الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأزهر.. وسيناء 2018

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مما لا يخفى على أحد بأنه منذ بدء التحركات للعملية الشاملة سيناء 2018 والتى مازالت مستمرة حتى الآن تصدر الأزهر الشريف وشيخه الفاضل إمام المسلمين الدكتور أحمد الطيب "حفظه الله " برسائل الدعم اللوجستى والنفسى قلب المعركة.. الأزهر الشريف وشيخه وعلمائه وطلابه يدركون تمام بأن الدفاع عن مصر ليس مهمة الجيش وحده.. ولكنه مهمة كل مواطن على أرض مصر وخارجها..
 هذا ليس بغريب على الأزهر الشريف وعلمائه الأفاضل فمنذا شهرا تقريبا وبالتحديد فى حادثة قرية الروضة التى شهدتها سيناء مؤخرا قطع فضيلته رحلة "بنجلادش" وكان أول من سافر لأهالى الشهداء يواسيهم ويضمد جراحهم بل أصر فضيلته أن يخاطر ويمشى سيرا على الأقدام الى أسرة أحدى الشهداء يداعب أطفالهم ويتحدث الى نسائهم..
 أنه الأمام يا سادة.. يبعث برسائل الطمأنينة لأبنائنا الأبطال البواسل فى ساحات المواجهة والمرابطين على الحدود من القوات المسلحة والشرطة، مؤكد لهم بأن الأزهر الشريف بعلمائه وطلابه يقف معكم فى خندق واحد ضد قوى الشر والإرهاب، الذين استحلّوا الدماء وعاثوا فى الأرض فسادًا، مستهدفين النَّيل من أمن مصر واستقرارها". 
يخاطبهم بلغة الأبوة الصادقة تارة ...أبنائى الأبطال من القوات المسلحة والشرطة، نحن معكم فى هذه المعركة المصيرية حتى القضاء على هذا الوباء اللعين.. وتخليص مصرنا الحبيبة الغالية من آفاته وشروره، ولدينا ثقة كبيرة فى قدرتكم على دحر هذا الإرهاب الأسود".
 وتارة بلغة الشيخ المجاهد قائلًا: "أبطالنا البواسل، تسلحوا بالإيمان بالله، واعلموا أنكم فى مهمة وطنية لحماية البلاد والعباد، قلوبنا جميعًا معكم، وألسنتنا تلهج بالدعاء لكم، ونسأل الله لكم النصر المبين، وأن يعيدكم إلى دياركم سالمين، واصمدوا فالله حافظكم وناصركم ولن يخذلكم، حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وسوء". 
ومن الحقائق الثابتة والمتعارف عليها بأنه ..من ليس له جيش ليس له وطن.. ومن ليس له وطن فليس له إنتماء .. وكما تعلمنا فى أزهرنا الشريف في حب الأوطان ما ذكره الجاحظُ في تاريخه: إن العرب كان أحدهم إذا سافر يأخذ صرة من تراب وطنه فإذا غاب كان يعفر به وجهَهُ ويستنشقها.. فلا نامت أعين الخائنين لأوطانهم.
 وأيضا من الحقائق العلمية الثابتة التى فطر الله الناس عليها بأن كل كائنٍ يقدر وطنه ويعرف حقَّه، ولهذا لا يستغني عنه أبداً، فالحشرة الصغيرة تخرجُ لرزقها ومآربها في رحلةٍ قد تطول بين الصخور والرمال ثم تعود سراعاً إلى وطنها، والدابةُ العجماء تعرف وطنها وتعود إليه بهدايةٍ تجلُّ عن الوصف.
 والسيرة النبوية أشارت فى باب كامل "حب الأوطان " بأن تراب الأوطان علاج ودواء، فقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يبلُّ أصبعه بريقه ثم يضعُهُ في التراب كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: (( أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقولُ للمريضِ: بسمِ اللهِ، تُربَةُ أرضِنا، بِريقَةِ بعضِنا، يَشفَى سَقيمُنا، بإذنِ ربِّنا )) (صحيح البخاري 5745 عن عائشة رضي الله عنها).

 بل أن القرآن الكريم وجميع الرسالات السماوية أوضحت فى أكثر من موضع بأن حب الوطن فطرة إنسانية لدى كل إنسان مهما كانت ثقافته أو دينه، وفي بيان هذه الفطرة يقول الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ﴾ [النساء من الآية 66]
 وأخيرا أحسن الشاعر حين أنشد قائلا:
 بِلادي هَواهَا في لِسَاني وفي دَمِي... يُمَجِّدُها قلبي ويدْعو لهَا فَمِي 
ولا خيرَ فيمنْ لا يحبُّ بلادَهُ ...ولا في حليفِ الحُبِّ إنْ لمْ يُتَيَّمِ 
ومن تؤوِهِ دارٌ فيجْحَدُ فضلَها... يكنْ حيواناً فوقَهُ كلُّ أَعْجَمِ
 ألم ترَ أنَّ الطيرَ إنْ جَاءَ عِشَّهُ ...فآواهُ في أكنَافِهِ يَتَرَنَّمِ 
وليسَ من الأوطانِ من لم يكنْ ...لها فِداءً وإنْ أَمْسَى إليهنَّ ينْتَمي


                                     "حفظ الله مصر وشعبها وأزهرها "