الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مقتل "الحاجة صفية" الدراما أكثر رحمة أحيانا من الواقع.. "البوابة نيوز" تحقق في كارثة قتل الأبناء للآباء بين الفن والواقع.. النقاد: المشاهد الدرامية انعكاس للحقيقة

مشهد من مسلسل الطوفان
مشهد من مسلسل "الطوفان"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا».. بهذه الآية الكريمة وضع المولى عز وجل قاعدة إلهية لتنظم علاقة الأبناء بآبائهم، لكن الأبناء تجاهلوا هذه القاعدة، واتجهوا لنشر العدوان والجريمة، وأصبحت غريزة الشر هى السائدة فى المجتمع، فقتل الأبناء لآبائهم حالة مأساوية، وتعتبر من الجرائم التى يرفضها العقل ولا تتقبلها الإنسانية. أحدث تلك الجرائم البشعة والتى جسدت فى مشهد من خلال مسلسل «الطوفان» عندما قتل الأبناء والدتهم للحصول على الميراث، وهذا المشهد اجتاح بشدة وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية، وزلزل مشاعر كثيرين، وأحدث هزة بداخلها، مما أعاد للذاكرة بعض الجرائم البشعة والتى تحدث يوميا. «البوابة» تحقق فى هذه القضية الجدلية.. هل تؤثر بالسلب على المشاهد؟، وتتحول إلى ظاهرة ويقلدها الشباب والمراهقون، وتجعل من نشر المسكوت عليه شيئا عاديا، أم هناك ضرورة لعرضها؟. التقينا بأطراف القضية كلها، نقاد مصر، أساتذة علم الاجتماع والطب النفسي، القضاة وأساتذة القانون، نواب البرلمان، وكان معهم هذا التحقيق:


المشهد الدرامى. اتفاق وقتل للحصول على المال

أثار المشهد الدرامى الذى عرض فى مسلسل «الطوفان» ضجة كبيرة، وحقق ردود أفعال واسعة وجدلية على مستوى مصر والوطن العربى، وسبب صدمة كبيرة للجمهور، المشهد كان مؤثرا للغاية ومثيرا للبكاء، تضمن المشهد قتل الأبناء لوالدتهم «الحاجة صفية» التى أدت دورها الفنانة الكبيرة نادية رشاد، لأنهم يعتقدون أنها تقف عقبة فى طريق الثروة الطائلة التى تنظرهم.

وقبل مشهد القتل تجمع معظم أبنائها فى المنزل للاتفاق على قتلها، عن طريق إعطاء الأم جرعة زائدة من الدواء، لأنها تصر على عدم الشهادة الزور، التى تفيد بأن قطعة الأرض ليست ملكا للأبناء، وتولت هذه المهمة ابنتها الوسطي، فى مشهد بالغ القسوة والرعب.


لواقع أكثر بشاعة.. عاطل يقتل والدته

لم يأت مشهد قتل الأبناء للأم فى مسلسل «الطوفان» من فراغ، فقد حدث فى الواقع أكثر من مرة، بل وبطريقة أبشع مما عرضه المسلسل، ونرصد مجموعة من القضايا:

القضية الأولي: عاطل يقتل والدته بآلة حادة

لقيت ربة منزل، مصرعها، إثر تلقيها ضربة بآلة حادة فى الرأس، بقرية أبودياب غرب، التابعة لمركز دشنا، شمالى قنا، وكشفت التحريات الأولية، أن وراء ارتكاب الواقعة، نجلها «محمود.م.أ» ٣٨ عامًا، عاطل، ألقى بآلة حادة عبارة عن «حديدة» على رأس والدته، بسبب خلافات على الميراث، والحصول على المال.

القضية الثانية: عاطل يقتل أمه ببنى سويف

قتل عاطل ببنى سويف والدته داخل شقتها بمنطقة الشناوية بمركز ناصر، كى يرثها، وتبين من التحريات أن ربة المنزل كانت فى المطبخ، ودخل عليها نجلها، وقام بضربها بـ«شاكوش» على رأسها، وأخذ سكينا وقام بذبحها، وألقى بجثتها فى «منور» العقار.

القضية الثالثة: ابن يقتل والده للخلاف على الميراث بالغربية

تخلص ابن يدعى «محمد» ٤١ سنة، من والده بقتله بأداة حادة وإلقائه بالطريق العام بدائرة مركز السنطة، لخلافات على الميراث، وكانت البداية نشبت بينهما مشادة كلامية؛ فسارع الابن بتهشيم رأس والده، وحمل الجثة بعد ذلك وألقى بها بجوار أحد المساجد، وعاد لمنزله.


