الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"ذئاب داعش" على حدود الجزائر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يبدو أن مخطط الفوضى الهدامة، الذى ضرب سوريا والعراق واليمن، بدأ ينتقل وبوتيرة متصاعدة صوب منطقة المغرب العربي، تحديدا ليبيا والجزائر وتونس، فى ظل التقارير المتداولة حول احتمال فرار زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادى إلى أفريقيا، تحديدا فى منطقة الساحل، التى تقع على مقربة من الدول الثلاث.


ولعل ما يزيد القلق فى هذا الصدد، أن ليبيا تعيش أجواء عدم استقرار منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافى، كما أن تونس تواجه مشاكل اقتصادية وأمنية، واحتجاجات اجتماعية متكررة، فيما تخوض الجزائر حربا شرسة ضد الجماعات المتشددة منذ التسعينيات.

وبالنظر إلى أن التنظيمات الإرهابية، فى معظمها صنيعة أجهزة استخبارات، فإنها تستهدف الدول العربية والمسلمة، وفق مخطط مدروس بعناية، وفى توقيتات محددة، بدليل انتقال خلايا داعشية إلى منطقة الحدود بين الجزائر وتونس، بعد هزائم التنظيم فى سوريا والعراق.


ولم يقف الأمر عند ما سبق، إذ رجحت صحيفة «ذا صن» البريطانية، فى تقرير لها فى ٢٣ يناير، اختباء البغدادي، فى شمال تشاد، أو فى المنطقة الحدودية، التى لا تخضع للقوانين بين الجزائر والنيجر.

وقالت الصحيفة إن البغدادى هرب من العراق، ويختبئ بإحدى مناطق أفريقيا، على أمل إعادة إحياء داعش، ونقلت عن عدد من الخبراء فى شئون الجماعات المتطرفة، أبرزهم، الإخوانى المصرى المنشق سامح عيد، قوله: «إن البغدادى يوجد على الأرجح فى أفريقيا، بعدما هرب أعضاء داعش من سوريا والعراق».


وبدوره، قال ناجح إبراهيم، القيادى السابق بالجماعة الإسلامية فى مصر، إن البغدادى ربما يوجد فى المنطقة الحدودية بين الجزائر والنيجر.

وفى السياق ذاته، قال الخبير العراقى فى شئون الحركات الإسلامية هاشم الهاشمي، إنه من بين ٧٩ قائدا رفيع المستوى فى داعش، لا يزال هناك ١٠ فقط على قيد الحياة، على رأسهم البغدادي، الذى يعتقد أنه فر إلى أفريقيا.

وتابع «القيادات الوسطى فى داعش، الذين يقدر عددهم بحوالى ١٢٤، يغيرون أيضا مواقعهم باستمرار، بسبب مقتل أعضاء آخرين».

وأشارت "صن" إلى أن أجهزة استخبارات في أوروبا كانت تعتقد على مدار الـ18 شهرا الماضية، أن البغدادي يقيم في قرية جنوب منطقة الباج في شمال العراق، فيما تردد أن مقاتلي داعش كانوا يتنقلون عبر الحدود بين مدينتي البوكمال السورية والشرقاط العراقية جنوب مدينة الموصل، قبل فرار بعضهم إلى إفريقيا.


إحصائية معهد واشنطن

وفي السياق ذاته، كشف معهد «واشنطن لدراسة الشرق الأدنى» فى تقرير له فى ٢٨ يناير، إحصائية جديدة حول منتسبى تنظيم داعش من عدة دول عربية. وأوضح التقرير أن التونسيين الأكثر انخراطا فى التنظيم الإرهابي، وبلغ عددهم ١٥٠٠ عنصر، فيما بلغ عدد المنتسبين للتنظيم من المغرب ٣٠٠، وحل «الجزائريون» فى المركز الثالث بـ ١٣٠ عنصرا، وبعد ذلك، ١١٢ و١٠٠ من مصر والسودان، على التوالي.

وأشار التقرير أيضا، إلى وجود عناصر داعشية من دولة غربية، كفرنسا بـ٦٦ عنصرا، وبريطانيا بـ٣٦، والولايات المتحدة بعشرة عناصر، وإسبانيا بثلاثة عناصر، إضافة إلى وجود دواعش من كندا والبوسنة، وبلجيكا، وإندونيسيا وماليزيا وباكستان، من دون الإشارة إلى عددهم. وتابع تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن انهيار عاصمتى «داعش» بسوريا والعراق، جعل التنظيم يقبل على ليبيا، نظرا للأوضاع التى تعيشها، وهو ما بات يقلق الاتحاد الأوروبي، نظرا لقرب دوله من منطقة شمال أفريقيا. وتحدث التقرير كذلك عن وجود نحو ألف امرأة مقاتلة فى صفوف «داعش» بليبيا، من بينهن ٣٠٠ تونسية.

