الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس مكاريوس فهيم قليني: ربط العريس وهم.. "إبليس" يعرف الماضي ويلعب بأفكار البشر.. تحضير الأرواح خرافة.. وأطالب البابا بإعادة النظر في عقوبة الكهنة المخطئين

القس مكاريوس فهيم
القس مكاريوس فهيم قليني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أديب وفنان وشاعر وسينارست ومهندس للكلمات، صفات اجتمعت فى ثوب الكهنوت ورعاية أبناء الكنيسة، إنه القس مكاريوس فهيم قليني، راعى كنيسة العذراء والأنبا أنطونيوس فى مدينة بدر.
تناول القس مكاريوس فهيم قلينى فى كتابه الذى حمل عنوان «خرافة السحر الأبيض والأسود والملون»، مفهوم السحر، وبينما عرفه كثيرون باللونين الأبيض للخير والوفاق والأسود للشرور والإيذاء، أضاف هو للأبيض والأسود، السحر الملون، ولم يكتف بالعنوان بينما أغلق كتابه الجديد بمزيد من علامات الاستفهام، حينما كتب تحت الطبع قريبا أو بعيدا روايات بوليسية ودرامية- وبلاغان للنائب العام- واعترافاتى واعترافاتهم، ومذكرات كاهن سابق.

وحرصت «البوابة» على فك طلاسم غلاف الكتاب ومضمونه، فكان هذا الحوار.
■ بداية كيف جاء اختيارك لعنوان كتابك؟
- اختيار عنوان الكتاب جاء بحرفية نظرًا للخلفية الأدبية والصحفية وأستهدف منه جاذبية القراء، خاصة أن الجميع تحدث عن السحر الأبيض والأسود، وتزامن إعداد الكتاب مع كأس العالم وظهور الأخطبوط «بول» وما جلبوا له من قوارير مياه ملونة بزى الفرق المتنافسة، وكان يختار من يفوز، وأحدثت نبوءاته ضجة لذلك أضفت لعنوان الكتاب الملون نوعًا من السحر.
■ بصفتك رجل دين ما الهدف من كتاب يتحدث عن السحر؟
- أستهدف إظهار المفاهيم الصحيحة والحقيقية لمفهوم السحر والدجل والشعوذة والخرافات وقراءة الكف والفنجان وربط العريس وجميع ما هو مستثار حاليًا بالمجتمع، ووضحت الحقائق مستندا إلى الكتب الدينية والتاريخ والأحداث المعاصرة لإظهار حقيقة أمر السحر والأعمال.

■ هل تعنى أن السحر خرافة وخزعبلات أم حقيقة؟
- لا أقصد عدم وجود السحر؛ لأنه بالفعل موجود منذ عهد القدماء المصريين قبل الأديان وحتى يومنا نعانى كثيرًا، من التوابيت وما تحويه الأهرامات ما لا نستطيع اكتشافه، وأثناء الحفريات الأثرية تحدث أمور غريبة وما شابه، فإن الفراعنة كانوا بارعين فى السحر بطريقة أذهلت العالم، وأيضا يتحدث العهد القديم بالكتاب المقدس عن السحر، حينما استعان فرعون بالسحرة لمواجهة موسى النبى، فكانوا يلقون بالعصا لتتحول إلى ثعابين وهمية، أما موسى النبى وبأمر من الله كان يُلقى عصاه فتتحول إلى ثعبان يأكل كل ثعابين السحرة.
إذًا فإن السحر موجود ومنتشر، وتحضير الأرواح أمر معروف منذ شاول الملك، فالسحر حقيقة وإنما كفاعلية أمر مسلم لا أراه سوى خرافة، وهناك فارق بين الأمور الحقيقية والشيطانية.
■ كيف تعلم الفراعنة السحر؟
- تعلموه من الشيطان، فإن الأمم وقبل وجود الديانة اليهودية كان أيام جدعون تأثروا كثيرا بالسحرة والاستعانة بالقوة الخفية، وبعد انتصاره فى الحروب كان يهب عادة روح أول شخص يلقاه حال دخوله المدينة للتضحية به من أجل الشيطان- كقربان يحرقه فى النار-، وفى إحدى المرات كان أول من ألقى ابنته.
■ ما مراحل تطور السحر؟
- تطور السحر تماشى مع المدنية الحديثة، ومع تطور العصر دفع الشيطان لتطوير نفسه، وإبان عهد الفراعنة كان هناك فيضان النيل وأوحى إليهم الشيطان بأنه يحفظ سلامهم حال تقديم فتاة عذراء أضحية أو قربانا لآلهة النيل فى اعتقادهم حتى لا يصيب الضرر الأراضى الزراعية أو غيرها.
ولعل جميعنا يتذكر فيلم «عروس النيل»، الذى جسّد جانبا من هذه الأمور، وبعد التطور والعلم ومعرفة الناس بالفيضانات والعواصف وغيرها لم يعد مجدٍ أن يوحى الشيطان بأهمية إلقاء فتيات للنيل أو ما شابه، بينما تعدد فى مجالات الأذى مثل: ربط العريس، والرزق، ووهم فئة كبيرة من البشر.
واستغل الشيطان جزءًا من العلم للسيطرة على أفكار الإنسان مثل قراءة الكف والقدم لما فيها من تجاعيد وأعصاب ومكونات استغلها وأدخل فيها الخرافات التى نراها فيمن يلجأون للسحرة والدجالين لقراءة الطالع والكف.

