الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

روميل العرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى مثل هذا اليوم أذيع بيان تنحى الرئيس محمد حسنى مبارك، وفى اليوم نفسه ودعت مصر قطعة غالية من قلب الوطن وأهم قيادة عسكرية فى تاريخ مصر الفريق سعد الدين الشاذلى. 
التحق بالكلية الحربية فى فبراير ١٩٣٩ وكان أصغر طالب فى دفعته وتخرج برتبة ملازم فى سلاح المشاة فى نفس دفعة خالد محيى الدين. 
بدأت علاقته بجمال عبدالناصر حين كان يسكن فى نفس العمارة التى يسكنها جمال عبدالناصر بالعباسية قبل ثورة ٢٣ يوليو. 
وكانت بينهما علاقات أسرية، وبالإضافة لكونهما ضابطين مدرسين وكانا يلتقيان بشكل يومي، وقد فاتحه جمال عبدالناصر عن الضباط الأحرار فى ١٩٥١، ورحب الشاذلى بالفكرة وانضم إليهم ولكنه لم يشارك فى ليلة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ بشكل مباشر كونه كان فى دورة فى كلية أركان الحرب.
خلال نكسة ١٩٦٧ أظهر الفريق الشاذلى تميزًا نادرًا وقدرة كبيرة على القيادة والسيطرة والمناورة بقواته، عندما كان برتبة لواء ويقود مجموعة مقتطعة من وحدات وتشكيلات مختلفة (كتيبة مشاة وكتيبة دبابات وكتيبتان من الصاعقة) مجموع أفرادها حوالى ١٥٠٠ ضابط وفرد والمعروفة بمجموعة الشاذلى فى مهمة وعاد بهم دون أى خسارة فى الأرواح، وكان آخر قائد مصرى ينسحب بقواته من سيناء.
بعد عودة الشاذلى إلى غرب القناة، اكتسب سمعة كبيرة فى صفوف الجيش المصري، فتم تعيينه قائدًا للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات فى الفترة (١٩٦٧ - ١٩٦٩)، وقد كانت أول وآخر مرة فى التاريخ المصرى يتم فيها الجمع بين القوات الثلاث.
وفى ٦ أكتوبر ١٩٧٣ شن الجيشان المصرى السورى هجوما كاسحا على القوات الإسرائيلية، بطول الجبهتين، ونفذ الجيش المصرى خطة المآذن العالية التى وضعها الشاذلى بنجاح غير متوقع، لدرجة عدم صدور أى أوامر من القيادة العامة لأى وحدة فرعية؛ لأن القوات كانت تؤدى مهامها بمنتهى الكفاءة.
وبحلول صباح الأحد ٧ أكتوبر، حققت القوات المصرية نجاحا حاسما فى معركة القناة، وعبرت أصعب مانع مائى فى العالم وحطمت خط بارليف فى ١٨ ساعة، وهو رقم قياسى لم تحققه أى عملية عبور فى تاريخ البشرية، وقد تم ذلك بأقل خسائر ممكنة، وانتهت أسطورة خط بارليف التى كان يتغنى بها الإسرائيليون. 
اختلف مع السادات ووزير دفاعه مما دعا السادات إلى عزله رغم كونه مهندس حرب أكتوبر وصاحب خطة الانتصار.
بعد توقيع الرئيس أنور السادات لمعاهدة كامب ديفيد عام ١٩٧٨، انتقد الفريق الشاذلى بشدة تلك المعاهدة وعارضها علانية وهاجم الرئيس أنور السادات واتهمه بالديكتاتورية واتخذ القرار بترك منصبه والذهاب إلى الجزائر كلاجئ سياسي. 
فى عام ١٩٧٨ أصدر الرئيس أنور السادات مذكراته البحث عن الذات واتهم فيها الفريق الشاذلى بالتخاذل وحمله مسئولية التسبب فى الثغرة ووصفه بأنه عاد منهارًا من الجبهة يوم ١٩ أكتوبر وأوصى بسحب جميع القوات فى الشرق، وهو ما دفع بالفريق الشاذلى للرد على الرئيس أنور السادات بنشر مذكراته (حرب أكتوبر)، والذى يعتبر من أدق الكتب إلى تحدثت عن حرب أكتوبر.
