الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الدولة تطلق خطة تطوير 180 جزيرة في 16 محافظة.. سامح العلايلي: جميعها "محميات" سهير حواس: أرفض تحويلها إلى غابات إسمنتية.. وأحمد دياب: تحتوي نباتات نادرة ومشروعات سياحية ضخمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بدأت حكومة المهندس شريف إسماعيل فى وضع مخطط استراتيجى لتطوير ١٨٠ جزيرة نيلية بإجمالى ٣٢ ألف فدان، وذلك من المسافة بين القاهرة وأسوان. وبحسب جهاز التخطيط العمراني، فإن المخطط يستهدف تطوير جزر موزعة على ١٦ محافظة بواقع ٥ بالأقصر، و١١ فى الغربية، إضافة إلى ٣٠ جزيرة فى بنى سويف، و٩ فى قنا، و٨ فى كفر الشيخ، و٣ فى دمياط، بالإضافة إلى ٢٣ جزيرة بالجيزة، وواحدة فى أسوان.

كما يوجد ١٦ جزيرة فى أسيوط، و٦ فى سوهاج، إضافة إلى ٢٠ فى البحيرة، و٨ جزر فى الدقهلية، فضلًا عن ٤ فى المنوفية، ولم يتم الانتهاء من حصر جزر محافظة القاهرة بشكل دقيق.


وتتبع هذه الجزر هيئة التعمير والتنمية الزراعية بوزارة الزراعة، حسبما يؤكد المهندس مدحت كمال الدين، رئيس هيئة المساحة بوزارة الري، الذى يشير إلى أن بداية أعمال التطوير ستنطلق صوب جزيرة الوراق بالجيزة عبر العمل على مساحة ٢٠٠ متر، بطول ٦ كيلو مترات، على جانبى محور روض الفرج، كجزء من خطة تطوير جزيرة الوراق.

ويلفت كمال الدين إلى أنه ستتم إقامة مدينة سكنية مطورة لأهالى الجزيرة، ومناطق لوجستية تحقق عائدا اقتصاديا يتناسب مع مكان كل جزيرة على حدة، متابعًا أنه سيتم إسناد تنفيذ المخطط إلى لجنة عليا تضم عددًا من الجهات الحكومية المسئولة عن الملف، وذلك خلال العام الجاري

من جانبه، يقول الدكتور سامح العلايلي، خبير التخطيط، وعميد كلية التخطيط العمرانى جامعة القاهرة سابقًا، إن جميع الجزر النيلية تعتبر محميات طبيعية ويجب أن تعامل كمحمية، مضيفا: «نحن مزدحمون جدا حول النيل ويجب ألا نزيد التنمية العمرانية وسط النيل.

وعارض العلايلى فكرة إقامة أى تنمية عمرانية على الجزر حال تطويرها، وحذر من وجود بعض الخطط التى تهدف إلى «التجارة فقط لا غير وتهدف إلى تحقيق أموال فى الأساس، وفى حال تطويرها يجب أن تكون من خلال متخصصين فى البيئة أولا".

ويرى خبير التخطيط، أنه لا بد من أن إسناد الموضوع لهيئة التنمية العمرانية، فهى أداة تنفيذية فى يد السلطة وسيقومون بتنفيذ ما يطلب منهم من الدولة، فمن وجهة نظره «خبراء البيئة متخصصون فى التنمية والخروج بمقترحات تتناسب مع طبيعة هذه الجزر ولا تشكل ضررا على البيئة أو مزيد من الازدحام فى النيل".

وتابع: «الجزر محميات ويجب أن تكون هناك ضوابط للتعامل مع كل جزيرة على حدة، فبعض المحميات قد يصلح تطويره والاستفادة منه «multi uses» والعض الآخر لا يجب التعامل معه بأى شكل حتى لا يتم تشويهه».

وتوافقه الرأى الدكتورة سهير حواس، نائب رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضاري، مؤكدةً على ضرورة أن يقترن الإعلان عن التطوير بشرح عن مفهوم التطوير، على سبيل المثال: «هل هو تطوير تنموى أو سياحى؟ ومن المستحيل أن يتم تطوير ١٨٠ جزيرة على طريقة واحدة، ولا يمكن أن يتم تطويرها على أنها محميات طبيعية، وكنت أتمنى أن يتم الإعلان عن التطوير وتحديد طرق تطوير كل جزيرة».