■ ذلك يعنى أن السحر علم وليس موهبة؟
- السحر ليس عِلمًا أو دراسة، وإنما عمل شيطاني بحت ونوع من التعاقد بين أشخاص معينين باعوا أنفسهم للشيطان قولًا وفعلًا، وأنكروا الأديان وكل الأمور السماوية، وكفروا أو وصلوا للإلحاد بوجود الله أى سلموا أنفسهم للشيطان.
■ هل كل الملحدين يتعاملون مع الشيطان؟
- ليس كل الملحدين يتعاملون مع الشيطان بصورة التعاقد أو إبرام اتفاق، إنما هناك من يثقل مواهبه مع الشيطان، وكان فيه حادث شهير فى تاريخ الكنيسة حين جاء أحد السحرة للبطريرك من أجل الصلاة له لقطع العقد بينه وبين الشيطان، وخصصت الكنيسة صلوات خاصة من أجل ذلك لحين سقوط ورقة بين المصلين، وكان الاتفاق والعقد بين الساحر التائب والشيطان.
وهنا أود أن أقول إن الشيطان يستغل كل الوسائل العلمية والتطورات العصرية لتحقيق أغراضه وتدمير النفس البشرية.
■ هل الحسد موجود فعلًا؟
- بالطبع الحسد موجود ومذكور فى الكتاب المقدس منذ العهد القديم، ونتذكر قصة يوسف الصديق وإخوته، حينما باعوه لأن والده كان يميزه، ما أحدث غيرة وحسدًا لدى إخوته، وفى العهد الجديد يقول بولس الرسول إن اليهود أسلموا المسيح حسدا، ولذا الكنيسة تصلى الشكر يومًا وتقول نجنا من كل حسد، وتجربة وفعل الشيطان انزعها عنا وعن سائر شعبك.
■ ما آثاره على الحاسد والمحسود؟
- الحسد يضر الحاسد وليس المحسود، وإلا هزمنا الجيوش من خلال الاستعانة بالحاسدين، وباتت الأمور فوضوية، وثبت علميًا أنه يحدث للحاسد تغيرات فى الجهاز العصبى والمخ، ومتغيرات فى ضغط الدم ويصاب بالعديد من الأمراض، أما المحسود طالما يتمسك بالله ويؤمن به لا يؤثر فيه حسد.
وأتذكر مسلسل «شرارة» كان منذ ٣٠ عاما، تناول فكرة الحسد وما يتداول فى الصعيد والأرياف من "العين فلقت الحجر" وما شابه، ولكن الحقيقة الحسد لا يؤثر فى الإنسان المؤمن.

