الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تاريخ مصر على شفا الضياع.. مباني "القاهرة" و"الإسكندرية" الخديوية على وشك "الانهيار".. قصر على عبداللطيف و"الأميرة حلمية" و"الدوبارة".. الأشهر

قصر الدوبارة
قصر الدوبارة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أننا لا نعى قيمة التاريخ وحق الأجيال القادمة فى معرفة إرث الأجداد، هناك شعوب تأمل أن يكون لها تاريخ كى تحتفى به وتدرسه لأبنائها، وهُنا فى مصر، كل شىء مباح، هدم المبانى التراثية وتلويث التراث آفة السطحيين، ممن يفقدون قيمة الوعى بالتاريخ، فقضية العبث بتراثنا تبدأ من «تركيب تكييف هواء» لأحد المسئولين فى أحد القصور التراثية لمسئول ما دون الاكتراث بقيمة الأثر، وصولًا لفضيحة معالجة ذقن «توت عنخ آمون» بالأسمنت. الواقع لا يتعلق بمجرد تعديات أو عصابات تسطو عبر حيل وثغرات قانونية على المنشآت ذات الطراز المعمارى المميز، وتحويلها لأبراج سكنية، أو تلك الاستخدامات التى لا تتماشى مع طبيعة المبانى الأثرية والتاريخية وتحويلها إلى أماكن خدمية أو تعليمية أو تحويلها لبنوك خاصة، كما يجرى فى قصور جاردن سيتى وأغلب قصور القاهرة الخديوية، ولكن الباحث فى الأمر بشكل أعمق يجد مئات القصص والروايات التى يمكن سردها بخصوص تحويل أماكن وقصور لها قيمتها التاريخية أو مرتبطة ببطولات أشخاص، ولكن للأسف كل هذه القيم تلاشت على عتبات ملايين الجنيهات التى يحصدها الورثة وكبار المقاولين جراء تشييدها، إلى أبراج سكنية بعد إلقاء القيم التاريخية على قارعة الطريق. القضية تتعلق بمصير آلاف المبانى الأثرية والتراثية بمحافظات مصر المختلفة سواء «القاهرة والإسكندرية وبورسعيد وباقى المحافظات» ومصير القاهرة الخديوية عقب نقل المؤسسات والمصالح الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة. «البوابة» تفتح ملف التراث المصرى والأماكن التراثية التى فقدت بريقها بفعل الإهمال وهى الآن تُحتضر، وتسأل بمصريتنا «البقاء والاهتمام بها خشية الاختفاء» وضياعها على عتبات ملايين الجنيهات لحيتان المقاولين وتحويلها لأبراج سكنية، وتبقى فيلا «أم كلثوم» التى تحولت لفندق كبير أكبر شاهد على ذلك.



قصور تحولت لمدارس 
بعد نزول الحكم من «قلعة الجبل» إلى قصر عابدين، وضع الخديو إسماعيل المخططات الإنشائية للقاهرة الخديوية البالغ مساحتها قرابة ٧٠٠ فدان، فى المنطقة ما بين قصر عابدين «قصر الحكم وقتها»،، حتى نهر النيل، ووُضع المخطط الإنشائى والاشتراطات المحددة للبناء، وقام «إسماعيل» بتوزيع قطع الأرض على القادرين على البناء وأنشأ «الإسماعيلية» ثم أنشأ الخديو توفيق «التوفيقية» وهى امتداد طبيعي للمدينة الأولى، كما بُنيت قصور فى عهد عباس حلمى الثانى وأخرى فى مطلع القرن العشرين.
تقول الدكتورة سهير حواس، رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث والسياسات بالجهاز القومى للتنسيق الحضاري، إن القاهرة تحتوى على أكثر من ٣ آلاف مبنى ذى طابع معمارى مميز وأثرى تم التعدى والاستيلاء على عدد كبير منها، وهناك جزء كبير تم استخدامه كمبان تعليمية وتحويلها إلى مدارس، وجزء آخر تحول لمبان حكومية، والآخر تم استخدامه على نحو غير متوافق مع قيمة أو تاريخ المبنى.



