الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بعد تهديد "الغنوشي" بـ"حرب أهلية".."إخوان تونس" في مهب الريح

راشد الغنوشي
راشد الغنوشي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل أربع سنوات، حاز راشد الغنوشى، زعيم حركة النهضة الإسلامية، المحسوبة على جماعة «الإخوان» الإرهابية فى تونس، على إعجاب البعض فى الغرب بسبب قراره التخلى طواعية عن السلطة فى 2013، إلا أن تصريحاته المتكررة المثيرة للجدل، دفعت البعض للقول إن ما حدث لم يكن أكثر من مناورة، لامتصاص الغضب الشعبى المحتدم حينها إزاء ممارسات الإسلاميين، إضافة إلى المخاوف من تكرار سيناريو الإطاحة بـ«الجماعة الأم» فى مصر، مع فرعها فى تونس. 
ولعل ما يدعم الاعتقاد السابق أن تونس التى تئن تحت وطأة أزمات اقتصادية واجتماعية وأمنية فى الوقت الحالى، كانت فى حاجة إلى توحيد الصف الداخلى، بدلا من من أن يخرج الغنوشى، بتصريحات حادة للغاية وغير مسبوقة، اعتبرها البعض تلويحا بالعنف، فيما ذهب آخرون إلى وصفها بأنها تأكيد جديد على عجز «النهضة» عن فصل السياسة عن الدين، كما ادعت فى 2016، واستمرارها فى السير على نهج «الإخوان» فى المراوغة، والتلويح بالعنف، فى حال لم تتم الأمور كما ترغب.
ويبدو أن الأسوأ فى تونس لم يقع بعد، خصوصا أن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية وتشريعية فى ٢٠١٩، وقبل ذلك انتخابات بلدية فى ٦ مايو ٢٠١٨. وزاد من القلق فى هذا الصدد أن آخر استطلاعات الرأى حول الانتخابات البلدية، التى تعد الأولى من نوعها فى البلاد منذ ثورة ١٤ يناير ٢٠١١، كشفت أن حركة النهضة جاءت فى مرتبة ثانية، بعد حزب «نداء تونس»، شريكها فى الائتلاف الحكومى، رغم أن الحركة كانت تطمع باستعادة الصدارة، مستغلة الأزمات الحالية فى البلاد، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهى السفن، وتواصل تراجع شعبية الإسلاميين فى مواجهة العلمانيين.
وأمام ما سبق، لم يستبعد البعض أن تكون تصريحات الغنوشى متعمدة، وليست مجرد زلة لسان، لإجبار حزب «نداء تونس» على الاستمرار فى التحالف مع «النهضة»، بعد التقارير التى تم تداولها مؤخرا حول رغبة الحزب فى فك هذا التحالف، وتشكيل حكومة موسعة قبل الاستحقاقات الانتخابية.
وكان «الغنوشى» خرج بتصريح جديد مثير للجدل فى ١١ فبراير، على هامش اجتماع لـ«النهضة» فى محافظة باجة (شمال غربى تونس)، حذر فيه خصومه السياسيين، قائلا إن «كل من يعدّ حركة النهضة ليست حزبًا سياسيًا، أو يتّهمها بالإرهاب، إنما يراهن على حرب أهلية».
وجاء التصريح السابق، بعد ساعات من تأكيد النائب عن «الجبهة الشعبية» اليسارية زياد لخضر، فى برنامج تليفزيونى، خلال إحياء الذكرى الخامسة لاغتيال القيادى اليسارى شكرى بلعيد فى فبراير ٢٠١٣، أنّ «النهضة تُغالط الشعب، ولم تفصل بين الدعوى والسياسى».