■ أشرت فى كتابك إلى أفريقيا بأنها موطن للسحرة.. لماذا؟
- بالفعل أفريقيا منبع للسحر خاصة فى لعبة كرة القدم، وحتى وقت قريب خرج رئيس أحد الأندية الشهيرة يشكو الأعمال والأسحار، وإبان حسن شحاتة وبيبو «الخطيب» كان الأفارقة يجلبون قوارير مياه ويرشونها فى الملعب، أو ينزل أحد السحرة ويطوف بـ«ماعز» فى التراك، ورغم ذلك لم نجد فريقا أفريقيا واحدا حصد كأس العالم، ما يعكس أن السحر يعتمد على العامل النفسى بالأساس.
■ ما حقيقة ربط العريس أو العروس؟
- لا مجال له سوى أنه عامل نفسى بالأساس والطب أثبت ذلك؛ فإن عادة المصريين أن يرهقوا فى الاستعداد للزفاف دون نوم أو راحة وبالطبع ينعكس الأمر على العلاقة وله أثر عضوي، وحينها يتصور البعض أنه متأثر بأعمال أو ربط وما شابه لما يسمعه.
■ هل إخراج الشياطين بدعة أم حقيقة؟
- إخراج الشياطين موهبة يمنحها الله للإنسان المؤمن والتقى الذى يؤدى لما يرضى الرب، ولكن علينا تذكر الآية الواردة بالكتاب المقدس القائلة «امتحنوا الأرواح»؛ فإن ليس كل ما يظهر نور يكون قديسا أو وليًا من الأولياء الصالحين، وعلينا الانتباه خاصة أن الكتاب المقدس قال إن الشيطان يتخذ هيئة ملاك نور، والتمييز بين هذا وذاك يكون وفق الحالة الروحية والإيمان للإنسان هل يستحق أن يرى قديسا أم لا؟
وأود أن أشير، إلى أن الملاحظ فى قصة إخراج الشياطين أنه يخرج حال صلاة قس مسيحى أو شيخ مسلم بقراءات الآيات أو حتى شخص بوذى يقرأ تلاوات من معتقده، وحينها يخرج أو يتظاهر الشيطان بالخروج من الإنسان، وذلك بهدف خلق صراعات وتشكيك لدى أتباع الأديان السماوية.
والشيطان يتظاهر بالخروج أحيانا من كلمات بوذية أو على يد أشخاص لا دينيين بهدف تشكيك الإنسان فى عقيدته، ولكن معرفة خروج الشيطان من عدمه تظهر بالتصرفات والتباعات وتغير حال الشخص المصاب بالشيطان أو الروح النجسة أن تغير حاله بالفعل خرج وإن ظل فإنه لا يزال مضرورا.
ومثال على ذلك، حينما أخرج المسيح لاجئين أى شياطين كثيرين من شخص وصفوه بالمجنون بعد خروجهم عاد الإنسان لطبيعته وصار معافى.

■ هل هناك رجال دين يمارسون السحر؟
- جميع رجال الدين يعلمون جيدا أن الأعمال الشيطانية محرمة، وهو أمر مذكور بالكتب السماوية كافة تحرم السحر، والإنسان يجب أن يكون عاقلا ويميز الأمر- أحيانا قد يفسر البعض توزيع مياه اللقان المباركة بالصلوات أو زيت القديسين البركة.
أما السحر بكل ألوانه أبيض أو أسود لجلب الرزق أو يوفق البشر أو غيره فجميعها أعمال من الشيطان.
■ هل تحرم الكنيسة الأعمال السحرية؟ 
- بالطبع الكنيسة تحرم وتقطع أى كاهن أو راهب يمارس أعمالا سحرية، وكذلك أى من أبنائها إذا انخرط فى أعمال الشيطان.
■ ماذا عن تحضير الأرواح؟
- فى الكتاب المقدس التعاليم واضحة والمسيح أعطى مثالا بالغنى والفقير، مات الغنى وحملته الشياطين ذهب للجحيم، ومات لعازر وحملته الملائكة لحضن إبراهيم، فالإنسان فى مماته تذهب روحه لله، وهناك أماكن مخصصة للانتظار، الفردوس للأرواح البارة والجحيم ينتظر فيه الأشرار، وكلاهما يحتفظ بالأرواح لا يتحركون أو ما يقال روح المرحوم تحوم أو ما شابه الروح تخرج ولا تعود.
■ ماذا عن أرواح القديسين؟
- ما ينطبق على الناس ينطبق على الجميع، أما عن الظهورات والمعجزات مثل مار جرجس أو البابا كيرلس أو غيرها، يكون بتصريح من الله يسمح بظهور مثل طيف العذراء على الزيتون أو غيرها ولكن الأرواح لا تتحرك من مكانها.
■ ما حقيقة قراءة الكف والفنجان؟
- الشيطان له خبرة قديمة مع الإنسان منذ آدم وحواء، ومنذ الخليقة، لأن الله خلق في البداية الملائكة، والله لعن إبليس وعددًا من جنوده وطردهم من أمام العرش الإلهى، وبعدها خلق آدم وحواء وسمح للشيطان يجربهما، ومنذ حينها وإلى اليوم، والشيطان لديه خبرة رائعة بالنفس البشرية وشهواتها ورغباتها وطباعها، ومملكته منظمة ومخصص لكل عمل، والخطية أنواع وتستنتج سلوك أى إنسان، وهو ما يستغله فى قراءة الكف والكوتشينة أو الفنجان.
والشيطان يعرف الماضى تمامًا لكل إنسان بحكم تكوينه، ولذا عدد من الدجالين يقولون حوادث وأمورًا حدثت، ومن قدرات الشيطان سرعة الحركة والتنقل بين الدول.
■ على غلاف كتابك قلت «قريبا وبعيدا روايات بوليسية ودرامية» ماذا تقصد؟
- لدى رواية عنوانها روايات بوليسية ودرامية تحمل مزيجا بين الواقع والخيال، وما بين سطورها ستحمل مفاجآت عدة مبهجة للبعض وقاسية للبعض، وقد تصدر قريبا أو بعيدا حسبما تسمح الظروف، هى رواية بطلها كاهن سابق عاصر العديد من الأسرار الكهنوتية، وكانت محصنة ومحظورة الخروج للنور، طالما كان مرتبطًا بوجوده فى سلك الكهنوت، وحال نزع الرداء الكهنوتى عنده غير محظور تداولها لانتهاء الصفة التى تلزمه الصمت.

