السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

أحمد جمال الدين وزير التعليم الأسبق في حواره لـ"البوابة نيوز": لم تحصل أي كلية حقوق على الاعتماد.. وأفكار "شوقي" جيدة وعلينا مواجهة الخوف من التغيير

أحمد جمال الدين وزير
أحمد جمال الدين وزير التعليم الأسبق في حواره لـالبوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قرارات جريئة، ونقلة نوعية تشهدها كليات الحقوق بالجامعات الحكومية، والتى تفاجأ بها الكثيرون، بدءًا من قرار إلغاء معادلة الدبلومات بالماجستير، ورفض دخول برامج الحقوق بالتعليم المفتوح الجديد، وضربت القرارات بعرض الحائط الكثير من ضغوط أصحاب المصالح، فحددت أعدادًا قصوى إلزامية بكل من الدراسات العليا وشعب اللغات وكليات الحقوق الجديدة، وفرضت قيودًا لتحسين مستوى جودة رسائل الماجستير والدكتوراه. ولذا كان لنا هذا الحوار مع الدكتور أحمد جمال الدين موسى، وزير التربية والتعليم والتعليم العالى الأسبق، ورئيس لجنة الدراسات القانونية بالمجلس الأعلى للجامعات.
■ ما أهم القرارات التى اتخذتها لجنة الدراسات القانونية بالمجلس الأعلى للجامعات؟
- تم اتخاذ قرار بتجميد العمل بنظام معادلة دبلومى الدراسات العليا فى القانون، أحدهما فى القانون العام أو فى القانون الخاص، بدرجة الماجستير، مع السماح للطلاب، الذين سبق حصولهم على إحدى الدبلومات باستكمال الدبلومة الثانية لمعادلتها خلال العامين الجامعيين التاليين بصفة استثنائية، وكمرحلة انتقالية، مع التزام الكليات بالحد الأقصى المقرر، وهو ٣٠٠ طالب لكل دبلومة.
كما تم إقرار وجوب اشتراط الحصول على تقدير جيد فى مرحلة الليسانس، كحد أدنى للقبول ببرامج الماجستير الأكاديمية فى القانون، وضرورة اشتراط تحقق مستوى فى اللغة الأجنبية لا يقل عن ٤٠٠ نقطة فى اختبار التويفل أو ما يُعادلها فى اللغات الأخرى، كشرط قيد للتسجيل لدرجة الماجستير، ترتفع إلى ٥٠٠ نقطة أو ما يُعادلها للتسجيل لدرجة الدكتوراه.
وأقرت اللجنة عدم جواز قبول أعداد طلاب فى أى من برامج الماجستير تتجاوز نسبتهم ٤٠ إلى ١ لكل عضو هيئة تدريس قائم بالعمل فعليًا بالقسم العلمى الذى يندرج فى مجال تخصصه البرنامج، ويشترط فى كل الأحوال لبدء الدراسة فى الماجستير ألا يقل عدد أعضاء هيئة التدريس القائمين بالعمل فعليًا بالقسم عن عضوين، أحدهما على الأقل أستاذ أو أستاذ مساعد، كما لا يجوز بأى حال قيد أكثر من ٣٠٠ طالب فى أى برنامج للماجستير.
وأوصت اللجنة بضرورة التزام الجهات المسئولة عن الدراسات العليا بكليات الحقوق والجامعات بوضع حد أقصى لعدد رسائل الماجستير والدكتوراه للمشرف الواحد، بحيث لا يزيد بأى حال على ١٥ رسالة دكتوراه و٣٠ رسالة ماجستير للأستاذ فى ذات الوقت. وقررت اللجنة فرض دراسة تمهيدية تسبق التسجيل لدرجة الدكتوراه فى الحقوق لا تقل مدتها عن ستة شهور.
■ وما أسباب هذه القرارات؟
- اللجنة اتخذت القرارات الضرورية لإصلاح نظام الدراسات العليا فى كليات الحقوق، وتحقيق الجودة اللازمة، والتى تعرضت للخلل فى السنوات الأخيرة؛ بسبب قبول أعداد كبيرة من الطلاب تتجاوز كل مناطق فى دبلومات الدراسات العليا فى بعض الكليات، بلغ نحو أربعة آلاف طالب فى دبلومة واحدة فقط بإحدى الكليات، وأكثر من 3 آلاف وخمسمائة طالب فى دبلومة أخرى فى كلية ثانية، وهو ما يتجاوز بكثير جميع الطلاب المقبولين فى السنة الأولى من مرحلة الليسانس فى معظم كليات الحقوق، ويتولى التدريس لهؤلاء الآلاف عدد من أعضاء هيئة تدريس يعدون على أصابع اليد الواحدة، فى صورة محاضرات تقليدية لا تتميز عن محاضرات مرحلة الليسانس. وبالفعل تم بدء التنفيذ، والتقيد بحد أقصى هو ٥٠٠ طالب، مضافًا لهم الطلاب الراسبين من قبل، والمستكملين للدبلوم الثاني، والوافدين.
