الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

صُنّاع الحضارات.. في رحاب المدينة الأثرية.. إثيوبيا: محظوظون لأننا ضيف شرف مهرجان أسوان للفنون

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«مصر حاضنة الثقافة والفنون»، عبارة كثيرًا ما تتردد على ألسنة المثقفين والفنانين القابعين أغلب الوقت تحت الأضواء فى العاصمة؛ إلا أن التجسيد الفعلى لها كان هنا فى جنوب مصر، حيث محافظة أسوان، المدينة الأثرية الساحرة، التى تبعد عن الأضواء المركزية، بأكثر من ألف كيلو متر.. أسوان كانت على موعد أضاءت هى فيه مشعلا فنيا جديدا جذب أهل الفن من قارات العالم القديم، منارة الفراعنة أضاءت فى نفس الموعد للعام السادس مرة أخرى، واحتضن أحد مسارحها، وهو مسرح «فوزى فوزي»، ست فرق أجنبية من الهند وتونس واليونان؛ بجانب إثيوبيا التى حلّت دولة ضيف الشرف فى الدورة السادسة لمهرجان أسوان الدولى للفنون، والثقافة فى دورته السادسة، لتختتم طقوسها الفنية، بالتزامن مع الاحتفال بتعامد الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني، أحد رموز الحضارة المصرية والإنسانية، والذى يجذب احتفال كهنته، بمولده وجلوسه على العرش آلاف البشر حتى الآن.
قدمت الفرق الست المشاركة عروضًا شعبية وتراثية فى مشهد يعبّر عن حضارات متنوعة ساد كلٌ منها العالم يومًا؛ لتعكس عروضها التنوع والتعدد والاختلاف بين ثقافات العالم المختلفة، أيضًا الفرق المصرية قدّمت عروضًا مختلفة أبرزت تنوع الثقافة الشعبية المصرية، بمختلف لهجاتها، بداية من أقصى الشمال، التى تمثلت فى فرقة الإسكندرية إلى أقصى الجنوب فى أسوان، التى احتضنت هذه الاحتفالية، مرورًا بالإسماعيلية والوادى الجديد وحلايب وفرقة توشكى، زين ذلك المشهد الحضور الجماهيرى الكبير، ليس فقط فى العروض، التى أقامتها فى المراكب النيلية، أو فى السوق السياحية، بل كذلك فى البيوت والقصور التابعة لوزارة الثقافة، بدا وكأن هذه الجماهير تلهث لحضور هذه العروض اشتياقًا للفن وأهله.
صعوبات.. ولكن 
هذه الدورة واجهت العديد من الصعوبات، فلم تتمكن الفرق من إجراء البروفات عبر المسرح الصيفى أو مسرح «فوزى فوزي»، بسبب سوء الأحوال الجوية فى المدينة فى الأيام السابقة للعرض؛ قالها الدكتور أحمد عواض، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، الذى تحدث لـ«البوابة»، عن الأيام التى يُمكن وصفها بـ«العصيبة»، قبل انطلاق المهرجان، حيث شهدت المدينة أمطارًا غزيرة «ولكننا تغلبنا على ذلك بتكثيف البروفات حتى ليلة الافتتاح الرسمي».
وأوضح أن اختيار دولة إثيوبيا كضيف شرف لهذه الدورة، التى تستضيف ست فرق من ست دول مختلفة، بالإضافة إلى مشاركة ست فرق مصرية أخرى لإبراز التنوع الموجود فى الثقافة المصرية، التى صنع كل جزء منها عالمًا مميزًا يختلف حسب كل موضع فى البلاد من بحرى وقبلي، يأتى بالتزامن مع اختيار أسوان عاصمة للاقتصاد الأفريقي؛ مشيرًا إلى أن هذا المهرجان هو الأول، الذى يُعقد بالمدينة منذ إعلان هذا القرار، موجهًا الشكر للمخرج هشام عطوة، الذى بذل جهدا كبيرا لخروج العروض بهذه الصورة المشرفة، حسب قوله، بالإضافة إلى اللواء أركان حرب مجدى حجازي، محافظ أسوان، ويكمل: «فى الحقيقة فوجئت بالمستوى العالى للفرق المصرية المشاركة، ولاسيما فرقة الوادى الجديد، التى يتمتع مطربها بصوت قوى وحضور كبير»، ما دفعه إلى إخراج أغنية مصورة على طريقة الفيديو كليب له خلال الفترة المقبلة.