ورغم أن الاتهامات المتبادلة لم تتوقف منذ الثورة التونسية بين الإسلاميين واليساريين، فإن معارضين لحركة النهضة وصفوا تصريحات «الغنوشى» بأنها تلويح ضمنى باللجوء إلى العنف، بعد تراجع شعبية الحركة بشكل كبير، وتسليط وسائل الإعلام التونسية الضوء مؤخرا على ملفات شائكة، تتضمن اتهامات لها، إبان توليها السلطة عقب ثورة ١٤ يناير، مثل تسهيل سفر المئات من الشباب إلى بؤر التوتر، ما جعلهم فريسة للتنظيمات المتشددة، إضافة إلى الجدل حول مصادر تمويلها، واتهامها بتلقى تمويلات خارجية، خصوصا من قطر.
استنكار واسع 
ولعل إلقاء نظرة على ردود الفعل الغاضبة، تكشف أيضا أن هذه التصريحات لن تمر بسهولة، خصوصا أن النهضة دأبت على تبرير أقوال الغنوشى بأنه أسىء فهمها، فيما يتهمها منافسوها بأنها لم تتخلص من فكر «جماعة الإخوان» فى فرض رأيها على الآخرين، والتلويح بخيارات عنيفة، فى حال لم يتحقق لها ما أرادت.
وكان النائب البرلمان التونسى، المنذر بالحاج على، هدد عبر الإذاعة الرسمية التونسية، بمقاضاة رئيس حركة النهضة إن لم يتراجع عما سماه تصريحه الخطير، ولوح أيضا باللجوء إلى القضاء الدّولى إن لزم الأمر.
وفى السياق ذاته، قال الناطق الرسمى باسم الجبهة الشعبية، حمّة الهمامى، إنّ «ما صرّح به الغنوشى، وإن كان غير مستغرب، فإنه خطير جدًا، وغير مسئول، لما تضمّنه من تهديد واضح لكلّ من يخالف رأى حركة النهضة».
وأضاف الهمامى: «تصريح الغنوشى كشف مجددا أنّ فكر حركته لا يقوم على صراع الأفكار، بقدر ما يرتكز على الالتجاء إلى العنف فى محاولة يائسة لتخويف الخصوم السياسيين».
وتابع: «التهديد المبطّن لرئيس حركة النهضة، ليس موجّهًا للجبهة الشعبية فحسب، بل فيه محاولة لإرباك وتخويف وترهيب جميع النسيج المجتمعى، بأحزابه، ومعارضيه، ومجتمعه المدنى».
وبدوره، قال النائب بالبرلمان التونسى عن «كتلة الحرّة»، الصّحبى بن فرج، فى تصريح لصحيفة «العرب» اللندنية، إنّ «حركة النهضة، وتحديدًا رئيسها الغنوشى، عادة ما تنتهج تصريحات غامضة، يمكن تكييفها كيفما تشاء الحركة، لكن من الواضح أنّ فى تصريحه الأخير رسائل مبطّنة، مفادها؛ إمّا الاعتراف بحركة النهضة حزبًا سياسيًا، وإما اللجوء إلى الحرب الأهلية».
واستبعد بن فرج، أن يكون وراء تصريح الغنوشى بداية لتحريك قواعد حركته نحو العنف، قائلًا: إنّ «تصريح رئيس حركة النهضة، لا يتجاوز إثارة فرقعة جديدة، فى محاولة لجذب الأنظار إليه، ورصّ صفوف قواعده، وإرضائهم بالخطاب الذى يستهوونه منذ نشأة التّيار الإسلامى بتونس، وهو خطاب وحدة الصّفّ ضدّ العدو الداهم، خصوصًا أنّ أنصاره تشتتوا بعد انتخابات عام ٢٠١٤»، فى إشارة إلى فوز حزب نداء تونس العلمانى فى الانتخابات التشريعية والرئاسية، التى أجريت فى ٢٠١٤.
وتابع «بن فرج» قائلا إنّ «مواقف حركة النهضة فى الفترة الأخيرة، تؤكّد شدّة تخوفها من أن تلقى مصير التيارات الإسلامية فى المنطقة، خصوصًا أنّ الحركة بدأت تستنفد الرصيد، الذى حاولت ترويجه، بأنّها حزب مدنى مختلف تمامًا عن تنظيم الإخوان المسلمين».
