الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بعد تلميح محافظة القاهرة تغيير اسم شارع "سليم الأول".. خبراء: أفقد استقلال مصر وحولها لـ "ولاية".. وقتل آلاف المواطنين.. وأعدم آخر سلطان مملوكي "طومان باي"

 شارع سليم الأول
شارع "سليم الأول"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شوارع كبيرة وشهيرة بالقاهرة لا يعرف الكثيرون أسباب تسميتها ومن هم الأشخاص الذين تحمل هذه الشوارع أسمائهم، وما اذا كانوا أبطال، أم طغاة ظالمين أم عادلين.
وعلى أثر ذلك تأتي أبحاث المؤرخين شاهدًا على هذه الشوارع، حيث قال محمد صبري الدالي أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة حلوان: "لا يصح إطلاق اسم أول مستعمر لمصر، الذي أفقدها استقلالها وحولها لمجرد ولاية من ولايات الدولة العثمانية إلى جانب قيامه بقتل آلاف المصريين خلال دفاعهم عنها وأعدم آخر سلطان مملوكي "طومان باي" وحل الجيش المصري على أن يتم إجراء حوار مجتمعي تحت رئاسة رئيس حي الزيتون مع أهالي الحي وأصحاب المحلات والمهتمين من المثقفين والمؤرخين لاختيار الاسم المناسب. 
جاء ذلك خلال اجتماع لجنة التسميات بالمحافظة برئاسة المحافظ وحضور اللواء هاني شنيشن، مدير مديرية الإسكان وممثلي وزارتي الداخلية الدفاع والعميد محسن صلاح السكرتير العام المساعد وممثلو هيئة البريد والتربية والتعليم والأبنية التعليمية وعدد من قيادات المحافظة.

ووافق محافظ القاهرة خلال الاجتماع على إطلاق أسماء شهداء الوطن من أبناء القوات المسلحة والشرطة على عدد من المدارس والمحاور والشوارع الجديدة يأتي عرفانًا وتقديرًا من المحافظة لما بذلوه من عطاء وتضحية في سبيل الوطن وتخليدًا لذكراهم وفخرًا للمدارس بإطلاق أسماء شهداء الوطن عليها، وفي هذا التقرير نستعرض بعض أسماء شوارع القاهرة الشهيرة وصفة أصحابها سواء كانوا أشخاص يستحقون حمل الشوارع لأسمائهم أم لا ونبدأ بالسلطان سليم الأول:

