الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محمود سعد والقرضاوي في مرآة حمدي زقزوق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من المؤكد أن الملل لن يعرف إليك سبيلا وأنت تطالع مذكرات د. محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف الأسبق بأجزائها الثلاث والصادرة بعنوان «رحلة حياة».
ومن أين يأتى الملل وأنت تطالع لغة عذبة خالية من الغموض والإبهام... وكيف يعتريك الفتور وأنت تقرأ ليس فقط القصة الحقيقية لديانة زوجة زقزوق التى كانت حديث الصحف ووسائل الإعلام طوال سنوات مضت.. بل وتعرف كذلك اسم المسئول الكبير «حاليا» الذى «سرق» موسوعة زقزوق بوضع اسمه عليها واستدعاه شيخ الأزهر د. أحمد الطيب، ووبخه على ذلك- على حد زعم المؤلف-.
ليس هذا فحسب، بل ستنبئك المذكرات بحقيقة الخلاف بين زقزوق وتلميذه د. أحمد الطيب، وستطالع رد شيخ الأزهر على انتقادات أستاذه الذى تتلمذ على يديه فى كلية أصول الدين.
يصعب سرد كل ما ورد فى الأجزاء الثلاث، لذلك سنشير إلى أبرز القضايا والأسرار التى تطل بوجهها «المثير».
■ طوال الـ١٥ عاما التى كان زقزوق فيها وزيرا للأوقاف كانت «ديانة زوجته» أبرز ما يثار ضده وشاع وقتها السؤال الاستنكارى الماكر كيف يكون وزيرا للأوقاف من يعلق صليبا فى بيته؟.. إشارة إلى أن زوجته مسيحية.. وقليلون كانوا يقولون إن زوجته يهودية.
الطريف المزعج أو المزعج الطريف -كما تكشف المذكرات- أن من كانوا يروجون لهذه الشائعة كانوا شيوخا أزهريين بل أساتذة للعقيدة فى جامعة الأزهر، مما يعنى أنهم يعلمون تماما أن كونها مسيحية أو يهودية لا يعيب الرجل من الناحية الدينية!.
لكن المفاجأة أنها كانت مسلمة أو إذا أردنا الدقة دخلت الإسلام عام ١٩٧٢ بكامل إرادتها وهى ألمانية تعرف عليها زقزوق أثناء دراستهما للفلسفة فى ستينيات القرن الماض بألمانيا، وتزوجها وعندما عاد واستقر فى القاهرة قال له أستاذه المفكر الإسلامى الكبير د. محمد البهى: «أياك أن تجبرها على الإسلام» ويوضح زقزوق: «لم اجبرها لكنها قرأت عن الإسلام كثيرا وقررت برغبتها الكاملة أن تصبح مسلمة».
■ «رحلة حياة» طالت الإعلامى الشهير محمود سعد، انتقادا، فخلال دفاع زقزوق المستميت عن ضرورة زيارة المسلمين للمسجد الأقصى رافضا التعلل بشماعة التطبيع، أشار إلى أنه دعى قبل ٢٥ يناير إلى مناظرة فى التليفزيون المصرى فى مواجهة الراحل الكبير صلاح عيسى، الذى كان يرفض الذهاب إلى الأقصى طالما وجد الاحتلال الإسرائيلى، وأدار المناظرة محمود سعد، وعندما فتحت الاتصالات للجمهور قال المتصلون إنهم يؤيدون رأى «زقزوق» لكن سعد -والكلام للمؤلف- عندما رأى ذلك أنهى المداخلات وقال نكتفى بذلك، ويعقب المؤلف على ذلك منتقدا وغاضبا فيقول: «من المفروض أن يكون -أى محمود سعد- محايدا وموضوعيا، أما أن يحاول أن يفرض وجهة نظره بطريق مباشر أو غير مباشر فهذا ليس من الحيادية ولا من الموضوعية فى شىء، وهكذا كما هى العادة دائما فى مثل هذه الأحوال تضيع الحقائق وسط ركام من الشعارات الجوفاء والاتهامات الباطلة وتضيع معها الحقوق».