عروض بطعم السارى الهندي
التقت محررة «البوابة»، الفرق المُشاركة فى المهرجان؛ كانت البداية مع الفرقة صاحبة الأزياء والراقصات المميزة، والتى تحظى بجماهيرية كبيرة فى عالمنا العربى بفضل الأفلام السينمائية، وهى دولة الهند، التى يُشارك بعض أعضائها للمرة الأولى فى مهرجانات تنظمها وزارة الثقافة المصرية، وجاءت زيارتهم لمدينة أسوان؛ لتكون الأولى كذلك، هكذا دخلوا مصر من باب الفن والتاريخ معًا.
«هذه المدينة سحرتنا جميعًا بأجوائها ومناظرها الطبيعية الخلابة»، بهذه العبارة وصف «ساجي»، مطرب الفرقة الهندية أسوان، التى يزورها للمرة الأولى، قال: إن الفرقة تتكون من مجموعة منتقاة من قِبل وزارة الثقافة الهندية، وتضم راقصتين ومطربين وعازفين للآلات.
يدرك مطرب الفرقة أن الفن الشعبى الهندى يحظى بشعبية جماهيرية كبيرة فى عالمنا العربي، وقال: «أعتقد أن السبب فى شهرة الفن الشعبى هو الأفلام الهندية، التى تمكنت من الوصول إلى شهرة عالمية، بفضل نجوم السينما الهنود»، وأضاف مُبتسمًا، «كلما سرنا فى الشارع يظل المارة والبائعون ينادون علينا بأسماء الممثلين الهنود، منهم «أميتاب باتشان أو شاروخان»، فأعلم أنهم يتحدثون إلينا، ولكننى بالطبع لا أفهم ما يقولونه، عندما سرت فى العروض الخارجية، التى قدمتها فى إحدى الأسواق، شعرت بأن هناك الكثير مما يجمع بين الشعبين المصرى والهندي، وشعرت أيضًا بأننى أسير فى أحد الشوارع الهندية».
الفرقة مكونة من أربعة عازفين وراقصتين ومغنٍ، جمعيهم من فرق مختلفة من فرق الفنون الشعبية فى الهند، فهم «مجموعة منتقاة بعناية»، كما يقول «ساجي»، كى يكونوا على مستوى هذا الحدث العالمي؛ ولكن الملاحظ للجميع أن جميع أعضاء الفرقة كبار السن، يُفسّر الرجل الأمر ببساطة، فيقول: «إنهم من مؤسسى الفرق الشعبية الهندية، الرقص والغناء يساعدنا على تجاوز كثير من مصاعب الحياة، ولذا فالهنود يحبون الحياة والغناء، والموسيقى تساعدهم على تحمل مصاعب كثيرة».
يتحدث المغنى الهندى عن ترحيب المصريين، «لا أجد كلمات للتعبير عما قابلناه من حفاوة فور أن صعدت فى حفل الافتتاح، هذا يعنى لى الكثير، وأضاف كنت أرى نظرات الحب والإعجاب والانبهار فى عيون المصريين وأدركت كم هم محبون للفن والموسيقى والغناء، وبالتالى الحياة، ويختتم كلماته: «جئنا هنا إلى أسوان هذه المدينة الجميلة والهادئة لنؤكد أن الفنون الشعبية موجودة، وستظل موجودة للأبد مهما بقيت الشعوب، كما أنها تؤكد أن الناس فى العالم تجمعهم أمور كثيرة، منها الخير والجمال، وهى أشياء قوية».
