الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

إياس بن القائف "32"

الكاتب مصطفى بيومي
الكاتب مصطفى بيومي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«إذا زرتُ أرضا بعد طول اجتنابها فقدت صديقي والبلاد كما هيا»
لا شك أن الإنسان هو الحلقة الأضعف في المنظومة الكونية، فهو الأسرع ذبولا وفناء، والأقل عمرا مقارنة بعناصر شتى توجد قبلة بآلاف آلاف السنين، وتبقى بعده كأنها خالدة لن تزول، أو واقفة بإصرار عنيد على بوابة الخلود؛ وهل يدري أحد متى يفنى الجبل والبحر والنجم؟.
لا أحد ينزل النهر مرتين، ذلك أنه سريع التحول وسريان الماء المتدفق لا يتوقف أو يتعثر. المكان الذي تعاود زيارته بعد فترة من الانقطاع لن يبقى بالضرورة على حاله، ليس لأنه يتغير وتتبدل ملامحه، بل لأن البشر الذين يمنحونه ملامحه ومعناه هم الذين يزولون وتلتهمهم دومات الغياب. أي معنى عندئذ للمكان الذي تتلاشى روحه؟.
الأرض، أماكنها وعلاماتها وثوابتها المادية التقليدية الراسخة، لا تمثل في ذاتها شيئا ذا قيمة بمعزل عن الأصدقاء والأحبة الذين يعمرونها ويضفون عليها الخصوصية والتفرد والمذاق. عند الوصول إلى حكمة كهذه، ينبغي الاهتمام بالتحدي الذي يمثله الموت، ولابد من إدراك الحقيقة الساطعة والوعى بما تعنيه: البطولة للإنسان في المقام الأول، فهو الجوهر الذي لا تكتمل الحياة إلا به. قد يذبل ويذوب، ويبقى الحجر والضجر، لكنه الأهم والجدير بأن يُستدعى عندما يهيمن الشعور بالفقد.