السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"حقوق الإنسان" مبدأ حضاري أم استعمار جديد؟ "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقفنا الأسبوع الماضى عند خطورة تداخل السياسى بالقانونى فى مفهوم «حقوق الإنسان» وكيف يتم استخدام هذا المبدأ للتدخل فى الشئون السياسية للدول، ونكمل اليوم خصائص هذا المفهوم.
- حقوق الإنسان تتمتع بقوة إلزامية: انتقلت حقوق الإنسان من عدم الإلزام إلى الإلزامية، وأصبح يقع على من يخالفها جزاءات دولية، ويمثل ميثاق هيئة الأمم المتحدة نقطة انطلاق فى مجال الاعتراف بحقوق الإنسان وحرياته، حيث أصبحت النصوص الواردة فى هذا الميثاق فيما يتعلق بحقوق الإنسان جزءًا من القانون الدولى العرفى، لذلك فإنها ملزمة لجميع الدول. وقد انعكست أهمية حقوق الإنسان وإعادة تأكيدها والعمل على تعزيزها فى ميثاق هيئة الأمم المتحدة الذى تم توقيعه فى ٢٦ يونيو عام ١٩٤٥، ويحدد الميثاق الأهداف الأساسية للمنظمة العالمية بأنها: «حماية الأجيال القادمة من عذابات الحرب»، و«إعادة التأكيد على الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية فى الكرامة وقيمة النفس الإنسانية، والحقوق المتساوية للرجال والنساء»، وتنص المادة الأولى من الميثاق على أن أحد مقاصد الأمم المتحدة هو تحقيق التعاون الدولى فى مجال تعزيز وتشجيع «الاحترام لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لكل الناس دون تفرقة بسبب عرق أو جنس أو لغة أو دين» وبالتالى إضفاء القداسة على مبدأ عدم التمييز، وتعبر المادة (٥٥) عن هدف مماثل. وفى المادة (٥٦) يلزم أعضاء الأمم المتحدة أنفسهم «باتخاذ إجراءات مشتركة ومنفردة بالتعاون مع المنظمة لتحقيق الغايات المدرجة فى المادة (٥٥). وتتمتع جميع نصوص الميثاق بالسلطة القانونية على المستوى الدولى، لأن الميثاق عبارة عن اتفاقية، ولهذا فهو ملزم من الناحية القانونية ويتوجب على جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة أن تقوم – وبحسن نية – بالوفاء بجميع التزاماتها بمقتضى الميثاق، ويتضمن هذا التزامها بتعزيز احترام حقوق الإنسان وتعزيز مراقبتها لحقوق الإنسان، وبالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى لتحقيق هذا الهدف. 
- تمنح حقوق الإنسان للفرد شرعية دولية: كُلفت لجنة حقوق الإنسان التى أنشئت عام ١٩٤٥، والتى حل محلها مجلس حقوق الإنسان فى عام ٢٠٠٦، بمهمة صوغ شرعية دولية لحقوق الإنسان تُعرف الحقوق والحريات المشار إليها فى الميثاق، ويعتبر تبنى الجمعية العامة للإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى ١٠ ديسمبر عام ١٩٤٨ الخطوة الرئيسية فى طريق وضع الشرعية الدولية لحقوق الإنسان والوسيلة المشتركة لقياس تحقيق إنجازات الشعوب والأمم، ويمثل الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، الجزء الأول من هذه الشرعية، بينما أخذ استكمال بقية الأجزاء التى صممت لتفصل مضمون نصوص الإعلان فى عدة سنوات. وفى ١٦ ديسمبر عام ١٩٦٦ تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ بالإضافة إلى بروتوكول اختيارى خاص بالعهد الثاني، يسمح للأفراد بتقديم شكاوى فى حالة انتهكت حقوقهم المنصوص عليها فى العهد، وبتبنى هذه الوثائق، يكون المجتمع الدولى قد أجمع على الحقوق المنصوص عليها فى الإعلان وكذلك آليات تنفيذها، وفى ديسمبر عام ١٩٨٩ تبنت الجمعية العامة بروتوكولًا اختياريًا آخر، ملحقًا بالعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويهدف هذا البروتوكول إلى إلغاء العمل بعقوبة الإعدام. كما تم تبنى البروتوكول الاختيارى الملحق بالعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى ديسمبر عام ٢٠٠٨، والذى يتيح للأفراد إمكانية التقدم بشكاوى بشأن انتهاكات الحقوق المنصوص عليها فى العهد إلى لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبتبنى هذين العهدين، صُدق على قرار الجمعية العامة الصادر عام ١٩٥٠ والذى ينص على أن: «التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هما أمران مترابطان ويعتمد أحدهما على الآخر». 
- حقوق الإنسان لا تُشترى ولا تُكتسب ولا تُورث: هى ملك للناس لأنهم بشر، ومتأصلة فى كل فرد، وتعبر المادة الأولى من الإعلان عن عالمية الحقوق، ومفادها: «يولد جميع الناس أحرارًا متساوين فى الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلًا وضميرًا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضًا بروح الإخاء». معنى هذا أنها ترتكز على أن جميع البشر يولدون أحرارًا ومتساويين فى الكرامة والحقوق والحرية عند الولادة. 
- حقوق الإنسان شمولية: لأنها تتضمن قضايا تتعلق بالديمقراطية، والتنمية، والعدالة، واحترام الحريات، وسيادة القانون، وحقوق النساء، وحقوق الطفل، وحقوق اللاجئين والمهاجرين، والأقليات والمهمشين والفقراء. وعند تأسيس الأمم المتحدة عام ١٩٤٨ أكدت الدول المؤسسة على إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية فى كرامة الشخصية الإنسانية وقيمتها والمساواة فى الحقوق بين الرجال والنساء، كما عبرت عن تصميمها على بناء عالم يحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعًا ويحافظ عليها، دون تمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو اللغة. ويُجسد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان هذا التصميم، حيث شهد التاريخ للمرة الأولى الاتفاق على عدد من الحقوق والحريات الأساسية التى تم التوافق عليها دوليًا، وتم الاعتراف بنصوص الإعلان كمعيار مشترك لجميع الشعوب والأمم. وأصبحت نصوص الإعلان مصدر إلهام للعديد من الدول عند وضع دساتيرها وقوانينها الوطنية، وأصبح الإعلان العالمى – والذى تم ترجمته إلى أكثر من ٣٥٠ لغة – الصك المعيارى الأشهر لحقوق الإنسان. وقد تم تفصيل الحقوق المنصوص عليها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان وجعلها أكثر إلزامًا عند تبنى العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل، والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، ووضعت معايير جديدة ووسعت نطاق قانون حقوق الإنسان.