■ وهل التزمت الكليات بذلك؟
- القرارات أصبحت ملزمة بالفعل، ولكنها لم تنفذ بشكل كامل، وبعض الكليات غيرت اللوائح والبعض الآخر نحاول معه، وهذا يحتاج وقتًا لتعديل اللوائح رغم وجود دافع وإرادة لدى السادة العمداء. والحقيقة أن الكليات الشابة، مثل كليات الحقوق بجامعات حلوان وأسوان والمنيا، غيرت سريعًا لوائحها، وأتوقع خلال شهور تحول معظم الكليات للنظام الجديد لأنه أكثر كفاءة، بينما هناك بعض المقاومة من جانب كليات الحقوق الكبيرة، مثل القاهرة وعين شمس والإسكندرية، ولذلك قد تحتاج وقتًا أطول.
■ ما حقيقة توقف قبول برامج الحقوق بالتعليم المفتوح؟
- برامج التعليم المفتوح كانت قد بدأت بشكل جيد، ولكن المستوى تدهور، وحدث تسيب فى التطبيق، لدرجة أن وصل عدد المقبولين فى هذا النظام إلى أكثر من أربعين ألف طالب بإحدى الكليات الحديثة نسبيًا، مما حطم كل معايير الجودة، رغم تكرار تحذيرنا لمسئولى الجامعة والكلية آنذاك، والحمد لله تمت مراجعة الأمر من قبل القيادات اللاحقة، لكننا أخذنا فى اللجنة قرارًا بعدم دخول كليات الحقوق فى برامج التعليم المفتوح المهنى نهائيًا، بالنسبة لشهادة الليسانس فى القانون، لعدم التوافق مع طبيعة الدراسة القانونية الأكاديمية التى تؤهل لوظائف القضاء والمحاماة.
■ وكيف تقيم شعب اللغات بكليات الحقوق؟
- فى البداية، كان نظامًا جادًا، يتم فيه انتقاء الطلاب وفق معايير موضوعية وبأعداد محددة، لا تزيد على مائة طالب، لكننا فوجئنا خلال السنوات الماضية بتجاوز كبير فى أعداد الطلاب المقبولين، حيث بلغ أكثر من ألف طالب فى بعض الجامعات، كما حدث تهاون شديد فى شروط القبول، لدرجة قبول طلبة لا تجيد اللغة التى سيدرسون بها، ولذا غاب الهدف من وراء إنشاء هذه الشعب، إلا فى حالات استثنائية، أبرزها جامعة القاهرة. وقد راجعنا هذا الوضع ووضعنا ضوابط، من أبرزها إلزام الكليات بـ٤٠٠ طالب كحد أقصى مرحليًا، على أن تخفض الأعداد تدريجيًا لأقل من ذلك، وكذلك تعديل اللوائح، وقد بدأت معظم الكليات فى الاستجابة لذلك.
■ أثيرت فى الآونة الأخيرة انتقادات كثيرة حول كليات الحقوق الجديدة وتجهيزاتها.. فما تعليقك؟
- وافقنا على إنشاء كليات الحقوق بجامعتى أسوان والمنيا، والتزمتا بالفعل بالضوابط التى صاحبت قرار الموافقة، ثم تمت الموافقة على إنشاء كلية الحقوق بجامعة سوهاج، ولكن لم يتم احترام القواعد، وكانت هناك مخالفات صارخة، ناقشناها ونبهنا كتابة بشأنها كل من عميد الكلية ورئيس الجامعة وأمين المجلس الأعلى للجامعات، وطالبنا باتخاذ قرار صارم لإصلاح أوضاع الكلية، خاصة الالتزام بالحد الأقصى للطلبة المسموح بقبولهم سنويًا، وتعيين العدد المناسب من أعضاء هيئة التدريس واختيار عميد من أساتذة الحقوق الأكفاء. ومؤخرًا وافقنا بذات الضوابط على إنشاء كليات جديدة فى كل من بورسعيد والفيوم ودمياط. وقد بدأت الدراسة بالفعل فى الكليتين الأوليتين، لكننا وجهنا بالبدء فقط بـ١٠٠ طالب، ثم تُزاد إلى ٤٠٠ طالب مع استكمال تعيينات أعضاء هيئة التدريس. وقد شكلنا لجنة لمتابعة الأداء والتحقق من درجة التزام كل الكليات الجديدة. واللجنة تبنت سياسة ترمى إلى قبول فكرة التوسع فى إنشاء كليات حقوق جديدة، مع تقليل أعداد الطلاب المقبولين فى كل من الكليات الجديدة والقديمة على السواء، تحسبًا لجودة التعليم القانوني.