من هو سليم الأول؟
هو تاسع سلاطين الدولة العثمانية وخليفة المسلمين الرابع والسبعين، وأوّل من حمل لقب "أمير المؤمنين" من آل عثمان، حكم الدولة العثمانية من سنة 1512 حتى سنة 1520، يُلقب "بالقاطع" أو "الشجاع" عند الأتراك نظرًا لشجاعته وتصميمه في ساحة المعركة، ويُعرف بالغرب بأسماء سلبية، فعند الإنجليز مثلا سمي "سليم العباسي"، نظرًا لما يقوله بعض المؤرخين بأنه كان دائمًا متجهم الوجه، وعند الفرنسيين عرف باسم سليم الرهيب. 
وصل سليم إلى تخت السلطنة بعد انقلاب قام به على والده، "بايزيد الثاني"، بدعم من الانكشارية وخاقان القرم، ونجح بمؤازرتهم بمطاردة إخوته وأبنائهم والقضاء عليهم الواحد تلو الآخر، حتى لم يبق له منازع في الحكم، وفي عهده ظهرت السلالة الصفوية الشيعية في إيران وأذربيجان، ونشبت بينها وبين العثمانيين حرب ضروس انتصر فيها السلطان سليم، ومن ثمّ حوّل أنظاره نحو السلطنة المملوكية فغزا أراضيها وقضى عليها نهائيًا بعد أن استمرت 267 سنة.
تميز عهد السلطان سليم الأول عما سبقه من العهود بأن الفتوحات تحولّت في أيامه من الغرب الأوروبي إلى الشرق العربي، واتسعت رقعة الدولة اتساعًا كبيرًا لشملها بلاد الشام والعراق والحجاز وتهامة ومصر، وبلغت مساحة أراضيها حوالي مليار فدّان يوم وفاته.
وكان من نتيجة فتوحات السلطان سليم أن ازدهرت الدولة العثمانية في أيام خليفته، "سليمان الأوّل"، بعد أن أصبحت إحدى أهم دروب التجارة البريّة طريق الحرير ودرب التوابل، تمر في أراضي الدولة، ولاكتسابها عدد من المرافئ المهمة في شرق البحر المتوسط والبحر الأحمر.
تولّى سليم إدارة سنجق طرابزون وهو ما زال في ربيعه الحادي عشر، واستمر يديره بحزم ودراية طيلة 29 سنة، فعاصر الأيام الأولى لبروز السلالة الصفوية في إيران وأذربيجان، وأدرك أن نفوذ الصفويين المتوسع شيئا فشيئًا قد يُشكل خطرًا على الدولة العثمانية في المستقبل، وأتقن سليم اللعبة السياسية خلال حكمه طرابزون وبرع فيها، فحسّن العلاقات العثمانية مع دول الجوار، وحمل على جورجيا عدّة حملات عسكرية لمعاقبة حكّامها على ما أطلقوه من الدعاية المعادية للعثمانيين.
دخول سليم الأول إلى القاهرة:
وبعد المعركة ببضعة أيام، تحديدًا في يوم 23 يناير سنة 1517، دخل السلطان سليم مدينة القاهرة في موكب حافل وقد أحاطت به جنوده الذين امتلأت بهم شوارع القاهرة، يحملون الرايات الحمراء شعار الدولة العثمانية، وكُتب على بعضها "إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا"، وفي بعضها "نصرٌ من الله وفتحٌ قريب"، ولم يكد السلطان يهنأ بهذا الفتح حتى باغته طومان باي في "بولاق"، واشترك معه المصريون في هذه الحملة المفاجئة، وأشعلوا في معسكر سليم الأول النيران، وظن الناس أن النصر آت لا محالة.
واستمرت مقاومة المماليك أربعة أيام وليال، وظهروا فيها على العثمانيين، حتى إنه خُطب لطومان باي في القاهرة في يوم الجمعة، وكان قد دُعي لسليم في الجمعة التي سبقتها، غير أن هذا الفوز لم يحسم المعركة لصالح طومان باي؛ إذ سرعان ما لجأ الجنود العثمانيون إلى سلاح البنادق، وأمطروا به من فوق المآذن الأهالي والمماليك، فأجبروهم على الفرار، وفرَّ طومان باي إلى "البهنا" التي تقع غربي النيل في جنوب القاهرة. 

من هو بهاء الدين قرارقوش؟ 
كان خادم صلاح الدين الأيوبي، وقيل خادم أسد الدين شيركوه، عم صلاح الدين فأعتقه، ولما استقل صلاح الدين بالديار المصرية جعل له زمام القصر، ثم ناب عنه مدة بالديار المصرية، وفوّض أمورها إليه، واعتمد في تدبير أحوالها عليه، كان رجلًا مسعودًا، حسن المقاصد، جميل النية، وصاحب همة عالية، فآثاره تدل على ذلك، فهو الذي بني السور المحيط بالقاهرة، ومصر وما بينهما، وبنى قلعة الجبل، وبنى القناطر التي بالجيزة على طريق الأهرام، وعمّر بالمقدس رباطا، وعلى باب الفتوح بظاهر القاهرة خان سبيل، وله وقف كثير لا يعرف مصرفه. 
وعندما أخذ صلاح الدين مدينة عكا من الفرنج سلمها إليه، ثم لما عادوا واستولوا عليها وقع أسيرًا في أيديهم، وأفدى نفسه منهم بعشرة آلاف دينار في سنة 588هـ، ففرح به السلطان فرحًا شديدًا، وكان له حقوق كثيرة على السطان وعلى الإسلام والمسلمين.
واستأذن في المسير إلى دمشق ليحصل مال إقطاعـه فأذن له والناس ينسبون إليه أحكامًا عجيبة في ولايته، حتى إن للأسعد بن مماتي له جزء سماه "الفاشوش في أحكام قراقوش"، وفيه أشياء يبعد وقوع مثلها منه، والظاهر أنها موضوعة، حيث إن صلاح الدين كان معتمدًا عليه في أحوال المملكة، ولولا وثوقه بمعرفته وكفايته مافوضها إليه، وتوفي بالقاهرة سنة "597هـ".

