الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

متواطئون وفاشلون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنت أتوقع تلك المعركة منذ أن أعلن السيد رئيس الجمهورية عزمه القضاء على الإرهاب خلال ثلاثة أشهر من وقوع مذبحة مسجد النهضة بشمال سيناء يوم ٢٤ نوفمبر الماضى. ودعوت الله أن تكون بالقوة الكافية لاقتلاع الإرهاب من جذوره وغلق منافذ دعمه من الخارج. وهى أهداف قومية تستحق الدعم والاصطفاف الوطنى وراءها فى مواجهة خصم حصد فى السنوات الماضية أرواح مئات الأبرياء ونجح فى تعطيل النشاط الاقتصادى للبلد وتهديد أمنه واستقراره. لهذا فليس غريبًا أن يكون رد الفعل السائد فى البلد هو المؤازرة للجيش والشرطة وللجنود والضباط، الذين خرجوا صباح الجمعة الماضية واضعين أرواحهم على المحك فى معركة بالغة الخطورة والأهمية. وحيث إننا مجتمع غير ناضج سياسيًا ولا تحكمه ضوابط بشأن ما يُقال وما لا يُقال، والتوقيت المناسب وغير المناسب، وأصول الانتقاد من جانب المعارضة والرد عليها من جانب الدولة، فقد خرجت علينا بعض الأصوات المهاجمة والمشككة فى نوايا تلك العملية العسكرية، وقد اجتمعت تلك الأصوات على أن السبب الرئيسى للعملية هو اكتساب مزيد من الدعم الشعبى للرئيس السيسى قبيل أيام معدودة من الانتخابات الرئاسية - وكأنه فى حاجة لذلك - وهناك من تطرف أكثر زاعمًا أن السبب هو استغلال الرهبة من وجود حالة حرب لإسكات أصوات المعارضة، تلك المعارضة التى فقدت بوصلتها الوطنية والتى ضمت مجموعة من الفاشلين سياسيًا على كل المستويات، والذين لا يكفون عن المشاغبة الفارغة على طريقة طلبة الجامعة بهدف إثبات الحضور الإعلامى لا غير، فهم أول من يعرف أن عموم الناس لا تعرفهم ولا تثق بهم ولا تنحاز إليهم، لأنهم مجرد كلمنجية وشعارجية ولا يظهرون إلا فى المصائب والأزمات ليصبوا الزيت على النار. تلك الأصوات التى سمحت لنفسها بمهاجمة الجيش والدولة، ففى الوقت الذى يضحى فيه الكثيرون منهم بأرواحهم فى سيناء لا يعرفون هل سيعودون منتصرين أم مصابين أم ملفوفين فى علم البلاد نجد هؤلاء يبذلون الغالى والنفيس إرضاء لأسيادهم فى قطر وتركيا واصلين لأقصى درجات الخسة والندالة، مشككين فى الجيش وقياداته والدولة وقياداتها، ظانين أنهم بذلك يستطيعون زعزعة ثقة المواطن وإيمانه بجيش بلاده وقادته. تلك المعارضة تستحق وعن جدارة تهمة الغباء السياسى، التى أطلقها الرئيس السادات على مراكز القوى، وما أتعجب منه هل هؤلاء يجهلون حجمهم الحقيقى فى البرلمان والشارع والحياة السياسية عموما؟ بالطبع يدركون أنهم لا وزن سياسيًا لهم، وهنا بالضبط مربط الفرس كما يقول الناس، فلأنهم بلا وزن سياسى وبلا تأثير وبلا حضور جماهيرى، أمامهم خياران، إما أن يعملوا بجد على تطوير خطاب وطنى يهم الأغلبية الكاسحة من المصريين، وبالتالى يكتسبون حضورًا وقواعد شعبية بالتدريج، وهذا يحتاج جهدًا وجولات فى المحافظات وانتشارًا وسط المجتمعات المحلية لتقديم الخدمات والتوعية والتعليم وقبل ذلك وبعده، يحتاج إنكارًا للذات وتجردًا فى خدمة البلد، أو يعتمدون الطريق الأسهل خصوصًا أنهم بلا مشروع سياسى متكامل يمكن أن يدير البلد، فتجدهم بلا أنشطة أو فعاليات طوال العام، كما أنهم لا يعيرون المواطنين فى المحافظات أى التفات، كل واحد منهم يكتفى بشقة أوضتين وصالة فى القاهرة بالإيجار عليها يافطة الحزب ومتصور إن العالم كله ينتظر بياناته النارية ومشاكساته. هم اختاروا الطريق الأسهل، لأنهم غير جادين ومشروعهم للشو الإعلامى لا أكثر، فهم فى المصائب والأزمات دعاة تظاهر واحتجاج لا أكثر، وفى الاستحقاقات السياسية الفاصلة مقاطعون عن عجز وفشل وقلة حيلة لا عن موقف حقيقى تسنده إرادة شعبية، وفى الأحداث الكبرى، مثل الحرب على الإرهاب، صامتون صمت المتواطئين المنافقين كالطابور الخامس للإخوان الخونة، أتصور أن هناك من يقرأون هذا الكلام ويعتبرونه تصورًا مثاليًا عن التأييد والمعارضة ومواثيق الشرف فى ظل التدهور الشديد للخطاب السياسى فى مصر، ولكن علينا أن نبدأ من مكان ما، ولا مكان أفضل من أن نبدأ بأنفسنا، وأن نتمسك بالارتقاء بمستوى الحوار الوطنى وأن نقدم مثالًا للانضباط فى الكلام ومراعاة أصول الخلاف.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وتحيا مصر