■ وماذا عن قولك «اعترافاتي واعترافاتهم»؟
- الكاهن يأخذ اعترافات المواطنين ولديه أسرارهم وأيضا لديه هو نفسه أسرار، وفى حال شلحه أو تجريده من المنصب الكهنوتى يصبح دون قيد للحديث عنها، وسبق وطالبت البابا شنودة الثالث -نيح الله نفسه- وجددت الطلب للبابا تواضروس بضرورة إلغاء عقوبة الشلح للكاهن والراهب وتعديلها على غرار تعديل العديد من اللوائح الكنسية، خاصة أن الحالة التى يستحق فيها الكاهن أو الراهب الشلح هى الارتداد عن الدين المسيحى فقط.
وتناولت فى الرواية التى كتبتها عن مذكرات كاهن سابق، قصة أحد الآباء الكهنة الذى تم شلحه تمامًا وطرده بصفة نهائية، وأصبح له حرية كاملة ويبدأ فى أن يعيش ويرجع لحياته كإنسان عادى، وليس رجل دين ومن أخطر القضايا التى أثيرها هى «قضية الاعترافات».
الكهنة تستمع لاعترافات الشعب فى مشكلات خطيرة جدا قد تصل لحد الجرائم، وتكون مدعمة بالأدلة والبراهين والإثباتات والشهود والأماكن الحقيقية والأحداث، وممنوع منعا باتا ومحرم عليه تماما أن يخرج السر من فمه لأى إنسان مهما كان ومهما كانت الظروف.
أما الرواية فتشير إلى الكاهن بعد طرده من الكهنوت للشارع، وبات فى حرية تامة وليس عليه قيود من إفشاء أسرار الاعترافات؛ فيبدأ الكاهن بكتابة مذكراته وينشر بها أحداثا حقيقية وواقعية جرت أثناء كهنوته، ويشير إلى اتهامات للبعض وبراءة للبعض ووقائع وأمورًا مادية، وتلك ما توضحه الرواية.
■ ماذا عن قولك «بلاغان للنائب العام»؟
- رواية تتناول أحد المسئولين بالمناصب الحساسة، وتقع تحت يده أدلة وبراهين وجرائم تمس رؤساءه فى العمل، ويبدأ خطواته بحكمة ليشهد للحق وكلما توصل لأحد الخيوط يجد صاحبها متورطا أيضًا فى الإشكاليات، ولم يجد مفرا إلا كشفها أمام الجهات المختصة، وما حفزنى على كتابة الرواية البوليسية، هو تناول مخالفات قانونية فى صورة حبكة درامية، واستذكر مقولة الرئيس السيسى بأنه دعا الجميع لكشف الفساد كلٌ فى موقعه ولو كان المقابل التضحية بالعمل أو غيرها.
■ ماذا عن عقوبة المخطئين من الكهنة والرهبان؟
هناك عقوبات عدة، والتاريخ يؤكد أن القديسين الأنبا بنيامين المتنيح والأنبا يؤانس الغربية، الذى كتبت عنه قصة حياته، كانا يعطيان عقوبات فى منتهى الروعة، فيلزما الكاهن المخطئ على سبيل المثال بصلوات عدد كبير من القداسات والتفاسير للكتاب المقدس والتأملات، أما حاليا فعقوبة الأسقف للكاهن بأنه يقعد فى البيت أو يذهب الدير.
يحرم خلال العقوبة من الصلوات ما يوصل الكاهن إلى هوة اليأس والغضب، مما لا يدع مجالا لعودته إلى كامل روحانياته، بالإضافة إلى نظرة رعاياه وأبناء الكنيسة إليه بعد تعرضه لعقوبة بهذه الصورة وتكون معلنة.