ومن جانبه، اعتبر رئيس حزب الحركة الديمقراطية، أحمد نجيب الشابى، تصريح الغنوشى مصادرة لحرية التعبير، التى أهدتها ثورة ١٤ يناير ٢٠١١ لجميع الفاعلين السياسيين فى تونس، بما فى ذلك حركة النّهضة.
وقال «الشابّى»، وهو أحد المدافعين التاريخيين عن الاعتراف بـ«النهضة»، إنّ «تصريح الغنوشى يعدّ خطرًا على أهم مكتسبات الشعب التونسى، وتهديدًا حقيقيًا للتجربة الديمقراطية التونسية».
كما اعتبر القيادى بالجبهة الشعبية عمّار عمروسية، تصريحات «الغنوشى» التى حذّر فيها خصومه السياسيين من حرب أهلية فى البلاد، «غير بريئة وتعكس حالة التوتر والتشنج التى تعتريه، كما أنها تعتيم عن المشهد السياسى فى تونس».
وأضاف «عمروسية» فى تصريح لموقع «حقائق أون لاين» التونسى، أن تلويح راشد الغنوشى بحرب أهلية بالبلاد يندرج فى مخطّط إرهاب التونسيين، وأن كلامه يؤكّد أن الاغتيالات ودماء التونسيين من أمنيين وعسكريين هى فى رقاب حركة النهضة وهم يتحملون المسئولية السياسية والأخلاقية للاغتيالات.
وتابع: «من حق أى شخص أن يطرح السؤال لمعرفة حقيقة الاغتيالات كاملة، وأن الجبهة الشعبية ماضية دون تردّد للكشف عن حقيقة الاغتيالات»، مشيرا إلى أنه من الأجدى حاليّا رفع اليد عن السلطة القضائية للكشف عن حقيقة الاغتيالات.
وتساءل «عمروسية» عن جدوى أن يطلق «الغنوشى» تصريحا مثل هذا، فى الوقت الذى تعيش فيه تونس على وقع تصنيفها بلدا معرضا لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يطرح عددا من علامات الاستفهام.
وطالب القيادى بالجبهة الشعبية حركة النهضة بالاعتذار للشعب التونسى عن رمى الاتهامات والتهديدات، مذكرا بتصريحات سابقة للغنوشى قال فيها إن السلفيين يذكرونه بشبابه، كيف اعترف وزير الداخلية الأسبق على العريض، الذى ينتمى لـ«النهضة»، بأنه أعطى أوامره بتهريب «أبوعياض» من جامع الفتح دون أن يتدخل الأمن، فى إشارة إلى زعيم تنظيم «أنصار الشريعة» المتشدد سيف الله بن حسين وكنيته «أبو عياض»، الذى وجهت له اتهامات بالتورط فى أعمال عنف بتونس.
وحاولت قوات الأمن التونسية إلقاء القبض على «أبوعياض» بعد أيام من حرق السفارة الأمريكية بتونس فى سبتمبر ٢٠١٢، عندما كان يلقى خطبة بمسجد الفتح بالعاصمة، لكن وزير الداخلية، آنذاك، على العريض أمر بفك الحصار حول المسجد تفاديا لوقوع اشتباكات دموية مع أنصار «أبوعياض»، وبعد ذلك وجهت اتهامات لزعيم تنظيم «أنصار الشريعة» بالتورط فى اغتيال المعارض اليسارى شكرى بلعيد فى ٦ فبراير ٢٠١٣. 
ووجهت أحزاب علمانية حينها اتهامات للحكومة التى كانت تقودها حركة النهضة الإسلامية ويشارك فيها حزبان علمانيان هما: «المؤتمر من أجل الجمهورية»، الذى ينتمى إليه الرئيس السابق المنصف المرزوقى، و«التكتل من أجل العمل والحرية»، بالمعاملة اللينة مع «المتطرفين الدينيين»، وأنها لم تكن جادة فى ردع الجماعات السلفية المتشددة، التى تسعى لإقامة دولة إسلامية.