قبلى وبحري
مثّلت الفنون الشعبية المصرية عدة فرق، منها من الإسكندرية، حيث تغنت الفرقة التابعة لقصور الثقافة بأغنيات عديدة، كما مثّلت أيضًا أسوان وفرقة توشكى والإسماعيلية والوادى الجديد وحلايب -التى تحضر المهرجان لأول مرة- بالإضافة إلى فن التحطيب، الذى حضر بشكل قوى فى عروض فرقة الأقصر وسوهاج.
يقول عاطف عبدالمجيد، مدير فرقة سوهاج للفنون الشعبية: «إنهم يشاركون فى هذا المهرجان كل عام، ويستعدون لهذا الحدث العالمى، بعدد من العروض المميزة، التى تستغرق وقتًا طويلًا للتحضير من خلال البروفات»، وأضاف «هو حدث سعيد للفرقة، خاصة أن عروضها تُرى ليس فقط فى مصر كلهاـــ ولكن أيضًا فى جميع أنحاء العالم من خلال مشاركة الفرق والصحف، التى تنقل الحدث».
«من خلال المهرجان نتعرف على الفنون الشعبية والتراثية فى كل دولة من دول العالم، وهو أمر ذو أهمية كبرى»، يضيف مدير فرقة سوهاج، الذى تابع حديثه «قد لا نفهم جميع اللغات، التى يتحدث بها المشاركون، ولكن الموسيقى والألوان والملابس، التى يرتديها الراقصون لا تحتاج إلى إتقان لغات، بل تحتاج إلى إحساس وذوق، ومن خلال ذلك نتعرف أيضًا على هوية هذه الدول، سواء العربية أو الأجنبية وثقافتهم».
تايلاند.. عروض الماريونيت
منسقة الفرقة المصاحبة للفرقة الشعبية التلايلاندية «كالى بات»، تعمل كأستاذة للفنون التراثية بإحدى الجامعات الحكومية هناك، تقول: إنها ليست المرة الأولى التى تُشارك فيها فى مهرجانات تنظمها وزارة الثقافة المصرية، فهناك تعاون ثقافى جيد بين الوزارتين المصرية والتايلاندية، هذه هى المرة الرابعة التى تشارك فيها فى مهرجان أسوان الدولى للفنون الشعبية، مؤكدة حرصها على المشاركة كل عام، نظرًا للتنظيم الجيد والإقبال الجماهيرى الملحوظ، حسبما تقول.
ترى «كالى»، أن حفل الافتتاح كان منظمًا للغاية، «خاصة فى ظل وجود عدد كبير من الفرق الأجنبية المشاركة وكذلك المصرية، ومشهد الختام الذى شهد صعود جميع الفرق إلى خشبة المسرح كان يحمل رسالة للعالم أجمع وللإنسانية، مُشيرة إلى أن الختام يحمل إشارات لقبول الآخر واحترام الاختلاف والتعددية والتنوع.
وأوضحت أستاذ الفنون التراثية لـ«البوابة»، أن الفنون الشعبية المصرية بها الكثير من الحركة، التى يؤديها العارضون، بالإضافة إلى الموسيقى والغناء، فهى جميعها تتميز بالحركة والبهجة، ووصفت الحفاظ على التراث الشعبى، بأنه أمر عظيم للحفاظ على الخصوصية، التى تتمتع بها كل دولة، وتضيف «استعددنا لهذا الحدث بالكثير من العروض، واخترنا أكثرها شعبية لحفل الافتتاح، وهى أسطورة العائلة الملكية فى تايلاند، حيث تجُسّد فى عرائس الماريونت صورة للملك وأخرى للملكة ودورهما فى الحفاظ على تايلاند ومواجهة الصعاب، بالإضافة إلى علاقة الحب والاحترام التى تربط كل منهما بالآخر».
وتضيف «كالى»، أن وزارة الثقافة فى بلادها ليست فقط حريصة على المشاركة فى المهرجان وتقديم العروض للجمهور، ولكن أيضًا تحرص على زيارة الوفود للمعالم السياحية للمدينة، التى تحتضن العروض، وأمر جيد للغاية، وجزء من التعرف على الثقافات الأخرى، وتقول: «إنهم اختاروا عروضًا تعتمد فى كثير منها على العرائس، حيث إن العروض، التى تعتمد على العنصر البشرى بشكل أساسى تحتاج إلى استعدادات خاصة وشاشات عرض كبيرة للمؤثرات الصوتية، ولذا نقدم إلى جانب العرائس عروضا أخرى بسيطة تعتمد فى أساسها على الإنسان، وهم يؤدون رقصات بسيطة».