ويبدو أن الجزائر بدأت تشعر بالقلق من التقارير السابقة، إذ أبرزت صحيفة «الشروق» الجزائرية فى ٢٥ يناير، تقرير «ذى صن»، وعنونت صحيفة بريطانية: «البغدادى على حدود الجزائر!». ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية الجزائري، عبدالقادر مساهل، قوله أيضا إن تنظيم «داعش» حث عناصره على «الهجرة نحو ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء بشكل أضحى يمثل خطرا على المنطقة».

وقال مساهل، لدى افتتاح اجتماع حول مكافحة الإرهاب فى أفريقيا عقد بمدينة وهران فى شمال غرب الجزائر: «إن تراجع الإرهاب عسكریا فى سوریا والعراق، جعله یأخذ منحى آخر، ویطرح تحدیات وتهديدات وقیودا أمنیة جدیدة». وحذر مساهل من خطر متمثل فى «عودة متوقعة لعدد من الدواعش الأفارقة إلى بلدانهم الأصلیة، أو إلى الأراضى الأفریقیة، لمواصلة أعمالهم الإرهابية. وتابع الوزير الجزائرى أن «الجماعات الإرهابیة الناشطة بالمنطقة تقوم بإعادة تنظیم نفسها، وتجمیع مواردها، وهى تستعد لتجنید الدواعش العائدين، الذین یتمتعون بتدریب أیدیولوجى وعسكري، وقدرة عالیة على استغلال شبكة الإنترنت، والشبكات الاجتماعیة».


بؤرة توتر جديدة

ورغم أن الجزائر وجهت فى السنوات الأخيرة ضربات موجعة لتنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامي، إلا أنها تبدو الآن مستهدفة بقوة، فى ضوء تحالف القاعدة وداعش فى منطقة الساحل الأفريقي، القريبة من حدودها.

وتخشى الجزائر من احتمال تحول منطقة شمال أفريقيا إلى بؤرة توتر كبيرة، وأن الأجندة، التى طبقت فى (سوريا والعراق)، يتم نقلها إلى منطقة الساحل، خاصة أن شرق الجزائر، التى تضم منطقة القبائل بولاياتها الست «تيزى وزو وبجاية وبومرداس والبويرة وسطيف وبرج بوعريريج»، مرورا بمدينتى قسنطينة وسكيكيدة، تعتبر فيما يبدو ملاذا للخلايا الداعشية، التى تجد فى هذه المنطقة، فرصة للانطلاق عبر «المثلث الحدودي»، الرابط بين الجزائر وتونس وليبيا، وبالتالى الحصول على خط تمويل وتجنيد بشري.

ولعل ما يخدم داعش أيضا أن هذا المثلث الحدودى يشكل تحديا حقيقيا لجيوش الدول الثلاث، بسبب تضاريسه الجغرافية الوعرة، وقربه من مصادر التموين بالعتاد والذخيرة من منطقة الساحل، التى تنتشر فيها الجماعات المسلحة بكثافة.

وكانت مصادر أمنية جزائرية كشفت فى ٢٤ يناير الماضى أن استخبارات الجيش رصدت حركة عدد من الإرهابيين، يرجح انتماؤهم لتنظيم داعش فى المناطق الواقعة بين محافظتى سكيكدة وقسنطينة فى شرق البلاد، كانت تخطط فيما يبدو لتنفيذ تفجيرات داخل المدن والأماكن العمومية هناك.

وأضافت المصادر ذاتها، أن أسلوب التفجيرات الجماعية بقى الورقة الوحيدة بيد خلايا تنظيم داعش بعد فقدانه المقدرة على المواجهة المباشرة، وأن أسلوب حرب العصابات يمثل الملاذ الأخيرة لخلاياه محدودة التعداد والعدة.

وفى السياق ذاته، ذكر بيان لوزارة الدفاع الجزائرية أن وحداته تمكنت من توقيف شبكة دعم وإسناد للجماعات الإرهابية مكونة من تسعة أشخاص بمحافظة باتنة فى شرق البلاد، فضلا عن تدمير وإتلاف مخابئ وكميات من المؤن والذخيرة الحربية التقليدية.

