الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

غادة عبدالرحيم بندوة "الشباب ودوره في التغيير المجتمعي": ندعم الطاقات الناشئة.. وهذا شعار "ولادها سندها"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مدار العقود الماضية كانت الأصوات ترتفع دومًا للمطالبة بتمكين الشباب وجعلهم شريكًا حقيقيًا فى عمليات البناء المجتمع، واستغلال الطاقات التى توصف دومًا بأنها «مهُدرة» فى اتجاهات أخرى بعيدة تمامًا عن عملية التنمية، كانت السنوات تمر دومًا فى الحديث عن آليات لا يتم تفعيلها، وإنما تقود إلى المزيد من البحث.
ومع دخول مصر فى العقد الثانى من الألفية الجديدة، شهدت البلاد ثورتين تفصل بينهما عدة أشهر من الحراك فى جميع المجالات، فكان الشباب هم المحرك الأساسى لوقود ثورة يناير ٢٠١١ التى أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وكانوا هم كذلك أصحاب الدور الفاعل فى الحراك الشعبى الذى قاد فى النهاية إلى إزاحة الطغمة التى جثمت على صدر البلاد لمدة عام كامل وعرفت باسم الجماعة الإرهابية، والآن فإن بانتظارهم دورًا أكبر فى عمليات التنمية الشاملة التى تشهدها البلاد.
اعتاد معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى تنعقد فعاليات دورته التاسعة والأربعين بأرض المعارض بمدينة نصر تحت شعار «القوى الناعمة.. كيف؟»، أن يكون قِبلة سنوية للشباب، واعتاد ملتقى الشباب، وهو من الفعاليات الأساسية سنويًا، أن يعرض خلال ندواته التجارب الشبابية الناجحة، وكان قبل عام قد عرض للجمهور مبادرة «ولادها سندها» التى كانت وقتذاك فكرة وليدة تسعى لتقوية نفسها بمئات من المتطوعين وتعمل بلا كلل فى كل الاتجاهات.
الثلاثاء الماضى، استضاف المعرض المبادرة ومؤسستها الدكتورة غادة عبدالرحيم مرة أخرى فى قاعة محمد أبوالمجد «المائدة المستديرة»، للحديث حول «الشباب ودوره فى التغيير المجتمعى»، بصحبة اثنتين من فتيات المبادرة وهما سلمى الشاذلى، بطلة إفريقيا فى رياضة الجودو، والحائزة على العديد من الجوائز الرياضية، والشاعرة من ذوى القدرات الخارقة هاجر خالد سفيرة مبادرة «قد التحدى»، المنبثقة عن مبادرة «ولادها سندها»، التى كرّمها مؤخرًا الرئيس عبدالفتاح السيسى، بينما شاركهم فى الحديث الأستاذ الدكتور إبراهيم بدر، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، وأدارت الندوة الناقدة الدكتورة هويدا صالح، مدير ملتقى الشباب.
الشباب يصنع التنمية
«الشباب يشارك فى تحقيق التنمية المستدامة عبر الكثير من الجهود»، افتتحت الناقدة الدكتورة هويدا صالح الندوة بهذه العبارة، مُضيفة أن هذه الجهود لن تأتى إلا عبر تغيير أفكار الكثير من الشباب التى يمكن اعتبارها بالية ولا تصلح لهذا العصر، متابعة: «وهناك بعض مؤسسات المجتمع المدنى التى تعمل على هذا التغيير بالفعل، ومنها مؤسسة ولادها سندها التى أسستها الدكتورة غادة عبدالرحيم على، التى استضفناها العام الماضى ونعيد استضافتها مرة أخرى بعد عام لنرى ما الذى تم إنجازه خلال تلك المبادرة».
وأكدت، أنه لكى نسعى حقًا لتحقيق هذا التغيير فلا بد من الحديث عن سلوك وسيكولوجية الشباب المصرى وقناعاته ورؤيته للعالم وإحساسه بالوطنية بعد أعوام من الثورات التى أطلق عليها اسم «الربيع العربى»، ولفتت إلى أن الحديث حول التغييرات النفسية التى حدثت للشباب خلال الأعوام الماضية سيتناوله الدكتور إبراهيم بدر فى كلمته، بينما تتحدث الدكتورة غادة عبدالرحيم عن تجربة مؤسساتها التى صارت تضم آلاف الشباب من المتطوعين.
وشددت مدير الملتقى فى تقديمها على أن «كل إنسان يحتاج أن تكون لديه فكرة ما، وأن يؤمن بقدرته على التغيير والقيام بدور حقيقى فى هذا».
