السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عبدالرحيم علي.. أغنية على "موجة مصر"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إنها الحرب بعينها، ومن يزعم بغير ذلك فليس منا.. الحرب تدور الآن على كل الجبهات وبكل الوسائل لتطهير مصر من الإرهاب الذى يستهدف أمنها واستقرارها، ففى سيناء يعزف الجيش سيمفونية المجد، ويكتب سطورًا جديدة فى سجل بطولات هذه الأمة، وفى ربوع الخريطة الجغرافية للدولة، تداهم الأجهزة الأمنية أوكار الشر، وفى أوروبا معركة أخرى تتعدد مشاهدها فى المحافل الدولية، من باريس إلى لندن، ومن مجلس العموم البريطانى إلى برلمان فرنسا ومن الجامعات العريقة إلى المنتديات الإعلامية والفكرية والثقافية، حيث يعزف عبدالرحيم على أغنية على «موجة مصر»، يقف فى نفس الخندق، مقاتلًا فى معركة الكبرياء، كاشفًا النقاب عن حقيقة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها التنظيم الدولى للجماعة المارقة «مفرخة الجماعات الإرهابية قاطبة».
كنت قبل أيام غارقًا فى أحزانى الخاصة، ولم أتابع شيئًا فى وسائل الإعلام، لكننى فوجئت بصديق يقول لى، بلغ سلامى لـ«عبدالرحيم على»، وواصل كلامه معى قائلًا: «يا ريت الواحد يكون معاه فى اللحظة دى، حتى لا يكون وحيدًا، فأنا مستعد أن أفديه بروحى»، رد عليه صديق مشترك كان يجلس معنا، «عبدالرحيم على ليس وحيدًا، فمثله محاط برعاية الله وضمائر المخلصين، فهو يدافع عن بلده ويكشف أعداء الوطن وأعداء الدين».
بعد نهاية الجلسة ذهبت لمنزلى مشتاقا لأشاهد حواراته على قناة «فرانس ٢٤»، ورحت أتأمل ما سمعت، ووجدتنى مأخوذا نحو الربط بين ما يجرى هنا، ويدور بعيدا عن أرض الوطن، فالرجل يقف فى أرض الأشواك وبين الأنواء مسلحًا بضميره الوطنى وقدرته على مواجهة أعداء الدولة على أرض كانت مسرحًا لهم، اختار بإرادته الطريق الصعب، فوجدته يدور فى فلك نفس السيمفونية التى تعزفها الدولة، هو أدرك بحسه الوطنى، أن نقل المعركة إلى مكانها الصحيح هو الأفضل مهما كان الثمن، بدلًا من البقاء مثل غيره، من فرسان الساحات الخالية، ذهب يواجه فى المكان المناسب. 
راح عبدالرحيم على يواجه إعلام الغرب فى عقر داره، وجه لكمات مميتة لمحاوريه فيما يتعلق بالأكاذيب التى جرى ترويجها حول الانتخابات الرئاسية، وكشف عورة الإخوان فى ملاذاتهم الآمنة، فهذا هو الفرق بين «المسئولية الوطنية»، والضجيج الذى يصنعه الإعلام المحلى، فالقائمون عليه لم يعوا الظرف التاريخى الذى تمر به البلاد، أو طبيعة الحرب التى تخوضها الدولة ومؤسساتها لم يدركوا حجم تداعيات «تخاريفهم»، التى توقظ الغضب من غفوته جراء ضجيج عديمى الموهبة، ممن يولولون مثل ندابات المآتم، يصنعون ضجيجًا وصياحًا فى وصلات ردح منفرة، يروجون بدون دراية لمعلومات مغلوطة، رغم أنهم لا يعلمون الحقيقة الدامغة، وهى أن الحرب الدائرة الآن، إن شئنا الدقة فى الوصف، ليست حربا ضد جيش نظامى فى ساحات مفتوحة، أى أنها ضد عدو واضح، تراه كما يراك، تواجهه مثلما يواجهك، لكنها حرب ضد عدو هلامى، غير محدد المعالم، يراك، ويرصد تحركاتك بدقة، ويداهمك غدرا، عبر أدواته المتمثلة فى عناصر ضالة، أو عصابات إرهابية مسلحة، مدعومة، بكل وسائل الحروب العصرية من معلومات استخباراتية، وتقنية حديثة وغطاء إعلامى، مصحوبًا بضجيج المنظمات الحقوقية المشبوهة، التى تحركها أياد خفية، لتشويه الأوضاع فى مصر بمزاعم وهمية وافتراءات وأكاذيب. 