النقاد: قسوة عرض مشهد قتل الأم.. يوقظ الضمائر

مازال مشهد قتل «الحاجة صفية» فى مسلسل «الطوفان»، يثير ضجة على مواقع التواصل الاجتماعى وجدلا كبيرا وتفاعلا بين المشاهدين على مستوى مصر والوطن العربي، كشف لنا هذا المسلسل خبايا النفس والشر وانعدام الرحمة والأخلاق وتفضيل المال على كل شيء حتى الأم، مما جعل المشاهدين منقسمين حول النهاية، لذلك أردنا أن نعرف رأى كبار نقاد مصر فى هذه القضية الجدلية والواقعية وتجسيدها على الشاشة.


يقول الناقد الكبير، طارق الشناوي، أنا مع قسوة عرض مشهد قتل الأم لأنه يوقظ ضمائرنا، وأشير إلى أن مسلسل «الطوفان» الذى يعرض حاليا سبق تقديمه فى فيلم سينمائى للمؤلف الكبير بشير الديك، ومشهد قتل الأبناء للآباء فى مقابل الحصول على المال متواجد فى الواقع، وشاهدناه من قبل أيضا فى مسلسل «ابن حلال».

وأكد أنه لا شك أن المشهد كان قاسيا للغاية عند عرضه على المشاهدين، ولكن النقطة الفاصلة هنا هى الحتمية الدرامية، التى تؤدى إلى مشهد القتل، والرسالة التى يحملها هذا المشهد للجمهور، لافتا إلى أن هناك محرمات عديدة فى المجتمع بجانب قتل الابن لوالدته أو لوالده ومتواجدة بالفعل فى الواقع، مثل الذى يعتدى على ابنته، وهذا غير شرعي، وبالنسبة لهذه القضية الشائكة ليس ضد عرضها أو قضية أخري، ولكن كيف يتم عرضها؟، فأنا ضد أن نختفى ونبتعد عن الواقع.

وأضاف، فى فترة ما كانوا يمنعون إخراج لفظ «ابن الكلب» على الشاشة، كنت أتساءل هل هذا اللفظ لا يقال فى الواقع؟، بل أكثر منه يقال، وقال أما المشهد الذى حدث فى مسلسل «الطوفان» فأنا مع عرضه بهذا الشكل والقسوة، لأن عرضه بهذا الشكل هو الذى يوقظ ضمائرنا من الخطر، ولا بد أن ندرك أن الدراما قوتها فى إحداث الصدمة للمجتمع، وفى النهاية أرى أن على الجميع أن يتحرر من الأحكام الأخلاقية المباشرة للدراما، وأنها فى عمقها من المحال أن تكون ضد الأخلاق.


أما الناقدة ماجدة خير الله، فتقول: «مقدرتش أشوف مشهد قتل الأم على يد أبنائها من بشاعه المشهد»، وأضافت: «هذا المشهد قدم فى السينما سابقا فى أكثر من عمل، وبالفعل تلك الجرائم متواجدة فى الواقع بشكل كبير، وأرى أن تجسيد تلك المشاهد على الشاشة لا يؤثر على المشاهدين بشكل سلبي، وإذ أثرت وقام أشخاص بتقليدها فإذن نحن أمام مجتمع مريض»، وأشارت إلى أننا كبشر رأينا جرائم ومشاهد قتل أكثر من ذلك فى الحقيقة، والناس التى تقول إن تجسيد هذه المشاهد على الشاشة وعرضها تجعل آخرين يقلدونها ويتأثرون بها، فأنا ضد هذا الكلام تماما، وأقول لهم «عندما قتل قابيل أخاه هابيل، هل رأى وقتذاك تليفزيون؟»، وأيضا الجرائم التى نقرأها يوميا فى الصحف والمجلات، أشقاء يقتلون بعضهم البعض وأزواج، وغيرهم، من الجرائم البشعة، فالذى لديه دوافع للجريمة لا يحتاج إلى تلفاز أو أى شىء، إنما يعانى من مرض نفسى أو أزمات اقتصادية، وقالت، «أرى أن السينما أو التليفزيون ينقلون الواقع والأحداث بالقدر المسموح، وهذه المشاهد قد تكون رسالة وعظة، وأحيانا تُبشع الموضوع، فالحسم فى هذا الأمر يعود إلى قيمة العمل وماذا يقدم»، لافتة: إننى رأيت مشهد القتل فى الفيلم سابقا عندما قام بتقديمه بشير الديك، وبسبب هذا المشهد لم أستطع مشاهدة المسلسل الذى يعرض حاليا، لأن فكرة قتل الأم بالنسبة لى مرعبة للغاية، فأحيانا من بشاعة المشهد قد لا يستطيع الجمهور مشاهدته لأنها جريمة قاسية على النفس للغاية


