الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المقاطعة.. الاستهانة بالحقوق والتمسك بالهزيمة قبل بداية المعركة‬

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بين المثالية المستعلية والأنانية المفرطة، تاهت المعارضة، ونسوا أن الشعب المصري يهوى الوسطية، ويحب الحياة والاستقرار، ويتمسك بمن يحافظ على أمنه، لأنه يعلم بالفطرة أن الشعارات فقط لا تضمن له ذلك.‬
‫وقد تكون الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها مصر في شهر مارس المقبل غير متوازنة في الحجم النسبي للمرشحين اللذين تقدما بأوراق ترشحهما للهيئة الوطنية للانتخابات، فالأول هو الرئيس السيسي، ويصاحبه في حافظة مستنداته مجموعة من الإنجازات المحققة، وشعبية كبيرة مستقرة في نفوس بسطاء هذا الوطن لأنهم لا يملكون سواه، والثاني هو المهندس موسى مصطفى موسى، الذي تقدم بأوراقه في اللحظات الأخيرة وقبيل غلق باب الترشح، وهو ما يشير لعدم تخطيطه الجيد للإقدام على تلك الخطوة، ولكن يظل الأمر حقاً أصيلا له مالم يوجد مانع قانوني.‬
‫المهندس موسى رغم تأييده للرئيس السيسي لكنه اتخذ خطوة عجزت المعارضة على تحقيقها واكتفت بإعلان المقاطعة للانتخابات كما لو كان ذلك هدفها الرئيسي طوال السنوات الأربع الماضية، مما يعني أن قرارها ذلك ممنهج ومدروس وليس عشوائيا، لكنه يختم ويؤكد ما يتردد عنهم، لتصبح الحقيقة دامغة، ولا تحتمل التأويل، فهم ارتضوا بعدم المشاركة ويجب أن تستمر مقاطعتهم هذه لحين انتهاء فترة الرئاسة المقبلة، لأن من يفرط في حقه لا يجب المطالبة به بعد فوات الأوان، خاصة وأن هناك منافس آخر للرئيس، فلماذا لا يدعمونه؟ ببساطة لأنهم يتمسكون بالانتصار الوهمي لمبادئهم التي تنعكس عليهم بشكل شخصي.‬
‫حقاً، قد تكون نتيجة الانتخابات محسومة لصالح السيسي بفضل تراكم الإنجازات المحققة في شتى المجالات والقطاعات، ولكن بمنطق الانتخابات سيحقق موسى بداية جديدة لاسمه ورحلته السياسية التي اعتبرها بدأت بتقديم أوراقه للجنة الانتخابات رغم عمله وتواجده في الوسط السياسي منذ فترة ليست بالقصيرة، وبالتالي سيكون هو الآخر مستفيدا، بل الأمر يتجاوز ذلك، فهو سيحصل على لقب مرشح رئاسي سابق، وما أدراك ما قيمة هذا اللقب في زمننا هذا وتاريخيا، كما أنه سيمنحه الفرصة للتواجد سياسيا وإعلاميا بعد انتهاء ماراثون الانتخابات.‬
‫قد يقود موسى المعارضة عقب الانتهاء من الانتخابات، وهذا حقه، بعد تراجع رموزها وإعلانهم المقاطعة التي ستزيل عنهم الحق في الإنتقاد، لأنهم أهدروا قيم الديمقراطية الممثلة في الاختيار والصندوق، ليصبح صوتهم غير مسموع، وإذا تم سماعه يكون بلا قيمة لدي المستمع، لأن ما أعلنوه ليس مكايدة في السيسي بل حرباً على الدولة التي يتم بنائها وسط مخاطر متعددة لا تشغل بال المناضلين على جبهة الانهزام.‬
‫بالفعل تعاني مصر من عدم وجود حياة سياسية حقيقية، وهذه المشكلة يجب ألا نحملها للنظام، بعد أن أصرت المعارضة على ممارسة العمل السياسي من منظور ثوري في دولة أصبحت مستقرة وتُدار بسياسات ومؤسسات تم إعادة هيكلتها في رحلة البناء التي تعطلها المساعي الثورية، وهو ما تتصدى له الدولة كواجب عليها للحفاظ على ما تم تحقيقه، وهو ما يرفضه من يسمون أنفسهم بالمعارضة، وبالتالي ضاعت الحجة بعد أن صار الهجوم على النظام مهنتهم التي يتربحون منها، فهذه المهنة تدر دخلا كبيرا على من يعتنق أفكارها ويجيد ممارستها. ‬
‫من حقك انتقاد الرئيس وسياساته، وهذا الحق يجب أن يصاحبه البديل، ولكن للأسف لم يتفق أعضاء هذا المعسكر على مشروع أو اسم يمثلهم في الانتخابات بعد أن أصبح ناديهم فارغ من شخصية واحدة قادرة على المنافسة، لأنه من الصعب دخول السباق المحفوف بانجازات السيسي، لذا فإن قرار المقاطعة يوضح إعلان هزيمتهم قبل بداية المعركة التي سينتصر خلالها المتنافسان بأطر مختلفة لكل منهما، ليحصد الشعب غنائمها فيما تحقق وسيتحقق بقيادة الرئيس.‬