الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شهداء من ذهب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مر العصور يضحى أبناء مصر من أجل أن تبقى هي، وطنًا قويًا شامخًا، وفى كل الثورات وما تلاها من مراحل انتقالية كان شهداء مصر ولا يزالوا رمزًا للعطاء والتضحية والفداء.
ورأينا هذا جليًا فى ثورة يناير التى خرج فيها المصريون تعبيرًا عن غضبهم، وجل سخطهم من تردى الأوضاع كافة فى وطنهم، وتعبيرًا عن رغبتهم فى تغيير أوضاع ورثوها وعاشوا فيها مكتوفى الأيدى رغمًا عنهم.
خرج المصريون فى ٢٥ يناير، خرج من لا يجد عملًا، خرج من لا يجد سكنًا، خرج من لا يجد بصيص أمل فى مستقبل له ولأولاده، إلا أن كل من خرجوا لم يظن أحدهم أن الجماعة الإرهابية ستقفز على ثورتهم لتنسبها لنفسها وتجنى ثمارها دون أن تفكر فى هؤلاء الذين ضحوا بأنفسهم وسالت دماؤهم من أجل وطن جديد، فكان شهداء ٢٥ يناير الذين لن ينساهم أحد.
ثم أتت ثورة ٣٠ يونيو، لتضع الأمور فى نصابها الصحيح، وتعبر عن إرادة شعب ثار ضد جماعة دموية تشبثت بالحكم حتى لو كان على حساب إزهاق أرواح المصريين، فهى لا يهمها هذا، وكل ما تفكر فيه هو الوصول إلى السلطة لتنفيذ مشروعها وليس مشروع الوطن، فكان شهداء ٣٠ يونيو الذين لن ننساهم أيضًا.
وبين شهداء ٢٥ يناير و٣٠ يونيو يأتى أبطال من قواتنا المسلحة وشرطتنا، يجب ألا ننساهم هم الآخرون، فقد حملوا أكفانهم على أيديهم وواجهوا الإرهاب فى كل مكان، ماتوا من أجل أن نحيا نحن، فاضت أرواحهم الكريمة من أجل أن نبقى وتبقى مصر.
لا يجب أن ننسى هؤلاء، يجب أن نتذكر دائمًا البطل محمد أيمن شويقة، الشهيد منح الحياة لرفاقه، فقد استشهد وكأنه كان على موعد مع الجنة، فإذا به يركض دون أن يفكر فى شيء إلا أن ينقذ رفاقه من موت محقق، ليهبهم بدمه الحياة، ويرتقى شهيدًا إلى السماء.
«شويقة» ابن قرية الإبراهيمية فى مصر، الذى أبصر إرهابيًا يختبئ، وهو «يتحزم» بحزام ناسف، ولمح أصابعه تتحسس الحزام فى حذر، فلم يفكر ثانية أو يتردد لحظة، انطلق سهمًا نحو الإرهابي، ارتمى عليه، احتضنه، انفجر الحزام الناسف، تبعثرت أشلاؤهما معًا، وسط ذهول «أبناء دفعته» ودموعهم التى اختلطت بالدعاء أن يتقبله الله شهيدًا.
لا يجب أن ننسى العقيد أحمد المنسي، الشهيد الذى صلوا عليه فى الكنائس والمساجد، وعرف بين أقرانه بمواقفه الصلبة ضد الإرهاب والتطرف ورفضه للتشدد، واستشهد إثر هجوم إرهابى على كتيبته فى مدينة رفح، هو وعشرة جنود آخرين.
وعقب استشهاد البطل المصرى أحمد المنسي، تداول رواد التواصل الاجتماعي، «بوست» للراحل عن العقيد رامى حسنين، أحد أبطال الصاعقة المصرية، والقائد السابق للكتيبة ١٠٣ صاعقة، حيث كتب الشهيد أحمد المنسى عنه يوم استشهاد الثاني، قائلا: «فى ذمة الله أستاذى ومعلمي، تعلمت منه الكثير، الشهيد بإذن الله العقيد رامى حسنين، إلى لقاء شئنا أم أبينا قريب».
لا يجب أن ننسى الشهيد العقيد رامى حسنين، أحد أبرز الضباط الذين قاموا بعمليات مكافحة الإرهاب، وتم استهدافه بعد أن حفر اسمه بحروف من نور بين قائمة الشهداء ممن ضحوا فى سبيل الإنسانية والحرب على الإرهاب.
لا يجب أن ننسى الشهيد أيمن كتات.. الذى لم ير ابنه «آسر»، ونزل خبر استشهاده على مسامع زوجته كالصاعقة، متمنية أن يكون كابوسًا قد تستفيق منه، لتتجه أنظارها نحو طفلها الرضيع ولسان حالها يقول: «بقيت يتيم من غير ما تشوف بابا»، وكانت تجهل حينها أن عينيه المغطاة بالدموع، ما هى إلا إشارة لإحساس الرضيع باستشهاد أبيه، التى اعتادت أمه الحديث عنه كثيرًا.
لا يجب أن ننسى الشهيد شريف محمد عمر، الذى رفض قتل النساء، كانت آخر كلماته، «ما فيش حاجة بعيدة يا أفندم»، وهو يستأذن فى تفتيش مكان شديد الخطورة وكأنه يقول: «الجنة هناك يا أفندم لو سمحت ما تأخرنيش»، واستشهد بعد أن رفض إطلاق النار على سيدتين كانتا فى محيط المداهمة وبعد تفجير عبوة ناسفة فور دخوله المنزل، رأى الشهيد سيدتين عن بُعد وكاد أحد الجنود أن يصوب سلاحه تجاههما، فلا شك أنهما تنقلان الأخبار من هذه المنطقة، لكن البطل الشهيد رفض وقال: «من إمته جيش مصر بيقتل النساء».
لا يجب أن ننسى أو نتناسى هؤلاء الشهداء الذين ضحوا بالغالى والنفيس من أجلنا ومن أجل وطننا، يجب علينا أن نرسل لهم دائمًا رسائل نقول لهم فيها: «أبدًا لن ننساكم، أبدًا لن نترك أسركم دون رعاية، سنكون جميعًا أبناء لآبائكم، سنكون جميعًا آباءً لأبنائكم، سنرعاهم دون كلل أو ملل، سنكون أوفياء لكم لأنكم تستحقون ذلك وأكثر.