وسبق لخلايا داعشية - حسب وسائل إعلام جزائرية - أن حاولت اختراق بعض مدن شرق البلاد، خلال الأشهر الماضية، مثل قسنطينة، عنابة، وبرج بوعريرج، لكنها فشلت فى تنفيذ تفجيرات انتحارية، بسبب يقظة قوات الأمن وسرعة عمليات التدخل الاستباقي، التى أجهضت عدة محاولات لاستهداف مناطق عمرانية ومقار أمنية.


"جند الخلافة"

ويبدو أن فشل ولاية «جند الخلافة»، التى أعلنها داعش فى منطقة القبائل شرق الجزائر فى ٢٠١٥، بعد رفض السلطات الجزائرية الابتزاز فى حادثة اختطاف الفرنسى هيرفى قوردال بيار، دفع التنظيم إلى تلافى المواجهة المباشرة مع القوات الجزائرية، والاعتماد على أسلوب الخلايا المحدودة وحرب العصابات، لتخفيف حجم الخسائر البشرية والمادية، وكان تنظيم «جند الخلافة فى أرض الجزائر»، بث فى ٢٤ سبتمبر ٢٠١٤، تسجيلا مصورا يظهر إعدام الفرنسى هرفى قوردال بيار، الذى خطفه مسلحو داعش، فى ٢١ من الشهر ذاته فى منطقة تيزى وزو شرقى الجزائر. وظهر هرفى قوردال بيار، فى تسجيل من خمس دقائق حمل عنوان «رسالة دم للحكومة الفرنسية»، وهو يحاول منع خاطفيه من ذبحه، قبل أن يقوم المسلحون بنحره ثم قطع رأسه، وظهر أحد المسلحين وهو يحمل رأسه. وقال أحد المسلحين الملثمين قبل عملية الإعدام، إن «ذبح الرعية الفرنسى هو هدية لأبى بكر البغدادي، وانتقام لأعراض أخواتنا فى الشام والعراق»، حسب زعمه.

وجدد المتحدث باسم التنظيم المسلح بيعة «جند الخلافة فى أرض الجزائر»، لـ«داعش» ومبايعة أبو بكر البغدادي، وحذر المسلح الرعايا الفرنسيين فى الجزائر، قائلًا: «إن فرنسا تدفع ثمن جرائمها فى مالى والجزائر». وكان تنظيم «جند الخلافة» هدد فى ٢٢ سبتمبر ٢٠١٤، بقتل الرهينة الفرنسى هرفى قوردال، وهو دليل سياحى فى الـ٥٥ من العمر، وأعطى مهلة ٢٤ ساعة، إذا لم تتوقف الهجمات الجوية على تنظيم داعش فى العراق. وكانت الباحثة الجزائرية المختصة فى «الفكر الجهادي» بمركز «كارنيجي» للأبحاث فى واشنطن، داليا غانم يزبك، قالت فى دراسة لها، إن داعش ليس بمقدوره تجنيد عدد كبير من الشباب فى الجزائر، لأن هذه الدولة ومؤسساتها قوية، وأجهزتها الأمنية مدربة جيدا على التعامل مع التهديدات الإرهابية.

وأضافت الباحثة «عندما نرى أين نجح داعش كما هو الأمر فى ليبيا أو فى العراق، فإنه من الصعب عليه كثيرا النجاح فى الجزائر، لأن الدولة ومؤسساتها قوية والقوات الأمنية مجهزة أحسن تجهيز وتتمتع بأكثر من ١٠ سنوات خبرة فى مجال مكافحة الإرهاب».

وتابعت "داعش لم يتمكن من تجنيد الشباب في الجزائر، كما هو الشأن في كل من العراق وسوريا وليبيا، لعدة أسباب، على رأسها، تجربة (العشرية السوداء)، حيث لم ينس الجزائريون صدمة ما عاشوه في تسعينات القرن الماضي"، في إشارة إلى المواجهات الدامية التي اندلعت بين الجيش الجزائري والجماعات المتشددة، والتي أوقعت حينها حوالي مائتي ألف قتيل.


جبال سكيكدة

رغم أن الجزائر، سعت جاهدة لتجاوز مأساة التسعينيات عبر ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذى أطلقه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة فى ٢٠٠٥، لاحتواء الأزمة بين الدولة والإسلاميين، والذى تضمن عفوا عن المسلحين، الذى يتخلون عن العنف، إلا أنه لا تزال هناك مجموعات مسلحة تنشط فى بعض مناطق الجزائر خصوصا فى شرق البلاد وجنوبها.