■ وما أهم معوقات التطوير؟
- بصراحة هناك مشكلة فى تطوير الكليات القديمة، بسبب زيادة أعداد الطلبة عن الطاقة الاستيعابية المثلى لهذه الكليات، خاصة فى ظل نقص أعداد الأساتذة ومعاونيهم، وتقليدية أساليب التدريس المستخدمة، والقصور فى التجهيزات المتاحة، خاصة قاعات الدروس والمكتبات، وغياب الاتصال المباشر بين الأساتذة ومعظم الطلاب، وتراجع الأنشطة الطلابية الجماعية والفردية، وغياب الإشراف الأكاديمى بمعناه الحديث. وفى اعتقادى أنه لا بد من تقليص أعداد الطلاب فى الكليات النظرية جميعًا بشكل تدريجي، والاتجاه بقوة نحو إنشاء الجامعات التكنولوجية، القادرة على استيعاب أعداد كبيرة من خريجى الثانوية العامة، وتلبية احتياجات سوق العمل، ولنا أسوة فى ذلك ما سبقتنا إليه دول أخرى كألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها.
■ ما عدد كليات الحقوق بالجامعات الحكومية والخاصة المعتمدة؟
- ١٧ كلية بجامعات حكومية، بجانب كليات خاصة فى جامعات فاروس والبريطانية والألمانية. وللأسف لا توجد كلية حقوق واحدة تم اعتمادها من الهيئة الوطنية لضمان جودة التعليم، وهذا طبيعى فى ظل أعداد الطلاب الكبيرة مقارنة بأعداد للأساتذة، أما الكليات حديثة العهد، التى التزمت بمعايير اللجنة، فلا بد أن يتم تخريج دفعة حتى يتم التقدم لهيئة الجودة والاعتماد.
■ وما رأيك فى أفكار التطوير التى يطرحها الوزير الحالى؟
- أرحب بفكرة التطوير التى يطرحها الوزير الحالى الدكتور طارق شوقي، وأرى أنها من حيث المبدأ جيدة، لكن الأهم أن نشرع فى التطوير، ولا نخشى التغيير، خاصة فى التعليم، فنظامنا التعليمى فى المرحلة الثانوية مستمر على حاله منذ خمسينيات القرن الماضى رغم تبدل الكثير من الظروف. يقينى دائمًا هو أن من واجبنا أن نسعى لتطوير أنفسنا ونظمنا ومؤسساتنا، وأن نتحمل بعض الصعوبات وأن ندفع الضريبة من وراء التغيير، لأن منافعه ستكون أكبر بكثير من خسائره.
■ وما رؤيتك لتطوير المنظومة حاليًا؟
- التعليم يشكل تحديًا كبيرًا، خاصة مع الزيادة السكانية، والتطور التكنولوجى السريع، فلا بد أن يتطور التعليم مع التكنولوجيا. وأعتقد أن أى رؤية متكاملة للإصلاح التعليمى يجب أن تتبنى ستة محاور: تبدأ بتوفير مكان فى المدرسة، ومعلم كفء، سعيد بعمله ومخلص له، وكذلك تطوير النظام التعليمى ليكون تفاعليا ومهتما بالأنشطة التى تشجع التلاميذ على التعبير عن النفس والإبداع، فضلًا عن تطوير المناهج لتتلاءم مع العصر، ولا تغفل أهمية تهيئة إدارة تعليمية ذات كفاءة عالية على كل المستويات، وأخيرًا تعزيز المشاركة المجتمعية الفعالة فى تطوير العملية التعليمية والرقابة على أداء المؤسسات التعليمية.
ولذلك أنا من أنصار إنشاء مجلس قومى أو مفوضية عليا للتعليم، تتولى وضع أسس السياسة التعليمية العامة ومتابعتها والرقابة عليها لكل أنواع التعليم فى مصر: الجامعى وقبل الجامعي، العام والخاص، المدنى والديني، ويمكن أن تتبعها الهيئة القومية لضمان الجودة، وتتميز بالاستمرارية بعيدًا عن أى تغيير وزارى أو حكومي.