الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل نتعلم من درس 28 يناير؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ أيام قليلة مرت الذكرى السابعة لأحداث يناير ٢٠١١ الدامية، والتى بدأت فعليا يوم ٢٨ يناير، وهو اليوم الذى شهد نزول أعداد كبيرة من الشعب عقب صلاة الجمعة، فى مشهد بدا فى أول الأمر حضاريا، وسرعان ما انقلب إلى مشاهد الحرق والقتل والتدمير، فكنا نرى على الشاشات حرق أقسام الشرطة وعربات المطافئ والإسعاف، واقتحام السجون وتهريب المساجين وسرقة الأسلحة، واستهداف رجال الشرطة فى مشاهد بشعة ودموية، حتى تسقط وزارة الداخلية، ونصبح فى حالة الفوضى التى عشناها لسنوات تالية.. ورغم أن ٢٥ يناير ٢٠١١ لم يشهد سوى نزول أعداد قليلة للغاية، ولم يصل حتى إلى شبه ثورة، إلا أن من أسموا أنفسهم بالناشطين والقوى الثورية كان لديهم إصرار على تسمية تلك الأحداث بثورة ٢٥ يناير، وهو بالطبع لم يكن اختيارهم، وإنما اختيار القوى الدولية التى خططت ودبرت لهذا اليوم قبلها بسنوات، فدربوا الكثيرين على كيفية تحريك الشارع وتحريض المواطنين وإنهاك الشرطة، حتى يصلوا إلى هدفهم بقلب نظام الحكم، لتحقيق سيناريو تقسيم الدول العربية وإعادة رسم خريطة المنطقة من جديد، ولم يكن اختيار اليوم عشوائيا ولكن بسبب رمزيته، حيث تصدت الشرطة المصرية للاحتلال الإنجليزى عام ١٩٥٢ فى موقعة الإسماعيلية، حيث رفض رجال الشرطة تسليم أسلحتهم وإخلاء مبنى المحافظة لقوات الاحتلال، واستمروا فى مقاومتهم حتى سقط أكثر من خمسين شهيدا وثمانين مصابا من رجال الشرطة، فكانت تضحياتهم سببا فى أن يصبح هذا اليوم عيدا للشرطة.. ولكن كعادة الصهاينة المتآمرين على هذا الوطن، يحاولون دائما طمس ذاكرتنا، وتحويل الانتصارات إلى هزائم وانكسارات، فأرادوا أن يتحول يوم صمود الشرطة وتضحياتها إلى يوم إذلالها وإسقاطها، ووقع الكثيرون فى الفخ، ونسوا أن ٢٥ يناير هو يوم الشرطة وعيدها.. ولكننى كنت على يقين أن الحق يوما سيكتشف ويعود إلى أهله، وهو ما بدأنا نستشعره، حيث عاد ٢٥ يناير عيدا للشرطة فى المقام الأول، ولم نسمع هذا العام سيرة ما أسموه «ثورة ٢٥ يناير» سوى على استحياء.. وبالطبع فأنا ممن لا يعترفون بأنها ثورة، لأن الاعتراف بها يمثل موافقة ضمنية على استهداف الشرطة ومحاولة إسقاطها، وهو ما يتناقض تماما مع الاحتفال بعيدها!!..ورغم ذلك فلا أخون من شارك فيها لأننى على يقين أن الكثيرين منهم لم تحركهم سوى النوايا الطيبة والمطالب العادلة، ولم يعرفوا آنذاك أنهم كانوا أداة فى أيدى الممولين الذين كانوا يحركوا الأحداث عن بعد، حتى يسقطوا الدولة.. ولكن ما رأيناه فى ذلك اليوم وما تبعه، من الحقد والغل الذى لو وزع على الأرض لملأها سوادا يجعلنا نتساءل، لماذا وصل بعض منا إلى هذا القدر من الغل والسواد وأقدموا على حرق بلدهم؟!.. ونحن المعروفين بالشعب الطيب المضياف والشهامة والجدعنة!!.. بالطبع كان لرؤوس الأموال والأيادى الخارجية دور فى ذلك، ولكن لا يمنع أننا أعطيناهم الفرصة، وتآمرنا على أنفسنا وعلى بلدنا بالفساد والواسطة والمحسوبية والظلم، فنشأ الغل والسواد وضاع الانتماء لدى البعض.. فلتجعلنا هذه الذكرى المأساوية نتذكر ونرتدع ونتق الله فى وطننا.. ويعى كل منا مسئولين أو مواطنين أن كل فساد أو ظلم يرتكب فى هذا الوطن يكون له ضحاياه، والذين يفقدون الولاء والإيمان بالوطن شيئا فشيئا.. فكل من يعطى حقا لمن لا يستحق ويجعله فى غير مكانه بالواسطة والعلاقات، لا يجامله فحسب، بل يضيع فرصة من يستحق ويتسبب فى ضياع الأمل والحلم وربما الانتماء.. وكل من يوضع فى منصب رفيع دون استحقاق، ومن حوله يعرفون حقيقته من نهب وسرقة واستغلال نفوذ، يصيبهم الإحباط واليأس وربما تتوقف قدرتهم على العطاء.. وكل من يسرق وينهب فى مال الدولة بالفهلوة اعتقادا بأنه مال سايب، فهو يحرم أسرا من حقهم فى الحياة والطعام والشراب والعلاج، ويحرم صغارا من سد جوعهم وتناول كوب لبن وغذاء يحترم آدميتهم وطفولتهم.. فكما قال الإمام على بن أبى طالب: «ما جاع فقير إلا بتخمة غني».. وما أكثر من يعانون التخمة فى بلادنا العربية ومن أموال الدول.. فلا تستهينوا بالظلم ولنتذكر أننا جميعا مسئولون، وهذا البلد أمانة فى أعناقنا جميعا..وأطالبكم ونفسى ألا نيأس مهما صادفنا من إحباطات، ثقة فى عدل الله وقدرته.. فليؤد كل منا دوره، ونحرص ألا نقع فى مستنقع الفساد مهما بدت زينته، وفى نفس الوقت لا نكون كالشيطان الأخرس.. فدماء الأبطال من ضباطنا وجنودنا البواسل التى تسيل على تراب مصرنا الحبيبة كل يوم، فتطهرها من نجاسة أفعال بعض أبناء هذا الوطن، ليست مسئولية الإرهابيين والمتآمرين وحدهم ولكن فى أعناقنا جميعا ولنع درس ٢٨ يناير جيدا حتى لا تكون الدماء الزكية قد سالت هدرا!!