الشباب علمونا درسًا فى ثورة يناير
بدأ الدكتور إبراهيم بدر، مداخلته بالقول إن هناك إخفاقات وانتصارات فى حياة وتاريخ المجتمع المصرى كما يحدث فى بقية شعوب العالم، والأمر ليس حديثًا على البلد الذى شهد العديد من الثورات فى تاريخه برز خلالها العديد من الزعماء، إلا أن حتى إنجازاتهم لم تسلم من هذه الإخفاقات، فرغم التأييد الجارف الذى حظى به الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لكن حدث إخفاق كبير فى نهاية عهده وهو حدوث النكسة عام ١٩٦٧، أما الرئيس الراحل أنور السادات فهو بدوره قد حقق إنجازا عظيمًا وهو قيادة معركة التحرير واستعادة الأرض، لكن ما حدث بعد الحرب ومع بداية عهد الانفتاح عام ١٩٧٥ قد شهد حدوث نوع من الاضطرابات.
وتابع «بدر» أنه من الإنصاف القول إن الرئيس الأسبق حسنى مبارك بدوره كان عهده قد بدأ بداية طيبة، لكن الفساد كان آفة عصره «وكان تقديم وتفضيل أصحاب الثقة عن أصحاب الكفاءة كان بدوره إخفاقًا كبيرًا».
غادة عبدالرحيم: الشباب هم السند الحقيقى لمصر
«كنت قد تخرجت فى عام ٢٠٠٥ وحصلت على لقب الطالبة المثالية، لكننى وجدت أن هناك لدى الكثير من الطاقة ويجب أن يتم استغلالها». هكذا قالت الدكتورة غادة عبدالرحيم على، مدير عام مؤسسة «البوابة نيوز» ومؤسسة مبادرة «ولادها سندها»، فى بداية حديثها فى الندوة، مؤكدة أن السبب الرئيسى لتدشين المبادرة التى بدأتها قبل أربعة أعوام هو تفريغ الطاقة التى شعرت بها فى أعقاب تخرجها فى الجامعة لديها ولدى الكثير من الشباب حولها.
أوضحت مؤسسة مبادرة «ولادها سندها» أنها رغم حصولها على الدكتوراه فى علم النفس، فإنها قرأت فى علوم أخرى مثل الاقتصاد من أجل معرفة الوضع الحالى فى البلاد وتقييمه، «وهنا أحسست بضرورة تدشين مبادرة (ولادها سندها)، لأن الشباب هم السند الحقيقى لهذه البلاد»، لافتة إلى أن المبادرة منذ تأسيسها عملت على أن تكون مظلة للشباب الواعى والمثقف والمبدع، وبدأت نشاطها من الصعيد «وقدأ بدأنا العمل من محافظة المنيا مسقط رأسى حيث ولدتُ، وفى البداية كنتُ أحلم فقط بمائة شاب يؤمنون بفكرتى».
وأضافت غادة عبدالرحيم: «الآن وبعد أربع سنوات وصل عدد المتطوعين المؤمنين بمبادرة ولادها سندها إلى ثمانية عشر ألف شاب، وقمنا بدعم الكثير من المشروعات، وأقمنا العديد من المعسكرات للشباب فى المدن المصرية البديعة مثل شرم الشيخ، وكنا نقوم بتبادل الأفكار ووضع المقترحات، وكذلك أقمنا معسكرات أخرى تجمعنا مع مجموعة من الشباب المصرى المقيمين بالخارج، وعبر هذه المعسكرات وغيرها كنا الجسر بين الشباب والمؤسسات الحكومية».
وأكدت مؤسسة المبادرة التى صارت تعمل الآن فى الكثير من محافظات مصر التى عانت طويلًا من التهميش وصارت تستقبل خططًا ومشروعات من الشباب المبدع الذى يعمل على وضع أفكار تؤدى إلى تغيير مجتمعاتهم، على أهمية المجتمع المدنى فى الاهتمام بالإبداع ودعمه وتنميته، مُشددة فى الوقت نفسه على عدم إغفال دور الأسرة التى ما إن اهتمت بطاقات وأفكار أبنائها منذ الطفولة فإنها ستقدم للمجتمع نموذجًا مًغايرًا يسعى نحو الأفضل. فى الوقت نفسه دعت الشابة التى غادرت العشرينيات من عمرها بالكاد جيلها من الشباب إلى ضرورة العمل، والتخلى عن أهمية ووجوب العمل التخصص الدراسى أو الشهادة كما يصر الكثير من الشباب حاليًا «لا توجد ظروف العمل كما يشترطها الشاب الآن، فما العمل؟ هل نترك الفرص المتاحة أمامنا؟ لا يُمكن، نحن نحتاج إلى نظرة تفاؤل، ودومًا تفاءلوا بالخير تجدوه، وهناك بالقطع العديد من النماذج التى قامت بتغيير حياتها بسبب الإرادة».
ولفتت مؤسسة المبادرة خلال حديثها إلى سلبية الصورة المنتشرة بين الشباب حاليًا، التى تظهر بشكل واضح للغاية على شبكة الإنترنت «فمواقع التواصل الاجتماعى، وهى الأكثر استخدامًا بين الشباب، بها الكثير من الإحباط». فى المقابل تحدثت عن نماذج مشرفة لبعض الفتيات التى ساعدتهن المبادرة «ومن المعروف عنى أننى منحازة للمرأة على الرغم من أن لدىّ ثلاثة أولاد»، فاختارت الحديث عن مشروع اشتهر على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى باسم «فتاتا البرجر».