واستندت الأحزاب العلمانية أيضا إلى تسجيل فيديو مسرب فى نوفمبر ٢٠١٢، على شبكة «الإنترنت»، ظهر فيه راشد الغنوشى، وهو يقول فى اجتماع مع سلفيين، إن «العلمانيين يسيطرون على كل مفاصل الدولة، بما فى ذلك الاقتصاد والجيش والإعلام»، داعيًا السلفيين إلى التحرك بحريّة بعدما أصبحت المساجد فى أيدى الإسلاميين.
ولم ينف «الغنوشى» حينها صحة التسجيل المسرب، لكنه برر ما جاء فيه بأنه كان يسعى لإقناع السلفيين بـ«العمل السلمى والمشاركة فى الحياة العامة، بعيدًا عن العنف».
ورغم مسارعة النهضة إلى تفسير تصريحات «الغنوشى» المثيرة للجدل، على أنها أخرجت من سياقها، فإن كلامه حول «الحرب الأهلية» جاء بعد تصريحات سابقة له تضمنت أيضا أمورا خطيرة.
ففى يناير ٢٠١٧، أعلن الناشط اليسارى صالح الزغيدى فى تصريح لموقع «الجريدة» التونسية أن ٢٠٠ شخص كلّفوا المحامى صادق مرزوق بطلب فتح تحقيق ضد تصريحات راشد الغنوشى، التى قال فيها إن حركة النهضة فصلت عددا من قياداتها للاشتباه فى ارتباطهم بمجموعات مسلحة.
واعتبر «الزغيدى» أن «تصريح الغنوشى يعد خطيرا، خصوصا أن الأمر يتعلق بقياديين فى هذا الحزب، وليس مجرد أعضاء، كما أنه يتعلق بحزب ذى وزن سياسى كبير مشارك فى الحكم منذ سنوات».
وتساءل «الزغيدى»: من هم هؤلاء القياديون؟ ومتى تم فصلهم؟ وأين هم الآن؟ ملمحا إلى إمكانية تورطهم فى قتل المعارضين اليساريين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى فى ٢٠١٣، وحتى إمكانية تشكيلهم لمجموعة إرهابية.
دعوة مريبة 
فى أغسطس ٢٠١٧، قال الأمين العام للحزب الجمهورى عصام الشابي، إن تصريح «الغنوشى» الذى دعا فيه يوسف الشاهد لعدم الترشح لانتخابات ٢٠١٩، محاولة للضغط على رئيس الحكومة ووضعه فى الزاوية، أو بداية التفكير فى تغيير الحكومة الحالية.
وقال «الشابى»، فى تصريح لموقع «شمس إف إم» التونسى، إن دعوة الغنوشى أطلقها خلال حوار تليفزيونى على قناة «نسمة تى فى» الخاصة، وأثارت موجة من الانتقادات والتساؤلات حول الأسباب المعلنة والخفية لدعوة الشاهد بعدم ممارسة حقه فى الترشح للانتخابات.
وأضاف: «هناك رسالة حاول رئيس حركة النهضة إبلاغها للرأى العام والحكومة، وهى محاولة للضغط على الشاهد، لإخضاعه بالكامل لرغبات الحكومة التى تتشكل من النداء والنهضة فى التعديل الوزارى وفى سياسات العمل الحكومي». 
وفى حواره التليفزيونى حينها، قال الغنوشى إنه «من مصلحة تونس إعلان رئيس الحكومة يوسف الشاهد عدم اهتمامه بالترشح لانتخابات ٢٠١٩ والتركيز على التحديات المطروحة أمام حكومة الوحدة الحالية».
وأضاف: «حكومة يوسف الشاهد المنبثقة عن اتفاق قرطاج لديها أولويات اقتصادية واجتماعية وأمنية عليها الاشتغال على تنفيذها».