اتهم الفريق الشاذلى فى كتابه الرئيس أنور السادات باتخاذ قرارات خاطئة رغمًا عن جميع النصائح من المحيطين به من العسكريين وتدخله المستمر للخطط العسكرية أثناء سير العمليات على الجبهة أدت إلى التسبب فى الثغرة وتضليل الشعب بإخفاء حقيقة الثغرة وتدمير حائط الصواريخ وحصار الجيش الثالث لمدة فاقت الثلاثة أشهر كانت تصلهم الإمدادات تحت إشراف الجيش الإسرائيلي. 
كما اتهم فى تلك المذكرات الرئيس أنور السادات بالتنازل عن النصر والموافقة على سحب أغلب القوات المصرية إلى غرب القناة فى مفاوضات فض الاشتباك الأولى وأنهى كتابه ببلاغ للنائب العام يتهم فيه الرئيس أنور السادات بإساءة استعمال سلطاته وهو الكتاب الذى أدى إلى محاكمته غيابيا فى عهد محمد حسنى مبارك عام ١٩٨٣ بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة ووضعت أملاكه تحت الحراسة، كما تم حرمانه من التمثيل القانونى وتجريده من حقوقه السياسية. 
فى مساء ١٤ مارس ١٩٩٢، عاد الفريق الشاذلى إلى مصر بعد أن قضى ١٤ سنة منفيًا فى الجزائر منها سنتان فى عهد الرئيس أنور السادات، و١٢ سنة فى عهد الرئيس حسنى مبارك، قبض عليه فور وصوله مطار القاهرة وصودرت منه جميع الأوسمة والنياشين وأجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن الحربى التابع للجيش الثالث الميداني. 
طالب الفريق الشاذلى بأن تتم إعادة محاكمته وبشكل علنى إلا أن طلبه قد رفض. 
فى بداية أكتوبر ١٩٩٣، تم الإفراج عن الفريق الشاذلى عن طريق عفو عام، وبعد خروجه عاش منعزلًا بعيدًا عن الناس، وعاد لقريته وخصص أرضا كوقف للإنفاق على مسجد، وعاش كخبير استراتيجى يكتب ويحلل كل ما يدور على الساحة. 
عانى الفريق الشاذلى من النسيان المتعمد فى فترة الرئيس حسنى مبارك حيث ظل الإعلام يروج لأحادية النصر بالضربة الجوية الأولى وكان الشاذلى ضحية من ضحايا النسيان كما حدث للجمسى والمشير محمد على فهمى والفريق أول فؤاد ذكري، ونُزعت صورته من بانوراما حرب أكتوبر وتم إيقاف معاشه المستحق عن نجمة الشرف العسكرية وعاش العشرين عامًا الأخيرة من حياته على إيرادات قطعة أرض ورثها عن أبيه. 
رحل الفريق سعد الشاذلى فى ١٠ فبراير ٢٠١١، بالمركز الطبى العالمى التابع للقوات المسلحة، عن عمر بلغ ٨٩ عامًا قضاها فى خدمة وطنه بكل كفاءة وأمانة وإخلاص، وجاء رحيله فى خضم انتفاضة ٢٥ يناير، وقام ثوار ميدان التحرير بأداء صلاة الغائب على روحه، وقد شيّع فى جنازة عسكرية وشعبية مهيبة حضرها آلاف الضباط والجنود من أفراد القوات المسلحة، وكانت جنازته فى نفس اليوم الذى أعلن فيه عمر سليمان تنحى الرئيس محمد حسنى مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية.
أعاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة نجمة سيناء لأسرة الفريق الشاذلى عام ٢٠١١ بعد تنحى مبارك بأسبوعين. 
نال الفريق الشاذلى عدة ألقاب من قبل العرب والأجانب منها «رومل العرب»، نسبة للقائد العسكرى الألمانى أثناء الحرب العالمية الثانية إرفين رومل.
عشت أيها الفريق حيا دائما فى قلوب كل المصريين