أما الناقدة ماجدة موريس، فتقول، «إن صناع عمل «الطوفان» أو غيرهم لم يأتوا بشىء من فراغ»، وتابعت: «أرى أن هذا المشهد مثل ما شاهدته من أكثر من ٢٥ عاما من خلال الفيلم، وهذا المشهد ليس جديدا علينا، بل نحن نقرأ أبشع منه يوميا على صفحات الجرائد، مثل أب قتل ابنته وأخ اغتصب أخته وابن قتل أبوه وأمه وغيرها من جرائم».

وفى مسلسل «الطوفان» أو ما يقدم فى الأعمال الدرامية أو السينمائية، لا يأتى صناع العمل به من فراغ، فهذا واقع مرير ومتواجد بالفعل، لافتة أن هناك شرطا لتقديم هذه النوعية من الأعمال، وهو أن يقدم العمل تحليل جيد ورؤية مختلفة، وهذا جيد أن يقدم للناس هذا المحتوى بشكل فنى وفيه بلاغة، لكى يكون تنويرا للجمهور وعظة له، والناس الذين لا يصدقون تلك المشاهد وتثير جدل ولغط هى لا تريد أن تصدق، رغم أنهم يعون جيدا أن تلك الأحداث واقعية بالفعل.

وبالنسبه للآراء التى تقول بإن الشباب من أكثر الفئات تأثرا بتلك المشاهد، فهذا كلام مغلوط لأن هؤلاء الشباب أكثر الأشخاص الذين يتواصلون على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى واليوتيوب، ولا يستطيع آباؤهم أن يمنعوهم من عدم مشاهدة أى شىء، إذن لا بد أن يكون هناك تعليم جيد وقيم ومبادىء ينشأ عليها الأطفال والتمسك بالقيم، وطالبت بعودة تعليم زمان وتطهير المجتمع من الفساد المنتشر فيه، وفى النهاية أنا مع المشاهد دون أن تكون مقحمة وتقدم بشكل فنى عال، وأن يكون لها ضرورة درامية.


أساتذة علم الاجتماع والنفس: عرض المشهد يساعد على «صحصحة» مشاعر الناس

لم نغفل فى هذا التحقيق آراء «علم الاجتماع والطب النفسي» وتأثير تلك المشاهد على فئة الشباب والأطفال، ومدى تقليدها وتحويلها إلى ظاهرة فى المجتمع، وهل يمكن أن تؤثر سلبيا عليه أم لا؟، لذلك التقينا بأستاذة علم الاجتماع، الدكتورة هالة منصور، وأستاذ الطب النفسى جمال فيروز.


قالت هالة منصور، «أرى أن الجرائم الأسرية بدأت تنتشر بكثرة منذ فترة كبيرة فى المجتمع، نتيجة لسيطرة العلاقات المادية على الأسرة، والابن الذى يمتلك ثروة كبيرة من والديه حين يحدث تحكم وتسلط من جانب الأب أو الأم على بعض من المال، يبدأ يحدث له إحساس بالشعور للظلم، وأن هذا شيء غير جيد».

أما فى الطبقة الفقيرة، فالطفل أو الطفلة يبدأ بداخله نمو الشعور الجسيم بالإحساس بالفقر، وأنه ابن العائلة الفقيرة، ويتحول هذا الشعور لكره وقهر فى حياته، وينسى المجرم الذى يقوم بقتل والدته أو والداه أنهما والداه ويصبح بداخله الشعور العدائى فقط الذى يحرضه على القتل.

