوجد أكثر من ٢٠ قناة عالمية أمريكية وأوروبية وبلجيكية وهولندية وفرنسية وإسبانية، ومن أنحاء العالم، لنقل هذا الحدث والكشف التاريخى المهم الذى يعد فخرًا لمصر.

وأكد أنه تم اكتشاف أكثر من ١٠٠٠ تمثال أوشابتى، بالإضافة إلى الأوانى الكانوبية التى ما زالت تحتفظ بحالتها الجيدة من الحفظ، وكمائن، وعين حورس، وجعارين، توابيت حجرية بلغت ٤٠ تابوتًا حجريًا، وشراشيب الشرائط البرونزية المذهبة، وعينين مطعمتين من العاج والكريستال الأسود، ولم يعد هذا الكشف نهاية المطاف بل بداية لكشف يستمر لمدة تصل إلى خمس سنوات.

وتابع: منطقة الغريفة وهى تصغير كلمة غرفة، وزملاؤنا فى المنيا يعرفون أن مقابر الدولة الوسطى كانت فى البر الشرقى، ولكننا لم نجد مقابر الدولة الحديثة، ولذلك قمنا بأعمال الحفر والتنقيب هنا.

وأضاف وزيري: «كانت بداية الحفائر ٢٠٠٢ و٢٠٠٣، وفى العام الماضى بدأت الحفائر العلمية واكتشفنا أول تابوت للبعثة، وهو من العصر المتأخر والعصر البطلمى، وكان ضمن المكتشفات بعض المومياوات والقطع المذهبة وبعض بقايا الماسكات، وقمنا بدراسة العظام وتبين منها أنها لرجال وسيدات وطفلة عمرها ١٥ عامًا، وعثرنا فى المقبرة على دفنة لكلب، كما عثرنا على جعران مكتوب عليه هابى نيو يير، عام سعيد، والحفائر هنا مستمرة على الأقل لمدة خمس سنوات بأيدٍ مصرية خالصة، وتم العثور على أكثر من أربعين تابوتًا حجريًا».

وواصل: «اللصوص قاموا بكسر التابوت الحجرى للحصول على الزئبق الأحمر وهو خرافة، ولم يكن ليهتم بباقى مكونات المقبرة، ولدينا اليوم أربع مقابر مؤهلة للزيارة، وسنجد فى كل مقبرة مفتش آثار يوجه للزيارة والدخول ويشرح تفاصيل كل مقبرة من المقابر التى لا تسمح بوجود أكثر من أربعة أشخاص داخلها».


«أوشابتى».. حراس الحضارة وخدم الملوك.. تدفن مع الميت.. وتؤدى الأشغال الشاقة فى العالم الآخر

تظل قصة تماثيل أوشابتى، التى تم العثور على أكثر من ١٠٠٠ تمثال منها؛ خلال الكشف الأثرى الجديد بالمنيا، غامضة ومثيرة، مهما مر الزمن على الحضارة الفرعونية، نظرًا لما تمثله تلك التماثيل، رغم كثرتها من قيمة أثرية كبيرة.

ولهذا النوع من التماثيل حكاية غريبة، لأنها تماثيل صغيرة تصنع من الحجر أو الخشب أو القيشانى، وتدفن مع الموتى فى مصر القديمة، وحسب النقوش التى وجدت بالمعابد الفرعونية، فإن الغرض منها أن تحل محل الميت فى تأدية الأشغال الشاقة فى العالم الآخر، مثل حرث الأرض وسقيها وحمل الرمال من مكان لآخر.

وتبقى هذه التماثيل مطمعًا لكل ناهبى الحضارة المصرية القديمة، ويتم ضبط العشرات منها على مدار العام، لأنها ينطبق عليها مقولة ما خف وزنه وغلا ثمنه، خاصة أن الحضارة الفرعونية لم تتورع عن صناعة المئات من هذه التماثيل، وتحديدًا فى الدولة الحديثة.

ظهرت هذه التماثيل فى مقابر الملوك والأفراد منذ بداية عصر الدولة الوسطى، واستمرت حتى العصر البطلمى، أى كان يقتصر وجودها بصفة أساسية فى مقابر الملوك وعلية القوم ومن كانت كل الثروات تحت أيديهم، لأن فنان القصر الملكى هو من كان بيقوم بتشكيلها ووضعها داخل المقبرة، وفى العصر البطلمى اختفى الأوشابتى تدريجيا كملحقات ضمن أثاث المقبرة، لكنه ظهر فى العصر الرومانى بصورة قليلة.

كان المصرى القديم يضعها فى المقبرة لكى تقوم بالأعمال الموكلة للمتوفى فى العالم الآخر وبديلًا عنه، بحيث كانت مجرد تماثيل رمزية بغرض خدمة المتوفى فى العالم الآخر لكى يستطيع أن يستمتع بحياته فى الحياة الأخرى، كما كانوا معتادين أن يعيشوها فى الحياة الدنيا.