السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بالثقافة.. مصر تعود لأحضان القارة السمراء.. 3 مهرجانات بمشاركة عشرات الفنانين الأفارقة.. والمؤرخ السنغالي أنتا ديوب: "الفرعونية" حضارة أصيلة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تلعب أفريقيا دورًا كبيرًا في دعم القضايا العربية، لا سيما القضية الفلسطينية، وتحمل احترامًا لمصر منذ عهد الزعيم جمال عبدالناصر الذي ساندهم في دعم حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار، كما تزخر أفريقيا بالكتابات التنويرية المهمة التي تقف في مواجهة التطرف نظرًا لما تعانيه بعض دولها من جرائم التطرف والإرهاب، كما أنها غنية بالثقافات المتنوعة، ولدى الأدباء في دولها تجارب أدبية عظيمة تضاف للرصيد البشري في التعبير عن أحلامه وأوجاعه تفوق ما وصلت إليه الآداب الغربية.
وكانت الدول الأفريقية تفخر دائمًا بكون مصر جزءا أصيلا منها، وخلال كتابات المؤرخ السنغالي الكبير أنتا ديوب (توفى عام 1986) الذي كرس حياته لدراسة أصول الجنس البشري، وأصدر العديد من الكتب التي أثبت من خلالها، أن الحضارة المصرية القديمة حضارة أفريقية أصيلة، وأن المصريين ينحدرون من أصول زنجية.
ويعتبر مؤلفه «الأصول الزنجية للحضارة المصرية» مرجعًا مهما، وقد طرح نظرياته هذه التي قوبلت بالرفض من قوى الاستعمار التي تسعى للفصل بين شمال أفريقيا وبقية القارة.
وتعود مصر إلى حضنها الأفريقي وامتدادها الطبيعي، لتوطيد العلاقات المصرية مع الأشقاء الأفارقة لفتح مجالات رحبة للمشاركات الاقتصادية والتنموية، بدأ هذا بدعم سياسي كبير منذ بداية عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكان الرئيس قد اقترح في وقت سابق بمؤتمر الشباب إقامة خط سكة حديد يربط دول القارة ببعضها، متسائلا عن كم المكاسب التي يجنيها الجميع من وراء فكرة واحدة مثل هذه!! وإيمانا من مصر بدور الثقافة كمفتاح سحري، وقوة ناعمة، لحل المشاكل العالقة ونشر ثقافة الود والسلام بين الشعوب فقد شاركت في نهاية العام الماضي في معرض كتاب بوركينا فاسو، وحلت إثيوبيا ضيف شرف لمهرجان أسوان الدولي للفنون بحضور كل من الجزائر ونيجيريا وزامبيا وجنوب أفريقيا، وحملت الدورة الثانية لمهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، اسم المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد التي تستمر حتى 26 من فبراير.
كما تستضيف العشرات من الفنانين الأفارقة خلال مهرجان السينما الأفريقية الذي يقام برعاية الرئيس وتفتح «البوابة نيوز» ملف الثقافة الأفريقية وآراء الكتاب والمثقفين المصريين في التعامل مع قضية التبادل المعرفي والثقافي بين مصر والأشقاء الأفارقة.