ويتصدر تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامي، قائمة هذه المجموعات المسلحة، إذ يتردد على نطاق واسع أن جبال منطقة تامالوس، فى ولاية سكيكدة الواقعة على نحو ٤٥٠ كم شرق العاصمة الجزائرية، والتى كانت القاعدة الخلفية للدعم اللوجيستى للثوار إبان ثورة الجزائر ضد المستعمر الفرنسي، تعتبر حاليا أهم معقل لتنظيم «القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي»، ولزعيمه عبدالمالك دروكدال المكنى «أبو مصعب عبدالودود»، الذى فرّ من منطقة القبائل، عقب العمليات النوعية والضربات التى وجهها الجيش الجزائرى لهذا التنظيم بكل من البويرة، تيزى وزو، وبومرداس.

وفى ٢٧ يناير الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن مقتل ثمانية إرهابيين، بمنطقة الرخوش التابعة لمحافظة خنشلة فى الجنوب الشرقى للبلاد، إلى جانب مصادرة كمية من الأسلحة والذخيرة إثر كمين نصبته وحدة للجيش فى المنطقة.

ولم يشر بيان وزارة الدفاع إلى تفاصيل أخرى عن هوية الإرهابيين، الذين لقوا مصرعهم، واكتفى بوصفهم بـ«الخطيرين»، إلا أن وسائل إعلام محلية رجحت أن يكونوا من أتباع تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي.

وسبق أن تمكنت القوات الجزائرية فى إحدى عملياتها من القضاء على أحد أخطر العناصر الداعشية، وهو أمير المنطقة الغربية الساحلية لتنظيم «جند الخلافة»، المدعو هوارى أحمد المكنى بعقبة.

وذكرت صحيفة «الشروق» الجزائرية أيضا فى ٢٢ يناير الماضى أن موقوفين من عناصر تنظيم ما يسمى بـ«جند الخلافة» اعترفوا بتنفيذ عمليات استهدفت مواقع لقوات موريتانيا والنيجر ومالي، قبل عودتهم إلى شمال الجزائر.

كما اعترف الموقوفون الدواعش باستهداف عناصر أمنية فى الجمارك الجزائرية فى ولايتى بشار والمنيعة «جنوبا»، ما أسفر عن مقتل ١٣ عنصرا أمنيا، وجرح آخرين.

وأضاف الموقوفون الدواعش أنهم تلقوا تدريبات فى البداية على يد القيادى فى تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى مختار بلمختار فى دولة مالى فى ٢٠٠٦، قبل مبايعتهم لداعش فى ٢٠١٤.

وقال الداعشى «ن. السعيد»، المكنى «شفيق»، الذى التحق بالجماعات المسلحة عام ١٩٩٥، إنه كان ينشط ضمن كتيبة «الغرباء»، قبل التحاقه بمالى رفقة مختار بلمختار سنة ٢٠٠٤، حيث تلقى تدريبا عسكريا على الرمى وحمل السلاح، ونفذ خلالها تحت قيادة بلمختار عدة عمليات منها الهجوم على ثكنة عسكرية موريتانية وقتل ١٥ عسكريا.

وبجانب الاعترافات السابقة، التى تكشف تواجد خلايا تابعة للقاعدة وداعش فى الجزائر، فإن ما يزيد الخطر عليها أيضا، أن هذين التنظيمين، أعلنا مؤخرا تحالفا بينهما، لمحاربة القوة العسكرية المشتركة، التى تشكلت مؤخرا من خمس دول فى منطقة الساحل الأفريقى هي: مالي، النيجر، بوركينا فاسو، موريتانيا، وتشاد، وتدعمها فرنسا، ودول غربية أخرى.

وكانت مجموعة «عدنان أبووليد الصحراوي»، فى شمال مالي، التى بايعت تنظيم «داعش» فى مايو ٢٠١٥، أعلنت فى ١٤ يناير عن تشكيل ما سمته تحالفا جهاديا، ضد القوة المشتركة، وقال متحدث باسم المجموعة يدعى عمار لوكالة «فرانس برس»، إنهم «سيقومون بكل ما بوسعهم، لمنع تمركز قوة دول الساحل الخمس».

وأضاف أن جماعته قررت التحالف مع جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم القاعدة، والتى تأسست فى ٢٠١٧، من عدة تنظيمات فى منطقة الساحل، مبررا هذه الخطوة بما سماه «التعاون لمكافحة الكفار».

