الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أعلنوها.. ولكن بصراحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المتفق عليه أن استدعاء تعبيرات على شاكلة (انتخابات محسومة) لا يصب فى صالح العملية الانتخابية.. و لا يعقل ترويجها من أى طرف سياسى حريص على إنجاح هذه العملية، فهى الوجه الآخر «للمراهقات» السياسية التى تقطر حقدا من «المحبطين» نتيجة ضياع أطماعهم التاريخية. تحول الانتخابات من المعركة التى تنبأ بها البعض إلى عملية انتخابية، يفرض التحرى العميق لملابسات المشاهد التى ظهرت خلال الأيام الأخيرة.. خصوصا أن هناك تفسيرات غامرت بالاقتراب من مناطق هى الأكثر خطرا فى المساس بالأمن القومي.
إعلان شخصيات ذات خلفية عسكرية أو سياسة التراجع عن إعلان ترشحهم لمنصب الرئاسة صوره البعض كنتيجة لصراع انتخابى بين تيارات أو مؤسسات.
إعلان المحامى خالد على التراجع عن الترشح فى الأيام الأخيرة، وكل ما صدر عن أعضاء حملته حول انتهاكات إجرائية فى الشهر العقارى أو محاولات عرقلة مؤيديه من استكمال إجراءاتهم القانونية، مع كل ما ورد فى البيان الذى ألقاه خالد علي.. كان سيكتسب مصداقية أكثر من كونه اتهامات مرسلة لو دعمت حملته مبررات التراجع بتوثيق بعض هذه الحالات بالصوت والصورة، وهو أمر أصبح فى منتهى البساطة بدليل ملايين المقاطع التى يكتظ بها «سوق اليوتيوب».
آفة الكسل السياسى التى تحكم إيقاع أغلب الأحزاب والتيارات، لتتذكر فجأة أن أهم حدث يحدد المصير السياسى لمصر قد أصبح على الأبواب، ويحدث الارتباك نتيجة ضيق الوقت وعدم القدرة على جمع التوكيلات المطلوبة، ثم يقع اللوم فى النهاية إما على الشعب أو قوانين الهيئة الوطنية للانتخابات! دون أن تضع فى الاعتبار دور مثل هذه المزايدات فى تغذية «التحفز» الدولى – تحديدا من جانب أمريكا- الغالب على مراقبة الانتخابات فى مصر.
فى حال افتراض وجود مثل هذه العراقيل أمام الأحزاب والتيارات المدنية.. كيف سينتظر منها الشارع المصرى – فى حال وصولها إلى الحكم- التصدى لملفات شائكة وخطيرة فى مختلف المجالات تشكل تحديا أمام مصر، بينما هى عاجزة عن التغلب على ما وصفته «عقبات» لا تقارن فى بساطتها بالأعباء الثقيلة التى تنتظر من يحكم مصر.
على أضعف الإيمان، ما مدى قوة التواصل الذى حققته هذه التيارات والأحزاب مع الشارع بما يضمن لها دورا سياسيا مطلوبا كمعارضة وطنية تكتسب أهميتها من كونها المعادل الموضوعى فى العملية السياسية؟.
ظهور حزب الوفد- صاحب التاريخ العريق- فى الساعات الأخيرة بإعلان رغبة رئيسه د. سيد بدوى الترشح للرئاسة لا يمثل اكتمال الدور المنتظر من هذا الحزب. رغبة الوفد فى إعادة ضخ الدماء «السياسية» إلى شرايينه تكتسب جديتها من عودته كقوة معارضة لا يستهان بها، كما شهدت فصول تاريخه، فى البرلمان خلال مراحل تبادل المواقع بين تشكيل الوزارة أو قيادة المعارضة.
المثير للدهشة وجود أطراف أو دول ما زالت تتلقف بلهفة مسار الانتخابات المصرية من منظور «قوالب نمطية» تجمدت عندها مواقفهم فى رفض مطلق لأى فهم واقعى عميق لكل ما حدث ويحدث فى مصر. أبرز هذه الأمثلة البيان الركيك الصادر عن عضو مجلس الشيوخ الأمريكى جون ماكين، يدين كل ما فى مصر، متجاوزا الصرامة الشديدة التى تخضع لها قوانين الانتخابات فى أمريكا، أو ضوابط عمل المنظمات غير الحكومية بها.
من البديهى أيضا رؤيته لمصر (أنها تتراجع بشكل خطير!) وهى تنسجم كليا مع مجموعة صور اللقاءات «الودية» بين ماكين وأبوبكر البغدادى وأخرى مع قادة جبهة النصرة الإرهابية - فرع تنظيم القاعدة فى سوريا- واعترافه العلنى بامتلاك علاقات وثيقة مع تنظيم داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية فى عدة لقاءات على القنوات الإخبارية الأمريكية، بالتالى الحماس الذى يبديه ماكين نحو فكرة ضم مثل هذه الوجوه إلى العملية السياسية فى مصر لا يحمل أى مفاجأة بالنظر إلى تاريخ هذا الرجل.
أخيرا.. الهاجس المبالغ فيه تجاه الرأى العام الأمريكى يفقد جدواه أمام نخبة سياسية ووسائل إعلام عجزت حتى عن تذكر تاريخها الذى فرض وجود مرشح رئاسى وحيد- جورج واشنطن- كما تكرر حدوثه فى دول مثل فرنسا وجنوب أفريقيا.