أنور مغيث: «القومي للترجمة» يعمل على 4 مؤلفات لكتاب أفارقة
طفرة في الترجمة الإفريقية خلال السنوات الثلاث الأخيرة.. والكتاب المترجم يواجه مشكلة في التسويق
عندما يدور الحوار حول وجود الأدب الأفريقي المترجم من لغاته ولهجاته النادرة، فإننا نتجه صوب دور المركز القومي للترجمة الذي يحمل فوق كاهله عبء سد الفجوات العميقة في قلة المترجم من الكتب الفكرية والأدبية من قصة ورواية وشعر وكتب علمية وسياسية للغة العربية.
فالترجمة تلعب دورًا كبيرًا في إظهار مدى نضج عقول الشوب المغايرة التي ننهل من مشاركتها في الحضارة الإنسانية جمعاء، إن المثقف المصري بحاجة للتعرف على الثقافات الأفريقية الغنية بالموروث البشري العميق.
وعن جهود المركز واهتمامه بالأدب والفكر والثقافة والسياسة الأفريقية، يقول الدكتور أنور مغيث، رئيس المركز القومي للترجمة، إن المركز يولي اهتماما خاصًا بأفريقيا وأدبها، وأيضًا بما كتب في اللغات الأخرى عن أفريقيا، ولقد وصل عدد الروايات المترجمة من أفريقيا ٥٠ رواية، وهناك كتابات فكرية عن مصر ونهر النيل نقلنها للعربية.
وأضاف أنه يرى الأدب الأفريقي ممتعا كغيره من الآداب الغربية، يستطيع القارئ المصري أن يجد فيه الحكمة والمتعة والتجارب الإنسانية المختلفة، والأدب بوجه عام وسيلة لمعرفة الشعوب، ومدخل جيد لقراءة ثقافات وطبيعة الدول وعلاقاتها الاجتماعية والعاطفية والإنسانية، مؤكدًا أن مصر تنظر لأفريقيا كونها الحاضن المستقبلي لمشاريعنا واستثماراتنا لمواجهة العولمة وتطوير الصناعة وبحث آفاق جديدة.
وأكد تواجد المركز في مؤتمر الثقافات الأفريقية الذي أقيم في أسوان، وتواجده في معرض الكتاب ببوركينا فاسو، وأيضًا في مؤتمر الفرنكفونية في كوت فوار، مشيرًا إلى المقابلات التي تتم دائمًا مع الكتاب والمثقفين الأفارقة، وهي فرصة جيدة لطلب كتبهم المفضلة التي يحبون أن يقدموا أنفسهم من خلالها للقارئ العربي عموما، ونتلقى حينها اقتراحات لأكثر من كتاب نحوله للجان القراءة والترجمة بالمركز لاختيار المناسب.
وأضاف أن المركز بصدد الاتفاق مع أربعة كتاب من أربع دول مختلفة وهي بوركينا فاسو، وساحل العاج، وغانا، وإثيوبيا، قائلا إن التفاوض يجرى معهم حاليًا بشأن حقوق الملكية الفكرية.
وأكد أن عمل إحصائية عن الكتب المترجمة من أفريقيا وعنها خلال السنوات الثلاثة الأخيرة نجدها كبيرة جدًا ومميزة، وهذا إن قارناه بالاهتمام الأفريقي السابق يُعد طفرة في العلاقات، ولكني أراه دون المأمول وغير كاف، ولكن نحن نواجه مشكلة كبيرة مع الكتاب الأفارقة قبل الموافقة على ترجمة الكتاب، فندخل معهم في مفاوضات طويلة بسبب المبالغة في طلب مقابل مادي باهظ يكون أكبر من الدول الأخرى، وقد يستمر التفاوض لسنة ونصف السنة تقريبًا، حين نعرض طلبًا لترجمة كتاب معين، إن الناشرين الأفارقة يأخذون وقتًا طويلا في الرد علينا ما يعطل حركة الترجمة.
وأضاف مغيث أننا ترجمنا للغة العربية كتبًا من أربع لغات مثل السواحيلي، والهوسة، والأمهرية، والفولانية، وهي لهجات نادرة ولم نكتف بها إلى جانب كتابات الأفارقة باللغتين الإنجليزية والفرنسية.
وعن المشكلة التي تواجه الكتاب المترجم في العالم العربي قال مغيث: إنه يوجد خلل كبير في تسويق الكتب المترجمة على السوشيال ميديا على عكس ما نجده في باريس مثلا، نجد أنه إذا صدر كتاب حديث تسمع عنه في كل وسائل الإعلام من راديو وتليفزيون في الصحف الورقية وعلى المواقع الإلكترونية، أما في الوطن العربي فالحالة سيئة للغاية، وعلينا إعادة التفكير في إيجاد الحلول المناسبة للتسويق الجيد للكتاب المترجم.

مثقفون يكشفون حجم التواجد المصري في أفريقيا
«عبدالحميد»: أقترح إنشاء إدارة لأفريقيا تابعة لـ«الثقافة».. وأتمنى دعم رجال الأعمال للجهود الثقافية
«نجيب»: بُح صوتي في المطالبة بإقامة بينالي للفنون التشكيلية الأفريقية وللحرف التقليدية

تستخدم الدول الثقافة كأسلحة ناعمة لاختراق الحدود وتفتيت المشاكل، والقراء المصريون يعرفون كثيرًا عن الأدب الروسي والصيني والغربي أيضًا، في حين يتواجد الأدب الأفريقي «لا سيما وسط وجنوب أفريقيا» بقوة ولكن بضاعتنا منه قليلة، ولقد وصل الكتاب الأفارقة للحصول على جائزة نوبل للآداب مثل وولي سوينكا من نيجيريا حاز الجائزة ١٩٨٦، ونادين جورديمير من جنوب أفريقيا حازت الجائزة ١٩٩١، وجون ماكسويل كويتزي من جنوب أفريقيا حاز الجائزة عام ٢٠٠٣، و«كلود سيمون» من أصل أفريقي حاز الجائزة عام ١٩٨٥.
وتستعرض «البوابة» آراء المثقفين والفنانين في غياب التبادل الثقافي بين مصر ودول أفريقيا.


