الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المعارضة والانتخابات الرئاسية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
علينا أن نعترف بأن أعداء الدولة المصرية قد نجحوا خلال السنوات القليلة الماضية فى تغيير بعض المفاهيم السياسية لدينا، فجعلوا أنفسهم هم المعارضة الحقيقية، وأقنعونا أن المعارضة المتمثلة فى الأحزاب الرسمية القائمة فى مصر هى معارضة شكلية أو نستطيع القول بأنها مروضة، وهذا المفهوم الذى تسرب تدريجيًا إلى إعلامنا ومنه إلى شعبنا قد أضر بالحياة السياسية فى مصر، فوصل بها إلى ما نحن عليه الآن، فقد أصبح العالم لا ينظر إلى أحزاب الوفد والتجمع والمصريين الأحرار والعربى الناصرى وغيرهم باعتبارهم أحزاب معارضة، بل صارت جميع هذه الأحزاب وغيرها فى نظر الغرب هى جزء من المنظومة الحاكمة، أما المعارضة فقد خرجت من الإطار التنظيمى والحزبى إلى إطار شخصى يتبعه بعض المريدين، وحين تتحدث عن المعارضة فى مصر فقد صرت تتحدث عن أسماء لأشخاص بعينهم، ولا تتحدث عن أحزاب أو كيانات مؤسسية، والمتابع للإعلام الغربى سيكتشف أن ضيوف البرامج التى تلقى الضوء عن مصر هم نفس الشخوص الذين نتحدث عنهم، والذين يقدمون أنفسهم كبديل للمعارضة المنظمة، وهؤلاء يرفضون الدخول فى منظومة الدولة المصرية؛ لأنهم يخدمون أجندات معينة ويبحثون عن مكاسب ذاتية بغض النظر عن مصلحة الوطن التى دفعت هذه الأحزاب جميعها إلى اتخاذ موقف وطنى واحد هو الالتفاف حول القيادة السياسية متمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى وفى مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وقضاء، وذلك للحفاظ على الدولة المصرية أمام التحديات التى كانت تحاول إسقاطها بكل الطرق منذ أحداث ٢٠١١، وليس عيبًا أن تتخذ أحزاب المعارضة هذا الموقف، بل العيب أنها تتخذ موقفًا مغايرًا، أما هؤلاء الأشخاص الذين أقنعونا أنهم المعارضة فهم لم يفكروا يوما فى دخول العملية السياسية من بابها الشرعى بالانضمام إلى الأحزاب القائمة أوحتى بتشكيل حزب جديد، ولكنهم اتخذوا مواقع التواصل الاجتماعى منبرًا لشن هجومهم على الدولة المصرية بما فى ذلك أحزابها، وخلال السنوات الأربع الماضية لم نسمع عن زيارة أحد ممن أراد الترشح للرئاسة إلى قرية من قرى مصر فى ريفها أو صعيدها، ولم نسمع عن مشروع تنموى تبناه أحدهم لدعم الفقراء أو عن برنامج إصلاحى بدأ أحدهم فى عرضه على الناس تمهيدًا لترشحه فى الانتخابات الرئاسية، والحقيقة يا سادة أنهم لا يفعلون شيئا سوى الهجوم بالسب والقذف فى حق مؤسسات الدولة، ويتهمون النظام بالتضييق عليهم ومحاربتهم، أما المشاركة بالبناء أو الفكر فهذا ليس فى قاموسهم، وإذن فكلى ثقة أن خالد على وأمثاله حين أعلنوا ترشحهم للرئاسة كان فى داخلهم نية الانسحاب، لأنهم يريدون إحراج النظام فقط، أما الرغبة الحقيقية فى خدمة الوطن وإيجاد رؤية جديدة لإدارته فهى غير موجودة بالمرة، وهؤلاء يعلنون كذبًا أن شعبية الرئيس قد تأثرت بسبب الإجراءات الإصلاحية التى اتخذها، والتى