قال الصينيون منذ آلاف السنين، إنه لا يوجد خير مطلق، كما لا يوجد شر مطلق، وعبّروا عن تلك الحكمة عبر لوحة اليانج والين الشهيرة، فحتى أكثر الأحداث التي تبدو مأساويّة، تنطوي على وجه مشرق، مضيء، وربما لو لم تستعمَر فرنسا، مصر، في أواخر القرن الثامن عشر، لما عرفت شيئًا عن تلك النهضة الثقافية التي كانت قد ازدهرت في أوروبا آنذاك منذ قرون مضت، ولما وضع "أوجوست مارييت"، عالم المصريات ذو الأصول الفرنسية، حجر أساس المتحف المصري، أحد معالم مصر التي نفتخر بها.
وتحل اليوم، 11 فبراير، ذكرى ميلاد "مارييت"، في عام 1821 بفرنسا، أحد روّاد علم المصريات الفرنسيين، الذى تم تعيينه كأول مأمور لإشغال العاديات، ورئيس مصلحة الآثار في عام 1858، وقد وجد آنذاك أنه لابد من وجود إدارة ومتحف للآثار، ولذلك قام باختيار منطقة بولاق لإنشاء متحف للآثار المصرية، ونقل إليها الآثار التي عثر عليها أثناء حفائره "مثل آثار مقبرة إعح حتب"، وفي عام 1863 أقر الخديوي إسماعيل مشروع إنشاء متحف للآثار المصرية، ولكن لم ينفذ المشروع وإنما اكتفى بإعطاء مارييت أرض أمام دار الأنتيكخانة في بولاق ليوسع متحفه.
وفي عام 1878، حدث ارتفاع شديد في فيضان النيل، تسبب في إغراق متحف بولاق وضياع بعض محتوياته، وفي عام 1881م، أعيد افتتاح المتحف، ثم وفي العام ذاته، توفيّ مارييت، وخلفه " جاستون ماسبيرو"، أحد كبار علماء المصريات الفرنسيين آنذاك، كمدير للآثار وللمتحف.
وتم تكريم مارييت بعد وفاته، بدفن جثمانه في مدخل المتحف المصري في عام 1906، في جنازة مهيبة حضرها كل كبار الدولة من كل المجالات، وتم تكريمه أيضًا بعد وفاته حيث أطلق اسمه على الشارع المؤدي للمتحف المصري، ولكن مع اختلاف النقط، فسمّى الشارع "ميريت"، والمقصود "مارييت".