لا إحصائيات
يقول الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق، عن مدى انتشار وتواجد الأدب المصري في وسط وجنوب أفريقيا وآليات العمل في هذا الاتجاه: نحن لا نملك إحصائيات بتحديد مدى الانتشار ولا بيانات، ومن وجهة نظري هو انتشار ضعيف للغاية، وحل هذه المشكلة يكون طبعًا بتكثيف جهد الترجمة من خلال المركز القومي للترجمة وهيئة الكتاب وأي أماكن تقوم بدور الترجمة في مصر، مع زيادة الفعاليات الثقافية مع الدول الأفريقية.
وأقترح إنشاء إدارة خاصة بأفريقيا تكون تابعة لوزارة الثقافة، تختص بالأدب الأفريقي وتعمل على تعميق التعاون الثقافي بين الجانبين، وأعتقد أنه من الصعب أن يقع عبء التواجد الثقافي المصري بأفريقيا على المثقف وحده، لأن المثقفين غلابة لا يستطيعون حمل عبء تكاليف ذلك التواجد، وهنا يأتي دور الدولة التي تدعم المثقف وتنفق على ذلك، وأقترح أن يدعم ذلك أيضًا رجال الأعمال، لتصبح وسيلة لفتح باب الاستثمارات والأعمال والعمالة المصرية، ليكون التفاعل بالثقافة والتغيير بالثقافة والتيسير بالثقافة، والصين نموذجا ومثالا لنشر منتجها بنشر ثقافتها، ولقد شاركت مصر مؤخرًا في معرض بوركينا فاسو للكتاب، وأتمنى زيادة ذلك خاصة مع وسط وجنوب أفريقيا.

بينالي للفنون التشكيلية
وعن أزمة التواجد الثقافي بين الأشقاء الأفارقة، يقول الدكتور عزالدين نجيب، فنان تشكيلي ورئيس جمعية محبي الفنون، أعتقد أن هناك مشكلة كبيرة وأزمة في وصول الثقافة المصرية لوسط وجنوب أفريقيا، بل القارة الأفريقية عامة، منذ السبعينيات بعد عهد عبدالناصر تحديدًا، ولقد كانت الثقافة هي القوة ليست الناعمة فحسب، بل الأمامية لمشروع عبدالناصر للوصول إلى أفريقيا، داعمة للاقتصاد والسياسية والقضية الوطنية خاصة حركة التحرير الأفريقية، حدث هذا التراجع عقب الانسحاب من دعم أفريقيا في أيام السادات، وزاد جدا في عصر مبارك، وليس فقط في الجانب الثقافي، بل في التنمية الاقتصادية والتحرر الوطني وتبادل الخبرات والتبادل التجاري، وكانت الثقافة جنبا إلى جنب في هذه الأمور، ولقد كانت مصر جاذبة للمثقفين الأفريقيين، ليس فقط تصدير المنتج الثقافي، وإنما كان استقطابا للمبدعين منهم، وكانت حركة الترجمة واسعة بين الجانبين، وأيضًا معارض الفن التشكيلي، ولكن الآن معارض الفن التشكيلي انسحبت إلا من أشياء نادرة.
وأضاف قائلا: لقد مثلت مصر عام ٢٠٠٥ في دكار، عاصمة السنغال، في مؤتمر الثقافات الأفريقية، وكنت الوحيد كفنان تشكيلي ولم تهتم وزارة الثقافة في هذا الوقت بتمثيل مصر مرارًا في قطاع الفنون التشكيلية، واكتفى المجلس الأعلى للثقافة بترشيحي لهذه المناسبة، ولم يكن الاهتمام كافيا بهذا المهرجان الكبير والمهم، مؤكدًا أن حل المشكلة يكمن في زيادة التفاعل بين الأشقاء، مضيفًا أنه يكمن حل المشكلة فيما ناديت به مرارًا بإقامة بينالي للفنون الأفريقية كمعرض للفنون التشكيلية الأفريقية على غرار بينالي الإسكندرية لفنون البحر المتوسط وبينالي القاهرة العالمي، ولكن حتى هذه البيناليات العامة توقفت، وكان هناك بينالي للخزف والجرافيك أيضًا توقف، وهذه مهرجانات مهمة كان من الممكن أن تشارك فيها أفريقيا ولو بجزء بسيط توقفت منذ مدة طويلة ولقد أخرجتها وزارة الثقافة من أجندتها.
كما اقترحت سابقًا إقامة بينالي للحرف التقليدية الأفريقية، كل هذه الفنون لا تحتاج إلى لغة، لأنها تعتمد على اللغة البصرية العابرة للحدود واللغات والثقافات، ولكن بُح صوتى في المطالبة بمثل هذا التمثيل.

مشروع كبير
وعن مشكلة التبادل الثقافي والأدبي، قال الدكتور حسين حمودة الناقد الأدبي: إننى أتصور أننا بحاجة إلى توصيل أدبنا لمناطق متعددة من العالم منها الدول الأفريقية بشكل خاص، لأنها تمثل امتدادًا مهما لنا، اللغات المتعددة في العالم بحاجة لاكتشاف أدبنا وثقافتنا، وأزمة الترجمة من المشكلات القديمة والمتجددة بالنسبة لثقافتنا، أتمنى إقامة مشروع كبير يعتمد على التنسيق بين جهات الترجمة المتعددة عندنا وجهات الترجمة المتعددة في بعض البلاد العربية يهدف إلى حضورنا بقوة في الثقافة الإنسانية كلها، ولا سيما أفريقيا.