وتدعو حواس إلى ضرورة تحديد نوع التطوير بدقة قبل الشروع فى تنفيذه على الجزر النيلية، فجزر مثل الدهب أو الوراق لها سمات خاصة لا يجب أن تعامل مثل المحميات الطبيعية فى الأقصر أو أسوان. وتتابع حواس قائلةً: إنه يجب التعامل مع كل جزيرة وفقًا لمقوماتها الخاصة وبيئتها، وذلك حفاظًا على الطيور والنباتات النادرة الموجودة بهذه الجزر».

وتتساءل رئيس جهاز التنسيق الحضارى عن طريقة التطوير التى ستُنفذها الحكومة، لافتةً إلى أنها ضد تحّول الجزر البكر إلى غابات إسمنتية، فلابد من المحافظة على مظهر النيل وبيئته من التلوث. مطالبةً بتحديد نوعية التطور على كل جزيرة وفقًا لسماتها، وتصنيف الجزر طبقا لطبيعتها ليتم الاستفادة منها على أكثر سبل الاستغلال الأمثل، وأن التطوير السياحى هو الأفضل بالنسبة للمحميات الطبيعية والجزر النيلية بدون تنمية عمرانية أو أن تستغل سياحيًا على غرار جزيرة النباتات، كما هو الحال فى أسوان وهذا تطوير لوجستى يضيف للمحمية الطبيعية».

وتقول حواس، إن الاستغلال الأمثل للجزر يمكن تحقيقه من خلال التنوع فى تطوير الجزر بحيث تكون هناك جزر للنباتات النادرة عن سبيل المثال، وأخرى كمتحف مفتوح وأخرى لحيوانات أو طيور معينة، بحيث تميل للطبيعة أكثر من التنمية العمرانية، متابعة: "أخشى من التكثيف السكانى على هذه الجزر والكبارى وغيرها من مظاهر التنمية العقارية والعمرانية مما يحرم الجزر من طبيعتها".

وكان قرار رئاسة الوزراء المرقم بـ ١٩٦٩ لعام ١٩٩٨ يعتبر أن كل جزر النيل محميات طبيعية، لكن ومع نهايات العام ٢٠١٧، قرر رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل استبعاد ١٧ جزيرة من القرار القديم.

وتضمن القرار إزالة الجزر الآتية من قوائم المحميات الطبيعية: القرصاية، والدهب، وردان الكبرى، وردان الصغرى، والقيراطيين، وأبو غالب، وأبو عوض، وأم دينار، والوراق، وكفر بركات، والرقة، وحلوان البلد، والشوبك البحرية، والعياط، وكفر الرفاعي، والديسمي، والكريمات".

ونصت المادة الثانية من القرار على أن تعلن الجزر المشار إليها فى المادة السابقة كمنطقة إدارة بيئية، فيكون دور وزارة البيئة، وأجهزتها معاونة الجهات المختصة فى وضع الضوابط، والشروط البيئية للأنشطة الواقعة عليها.


ويعلق الدكتور أحمد فوزى دياب، أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير المياه بالأمم المتحدة، على تباين قرارى مجلس الوزراء باعتبار كل جزر النيل محميات طبيعية، ثم استبعاد ١٧ منها خلال العام ٢٠١٧، بأن بعض هذه الجزر تحتوى على نباتات نادرة أو تكون مهبط لرحلات الطيور النادرة، ومن ثم لا يمكن الاستثمار فيها، لكن بعض هذه الجزر تم البناء والسكن عليها فعليًا، ومن ثم خرجت من باب المحميات لهذه الأسباب.

ويقول، إن معظم جزر نهر النيل تم التعدى عليها من قبل المواطنين، لافتًا إلى أنها ظهرت وفقًا لما يسمى بالتطور الطبيعى للنهر. متابعًا أن الدولة لأول مرة تتعامل مع ملف جزر نهر النيل من خلال وضع استراتيجية أو رؤية فهذا «أمر محمود»، خاصة أن كثيرًا منها يسبب تلوثا وأضرارا للنهر، مشيرًا إلى أن الحكومات المتعاقبة لم تهتم بجزر النيل أو طريقة الاستفادة منها.

وحول التفات الدولة أخيرًا إليها، يوضح دياب، أن سد النهضة وانخفاض منسوب المياه فى النهر جعل الدولة تنظر بشكل مختلف لمجرى النهر وما يحتويه، ومن أجل الحفاظ على مياهه من التلوث الحادث نتيجة تدفق مياه الصرف الصحى والزراعى فيه دون معالجة.

مضيفًا أن الدولة رغبت أيضًا فى الاستفادة من الجزر فى عملية التنمية السياحية، خاصة أن موقعها يجعلها مزارًا سياحيًا من خلال إنشاء بعض المشروعات السياحية الضخمة.