وجاء إعلان مجموعة «عدنان أبوالوليد الصحراوي»، والتى تسمى نفسها أيضا «تنظيم الدولة فى الصحراء»، بعد شهر من الاجتماع، الذى استضافته فرنسا فى ١٣ ديسمبر ٢٠١٧، حول آليات مواجهة الجماعات المتشددة فى منطقة الساحل، خاصة بعد الهجمات المتكررة، التى استهدفت قواتها فى شمال مالي، وكذلك، الهجوم، الذى أدى إلى مقتل أربعة عناصر من القوات الخاصة الأمريكية فى الرابع من أكتوبر من العام الماضى فى النيجر، والذى تبنته مجموعة «عدنان أبوالوليد الصحراوي».


التوتر في منطقة القبائل

ولعل ما يزيد من الخطر على الجزائر، أن الجماعات المتشددة تجد فى منطقة القبائل أرضية خصبة لتجنيد المزيد من العناصر فى صفوفها، خاصة فى ظل الاحتجاجات المتكررة فى هذه المنطقة، على ما يعتبره بعض السكان هناك تهميشا بحقهم من قبل الحكومة الجزائرية.

ومعروف أن الأمازيغ، أو البربر، من أقدم الشعوب، التى سكنت المناطق الشمالية لقارة أفريقيا، ويعنى لفظ الأمازيغ «الرجال الأحرار»، ويطلق هذا الاسم على من يتكلم «الأمازيغية».

وفى ٢٠٠١، شهدت منطقة القبائل، ذات الأغلبية الأمازيغية، احتجاجات وأعمال عنف لأكثر من عام ونصف العام، خلفت أكثر من ١٠٠ قتيل، ورغم أن السلطات الجزائرية وافقت بعد ذلك على إقرار «الأمازيغية» لغة رسمية، مثلما كان يطالب المحتجون، إلا أن الاحتجاجات لا تزال تتكرر هناك بين الفينة والأخرى، بدعوى الحاجة لتطوير اللغة الأمازيغية، بل وظهرت هناك أيضا دعوات للانفصال.

وفى ٢١ إبريل ٢٠١٧، نظمت حركة «تقرير مصير منطقة القبائل» تظاهرة فى مدينة تيزى وزو (١٢٠ كيلومترًا شرق العاصمة الجزائرية)، بمناسبة الذكرى الـ٣٧ لأحداث ٢٠٠١، التى يطلقون عليها «الربيع الأمازيغي»، إذ جاب أنصار الحركة، التى يقودها الانفصالى فرحات مهنى شوارع وأحياء مدينة تيزى وزو، رافعين شعارات مطالبة بانفصال منطقة القبائل، فيما أكدت الحكومة أن منطقة القبائل جزء لا يتجزأ من الجزائر، وحذرت الانفصاليين الذين يعملون على بت الشقاق والفرقة بين الجزائريين.

وكان ما يعرف بـ"الربيع الأمازيغي"، اندلع بعد مقتل الشاب ماسينيسا قرماح داخل ثكنة تابعة للدرك الوطني، لتشتعل بعدها منطقة القبائل، إذ اندلعت تظاهرات وأعمال شغب ومواجهات مع قوات الأمن، وسقط أكثر من 100 ضحية من المتظاهرين خلال تلك المواجهات.

وفي 2002 ، أجرى الرئيس بوتفليقة تعديلا دستوريا، للاعتراف بالأمازيغية لغة وطنية إلى جانب العربية، وفي التعديل الدستوري الأخير سنة 2016 أصبحت الأمازيغية لغة رسمية، كما وضعت الحكومة برنامجا لتطوير اللغة الأمازيغية، وأعدت أيضا مشروع قانون لتأسيس أكاديمية للغة الأمازيغية، وأن المشروع سيعرض على البرلمان قريبا، وتسعى الحكومة أيضا لرفع نسبة تعليم الأمازيغية إلى 13 ولاية ثم إلى 37 ولاية من أصل 48 ولاية.

واعترف سعيدي سعدي الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي طالما دافع عن الأمازيغية، بأنه "لا أحد كان يتخيل أن يأتي يوم تكتب فيه الملصقات الانتخابية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بالأمازيغية".

ورغم ما سبق ، فإن الحركة الانفصالية في منطقة القبائل تستغل ارتفاع نسبة البطالة هناك، للترويج لمخططاتها، وهو ما يخدم في النهاية داعش والقاعدة.