لم يستطع أى رئيس قبله أن يتخذها، وواقع الأمر أن مسألة شعبية السيسى وتأثيرها لا تعتمد على أجهزة قياس للرأى العام بقدر اعتمادها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى الكاذبة، أما غالبية الناس فى بلادى فتنظر إلى عبدالفتاح السيسى باعتباره الفارس الذى أتى فى اللحظة المناسبة لإنقاذ مصر مما كانت ذاهبة إليه، وهم يرون معه الأمل فى الغد، وقد تم الاستفتاء على شعبية الرجل فى أكثر من موقف، وجاءت النتائج فى صالحه تمامًا، ودعونا نتذكر حين طلب من المصريين جمع الأموال لحفر قناة السويس الجديدة، وكيف أن الإخوان ومن والاهم كانوا يحاربون هذا الأمر ويطلقون الشائعات، بل ويطلبون صراحة عدم شراء شهادات القناة، فإذ بالشعب المصرى ينتصر لرئيسه ويتم جمع المليارات فى أقل من أسبوع واحد، والاستفتاء الثانى حين أعلنت جماعات الإسلام السياسى أن ثورة جديدة بالبلاد ستبدأ شرارتها فى نوفمبر ٢٠١٦، وتم تدشين آلاف الصفحات على الفيسبوك وتويتر، وأعلنت مجلة «ذا ترامبت» الأمريكية و«الإيكونوميست» البريطانية، أن مصر ستشهد ثورة جديدة، وجاء الموعد المحدد لنرى ميادين مصر خاوية من أى ثائر، وحين نزل إلى ميدان التحرير عشرات المواطنين اعتراضًا على اتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية، تصدى الأهالى لهؤلاء، فراحوا يختبئون فى الشوارع الجانبية، وإذًا فشعبية السيسى لم تتأثر كما يظن البعض، ولست أبالغ حين أروى قصة حدثت أمامى بعد إتمام الصلاة فى أحد المساجد؛ حيث كانت سيدة سورية تقف عند الباب وتمد يدها مرددة: سورية يا إخوانى.. ساعدونى، فصاح أحد الخارجين من المسجد «ربنا يحميك يا سيسى كان زمان ستاتنا واقفة على أبواب المساجد فى دول تانية وبتقول مصرية يا إخوانى.. ساعدونى» هذه الحادثة جعلتنى أوقن أن هذا الشعب يعلم تمام العلم ما فعله السيسى، وكيف أنه أوقف خطة دولية للقضاء على الدولة المصرية، وللزج بالجيش المصرى فى حرب أهلية تنتهى بتدمير وخراب مصر وهذا هو المطلوب، أو هذه هى الجائزة الكبرى والتى سيعاد بعدها تقسيم الخارطة من جديد إلى دويلات عرقية ومذهبية صغيرة، والناس فى بلادى أيضًا يشعرون بالتغيير رغم ارتفاع الأسعار من جراء تعويم الجنيه، فأزمة الكهرباء قد انتهت تمامًا، والقمامة وأنبوبة البوتاجاز والبنزين ورغيف الخبز، وهناك شبكة طرق ممتدة تربط البلاد شرقها وغربها، ناهيك عن الإحساس بالأمان الذى عاد للمواطن المصرى، والذى افتقدناه عقب أحداث ٢٠١١، كما أن برنامج «كفالة وكرامة» أو معاش السيسى، كما يطلق عليه العامة، أصبح يغطى قرابة المليون ونصف المليون أسرة، وربما لا تتسع مساحة المقال لسرد المشروعات التى تمت خلال ثلاث سنوات فقط، كالإسكان الاجتماعى وعلاج فيروس (c) وتحرير جيش مصر من أسر السلاح الأمريكى الأوحد، فتنوعت مصادر السلاح، وامتلك الجيش حاملات للطائرات وأسلحة جديدة منوعة، وأطلق السيسى يد الرقابة الإدارية لتقضى على أى فساد كبر أو صغر، وعود إلى ذى بدء يجب علينا أن ننتبه إلى أن المعارضة تتمثل فى أحزاب، وليست فى أشخاص.