وتابعت: «رأيت المشهد الذى عرض فى «الطوفان»، وأرى أن هذه المشاهد تساعد على «صحصحة» مشاعر الناس، ولكن بشرط أن نقدم أعمالا ذات رسالة وتكون بمحاذير معينة، ولا تكون هى المنتشرة بشكل كبير، فأنا ضد الأعمال التى تقدم باسم الواقعية، ويكون هذا هو السائد والأغلب سواء أفلام العشوائيات أو دراما الجرائم، ويقولون هذا هو الواقع ويعمم الرذيلة، لا بد من نشر النماذج الإيجابية ونظهر الجانب الإيجابى مثلما نرى فى مجتمعنا»، وأشارت إلى أن أى سيناريست لم يظهر الجانبين، فهو إذن لديه عقدة ويخرجها على المشاهد، وهذه ليست واقعية، وإنما انتقاء للسلبية.


أما جمال فرويز، فيقول، صناع تلك المشاهد هم المذنبون فى الأول والأخير لتقليد القتل، فهذا المشهد يحدث أكثر منه فى الواقع بسبب انعدام القيم الأخلاقية، وهناك مثال مشابهه لهذا المشهد للبنت التى قتلت جدتها بالاتفاق مع خطيبها للحصول على المال لكى ترث، وهذا ناتج عن انعدام المستوى الفكرى والحضارى والانهيار فى العلاقات الاجتماعية والقيم.

وبالنسبة لعرض هذه المشاهد على الشاشة، إذا كان الغرض منها هو التنبيه ووضع مفهوم للعلاقات الأسرية بين بعضها البعض وحمل عدة رسائل للمشاهد وحثهم على بر الوالدين، فليس هناك مشكلة، ومع الأسف الشديد مع الانخفاض الثقافى الذى نحن فيه الآن، من الممكن أن تقوم فئة معينة بتقليد هذه المشاهد وتصبح ظاهرة يقلدها كثيرون وتساهم فى كوارث كبيرة للمجتمع. وأكد أن المجتمع المصرى الآن أصبح يأخذ منظوره الثقافى من الإعلام المرئي، وقال إنه المسئول فى تقليد الجمهور لكل شىء له، وأيضا فى هذا المسلسل صانع العمل هو المذنب الأساسى فى تقليد هذه الظواهر، وليس وحده، وإنما أيضا الجهات التى تسمح بإيجاز تلك الأعمال، ووزارة الثقافة التى لها الدور الأساسى فى انهيار الثقافة فى مصر.


النواب: يجب وقف عرض مشاهد قتل الأبناء لآبائهم

بعدما نادى علماء الاجتماع والطب النفسى بضرورة وقف تلك الأعمال، لأنها تساهم بشكل كبير فى انتشار الجرائم فى المجتمع، التقينا بمجموعة من أعضاء مجلس النواب، لنعرف منهم رأيهم، وهل هناك تشريعات لوقف تلك الأعمال.

تساءل النائب جلال عوارة، أين الرقابة ودور المجلس الأعلى للإعلام؟، وقال إنه سوف يتبنى وقف عرض تلك الأعمال، وأضاف أن استخدام الدراما للواقع مسألة سيئة للغاية، وهذا ليس صحيح، لأنه لا يصح كل ما هو واقع أن ينقل على الشاشة، فهناك أحداث واقعية أبشع من ذلك مثل الحمامات التى وجدت وبها شذوذ داخلها، فهل من الممكن أن تقدم على الشاشة؟، بالتأكيد لا يصح، والسؤال الأهم هنا، من يجيز تلك الأعمال وعرضها على الشاشة؟، بالطبع تقولون المصنفات الفنية، وهذا غير صحيح إطلاقا، لذلك طرحت سؤالى هذا، واستكمل خلال الفترة القادمة سوف أتبنى هذه القضية، لأننى أرى أن هناك قصور من جانب المجلس الأعلى للإعلام، ولا بد أن تقوم الجهات المسئولة بدورها، وقال لا أتحدث فقط عن مشاهد قتل الأبناء للآباء، فهناك مشاهد بشعة أيضا مثل مشهد رفع الشاب للسيف فى برومو مسلسل «بين السرايات»، هذا المشهد يشجع فئة المراهقين على تقليده، وكان يعرض أكثر من ١٠ مرات على الشاشة، وتابع عندما يعرض متهم على القضاء قتل والديه نجد أنه نتيجة محاكاة لعمل سينمائى أو درامى شاهده، فأرى أن المذنب هو صناع العمل الذين ساهموا فى تقليد المجرم لهم، والمجرم أيضا


أما النائبة جليلة عثمان، فقالت أين الرقابة من عرض تلك المشاهد؟، وتضيف هذا المشهد فى غاية البشاعة وأثر على للغاية وجعلنى فى حالة نفسية سيئة، لافتة إلى أنه وجد مثل هذه الجرائم وأكثر منها فى المجتمع، غير أنه لا يصح عرضها على شاشة التليفزيون، الذى يكون متواجدا داخل كل بيت، لأن لدينا فى المجتمع المصرى هزة فى الأخلاق والنظام الاجتماعي.

