الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الإصلاح الإنجيلي والمرأة؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من المواضيع التى نادرا ما يسلط عليها الضوء، موضوع «أثر الإصلاح الإنجيلى على المرأة فى القرن السادس عشر». عندما ندرس كتابات المصلحين، نجد أن الإصلاح الإنجيلي، أجرى تغييرا فى الدور الذي، كن يلعبنه النساء فى المجتمع. فقبل زمن الإصلاح، كان ينظر المجتمع إلى، الفتيات أو الفتيان الذين كانوا ينذرون، نذر العفة وعدم الزواج، بهدف الخدمة المقدسة فى الأديرة، على أنه أمر ذو مرتبة ومكانة وقيمة اجتماعية مرموقة. لكن بعد بدء الإصلاح، وسماح المصلحين بزواج الإكليروس والراهبات، تم التركيز على دور المرأة، الأم الحنون والزوجة الصالحة، فأعطى دورها هذا، مكانة وقدسية تساوى، بل حتى تفوق مكانة دورها السابق كراهبة. وهكذا، بعد أن نظر المجتمع إلى قدسية مكانة المرأة فى الدير، ركّز المصلحون على قدسية وسمو مكانتها فى الحياة اليومية: فى عائلتها وكنيستها ومجتمعها. 
فالمصلحون الإنجيليون عادوا إلى تاريخ الكنيسة، فوجدوا أن إلزامية نذر العفة أو العذوبية، على الإكليروس والرهبانية، قد دخل الكنيسة فى مرحلة لاحقة من تاريخها، ولم يجدوا فى الكتاب المقدس، نصوصًا تفرض إلزامية العذوبية على الناس الذين يخدمون الله. بدأ المصلح مارتن لوثر الوعظ عن حق زواج الإكليروس عام ١٥١٩، أى بعد سنتين من تعليقه بنوده الإصلاحية الـ ٩٥. إلا أنه تزوج من الراهبة كاترينا فون بورا عام ١٥٢٥. نظر مارتن لوثر إلى الزواج على أنه ترتيب الله للخليقة، لأن الله خلق الإنسان ذكرا وأنثى. وقدسية الزواج تنبع من كونه مؤسس ومبارك من الله نفسه. فلوثر حتى العام ١٥٢٢، أى بعد ٥ سنوات على بدء إصلاحه، كان يعتبر الزواج كأحد أسرار الكنيسة السبعة. وبعد العام ١٥٢٢، تغير مفهوم لوثر للزواج، ليشدد على أن المحبة هى العنصر الأساسى فى الزواج، بالإضافة إلى عناصر: الصداقة والشركة والمشاركة بين الزوج والزوجة فى الحياة العائلية. صحيح أن المصلحين لم يعودوا يعتبرون الزواج، كأحد أسرار الكنيسة، لأن مفهوم السر لم يعد يتوافق مع مفهومهم الجديد لمعنى السر الكنسي. إلا أن الزواج اكتسب معنى جديدًا مقدسًا. فنظر إلى الزواج المسيحى كدعوة مشّرفة لمعظم، إن لم يكن لكل الناس. شدّد لوثر على أمرين أساسيين فى طرحه لموضوع زواج الإكليروس والراهبات: الأول، ليس جميع الناس لديهم موهبة العذوبية والقدرة على البقاء فى حالة عدم زواج. وبالتالى، قال لوثر: «من لديه الموهبة والقدرة على العذوبية وعدم الزواج، يجب ألا يجبر على ذلك. ومن ليس لديه هذه الموهبة، أيضا يجب ألا يجبر على ذلك. السبب الآخر الذى يدعو الإنسان للزواج، هو أن العلاقة الجنسية الزوجية هى حاجة طبيعية فيسيولوجية. ويجب ألا تسدّ هذه الحاجة إلا بالزواج. وجد المصلحون فى زواج النساء، والأمومة، وإنجاب الأولاد، الوسيلة الطبيعية البشرية، لاستمرار المجتمع بحسب ترتيب الخليقة. وأن النساء يشاركن فى الخلق مع الله عندما يلدن أولادا. 
من المبادئ الأساسية، التى أطلقها المصلحون التى أجرت تغييرا فى حياة ومفاهيم الناس عامة، والنساء خاصة، مبدآ: الكتاب المقدس وحده، وكهنوت جميع المؤمنين. فدعوة المصلحين لكل الناس إلى قراءة الكتاب المقدس بمفردهم دون العودة إلى مراجع السلطة الكنسية فى تفسيره، أعطت النساء استقلالية روحية، لأن المرأة رأت، أنه باستطاعتها، أن تقرأ الكتاب المقدس لوحدها وتتعمق فيه بنفسها. وهذا الأمر أعطى بعدا تحريريا للنساء. ومبدأ كهنوت جميع المؤمنين، أشعر النساء بمساواة روحية أمام الله وأمام الرجال، لأنهن أدركن، أن كل إنسان يؤمن بالمسيح، ذكرًا كان أم أنثى، يصبح كاهنا وكاهنة أمام الله أولا وأمام بعضهم البعض. هذا الفكر الإنجيلي، أعطى النساء نوعًا من الرضى والاكتفاء الروحى والعاطفي. وصف أحدهم تأثير الإصلاح على النساء بقوله «هناك شىء تغيّر فى النساء اللواتى انخرطن فى الإصلاح الإنجيلى، ألا وهو نظرة النساء إلى أنفسهن».
فبالرغم من وجود نسبة كبيرة من النساء غير المتعلمات، فى زمن الإصلاح، إلا أن الذى لاحظه المؤرخون، هو أن الكثير من المصلحات الإنجيليات، اللواتى شاركن فى نشر الإصلاح الإنجيلي، كن من الطبقة العليا فى المجتمع، اللواتى حصلن على فرصة جيدة من التعليم، وبالتالى، فإن مكانتهن الاجتماعية المميزة، وضعت عليهن مسئولية كبيرة فى إصلاح الكنيسة والمجتمع.
على الرغم من وجود نسبة كبيرة من النساء غير المتعلمات، فى زمن الإصلاح، إلا أن الذى لاحظه المؤرخون، هو أن الكثير من المصلحات الإنجيليات كن من الطبقة العليا فى المجتمع.