وأضافت أن كلتا الفتاتين حضرت إلى المؤسسة وكانتا تحملان أفكارهما ورغبتهما فى عمل مشروع طعام فى الشارع، وهو المجال الذى تسيطر عليه الهيمنة الذكورية فى المجتمع المصرى، وقالتا إن الفكرة والحماس كانا يشملان الفتاتين ولكن دون خطة واضحة، «ولكننا قمنا بمناقشتهما وذهبنا معهما إلى محافظ القاهرة الذى رحّب كثيرًا بالأمر وقام بدعمهما وشاهدهما الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى وزادت شهرتهما»، مؤكدة أن نجاح الفتاتين كان بمثابة فتح الباب للكثير من المشروعات الأخرى المماثلة من شباب وفتيات آخرين، «وعندما زاد عدد الشباب تقدمنا باقتراح (شارع مصر) الذى وافق المسئولون عليه، ونحلم بأن يكون هناك (شارع مصر) فى كل حى»، لافتة إلى أن الصفحة الرسمية للمبادرة على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» تقدم ما يقرب من ألف وظيفة فى عشرات التخصصات أسبوعيًا.
الشباب قادرون على التغيير
تعود غادة عبدالرحيم، فى حديثها، بالذاكرة إلى عام سابق فى القاعة نفسها بمبنى المشروعات، وهو المبنى الذى يضم الفعاليات الرئيسة وأغلب ندوات وأنشطة البرنامج الرسمى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، وقتها جاءت أيضا للحديث عن مبادرة «ولادها سندها» وبدايتها، والصعوبات التى واجهتها لبناء كيان متماسك يستطيع مساعدة الآخرين والمساهمة فى التغيير «الشباب هم القوة القادرة على التغيير دومًا»، عادت لتؤكد بهذه الجملة الأساس الذى قام عليه مشروعها، ثم عادت لتذكر واحدًا من أبرز النماذج العربية فى الاعتماد على قوة وأفكار الشباب، ما قادها للتقدم سريعًا، وهى دولة الإمارات العربية المتحدة «الإمارات الشقيقة نموذج عربى حقيقى للتقدم، فالدولة اعتمدت على الشباب والموارد البشرية».
أشارت «غادة» إلى أنها «لمحت إحباطا فى عيون بعض الموجودين»، واعتبرت أن ذلك بسبب المشكلة الدائمة لدى الشباب الذى يوصف دائمًا بأنه «متعجل» نتيجة الحماس الشديد، «ولكننا نمارس هذه العجلة دون أن ندرك أن الأفضل يحتاج إلى وقت لصناعته»، مؤكدة أن شباب مصر قادر على تخطى الصعاب، وعادت لتؤكدة أن مبادرة «ولادها سندها» تفتح ذراعيها لدعمهم من خلال مشروع شباب الجيل ٢٠١٨ الذى يستقطب الشباب فى الخارج لدعمهم على المستوى الثقافى والعلمى، وطالبت الحضور وغيرهم بالدخول على الصفحة الرسمية للمبادرة التى تقدم مجموعة نماذج من الشباب والفتيات فى مختلف المستويات الثقافية والفنية والرياضية وغيرها.
هاجر خالد وحلم الوصول لطوكيو
قبيل ختام الندوة تحدثت هاجر خالد، إحدى أعضاء مبادرة «ولادها سندها»، من ذوى القدرات الخارقة، والتى قالت أنها جاءت إلى القاهرة لكى تتعلم، والتحقت بكلية التربية بجامعة عين شمس، وفى أعقاب تخرجها التحقت بعمل، ولكنها سرعان ما رفدت منه، «لأن شكلى مُعاقة ولا ينبغى أن أكون مدرسة»، كما قيل لها، وأضافت: «نحن نريد تغيير مجتمع كامل وتغيير رؤيته»، مشددة على أنه لا يوجد هناك شخص معاق، ولا أحد يستطيع الحكم عليه دون معرفة جيدة، «ولا أحد رأى إرادتى وتصميمى حتى يحكم على بالإعاقة».
وأوضحت هاجر أنها كلما شعرت باليأس فى أوقات عديدة كأى إنسان فإنها تفاجأ باتصال من القائمين على مبادرة «ولادها سندها» من المشاركة فى فعالية جديدة، «وهو ما يرفع من روحى المعنوية»، حسب قولها، مضيفة: «كلما رأيت من يدعمنى ويقف إلى جوارى أصير قوية جدًا»، وأعربت عن أمنيتها بأن يكون عام ٢٠١٨ عامًا لتغيير المفاهيم حول ذوى القدرات الخارقة، «ولكن السؤال هو كيف تقنع شخصًا آخر بهذا، هذا ما يجب علينا العمل من أجله، هكذا يُمكننى أن أجد وظيفة»، واختتمت مشاركتها بإلقاء الشعر.