وأضافت أرفض هذا المشهد بشدة وأيضا عرضه حتى إذا كان يحدث فى المجتمع، فأنا أرى أن دور الفن هو تنمية المشاعر الإنسانية ويرتقى بها ويقوم بالإرشاد إلى الحب والخير والجمال، لافتة أن مسلسل «الطوفان» ظل يروج لقتل الأم فى أكثر من ١٠ حلقات قبل عرض مشهد القتل، وحتى عقاب الأبناء فى آخر حلقة كان غير مقبول وليس منطقيا على الإطلاق.

وأكدت أن هذا المسلسل يؤثر بالسلب على المجتمع وبه كم كبير من العنف، وقالت أنا مع القاعدة التى تؤكد أن نشر المسكوت عليه يجعل من الجريمة شيئا عاديا، لافتة نحن الآن لدينا المجلس الأعلى للإعلام الذى يترأسه مكرم محمد أحمد، ومن المفترض فى القانون الخاص به يعطيه الحق فى نوع من الرقابة على الأعمال، لذلك نحن فى المجلس لا نحتاج إلى قوانين بعينها لنشرعها، فالمجلس الخاص به هو الذى لديه الصلاحية الكاملة، وهذه المشاهد تحتاج إلى تفعيل فى دورها، ولا بد أن نجعل مساحة اللون الأبيض أكثر من الأسود.


القضاء والقانون: «عرضها كارثة»

بعدما وضع بعض النواب، الرقابة والمجلس الأعلى للإعلام فى قفص الاتهام بسبب إيجازهم لتلك الأعمال بأنهم يساعدون الجانى فى ارتكاب الجريمة، التقينا بعدد من القضاة وأساتذة القانون لمعرفة الحقيقة ورأيهم فى هذه القضية الجدلية.

فى البداية، يقول عادل عامر، أستاذ القانون: هذا المشهد يسمى فى لغة القانون القتل العائلي، وهذه العمليات أثبت بعلم النفس الجنائى بأن الابن يكون فى حالة غير سوية عند ارتكاب الجريمة، وأيضا فى حالات إدمان المواد المخدرة والكحوليات، التى تساعد أيضا على هذا الفعل البشع، وتابع: إن هذه الظاهرة تعتبر من الظواهر السلوكية غير السوية التى تؤدى إلى نفور اجتماعى من ناحية أفراد الأسرة المنوط بهم، وأكد أننى مع عرض هذه المشاهد مع التحليل الكامل لها وليس العرض دون التحليل، ويجب أن يتم التحليل العلمى لإظهار السلبيات والإيجابيات كى ندق ناقوس الخطر.

ويقول مصدر قضائى، إن المشهد فى غاية المأساة ويجب وقف عرض تلك المشاهد، حيث إنه يزيد من انتشار الجريمة فى المجتمع، وأكد أن الأم والأب يعتبران شيئا مقدسا على مستوى جميع الأديان، وهذه المشاهد هى خروج عن القيم والأخلاق والمبادئ وتؤثر بالسلب على المجتمع ويعتبر كارثة، وتابع: عندما اعترف المجرم أنه قام بتقليد الجريمة تقليدا لمشهد قتل ما، فإذا قمنا بتقييم ذلك من الناحية النفسية، فالمشهد بالفعل يساهم فى تحريك المجرم على ارتكاب الجريمة.


«الجمهور»: مشاهد قتل الأبناء لوالديهم ترسيخ لمفاهيم مغلوطة

لا نغفل فى هذا التحقيق عن رأى الجمهور الذى يعتبر العمود الأساسى له، لأنه هو الذى يؤثر عليه المشهد سواء إيجابا أو سلبا.

يقول صابر حسين، موظف فى شركة سياحية، عرض هذا المشهد فى غاية البشاعة، وأتساءل أين القيم والسلوك، مؤكدا أنه ضد عرض مثل هذه المشاهد، لأنها ترسخ لمفاهيم مغلوطة وتساعد على انتشار تلك الجريمة وتقليدها، وأناشد الجهات المسئولة بوقفها، لأن التليفزيون من أكثر الوسائل انتشارا عن الصحف