السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

رسالة البابا فرنسيس بمناسبة زمن الصوم 2018

 البابا فرنسيس، بابا
البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصدر ظُهر اليوم الثلاثاء البابا فرنسيس رسالة بمناسبة زمن الصوم، تحت عنوان "يَزدادُ الإِثم، فتَفتُرُ المَحَبَّةُ في أَكثرِ النَّاس".
وكتب: "مرّة جديدة يأتي فصح الربّ للقائنا! ولكي نستعدَّ له، تقدّم لنا العناية الإلهية كلّ عام زمن الصوم، "علامة أسراريّة لتوبتنا"، الذي يعلن إمكانيّة العودة إلى الربّ وتحقيقها بكلّ القلب وكلّ الحياة. أريد، بهذه الرسالة، هذا العام أيضًا، أن أساعد الكنيسة بأسرها كي تعيش بالفرح والحق خلال زمن النعمة هذا؛ وأقوم بذلك مستوحيا من عبارة ليسوع في إنجيل متى: "يَزدادُ الإِثم، فتَفتُرُ المَحَبَّةُ في أَكثرِ النَّاس" (۲٤، ۱۲). نجد هذه الجملة في خطاب حول نهاية الأزمان، ألقاه يسوع في أورشليم، على جبل الزيتون، حيث ستبدأ بالتحديد آلامُ الربّ. وإذ يجيب على سؤال التلاميذ يعلنُ فيها يسوع شدّة عظيمة، ويصف الوضعَ الذي قد تجد نفسها فيه جماعة المؤمنين: إزاء أحداث مؤلمة، سيضلّ بعض الأنبياءُ الكذبة الكثيرَ من الناس، لدرجة تهدّد بأن تُطفئ في القلوب المحبّة التي هي محور كلّ الإنجيل.
تابع البابا فرنسيس يقول لنسمع هذا المقطع ولنسأل أنفسنا: ما هي الأشكال التي يتّخذها الأنبياءُ الكذبة؟ إنهم مثل "مُرَقّصي الثعابين"، أي يستغلّون المشاعر البشريّة كي يستعبدوا الأشخاصَ ويقودوهم إلى حيث يريدون. كم من أبناء الله تستولي عليهم إغراءات المتعة العابرة، التي يخلطونها بالسعادة! كم من النساء والرجال يعيشون وقد سُحِروا بوهم المال، الذي يجعلهم في الواقع عبيدًا للربح والمصالح التافهة! وكم منهم يعيشون معتبرين بأنّهم يكفون أنفسهم، ويقعون فريسة الوحدة! أما الأنبياءُ الكذبة الآخرون فهم أولئك "الدجّالون" الذين يقدّمون الحلولَ البسيطة والفورية للمعاناة، علاجات تَظهر غير فعّالة أبدًا: كم من الشباب قد قُدِّم لهم "علاج" المخدّرات الكاذب، أو العلاقات "المُتاحة"، أو المكاسب السهلة غير الشريفة! وكم منهم لا يزالون متورّطين في حياة "افتراضية"، تبدو العلاقات فيها بسيطة وسريعة، ولكن سرعان ما تظهر، وبشكل مأساوي، بلا معنى! إن هؤلاء المخادعون الذين يقدّمون أشياء بلا قيمة، يأخذون أثمن ما وُجِدَ، كالكرامة والحرّية والقدرة على الحُب. إنه خِداع الغرور، الذي يحملنا على الاهتمام بالمظاهر... ولكنّه يجعل منا مجرّد أضحوكة. وهذا الأمر لا يفاجئنا: لأنَّ الشرّير، الذي هو "كذَّابٌ وأَبو الكَذِب" (يو ۸، ٤٤) على الدوام، يقدّم الشرّ على أنّه خير، والمُزيَّف على أنه حقيقيّ، كي يُضلِّل قلب الإنسان. لذلك يُدعى كلّ واحد منّا ليميّز في قلبه ويفحص إن كان مُهدَّدا من قِبَلِ كذب هؤلاء الأنبياء الكذبة. علينا أن نتعلّم عدم التوقّف عند المستوى المباشر والسطحيّ، بل أن نتعرّف إلى ما يترك في داخلنا بصمة جيدة ودائمة، لأنها تأتي من الله وهي لمصلحتنا".
أضاف "يقول في وصفه للجحيم يتخيّلُ دانتي أليغييري الشيطان جالسًا على عرشٍ من جليد؛ لأنّه يعيشُ في جليد الحب المخنوق. لنسأل أنفسنا إذًا: كيف تبرد المحبّة فينا؟ ما هي العلامات التي تدُلُّنا بأن المحبّة تكاد تخمُد فينا؟ إن ما يطفئ المحبّة هو أولًا حبّ المال، "أَصلُ كُلِّ شَرّ" (۱ طيم ٦، ۱۰)؛ ويتبعه رفض الله وعزائه، فنفضّل يأسنا على تعزية كلمته والأسرار. فيتحوَّل هذا كلُّه إلى عنف ضدّ الذين نعتبرهم تهديدًا لـ "ضماناتنا": الطفل الذي لم يولد، والمسنّ المريض، والضيف العابر، والغريب، وإنّما القريب أيضًا الذي لا يتطابق مع توقعاتنا. الخليقة أيضًا هي الشاهد الصامت لفتور المحبّة هذا: فالأرض تُسمِّمها النفايات التي رُميت بسبب الإهمال والمصالح؛ والبحار مُلوَّثة أيضًا، وعليها للأسف أن تغطّي بقايا العديد من غرقى الهجرات القسريّة؛ والسماوات – التي، بحسب تدبير الله، تتغنّى بمجده – تحتلُّها آليّات تُمطِر أدوات موت. تفتر المحبّة أيضًا في جماعاتنا: لقد حاولتُ في الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، أن أصف العلامات الواضحة لنقص المحبّة هذا؛ وهي: اللامبالاة الأنانية، والتشاؤم العقيم، والميل لعزل النفس والنزاعات الدائمة فيما بيننا، وذهنيّة العالم التي تقودنا إلى الاهتمام بالمظاهر فقط، مُقلّلة حماسنا الإرسالي". 
وختامًا "يخفِّف الصومُ من عنفنا، ويجرّدنا من أسلحتنا، ويشكّل لنا فرصةً نموٍّ مهمّة. إذ يسمح لنا، من جهة، بأن نختبر ما يشعر به أولئك الذين يفتقرون حتى لما هو ضروريّ ويعرفون معاناة الجوع اليوميّة؛ يعبّر، من جهة أخرى، عن حالة نفسنا الجائعة للصلاح، والعطشى لحياة الله. إنَّ الصوم يوقظنا، ويجعلنا أكثر تنبذُهًا لله والقريب، وينعش فينا الرغبةَ في الطاعة لله الذي وحده يشبع جوعنا. أودّ أن يصل صوتي أبعد من حدود الكنيسة الكاثوليكية، لكي يبلغكم جميعًا، أنتم الرجال والنساء ذوي الإرادة الصالحة، المنفتحين على الإصغاء لله. فإن كنتم مثلنا تعانون من انتشار الشرّ في العالم، وإن كان يُقلقكم الجليد الذي يشلّ القلوب والأعمال، وإن كنتم ترون ضعفًا في شعورنا بأننا أعضاء في أسرة بشريّة واحدة، انضموا إلينا كي نناشد الله معا، ونصوم، ونقدِّم ما بوسعنا لمساعدة الإخوة!