قصر على عبداللطيف
وتابعت، أن المدارس التى بداخل القصور أساءت لها بشكل كبير، نتيجة أنهم شوهوا الرمزية التاريخية للقصر، ناهيك عن بناء فصول ودورات مياه فى غرف تلك القصور، واستنكرت الاستخدام غير المتوافق مع القصور ذات الطابع المعمارى المتميز والنماذج كثيرة حدث ولا حرج، مثل قصر «على عبداللطيف» الواقع بميدان سيمون بوليفار بالقرب من السفارة الأمريكية خلف مجمع التحرير، هذا المبنى الأثرى مدرج كأثر أى يتبع لإشراف وزارة الآثار مباشرة، ولكن فى نفس الوقت أصبح القصر مهجورا وثقته عدسة «البوابة» ويتبع الإدارة التعليمية لقطاع غرب القاهرة.
والجدير بالذكر، أنه تبلغ مساحة القصر قرابة ألفى متر مربع، ومساحة البناء به تقارب نحو ٦٢٠ مترا مربعا بارتفاع نحو ١٦ مترا، ومكون من طابقين، وكانت الزخارف تكسو المدخل الفخم للقصر، وكذلك الأسقف والحوائط الداخلية، إضافة للوحات الفنية والتى تجعل من القصر تحفة فنية نادرة، لكن الواقع أكثر سوءاً فلا تجديد ولا صيانة، وعندما تقترب منه أشبه بالرجل فى مرحلة الشيخوخة يكاد يشكو للناظرين من الإهمال.



قصر الدوبارة 
ويضاف لجملة القصور التى تحولت لمدارس، قصر الدوبارة بالقصر العيني، الذى يقع موقعه بحى جاردن سيتى، حيث صمم القصر وبناه المعمارى الإيطالى «انتونيو لاشياك»، وهو قصر الأميرة أمينة بنت إلهامى ابن عباس حلمى الأول، وهى زوجة الخديو توفيق وكانت تلقب بأم المحسنين، ثم تحول القصر لمدرسة تجريبية حكومية، رغم أن القصر فى السابق كان مقر المندوب السامى البريطاني، ليكون بذلك الحكم فى مصر فى هذا التوقيت بين القصرين «قصر عابدين» «مقر الحكم الرسمى لأبناء أسرة محمد على» و«قصر الدوبارة للمندوب» السامى البريطانى حيث الحماية البريطانية لمصر.



قصر الأميرة حلمية
ثم يأتى فى المقام الثالث قصر الأميرة حلمية إبراهيم بشارع شامبليون، والذى تحول لمدرسة الناصرية، ثم هجُر القصر، وأصبح واقفاَ ينتظر توالى ومرور السنين حتى يتثى للمالك التخلص منه وتحويله لبرج سكنى، ناهيك عن وجود وزارة التربية والتعليم نفسها فى أحد القصور والهيئة العامة للتخطيط العمرانى فى أحد القصور وداخل برج شُيد فى حديقتها تربض وزارة الإسكان أيضًا.
الجدير بالذكر، أنه يجرى الآن التفكير فى إخلاء المبانى الحكومية ونقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وطالبت «حواس» بضرورة إعادة توظيف المبانى وتحويلها لاستعمالات متوافقة مع القيمة التاريخية والتراثية لها.



لجنة قومية
المعلومات المتاحة تكشف عن أن لجنة قومية عليا برئاسة المهندس إبراهيم محلب، تعكف الآن على دراسة كيفية إدارة هذه الثروة العقارية بعد إخلائها من الاستخدام الحكومي، والبحث عن أفضل طرق لاستعمالاتها على النحو الذى يخدم الثقافة والتاريخ، وغيرها على النحو الذى يعظم القيمة التاريخية للمبانى ذات الطابع المعمارى المميز والمنطقة ككل، كما تدير أغلب الأصول العقارية بمنطقة وسط البلد، شركة إدارة الأصول العقارية للتأمين.
وهناك مطالبات، بمناقشة أى قرارات مع المختصين قبل إصدارها لتقليل نسب الخطأ، وأن يتم الحفاظ على القاهرة التراثية الأصلية بنفس القدر من الأهمية لبناء وتشييد العاصمة الإدارية الجديدة، ويتم تنفيذ هذه المطالبات عن طريق عمل مجلس أمناء له صلاحيات المراقبة والمتابعة بعد خروج المؤسسات والمصالح الحكومية لمقارها الجديدة فى العاصة الإدارية الجديدة.