■ ثمة ظاهرة يلحظها كل من قرأ أو استمع لشخصيات إخوانية أو إسلامية يمكن تسميتها -أى الظاهرة- «دقات نقص يوسف القرضاوى» فالعجوز القطرى أو «المتقطرن» لم يسلم من خبثه وخبائثه صديق أو رفيق.. قريب أو بعيد.. تلميذ أو أستاذ.. وفى «رحلة حياة» يسجل المؤلف «دقة نقص» للقرضاوى أظن أن أحدا لم يسبقه فى ذكرها وتتعلق بما فعله «العجوز المتقطرن» مع أستاذه الراحل المفكر الكبير د. محمد البهى.
يقول «زقزوق»: فى ستينيات القرن الماضى عين د. البهى كلا من يوسف القرضاوى وأحمد العسال فى الإدارة العامة للثقافة الإسلامية -اسمها الآن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- وكلفهما بجمع مقالات وأحاديث الشيخ محمود شلتوت، وصدرت وقتها تحت عنوان: «من توجيهات الإسلام».
لكن دار الزمن دورته وساءت الأحوال المادية والاقتصادية للدكتور «البهى» فى أخريات حياته -ثمانينيات القرن الماضى- وظهر معدن القرضاوى الحقيقى كما وضح المؤلف قائلا: «لم يكن لديه -البهى- وفرة من المال ولعل هذا ما كان يدعوه لقبول الدعوة أستاذا زائرا لفترات قصيرة فى قطر أو الإمارات وفى إحدى المرات كان أستاذا زائرا فى كلية الشريعة بجامعة قطر وكان القرضاوى عميدا للكلية، ولظروف طارئة اتصل بالقرضاوى طالبا تأجيل الزيارة وكان رد فعل القرضاوى جافا يخلو من اللياقة، بحجة أن جدول المحاضرات قد تم إعداده ولم يعد هناك مجال للتأجيل وحز ذلك فى نفس الدكتور البهى صاحب النفس الأبية ونسى القرضاوى أن د.البهى احتضنه عام ١٩٦١ وعينه فى الإدارة العامة للثقافة الإسلامية، وبعد هذه الواقعة رفض د. البهى قبول أى دعوة أخرى تأتى من جامعة قطر إلى أن توفاه الله».
■ من الأمور المضحكة حد البكاء ما ذكره «زقزوق» عن رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف حيث يقول: «لم يكن يفرق بين الإمام الذى تخرج من الأزهر أقدم جامعة فى العالم، وبين الفقى الذى يقرأ بعض السور القرآنية على الأموات فى المقابر.. ففى مناقشة فى مجلس الوزراء طلبت -أى زقزوق- زيادة دخل الأئمة فقال نظيف: يمكن أن تزيد دخل هؤلاء الفقهاء من أموال الأوقاف أو النذور.. فقلت له: إن وصفك الأئمة بأنهم فقهاء بالمعنى السلبى لهذه الكلمة يعد إهانة للأئمة فالإمام خريج جامعة وموظف عام فى الدولة وله نفس حقوق أى موظف فكيف أساوى بينه وبين الفقى الذى يقرأ القرآن على الأموات فى المقابر نظير قروش معدودة أو نظير بعض الفطائر كما يحدث فى الريف؟ فاعتذر الرجل قائلا: أنا آسف».
■ لم يفت «زقزوق» رصد اختراق السلفية لجامعة الأزهر خلال الحكم الإخوانى لمصر، مشيرا إلى ذلك البيان السلفى الذى تم توزيعه فى جامعة الأزهر وحكم بكفر الأشعرية التى يعد الأزهر مركزها الأهم فى العالم الإسلامى بل إن كلية أصول الدين التى ترأسها د. زقزوق وبعده شيخ الأزهر د. أحمد الطيب، تعد ركن الأشعرية الركين فى العالم بلا منازع، ومن ثم قال الرجل بلغة يغمرها الأسى: «أثناء حكم الإخوان سيطر السلفيون على كلية الدعوة عن طريق جمع التبرعات والحصول على أموال من الوهابية لإنشاء المبنى الجديد فى مدينة نصر وأسس المبنى فى ٦ أشهر وأصدروا بيانا فى ٤ صفحات يكفرون فيه الأشعرية، فضلا عن تكفير والدى النبى صلى الله عليه وسلم مرورا بالصوفية والشيعة والأباضية، وقال البيان: زيارة قبر محمد -صلى الله عليه وسلم- ممنوعة والصلاة فى مساجد قبورية ممنوعة والأرض ثابتة لا تدور والعلماء هم، ابن باز وابن عثيمين والألبانى والحوينى».