الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

ننشر كلمة وزير الخارجية الفلسطيني أمام مجلس الجامعة العربية.. "المالكي": القدس جزء هام من كرامتنا وهويتنا وديننا.. ويجب خلق إطار أممي مبني على المرجعيات الدولية المعروفة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طالب وزير الخارجية وشئون المغتربين الفلسطيني رياض المالكي، بضرورة العمل مع كافة الأطراف الدولية لخلق إطار أممي جدي وذي مصداقية مبني على المرجعيات الدولية المعروفة، ويفضي إلى حل ينهي الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، ويرسخ السيادة الفلسطينية على كافة الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعلى رأسها القدس الشرقية.
وقال المالكي في كلمته التي ألقاها أمام مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية برئاسة وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف، ومشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، في الاجتماع المستأنَف للدورة غير العادية حول التحرك العربي لمواجهة القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال: "إن دولة فلسطين تقدر لكم العودة مرة أخرى لاستئناف أعمال اجتماعنا الطارئ يوم 9 ديسمبر 2017، للتحرك في مواجهة قرار الإدارة الأمريكية يوم 6 ديسمبر الماضي، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والقدس تمثل جزءًا هامًا من كرامتنا وهويتنا وديننا، كيف يمكن أن نحيى بين الأمم بدون هذه المتطلبات الأساسية لحياة الأمم".
وأضاف: أن هذا القرار غير القانوني، الجائر والجاهل بنفس الوقت، وما تبعه من مواقف يشكل خرقًا خطيرًا وغير مسبوق لقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بمدينة القدس الشريف، ونقول الجائر لأنه يتعمد إغفال وجود ربع مليون فلسطيني في مدينة القدس الشريف، هم أهلها وأصحابها وسكانها الأصليين الصامدين في مدينتهم رغم كل ما يتعرضون له من حملات تهويد وتهجير ممنهجة، وحقوقهم في مدينتهم لا يغفلها إلا كل ظالم جائر. 
وتابع الوزير المالكي في كلمته: "القرار جاهل لأنه يجهل ما يمكن أن يتبعه من انهيار في السلم والأمن في المنطقة والعالم، ويظن من اتخذ القرار أنه قد أزاح القدس عن طاولة المفاوضات، وتأخذه ظنونه إلى الظلم والعدوان، مؤكدا للقاصي والداني، أن القدس كانت وستبقى عاصمة أبدية لدولة فلسطين ولأهلها، ولا يملك أحدًا كائنًا من كان، المساس بوضعها ومركزها القانوني". 
وقال: "إن هذا القرار شكل صدمة كبيرة لكل النوايا الحسنة، والتوقعات العربية والدولية التي كانت تنتظر من الولايات المتحدة حلًا مقبولًا للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، والجميع يعلم ما مدى التعاون العربي مع الإدارة الأمريكية في عملية السلام قبل يوم 6 ديسمبر الماضي، تاريخ هذا القرار الباطل واللاغي، وأنهى أيضًا وبشكل كامل انفراد واستفراد الإدارة الأمريكية برعاية عملية السلام، وشكل انهيارًا جديدًا وحادًا لمصداقية الولايات المتحدة من حيث دورها في المجتمع الدولي، وحرصها على القانون والعدالة والاستقرار والأمن في العالمي، وهذا ما عبّر عنه مجلسنا في اجتماعه الطارئ يوم 9 ديسمبر 2017".
وأردف أنه لقد اجتمع مجلس الأمن يوم 18 ديسمبر الماضي ليبحث قرارًا مقدمًا من مصر يؤكد على المركز القانوني لمدينة القدس وقراراته السابقة ذات الصلة، وعلى بطلان القرار الأمريكي، بالرغم من تعطيل الولايات المتحدة الأمريكية صدور القرار بقوة الفيتو الممنوحة لها في المنظمة التي لم تعد مندوبة الولايات المتحدة تتردد في إهانتها، إلا أن ردة فعل أعضاء المجلس والمجتمع الدولي، أثبتت أنها معزولة، ولوحدها في هذا الموقف.
ولفت الوزير، إلى انه بعد ذلك اجتمع العالم من أجل القدس يوم 21 ديسمبر 2017، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على أساس الاتحاد من أجل السلم، وقرر بأغلبية 129 صوتًا مقابل 9 فقط، أن يؤكد على أن أي قرارات أو إجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديمغرافية، ليس لها أي أثر قانوني، وأنها لاغية وباطلة، ويجب إلغاؤها امتثالًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ودعا جميع الدول للامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس الشريف عملًا بقرار مجلس الأمن 478 (1980)، وأكد على أن مسألة القدس هي إحدى قضايا الوضع النهائي التي يجب حلها عن طريق المفاوضات وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبالرغم من التهديدات التي وجهتها الولايات المتحدة للدول التي ستصوت على القرار، إلا أنها ظلت معزولة في موقفها من موضوع القدس.