الاهتمام الشعبى بما يفعله عبدالرحيم على فى أوروبا، ليس وليد الظروف الحالية، لكنه نوع من التفاعل مع مواقف متراكمة، منذ مواجهته للإخوان فى عز مجدهم، تفاعل هو مع موجة الرأى العام ومؤسسات الدولة وراح يوجه ضرباته فى قلب الجماعة المارقة كما تفاعل الرأى العام مع صولات الرجل وجولاته، لأنها تناغمت مع ما يجرى من حرب تقودها الدولة فى سيناء، لأنهم فى الأصل متفاعلون مع ما يحدث بها باعتبارها ميراثا قديما ممتدا عبر آلاف السنين، لأن سيناء ليست مجرد جزء عزيز وغال من المساحة الجغرافية لمصر، أو أنها بقعة حدودية ملتهبة بالأحداث والمعارك على مر التاريخ، لكنها أيقونة الانتماء للوطن بما فيه من انتصارات وانكسارات.. بطولات وشهداء نتباهى بهم وبما قدموه، فهذه البقعة من الأرض المصرية، لها مكانة عاطفية خاصة تحتل ركنا أساسيا فى قلب كل مصرى، فعلى أرضها سالت دماء الشهداء من مختلف أبناء الشعب.. الغنى والفقير.. المتعلم والأمى.. المسلم والمسيحى.. كما أنها جسدت معانى نبيلة ومفاهيم خالدة، تجلت تلك المعانى والمفاهيم فى التعبير عن حقيقة وحدة المصريين فى الدفاع عن الوطن فى كل حروب التصدى للغزاة القادمين من البوابة الشرقية.
فى حرب التطهير الدائرة الآن لا يمكن بحال من الأحوال إقصاء الإعلام بعيدا عن المشهد، فالمتربصون بالدولة ينفقون الأموال الهائلة من خزائن قطر وتركيا على ترويج الأكاذيب وإطلاق الشائعات، والتشكيك فى حقيقة ما يجرى على أرض الواقع، فى إطار ما يطلق عليه «حروب الجيل الرابع»، التى تعتمد على تفتيت المجتمعات من داخلها وبأيدى نفر منها، بهدف التأثير السلبى على معنويات الجبهة الداخلية، والإساءة للجيش وأجهزة الأمن، عبر محاولات التشكيك فيهما، لخلق مناخ معاد لهما، اعتمادًاعلى قنوات فضائية مشبوهة، باعتبار أن الإعلام من أهم أدوات الحرب الموجهة ضد مصر ومؤسساتها، فضلا عن ترويج هذه الأكاذيب عبر وسائل الاتصال الحديثة «السوشيال ميديا» بصورة مذهلة، حيث يتلقفها الشائهون ذهنيا ويتداولونها بلا وعى أو دراية بنتائج ما يصنعون.
الإعلام الذى نراه الآن لا يصنع سوى الصياح، أما الإعلاميون الذين ابتلينا بهم فحدث ولا حرج، غالبيتهم يعملون بدون رؤية، ويرددون مصطلحات جوفاء، لا تقدم ولا تؤخر، بمعنى أنها بدون فائدة، «ضجيج بلا طحين»، فمثل هذه النوعية من الإعلاميين، إن شئنا الدقة، فقدت القدرة على التأثير فى الرأى العام، أما الرأى العام فانصرف عنهم، وأصبح مجبرًا على الابتعاد عن الضجيج والصراخ، وراح يتنقل بين الفضائيات المشبوهة، ليس لسماع الأكاذيب والشائعات والاستمتاع بها أو التفاعل معها، إنما هروبا من إعلام متبلد، يدار بعشوائية، ولا يحترم عقل المشاهد، وهذا هو مكمن الخطر.