إثيوبيا.. نتعلم من فنون المصريين
أما إثيوبيا، التى تحل ضيف الشرف لهذه الدورة، فتتكون فرقتها المُشاركة من أربعة راقصين، وأربعة مغنين وثلاثة عازفين، منهم عازف «الناى يونانس»، الذى قال لـ«البوابة»، إنه شارك فى عروض فنية فى القاهرة من قبل، ولكن هذه الزيارة الأولى لمدينة أسوان الساحرة، التى سمحت لى بها هذه المشاركة كفرصة للتعرف عليها وعلى آثارها عن قرب، وأضاف «الافتتاح حقًا كان شيئا محترما ومنظما لم أر مثله فى أفريقيا، فالمصريون يحبون الفنون والموسيقى، وهو أمر ممتع للغاية أن يرى الفنان رد الفعل فى اللحظة، التى يُقدّم فيها عرضه، خاصة إذا كانت تحمل إشارات جيدة وإشادات».
وتابع عازف «الناى» الإثيوبى، «قدمنا عرضًا لحفل الافتتاح وفقًا لرؤية مخرج العرض، فلدينا الكثير من العروض الفنية والتراثية، واختيار رقصة حفل الافتتاح كان وفق رؤية المخرج، وعادة ما تعتمد على أكثر الرقصات الشعبية، وقربها من الثقافة الشعبية فى البلد»، ويضيف «ليس الهدف من المهرجان التنافس، فلكل منا ثقافة مختلفة، والهدف ليس اختيار من الأفضل أو الأسوأ، بل أن يعرف كل منا الآخر ما هو الرقص والموسيقى الشعبية لديهم»، وأضاف «العروض المصرية التى رأيتها جيدة، قد لا نفهم الكلمات ولكن نعرف الحركة والرقص الأدائية ودلالاتها، فالمصريون يُشيعون الفرح والبهجة، وهو ما يعكس ويدل على ثقافة هذا الشعب المحب للحياة والحركة».
الاختلاف السياسى بين مصر وإثيوبيا كان حديث السنوات الماضية، على خلفية استعداد إثيوبيا لبناء سد النهضة، ولكن «يونانس»، يقول: «إن الفن يهزم السياسة، خاصة ما تتركه من صراعات وانطباعات سيئة بين الشعوب، فما قد تفسده السياسية تصلحه الفنون، فالفنون أرقى وأسهل».
ويؤكد «مسالي»، المدير العام للمسرح الفيدرالى الإثيوبى ومدير الفرقة على هذا الأمر، فيقول: «إن العلاقة بين مصر وإثيوبيا جيدة، بحكم أن مواطنى الدولتين تجمعهما قارة واحدة، نحن إخوة ولدينا أشياء كثيرة مشتركة، لغاتنا مختلفة، ولكن ثقافتنا واحدة، ومصر وثقافتها تحتفظ بمكانة عالية، ويتضح ذلك فيما تنظمه من مهرجانات دورية يحضر فيها فنانون من مختلف دول العالم، فنحن فى أفريقيا أو إثيوبيا على وجه الخصوص لا ننظم مهرجانات من هذه النوعية، ولا سيما مهرجان دولى تشارك فيه دول أخرى يتخذ من الفنون التراثية محورًا أساسيا له، ولا أعلم السبب وراء ذلك». 