وأوضح، منذ صدور القرار أجرت القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، مشاورات مع العديد من الأطراف الدولية التي أكدت عدم قبولها بالموقف الأمريكي، الذي لا يمس بمكانة القدس فحسب، إنما يهدد المنظومة الدولية والقانون الدولي ككل، والقيادة الفلسطينية تدارست وبشكل معمّق، وعلى كافة المستويات، الموقف الأمريكي وآثارها، وجاء ردها من خلال قرارات المجلس المركزي الفلسطيني بتاريخ 15 يناير الماضي، على مختلف الأصعدة، بما فيه: - إعادة النظر في العلاقة مع إسرائيل - مواصلة ترسيخ الشخصية القانونية لدولة فلسطين في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية من خلال السعي الحثيث للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة ومواصلة الانضمام للمؤسسات والمواثيق الدولية - تعزيز نهج المقاومة السلمية للاحتلال - مقاطعة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي كوسيلة مشروعة وناجعة لإنهائه - وعلى صعيد القانون الدولي، اتخاذ توجهات جديدة بخصوص مساءلة نظام الاحتلال على جرائمه وإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية - على الصعيد الوطني، استئناف الجهود لإتمام المصالحة.
واستطرد المالكي: "ان مجلسنا اليوم يستأنف اجتماعه الطارئ، وهو أمام تحدي جدي وخطير يتطلب إجراءات استثنائية وغير تقليدية للرد عليه، وبطيبعة الحال فإن شكل ومستوى الرد العربي، سيقرر مستقبل السلام والاستقرار المبني على أساس إنهاء الاستعمار الإسرائيلي لكافة الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعلى رأسها القدس الشرقية – فلا سلام من دون القدس، ونحن في فلسطين، نعي وجود مصالح مشتركة قوية للدول العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن موقفها من مدينة القدس، وانحيازها التام لنظام الاحتلال الإستعماري الإسرائيلي، وتصاعد هذا الموقف إلى مستويات غير مسبوقة، علاوة على محاولاتها قلب الحقائق وتحميل القيادة الفلسطينية مسئولية وقف المفاوضات، يؤكد أنه لا يمكن للإدارة الأمريكية أن تلعب دورًا منفردًا في رعاية عملية السلام".
وجدد تاكيده، على أهمية الالتزام بقرارات القمم والمجالس الوزارية العربية المتعاقبة بشأن القدس ومواجهة أي قرار يعترف بها عاصمة لإسرائيل، لإثبات جدية موقفنا، والتأكيد على أنه لا يمكن الاستهتار بالكرامة العربية والمشاعر الإسلامية والمسيحية.
وواصل المالكي: ان القمة العربية مبادرة للسلام قدمت قبل 16 سنة، ولازلنا متمسكين بالسلام كخيار إستراتيجي وفقًا لهذه المبادرة، ولكن السلام يجب أن يكون مبنيًا على أسس عادلة تتوافق مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ولا يخضع للادعاءات التاريخية الزائفة، أو المصالح الانتخابية الضيقة لهذه الدولة أو تلك، مهما كان شأنها، وهذا الأمر ينسحب بطبيعة الحال على أن الاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها يجب أن يسبقه انسحابها، واعترافها بدولة فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ولا يشك أحدًا بأننا كأمة عربية نمتلك القدرة الكامنة لتوجيه رسالة كافية للإدارة الأمريكية تجعلها ترتد عن هذا القرار، أو تجد سلّمًا مناسبًا للنزول عن تلك الشجرة: ما هي الرسالة التي سنبلغها للإدارة الأمريكية.
وتساءل الوزير في كلمته: "هل يمكن أن نقبل صفقة سلام مزعوم، بدون القدس؟ هل يمكن أن نجلس على طاولة مفاوضات تستثني القدس كما قال الرئيس ترامب ونائبه أكثر من مرة، ثم تستثني قضية اللاجئين؟ أم سنقوم بجهد صادق وقوي مثمر يثمر عن خلق واقع سياسي وقانوني لا يمكن الرجوع عنه، بما في ذلك اعترافات دولية جديدة بدولة فلسطين على خطوط حزيران 67؟ وهل سنقوم بجهد جدي مع الدول لرفع كلفة الاحتلال الاستعماري، وجعله غير مستدام؟ هل سنخفض اعتمادنا على الدور الأمريكي في عملية السلام؟ هل سنبحث جديًا عن آلية دولية جديدة قادرة على إنجاز سلام عادل وشامل على أسس صحيحة؟ هل سندعم قرارات المجلس المركزي الفلسطيني بكل الوسائل؟ كل هذه الأسئلة يجب أن نجيب عليها بكل جدية ومسؤولية تاريخية، لأن شعوبنا تتوقع منا ذلك وأكثر.
