الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأنبا ساويرس بطريرك أنطاكيا.. احتمى بمصر هربًا من اضطهاد القيصر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وُلد الأنبا ساويرس فى سوزوبوليس بآسيا الصغرى (تركيا) عام ٤٥٩، وكان أبواه يُعدَّان من الأكابر والأعيان، وكانا يمتازان بثروتهما وسلطتهما. 
بعد وفاة والده أرسلته والدته مع أخويه اللذيّن يكبرانه إلى الإسكندرية لكى يدرس الفلسفة اليونانية واللاتينية. بعد أن أكمل دراسته الفلسفية بالإسكندرية، انطلق إلى بيروت ليدرس القانون، وحينما يذكر اسم الأنبا ساويرس بطريرك أنطاكيا يُذكر تآلفه مع كنيسة الإسكندرية. 
تذكره الكنيسة القبطية فى المجمع، بعد القديس مرقس الرسول، وتضمه مع الأبطال المجاهدين القديسين أثناسيوس وكيرلس الكبير وديسقورس. 
ولأهميته وُجدت مخطوطات ومراجع كثيرة إثيوبية وسريانية ويونانية ولاتينية وقبطية وإنجليزية وفرنسية وعربية. وقد أورد الشماس يوسف حبيب قائمة بأسماء أهم المخطوطات وناشريها فى مذكراته «تاريخ كنسي» عن محاضراته بالكلية الإكليريكية واللاهوتية بالإسكندرية عام ١٩٧٤م. والمعتمد فى تسجيله لسيرته رئيسيًا على المخطوطة الإثيوبية فى المتحف البريطانى القسم الشرقى رقم ٧٧٣ وعلى ميمر رقم ٢٩٩ بدير السريان، مع رجوعه إلى بعض النصوص الأخرى.
أبدى «ساويرس» أثناء دراسته فى الإسكندرية اهتمامات بمقالات الفيلسوف ليبانيوس الذى كان معجبًا به، وكذا أعمال القدماء وأقوال القديسين باسيليوس وجريجوريوس الأسقفين الشهيرين وغيرهما. وكان يصوم كل يوم، ويقضى أغلب الليل فى الكنيسة، ثم انطلق إلى بلده بعد دراسته للقانون واشتغل بالمحاماة زمانًا. ثم قرر أن يمضى إلى أورشليم لزيارة الأماكن المقدسة، وهناك شعر بشوقه للتكريس للخدمة، وأن يستبدل ثوب المحاماة بثوب الرهبنة.
عكف على قراءة الكتاب المقدس بلا انقطاع، وصار يتعمق فى دراسته وفى كتب الآباء القديسين. ثم انطلق إلى دير الشهيد لاونديوس بفلسطين بالقرب من طرابلس الشام سنة ٤٨٨ م. هناك انضم إليه بعض أصدقائه ممن كانوا يتعلمون معه الفلسفة. ثم ترك الدير وذهب إلى صحارى إيلوتيروبليس يصحبه أثناسيوس من الرُها. كرس وقته للعبادة والدراسة وإذ أتعب جسده بالصوم والسهر مرض.
بعد أن هزل جسده جدًا وانتابته الأمراض مضى إلى دير القديس رومانيوس. استقبله رئيس الدير ويدعى رومانيوس بحفاوة وقال له: «الذى أنت عبد له أظهر لى عملك وعلمك فى هذه الليلة ومقدار كرامتك». كان «ساويرس» رغم مرضه يعمل باجتهاد حسب طاقته، وكان يحث الرهبان على العمل اليدوي. بسبب مرضه الشديد كان رئيس الدير رومانيوس ينصحه بأن يخفف من نسكه ويهتم بجسده لكى يمارس الفضائل، فأقنعه بذلك.
كان قد ورث عن والديه ثروة كبيرة، أخذ نصيبه ووزع جزءًا منه على الفقراء، وشيّد بالباقى ديرًا بجهة مايوما قرب غزة. اجتذب كثيرين للحياة الرهبانية. بعد أن عاد القديس إلى ديره اجتمع الأساقفة الشرقيون وأقر الجميع أن ساويرس هو الذى يجلس على الكرسى البطريركي. فتمت رسامته بطريركًا عام ٥١٢ م. 
تبادل بطريرك أنطاكيا الرسائل مع البابا يوحنا الثانى السكندرى (٥٠٧-٥١٧) بشأن تأكيد الإيمان بالطبيعة الواحدة ورفض مجمع خلقيدونية. ولما جلس البابا ديسقوروس الثانى على الكرسى المرقسى بعث برسالة إلى الأنبا ساويرس، وبعث الأنبا ساويرس إليه برسالة يعزيه فى نياحة البابا يوحنا الثاني، ويؤكد وحدتهما فى الإيمان.
بعد ٧ سنوات من تنصيب ساويرس الكرسى البطريركي، توفى الإمبراطور أنسطاسيوس وخلفه يوستينوس، والذى بدأ سلسلة من الاضطهادات ضد المسيحيين وفى مقدمتهم البطريرك ساويرس الذى جاء إلى مصر وعاش فيها ٢٠ عامًا، وكان يدبر كنسيته بأنطاكيا عن طريق نوابه ورسائله، ويكتب الكتب فى الدفاع عن الإيمان، إلى أن أمر القيصر بعقد مجمع بالقسطنطينة لإجبار الأرثوذكس على اعتناق المذهب الخلقدونى وهو ما رفضه الأنبا تيموثاوس بطريرك الإسكندرية، وقبل البطريرك ساويرس الدعوة وبعد مناقشات بينه وبين القيصر أمر بالقبض عليه وبقطع لسانه، إلا أن الإمبراطورة ثيودوا ساعدته على الهرب لمصر سنة ٥٣٦ م للمرة الثانية، وظل هناك حتى نهاية حياته فى ٥٣٨.
وتم حمل جسده إلى دير الزجاج ووضعوه فى المكان الذى بناه له الأرخن دوروثاؤس، وصار بذلك فرح عظيم فى مدينة الإسكندرية. كتب عنه الأب يوحنا رئيس دير أفتونيا ما ترجمته: «ذهب إلى الصحراء التى أحبها وتنبأ أن نهاية حياته وشيكة وسينتهى كل شيء بالنسبة له، ستنتهى الحياة والجهاد معًا، وكموسى بطريقة ما سمع من يقول له: اصعد إلى الجبل ومت هناك، لأنه عند قمة الجبل الروحى تتم نهاية كل حياة فى الفضيلة».