وقال الناطق الرسمى لحركة النهضة، عماد الخميرى، فى تصريح لموقع «أصوات مغاربية» التونسى، إن «راشد الغنوشى قدم أسباب دعوة رئيس الحكومة إلى عدم الترشح للانتخابات، وتتمثل فى أن المصلحة الوطنية تقتضى أن تنصب جهود الحكومة فى تحقيق مضامين وثيقة قرطاج، بينما التفكير فى الاستحقاقات الانتخابية القادمة، قد يشوش على أداء الحكومة وعلى داعميها، وهم الأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج»، فى إشارة إلى وثيقة سياسية وقعتها ٩ أحزاب و٣ منظمات تونسية صيف ٢٠١٦، وتضمنت خطوطا عامة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وأولويات فى عدد من المجالات الوطنية، وعلى قاعدتها تم تشكيل حكومة وحدة وطنية بين «نداء تونس» و«النهضة».
وحسب موقع «أصوات مغاربية»، لم يقتنع عدد من الفاعلين السياسيين بالأسباب المعلنة لدعوة رئيس الحكومة لعدم الترشح للانتخابات المقبلة.
ورأى النائب عن «كتلة الحرة» صحبى بن فرج، أن «دعوة الغنوشى غير مناسبة وفى غير محلها»، وتابع: «حتى وإن جاءت الدعوة فى إطار النصيحة، فهى فى غير محلها وراشد الغنوشى يمكنه تقديم النصيحة لأحد أبناء حركة، وليس رئيس الوزراء يوسف الشاهد».
وحول أسباب هذه الدعوة، اعتبر صحبى بن فرج أن «من أسباب دعوة الشاهد إلى عدم الترشح اصطفاف الحركة إلى جانب خصوم الشاهد فى نداء تونس والعمل على تعطيله والتشكيك فى الجهود التى يبذلها».
ويتضح هذا التعطيل، وفقا لـ«بن فرج»، فى «ربط الغنوشى بين الاستحقاقات الانتخابية القادمة والدعم السياسى للحكومة وتراجع دعم حركة النهضة والنداء لها».
وبخصوص تخوف النهضة من ترشح الشاهد، قال «بن فرج»، إن «النهضة مرتبكة من صعود أى شخصية ديمقراطية، لذلك هى تعمل على تعطيل يوسف الشاهد والتشكيك فيه». ودعا «بن فرج» رئيس الحكومة إلى «مواصلة العمل ومحاربة الفساد وعدم الانتباه إلى هذه الدعوات».
و«الشاهد» هو قيادى فى حزب نداء تونس الذى أسسه الرئيس التونسى الحالى باجى قايد السبسى فى ٢٠١٢، وفاز فى الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة ٢٠١٤.
ورغم تبرير «النهضة» لدعوة الغنوشى بأنها تأتى من منطلق جعل رئيس الحكومة بعيدا عن التجاذبات الحزبية والانتخابية، خصوصا أن تونس تمر بمرحلة انتقالية، فإن الخبير التونسى فى القانون الدستورى، قيس سعيد، قال فى تصريح نقلته «أصوات مغاربية»، إن «الدعوة لعدم الترشح لا يمكن مقاربتها قانونيا نظرا لإمكانية أى شخص الترشح للانتخابات إذا توفرت فيه الشروط القانونية».
وأضاف: «هذه الدعوة تعبر عن موقف سياسى ينطلق من الصراعات الموجودة داخل السلطة من جهة، وداخل حزب نداء تونس من جهة أخرى».
وأيا كانت حقيقة تصريحات الغنوشى السابقة، فإن خصومه يرون أن ما يكتنفها من غموض أحيانا، ومن نبرة حادة فى أوقات أخرى، يرجح أن إعلانه فى ٢٠ مايو ٢٠١٦ التخلى عن الإسلام السياسى وفصل الدعَوى عن السياسى، لم يكن إلا مناورة من حركته، أكثر من كونه تغييرا فعليا، لأن آليات الديمقراطية تتميز بالوضوح، ولا تعتمد على المراوغات.