اختيار أسوان فى رأى «مسالي»، هو أمر جيد، فبها الكثير من المعالم الأثرية، التى تسرق القلب وتسر العين، كما أن الحضور الجماهيرى الكبير كان لافتا للنظر، فيقول: «إن الفرق الإثيوبية شاركت فى عدد من المهرجانات، التى تنظمها دول كثيرة، ولم أر مثل هذا الكم من الجمهور والمشاهدين»، ويضيف، «نتعلم من هذه المهرجانات ومن المصريين أيضًا، ومن أبرز ما نلاحظه هو حسن الضيافة، حفل الافتتاح الرسمى لهذا المهرجان كان ثقافيا من الدرجة الأولى، يتميز بالتنوع ويحترم التعددية، فيقول لا أملك كلمات، وقاموسى لا يتسع للتعبير عن عظمة هذا الحفل، وأعظم ما فيه هو الحضور الجماهيرى الكبير، وهو أمر نادر ما أراه فى مهرجانات أو احتفالات ولا سيما فى أفريقيا، شاركنا فى مهرجانات دولية عالمية فى أوروبا وأفريقيا وآسيا وفى دول عربية وعالمية، ولكننا لم نجد هذه الحفاوة والاستقبال والاستمتاع من قِبل الجمهور، كما رأيته فى مصر، فهو عكس صورة جيدة وحقيقة وصادقة لمصر».
اليونان.. «زوربا» للإبداع عنوان 
أصحاب رقصة «زوربا»، الشهيرة، التى عبرت عن القصة، التى صارت أسطورية وحملت الاسم نفسه كانوا حاضرين أيضًا وبقوة، تتميز العروض التى قدمتها الفرقة اليونانية بروح الجماعة، كما تميزت أيضًا بالهدوء، وهو ما يقوله «خريستو»، أحد راقصى الفرقة «جميع رقصاتنا تؤدى بشكل جماعى وليس بشكل فردي، كما أن أغلبها لا يتميز بالحركات الكثيرة والسريعة، فهى بطيئة وهادئة الإيقاع».
أضاف «خريستو»، «أن اليونان تُشارك لأول مرة فى مهرجان دولى تنظمه وزارة الثقافة المصرية، ولكنه ذهل من حفل الافتتاح وتنظيمه رغم كثرة العروض والفرق المشاركة، فكل شيء كان محسوبا بدقة»، مثلما قال، وتابع «المهرجان أتاح لنا أيضًا التعرف على الفنون الشعبية المصرية، التى لم نرها من قبل، وجميعها كان جيدا ومختلفا، وكل فرقة تمثل جزءًا معينًا من بلد واحد وهو مصر، ولكنها تبعد كل البعد وتختلف فيما بينها، وهو ما يدل على التنوع والثراء فى الحضارة والثقافة المصرية».
يُشدد الراقص اليونانى على أهمية المهرجان ورسالته، فالجميع فى رأيه لا بد أن يحاربوا من أجل الحفاظ عل هويّاتهم؛ لكى يبقى لكل منا طابعه الخاص، فلا ينبغى أبدًا أن يُصبح كل إنسان شبيها بالآخر، وهو ما تحاول دول عِدّة القيام به؛ لكى نكون شخصا واحدا، ولذا فاليونان تُعطى اهتمامًا كبيرًا للفنون الشعبية، وتحرص على تدريسها فى الجامعات والمدارس أيضًا، كما تُقيم احتفالات شعبية كثيرة للفنون التراثية، فالخصوصية أمر جيد لا ينبغى أن نتخلى عنه، ولذلك أيضًا، فإن أعضاء الفرقة الذين يمثّلون الوفد اليونانى من كبار السن، لأنهم يعون بشكل كبير أهمية دورهم فى الحفاظ على حضارتهم.
هكذا يجتمع صُنّاع الحضارات فى رحاب أقدم حضارات العالم، يتبارون فى إبراز فنونهم لأيام لن ينساها أغلبهم وربما جميعهم، فتتبارز هذه الحضارات بينما يستمتع جمهور واسع من عشاق الفن جاءوا خصيصًا لمشاهدتهم، بجوار أهالى المدينة العريقة أنفسهم، ربما نظر أحد المُشاركين إلى جدار معبد قديم، فخطف بصره نقشًا لراقصين من الفراعنة قدّموا فنونهم على الأرض نفسها قبله، بآلاف الأعوام، عندها قد يُفكّر أن ما يُقدّمه الآن قد تراه أجيال قادمة.