طفل عمره ٥ سنوات، هزمت براءة طفولته، قسوة الحياة، وقيد غلاء المعيشة قدميه ويديه عن المرح وحياة الأطفال، إلا عن النبش فى القمامة أعلى الجسور وفى قيعان البرك والمصارف الصحية، عله يجد ما يصلح لبيعه لجامع الخردوات، الذى يمر من قريته ظهيرة كل يوم، فيضطره للاستيقاظ قبل شروق الشمس، لجلب رزقه من مصدره الوحيد، بقريته والقرى المجاورة، قبل أن يسبقه إليه أحد من الرجال جامعى الخردة، ويحقق أمنيته المنشودة.
الطفل محمد طارق، ذو الـ٥ سنوات، يستوقف المارة بلا إرادته، فعندما يلمحونه بقاع المصرف، يصيحون عليه كعادتهم دون حراك ساكن:«إطلع يا واد لتغرق»، لكنه كالعادة لا يعيرهم اهتمام، مستكملا بحثه عن مراده عله يجنى بعض الجنيهات، يعود بها لأسرته المكونة من والديه و٣ أطفال غيره.
يقول «محمد»: «كنت شاطر وبروح الحضانة ومكنتش بلم زبالة، وأبويا كان بيشتغل فى مصنع الطوب اللى جمب الترعة فى البلد، وكان بيدفع ٦٠٠ جنيه للأبلة كل سنة، بس دلوقت عينه دخل فيها «أستك» صفاها، وبيجيب دوا بفلوس الحضانة وبدى أمى تجيب أكل لينا أنا وإخواتى»، ويتابع قائلا:«كان باقى ١٠٠ جنيه بس وطردونى، وانا منفعش أشتغل علشان أنا صغير، فطلعت أنا وأخويا نلم الزبالة ونبيعها للخردة علشان أحوش وأرجع الحضانة تانى، وأخويا يشترى بنطلون جينز وحزام».
