الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإعلام وقتل المواهب السياسية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عدد من الملاحظات مرتبط بالملف الإعلامي.. وكيف اكتفى الإعلام فى مصر بدور المتفرج أو المتلقي.. وكيف حدد لنفسه مسارات اتضح أنها غير مرئية وبالتالى غاب كشريك مع الدولة فى أى أعمال. 
الإعلام المصرى ارتكب عددًا من الجرائم فى حق نفسه والوطن عندما تفرغ ليكون أداة لغيره متطوعا وانشغل بإشعال الحرائق عمدا لجذب الأنظار أو للتعطيل.. انشغل بالمظهر على حساب الجوهر.. وبالترويج لأشخاص وليس لبرامج.. ضحك علينا عندما كان يذيل كل كلماته بأنها لصالح الدولة، لم يتعمق حتى فى سطوره تصله ليقرأ منها.. لم يفكر أحدهم فى أن يحصن المطبوعة أو من يعملون فيها لمواجهة المستقبل.. وكان هناك من أراد للإعلام فى مصر أن يظل هكذا.. ضعيفا ليسهل قيادته أو محاصرته أو ردعه. 
ضحكت عندما قرأت واستمعت وشاهدت إعلاميين وكتابا يقيمون «سرادق» للعزاء لعدم وجود مرشح قوى ينافس فى انتخابات الرئاسة..أحدهم اتهم الرئيس الأسبق حسنى مبارك وآخر اتهم الأحزاب وبعضهم التعليم.. وتسابق الإعلام فى البحث عن شماعات ليعلق عليها أسباب فشل صناعة النجم.. والنجم هنا هو الشخصية.. فى السياسة، الثقافة تحديدا.
بالتأكيد السادة الإعلاميون الذين تباكوا على غياب السياسى المعارض، بالطبع تناسوا أن الإعلام المصرى هو الذى اغتال كل مشروعات النجومية السياسية.. بالطبع السلوك ليس وليد اللحظة بل متوارث ومن عشرات السنين ومن الظلم أن نتهم نظاما ما بتلك الآفة القاتلة. 
لو رجعنا لسنة ١٩٥٢ وما بعدها سنجد أن الإعلاميين الجدد وحتى الآن يدهم ملطخة بدماء قتل المواهب السياسية تحديدا وتشويهها لصالح أفراد سواء رجال أعمال أو غيرهم كهدايا شخصية برغبة فى إزاحة تلك الشخصيات.. الإعلام دون أن يدري.. ولأنه متلقٍ وتابع ولا يملك رؤى لأى إضافة عمليا فى الإصلاح لحال البلد بشكل عام.. لذا كان من السهل استقطابه وتمرير رسائل الأنظمة والأجهزة من خلاله.. فى ظل معايير اختيار قيادته المعروفة.. هنا حدث تبارٍ بين الطامعين أو المسيطرين أو ممن لديهم الطموح للمنصب فى التفانى لاغتيال كل مختلف. 
إذن الإعلام هو أهم عناصر تدمير الشخصية المصرية خاصة ممن نطلق عليهم معارضة تملك إضافة.. ليس من المعقول ألا تتوافر فى أى معارض ما نبحث عنه.. وليس من العدل أن يتفرغ الإعلام وفِى توقيت واحد لتشويه سياسى لمجرد أنه فكر يترشح للبرلمان أو الوزارة أو للرئاسة، إننا هنا نقتل المواهب السياسية ونزرع بداخلها الخوف وبالتالى حفاظا على الحياة ولقمة العيش أو أعماله هو يفضّل الانسحاب.
ليس بيننا من هو بريء من عملية قتل المعارضة كل منا مسئول بدرجة ما وأولهم حضرات السادة الإعلاميين. 
الوقت لم يمر وتجريف البلد كمصطلح أطلقه الرئيس السيسى، حتى لو المسئولية تقع على الأنظمة علينا ألا ننسى أن الخطر جاء ممن نفذوا التوجيه وهم أذرع النظام وتقيد الإعلام بكل صوره. 
تعالوا نبنيها.. ونفكر وننسى نظرية التفكير من الباطن دون العقل والتى تبناها إعلامنا منذ عشرات السنين وبكل صوره وطبقها وكان من نتيجتها قتل المواهب السياسية وابتعاد النخبة عن امتهان السياسة وترك المجال لمن يسانده الإعلام أو النظام السياسى فيه أمل أن نعيد ترتيب الأوراق وهناك جهات يجب أن تلعب دورا فى الكشف عن المواهب السياسية مثل الأحزاب ودورها غائب أو متقاعس خوفا وتسليما لأمر، ابعد عن وجع الدماغ واعتقد أن تقوية الأحزاب مسئولية النظم السياسية بمنحها مساعدات مالية لتقوم بدورها حصانة وحماية من بطش الشارع والإعلام وغيرهما.. وإذا كانت مؤسسة الرئاسة قد تدخلت بنفسها لحل إشكالية إعادة الثقة بين الحركة الشبابية والدولة وتولى السيسى بنفسه القيام بهذا الدور ونجح فيه.. أنا هنا لن أناشد الرئيس القادم أن يكمل الحلقة ويزيد من دعمه للأحزاب لتعود إليها الثقة بأن النظام بالفعل يحترم محاولاتها المساعدة وأن يدافع لحمايتها من أنياب الإعلام القاتلة. 
إذا كنا فى حالة نعتمد فيها على تكثيف حركة التنمية لاستيعاب وحل مشاكل المصريين.. من الضرورى أيضا أن ننتبه لضرورة أنه فى نفس الوقت وعلى التوازى نحتاج ليمتد التغيير لحياتنا الاجتماعية على الأقل لنحمى التنمية ونتعلم كيف ننسجم مع التغيرات المهمة التى أحدثتها ثورة يونيو لبناء مواطن قوى ووطن أقوي.
نطالب السيسى بتوفير المناخ المناسب للكشف عن المواهب السياسية واثق بأن الرجل لديه نية ونهج وسلوك مخلص لبناء وطن قوى يليق بِنَا وفِى غياب قيادات تنسجم مع تلك القوة وتملك ما تمنحه للبلد، ستظل قوتنا مرهونة ومنقوصة.