طومان باي
الأشرف أبو النصر طومان باي آخر سلاطين المماليك الشراكسة في مصر، فهو السلطان الوحيد الذي شنق على باب زويلة، استلم الحكم بعد مقتل عمه السلطان الغوري بموقعة مرج دابق بعد أن عينه نائبًا له قبل خروجه لقتال العثمانيين، وبعد قتله أجمع الأمراء على اختياره سلطانًا لمصر، وقد امتنع في بداية الأمر بحجة ضعف الموقف العام وتشتت قلوب الأمراء وحصول فتنة من قبل بعض المماليك حيث كان قد نُهِب خان الخليلي وقُتِل جميع التجار الأورام بحجة أصولهم العثمانية، لكنه عاد بعد إلحاح وبعد أن أقسم له الأمراء على المصحف بالسمع والطاعة وعدم الخيانة وقد حضر البيعة المستمسك بالله يعقوب الخليفة المعزول وذلك لوجود ابنه الخليفة العباسي المتوكل على الله الثالث أسيرًا بأيدي العثمانيين بحلب.

سليمان الحلبي
مواليد حلب طالب شامي كان يدرس بالأزهر الشريف، كان عمره 24 عامًا حين اغتال قائد الحملة الفرنسية على مصر الجنرال كليبر كما أطلق عليه الجبرتي، وسافر سليمان الحلبي من حلب إلى القدس عندما عاد الوزير العثماني بعد هزيمته أمام الفرنسيين وبعد 10 أيام سافر من غزة في قافلة صابون ودخان، ووصل القاهرة بعد 6 أيام.. ذهب إلى الأزهر وسكن هناك عرف بعض الساكنين معه وهم من مدينة حلب أنه حضر لمقاومة الاحتلال الفرنسي، ولم تستغرق المحاكمة أكثر من أربعة أيام، حققوا معه ومع من عرف أمره من مشايخ من الأزهر حاولوا ثنيه عن الأمر دون إبلاغ السلطة الفرنسية، وأصدر مينو في اليوم نفسه أمرًا بتكليف محكمة عسكرية بتاريخ 15 و16 يونيو 1800 لمحاكمة قاتل كليبر.
وهذه المحكمة مؤلفة من 9 أعضاء من كبار رجال الجيش، وكانت رئاسة المحكمة للجنرال رينيه، وحكموا عليهم حكمًا مشددًا بالإعدام إلا واحدًا، فحكم عليه الفرنسيون بحرق يده اليمنى وبعده يتخوزق ويبقى على الخازوق لحين تأكل رمته الطيور، (المختار من تاريخ الجبرتي)، كما كانت العادة في أحكام الإعدام، ونفذوا ذلك في مكان علني يسمى "تل العقارب" بمصر القديمة، على أن يقطعوا رؤوس الأزهريين أولًا ويشهد سليمان إعدام رفاقه ممن عرفوا أمره ولم يبلغوا الفرنسيين بالمؤامرة، ومن ثم يحرق بارتيليمي يد سليمان الحلبي ثم يرسله إلى خوزقته، ويردد الحلبي الشهادتين وآيات من القرآن، وقد ظل على تلك الحال أربع ساعات، حتى جاءه جندي فرنسي مشفقًا لحاله فأعطاه -بعد خروج الجميع- كأسا ليشرب منه معجلًا بذلك بموته بالحال.

وقال خالد مصطفى المتحدث باسم محافظة القاهرة إن تغيير اسم الشارع جاء خلال اجتماع لجنة التسميات بالمحافظة برئاسة المحافظ وحضور اللواء هاني شنيشن، مدير مديرية الإسكان وممثلي وزارتي الداخلية الدفاع والعميد محسن صلاح السكرتير العام المساعد وممثلو هيئة البريد والتربية والتعليم والأبنية التعليمية وعدد من قيادات المحافظة،، حيث كان لتصريح محمد صبري الدالي أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة حلوان بأنه لا يصح إطلاق اسم أول مستعمر لمصر، الذي افقدها استقلالها وحولها لمجرد ولاية من ولايات الدولة العثمانية إلى جانب قيامه بقتل آلاف المصريين خلال دفاعهم عنها وأعدم آخر سلطان مملوكي "طومان باي".
وأكمل "مصطفى" أنه إلى جانب ذلك فإن هذا التغيير لم يكن الأول ولن يكون الأخير طالما هناك اختلاف في أسماء شوارع كبيرة وشهيرة بالقاهرة على هذا الاسم، ونفضل وضع أسماء شهداء الوطن على هذه الشوارع حتى نخلد ذكراهم ونتذكرهم طول الزمن، كما أنه ما لا يدع مجالا للشك أن لشهداء الوطن أولوية كبيرة في وضع أسمائهم على هذه الشوارع، والمحافظة تسعى دائمًا لتخليد ذكراهم بشتى الطرق.