مبدع قدم أفلامًا بمثابة علامات فارقة فى تاريخ السينما المصرية، بل العربية، هو المخرج عز الدين ذو الفقار، الذى ولد فى ٢٨ أكتوبر عام ١٩١٩ لأسرة عريقة ميسورة الحال، فى حى العباسية بالقاهرة، وهو الشقيق الأوسط للفنانين محمود ذو الفقار، وصلاح ذو الفقار، وبعد انتهائه من دراسته الثانوية التحق بالكلية الحربية، وتخرج فيها ضابطًا، وعمل فى سلاح المدفعية بالجيش المصرى حتى وصل إلى رتبة يوزباشي.
وحاول صديقه المخرج كمال سليم، ثم من بعده المخرج محمد عبدالجواد، إقناعه بالعمل فى السينما، حتى وافق، وعمل مساعدًا للمخرج محمد عبدالجواد، ثم بدأ يشق طريقه كمخرج وكاتب سيناريو، وأنتج أول أفلامه «أسير الظلام» فى عام ١٩٤٧، كما أخرج وشارك فى كتابة السيناريو لأكثر من ٣٠ فيلمًا.
وتُعتبر أفلام «ذو الفقار» من بين الأعظم على الإطلاق، ومنها فيلم «رد قلبي»، الذى صدر فى عام ١٩٥٧، فى أعقاب ثوة ٢٣ يوليو، ويرصد قصة شاب فقير «ابن جنايني»، يُدعى على «شكرى سرحان»، وحبه الخالد لأميرة غنية، تُدعى إنجى «مريم فخر الدين»، لكن حبهما لا يرى النور فى ضوء التفرقة الطبقية، ورفض والدها القاطع لتلك الزيجة، وتتعقد علاقتهما عندما يعلم والدها بتلك العلاقة، فيطرد والد علي، ويهدد إنجى بأنه سيبطش بحبيبها إذا لم تتراجع، وبالفعل تتراجع إنجى عن العلاقة، وتُخطب لغيره، وبعد اندلاع الثورة، وزوال الفوارق الطبقية، تُتوج قصة الحب بالزواج.
ومن بين أهم الأفلام التى قدمها «ذو الفقار»، فيلم الشموع السوداء» عام ١٩٦٢، الذى يحكى قصة إيمان «نجاة» الممرضة البريئة، التى تستلم مهمة جديدة؛ وهى تمريض رجل ضرير يُدعى أحمد «صالح سليم»، وتقابل إيمان مشكلة كبيرة فى أثناء عملها، وهى أن أحمد مصاب بعقدة نفسية، على أثرها يبغض كل النساء، ومن هنا تعتزم إيمان، ليس فقط تمريضه، لكن إزالة تلك العقدة، وبعدها تتعقد الأحداث، حيث إن فتحى شقيق أحمد يضايق إيمان، ويريد الحصول عليها بأى شكل، ويصنع المكائد لإيمان ولأحمد مستغلًا عجز شقيقه.
عملت فاتن حمامة معه فى مجموعة كبيرة من الأفلام، وكانت البداية فى فيلم «أبوزيد الهلالي» عام ١٩٤٧، وبعده «أنا الماضي»، عام ١٩٥١، و«سلوا قلبي»، عام ١٩٥٢، و«موعد مع الحياة»، عام ١٩٥٣، و«موعد مع السعادة»، عام ١٩٥٤، وهو آخر أفلامهما معًا، قبل انفصالهما، وزواج فاتن حمامة الشهير بعد ذلك من عمر الشريف.
أخرج عز الدين ذو الفقار فى مسيرته، ٣٤ فيلمًا، منها «رد قلبي، الشموع السوداء، الراجل الثاني، نهر الحب، موعد فى البرج، شارع الحب، امرأة فى الطريق، طريق الأمل، إنى راحلة، شاطئ الذكريات، أقوى من الحب، الشك القاتل، وفاء، أنا الماضي»، وغيرها الكثير.
حصل عز الدين ذو الفقار على عدة جوائز، منها جائزة الدولة الثانية عن فيلم «أنا الماضي» ١٩٥١، وجائزة المركز الكاثوليكى المصرى للسينما عن فيلمى «وفاء» ١٩٥٣، و«موعد مع الحياة» ١٩٥٣، وجائزة الصحافة اللبنانية عن الفيلم نفسه، وجائزة الدولة لأحسن قصة عن فيلم «بورسعيد» ١٩٥٧، بجانب جائزتى الإخراج والسيناريو لفيلم «صراع الأبطال» فى عام ١٩٦٣.
وفى اليوم الأول من شهر يوليو عام ١٩٦٣، وبعد صراع مرير مع أكثر من مرض، تُوفى المخرج عز الدين ذوالفقار، عن عمر ناهز ٤٣ عامًا.