وأوضح، كما أن قضية اللاجئين الفلسطينيين، التي بلغ عمرها 70 سنة، واليوم تسعى إسرائيل وبدعم من الإدارة الأمريكية، لإنهاء دور وولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تمثل المسؤولية الدولية عن معاناة أكثر 6 مليون فلسطيني على امتداد 7 عقود من الشتات والمعاناة والاغتراب، وها هي الولايات المتحدة الأمريكية تخفض تمويلها للأونروا إلى النصف! فهل نحن أيضًا أمام إزالة قضية اللاجئين من على طاولة المفاوضات الأمريكية!.
وتابع: "إننا من هذا المنبر، نؤكد رفضنا وإدانتنا لمحاولات إنهاء دور وولاية وكالة الأونروا، من خلال الحملات الإسرائيلية الممنهجة ضدها، وتخفيض تمويلها من قبل الإدارة الأمريكية، وندعو المجتمع الدولي إلى الالتزام بعد كلمةمفوض الاونروا وتأمين الموارد والمساهمات المالية اللازمة لموازنتها وأنشطتها على نحو مستدام يمكّنها من مواصلة القيام بدورها في تقديم الخدمات الأساسية لضحايا النكبة، باعتبار ذلك حق يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية الوفاء به وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، بما يضمن حياة كريمة لللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، ولا يثقل كاهل الدول المضيفة أكثر من اللازم، وعكس ذلك يشكل تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة.
وقال: إن الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي غير القانوني، والذي تغذيه إسرائيل يوميًا حتى وصل عدد المستوطنين غير القانونيين لأكثر من 600 ألف مستوطن، تنميهم إسرائيل نموًا غير طبيعي في ما تبقى من جسد الدولة الفلسطينية، يشكل التهديد الاكبر لمستقبل الامن والاستقرار في المنطقة والعالم اجمع، ويتطلب منا تفعيل كل الامكانات المتاحة لمواجهته ووقفه، فهذا ليس فقط احتلال، وإنما استعمار وفصل عنصري تجرمه القوانين الدولية، وكذلك نجد أن الإدارة الأمريكية، على عكس سلوكها السابق، أصبحت تغض النظر عن التوسع الاستعماري الاستيطاني، ما يعني ضوءًا أخضر لاستمراره، وهنا نسأل، أين أصبح حل الدولتين وما هي الصفقة التي تعدها الإدارة الأمريكية للسلام في المنطقة؟ نتنياهو تجاوز حل الدولتين، والرئيس ترامب قال أنه مع أي حل يقبله الطرفان، وواقع الحال يقول أنه مع أي حل يفرضه نتنياهو على الأرض!.
ونوه المالكي، بانه في ذات الوقت إسرائيل مازالت تعتقل وتقتل وتحاصر المدنيين الفلسطينيين بدون حماية دولية لهم، مازالت تقتل وتأسر الأطفال، وتحاول أن تكوي وعيهم بإرهاب الدولة الذي تمارسه، ظنًا منها أنهم سينسون وطنهم وإنسانيتهم.
وأضاف: أمامنا مشروع قرار فيه عدد من الخطوات العملية للتحرك لمواجهة القرار الأمريكي بشأن القدس، وآثاره وتبعاته، ويشمل خطوات هامة لابد منها إذا أردنا أن يكون هناك أفق جدي لحل الدولتين، ترتكز على الأولويات التالية: أولًا: مواجهة ورفع كلفة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي. ثانيًا: متابعة العمل لتثبيت الحقائق القانونية والسياسية لحماية الحقوق الفلسطينية وحل الدولتين. وثالثًا: العمل مع كافة الأطراف الدولية لخلق إطار أممي جدي وذي مصداقية مبني على المرجعيات الدولية المعروفة، ويفضي إلى حل ينهي الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، ويرسخ السيادة الفلسطينية على كافة الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعلى رأسها القدس الشرقية.
واختتم المالكي: إما أن نعتبر هذا القرار نصًا نضيفه إلى قراراتنا المكدسة في خزائن الجامعة العربية لغة سياسية جيدة متفق عليها، لكنها لا تملك أرجلًا ولا أسنان، أو أن نجعله خطة عمل جدية نبدأ بتنفيذها بجد وإخلاص.