الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"مولانا" محمد العون: تأثّرت بالدكتور زكي نجيب محمود وفكره العقلاني..لا أنطلق من تجارب شخصية وأهتم بتاريخ الفراعنة..ما كتبته عن الحب وعلاقات الشباب لا يمت بصلة للواقعيّة السحريّة

الروائى محمد العون
الروائى محمد العون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
محمد العون، روائى وقاص، حاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى عام 2013 عن رواية «مولانا»، وجائزة اتحاد كتّاب مصر 2014 عن رواية «سجن الطاووس»، يعتبر نفسه وريث الواقعيين الكلاسيكيين الذين لم ينسجموا مع تيار الواقعيّة السحريّة، ذلك الذى بات أشبه بـ«موضة أدبيّة»، ومع ذلك فكتاباته لا تخلو من محاولات تصوير الواقع على نحو أبعد ما يكون عن التقريريّة والسرد المباشر، ونوقشت روايته الأخيرة «سراديب الذهب»، مساء السبت الماضى، بالمقهى الثقافى، فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ49، وكان لـ«البوابة نيوز» معه هذا الحوار:
■ كيف ترى معرض الكتاب هذا العام مقارنًة بالدورات السابقة؟
- المعرض هذا العام حافل بالنشاط والفعاليات الثقافية، والتنظيم جيد، لكن الزحام شديد ربما أكثر من السنوات السابقة، وتسمية القاعات التى تستضيف الندوات بأسماء كتّاب ومبدعين راحلين لفتة طيبة وإيجابيّة، فنحن فى حاجة إلى أن نتعلّم كيف نحتفى بالشخصيات التى تركت أثرًا وإرثًا للأجيال اللاحقة.
■ ما قراءاتك المبكرة التى شكّلت وعيك الأدبى قبل الخوض فى عالم الكتابة؟
- لم أبدأ بقراءة الأدب وحده، وإنما كنت أقرأ التاريخ، والفلسفة، وعلم النفس، ومجالات أخرى. فى فترة دراستى الجامعية قرأت نجيب محفوظ ويوسف إدريس، فمن يريد أن يصبح كاتبا، سواء فى مجال الرواية، أو القصّة، عليه أن يقرأهما جيدا، وبجانبهما قرأت طه حسين، الذى يُعد واحدا ممّن أرسوا مبدأ البحث العلمى فى الجامعة المصرية، أمّا عن أكثر من تأثّرت به فى فترة تشكّل وعيى، فكان المفكّر الدكتور زكى نجيب محمود، الذى كنت أقرأ مقالاته بالأهرام فى فترة الثمانينيات، وجذبنى جدا فكره العقلانى آنذاك.
■ بدأت بكتابة القصة وهويت التصوير وفى النهاية استولت عليك الرواية.. لماذا؟
- لم أختر الرواية بقدر ما فرضت الرواية نفسها عليّ، فقصصى التى نشرتها فى مجموعتى «الملك ينزل المدينة»، و»خيانة الجسد»، كانت قصصًا طويلة، قصة «الملك ينزل المدينة» نفسها تقع فى حوالى ٣٠ أو ٣٥ صفحة، فهى بذلك أقرب إلى رواية قصيرة، وغيرها كذلك، وحين عرضت على الراحل جمال الغيطانى بعض قصصى بغرض نشرها، قال لى نصّا: أنت صاحب نفس روائى. ولم أكن شرعت آنذاك فى كتابة أى رواية، وقد وجدت حظى فى الرواية فيما بَعد.
■ لماذا اتجهت للتاريخ الفرعونى بالذات فى روايتك الأخيرة «سراديب الذهب»؟
- أنا أقرأ فى تاريخ مصر الفرعونية كثيرًا، وفى أثناء إحدى قراءاتى استوقفتنى واقعة سرقة مقبرة الملكة حتب حرس، وفكرت حينئذٍ كثيرًا فى هذه المأساة التى تعرضت لها تلك الملكة، ثم تكونت لدىّ فكرة الرواية وموضوعها، وشرعت بعدها فى الكتابة التى احتاجت أن أرجع إلى عدد كثير من المراجع والكتب التى تناولت التاريخ الفرعونى، وهو تاريخ عظيم بلا شك، وحافل بالكثير من الأحداث التى يمكن أن تكون نقاط ارتكاز ينبنى عليها المعمار الروائى.
■ الروايات التاريخيّة تكاد تكون «موضة» أدبيّة.. هل كفَّ واقعنا الحالى عن إلهام الكُتَّاب؟
- الأمر لا علاقة له بالواقع وإلهامه للأدباء، فالأدب لا يستند إلى المرحلة التاريخية التى يتناولها، وإنما إلى الفكرة أو الموضوع الذى يثير خيال الكاتب ويجد فيه مادّة لعمل أدبى يقدم فيه شيئًا جديدًا للقارئ، وهذا لا يؤثر على حجم الكتابة التى تقدّم الواقع المعاصر، وكما نرى فعدد الأعمال الأدبية التى تتعامل مع الواقع المعاصر كثير جدًا.
■ هل تنطلق فى بعض كتاباتك من تجاربك الشخصية أم تفضّل دائمًا موضوعات خارجة عنك؟
- غالبا لا أنطلق من تجارب شخصية، فرواية «مولانا»، مثلا، تعكس حياة الملك فاروق والفترة المَلَكيّة، ورواية «مراكب الليل» تتحدّث عن الشُبّان الذين يهاجرون هجرة غير شرعية، وقد جمعت قبل كتابتها أغلب التحقيقات الصحفية التى نُشرت عن تلك القضيّة، قبل أن أُعد ملفّا عنها، ورواية «سجن الطاووس»، كان مبعثها فى ذهنى تلك القصور الضخمة التى كنت أراها فى الأرياف من آن لآخر، قصور قديمة كانت فى حوزة بهوات أو بشوات قدامى. تستطيع أن تقول إنّى أنطلق من المكان والزمان، وليس من تجربتى الشخصية.
■ هل تشعر بفراغ نفسى بعد الانتهاء من كتابة أى عمل؟ وهل يصيبك القلق حين تتوقّف عن الكتابة؟
لا أشعر بالفراغ، وإنما هو ألم الفقدان. فشخصياتى جزء منّى، وطيلة مدّة الكتابة أعايشها وأتقمّص حالاتها الوجدانية وكأنما أحياها بنفسي، فأحس مع النهاية بانفلات حالة الزخم التى أشعر بها، وحينئذٍ تسيطر علىّ بعض الحسرة نتيجة إدراكهم مصائرهم النهائيّة. أمّا بالنسبة للقلق، فأنا لا أقلق على موضوعاتى الجديدة، لأنها تفرض نفسها عليّ أولا بأول، دون أى محاولة للاستدعاء أو الاختلاق من جانبى.
■ صرَّحت بأنك لا تنسجم مع الواقعيّة السحريّة ومع ذلك تجعل الحب والتاريخ البعيد موضوعات لرواياتك على نحو غير مباشر.. هل أنت مع الواقع أم مع العلو عليه؟
- ما كتبته عن الحب وعلاقات الشباب المبكر، وأيضا ما كتبته عن التاريخ، لا يمت بصلة للواقعيّة السحريّة، وأنا لا أجد أن عالمها هو عالمى المفضّل، فأنا أعتمد دائما على أسلوب التحليل النفسى للشخصيات، والقضايا الاجتماعية، بشكل فنى يدخل فى إطار الكتابة الواقعية.