الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

«الملا صوفى».. الأب الروحى للعنف فى باكستان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصدرت محكمة باكستانية، أمرا بالإفراج عن الزعيم الدينى المتطرف والقيادى الإخوانى السابق، الملا صوفى محمد بن الحزرات حسن، عم زعيم حركة طالبان باكستان «مولانا فضل الله»، والمتهم بإرسال مئات المسلحين لاستهداف القوات الدولية بقيادة أمريكية أثناء محاولتها الإطاحة بنظام طالبان. والملا صوفى محمد بن الحزرات حسن، من مواليد عام ١٩٣٣، وينتمى لمقاطعة ملاكاند القبلية، المحاذية لوادى سوات، هو وادى ومقاطعة فى شمال غرب محافظة صوبه سرحد، بباكستان ذات التضاريس الجبلية والواقعة فى الإقليم الحدودى الشمالي.
إخوان باكستان
انضم «صوفى محمد إلى الجماعة الإسلامية فى مقاطعة ملاكاند «فرع الإخوان فى باكستان»، خلال فترة الستينيات وحتى بداية التسعينيات، وذلك عندما كانت ملاكاند (والتى كانت وقتها تضم سوات، وبونير، ودير) معقلا للجماعة الإسلامية. فى تلك الأثناء، اعتاد سكان ملاكاند انتخاب مرشحى الجماعة الإسلامية كأعضاء فى البرلمان، ثم انفصل عن تنظيم الإخوان فى عام ١٩٩٢.
تنظيم «تحريك»
وبعد انفصال الملا صوفى محمد عن جماعة الإخوان فى باكستان، أسسس حركة تطبيق الشريعة المحمدية (تحريك نفاذ شريعت محمدي)، وهى منظمة مسلحة باكستانية ١٩٩٢، حينها أراد إدارة الحركة وتوجيهها عبر خطوط سلمية وآمنة، واستهل حملة لإنفاذ قانون الشريعة الإسلامية فى إقليم ملاكاند. ولكن حملته تحولت لصدام عنيف مع السلطة ولقى المئات من الأشخاص مصرعهم إثر مصادمات بين قوات الأمن الباكستانية وأتباع صوفى محمد فى إقليم ملاكاند، وغالبًا ما تم وصف هذه الثورة المسلحة، والتى استمرت لأسابيع على أنها الأولى من نوعها فى تاريخ البلاد، والتى هب فيها سكان المنطقة فى وجه الدولة الباكستانية، تحت مسمى الدين. وتم اعتقاله بسبب تلك المصادمات، ولكن بعد نحو عشر سنوات من تأسيس (تحريك) أعلنت الحكومة الباكستانية تصنيفها كجماعة إرهابية وحظرها فى ٢٠٠٢، خاصة بعد مشاركة الملا صوفى وأعضاء حركته فى دعم حكومة طالبان عام ٢٠٠١ ضد القوات الأمريكية. وأطلق سراحه فى بداية عام ٢٠٠٨، حيث عاد لممارسة نشاطه الحركى والدعوي، وتأثر بأفكاره العديد من علماء الدين التقليديين والزعماء الدينيين السياسيين بالبلاد. ويقول زاهد خان، كبير المتحدثين باسم حزب عوامى الوطني، الذى يحكم إقليم الحدود الشمالى الغربي: «ففى عام ٢٠٠١، قاد صوفى محمد شباب أتباع تحريك إنفاذ الشريعة المحمدية إلى «الجهاد» فى أفغانستان ضد الغزو الأمريكي. وحسبما أفاد مسئول حكومى بارز، فقد نجح مولانا صوفى محمد فى حشد جماعة كبيرة تألفت من قرابة ١٠ آلاف شاب من مسقط رأسه ملاكاند، وأقنعهم بالانضمام إلى صفوف مقاتلى طالبان فى أفغانستان وذلك عبر خطاباته النارية.
العلاقة مع طالبان
وفى أكتوبر ٢٠٠١، بعد هجمات ١١ سبتمبر، عبر صوفى محمد إلى أفغانستان مع الآلاف من أتباعه لمساعدة طالبان على محاربة القوات التى تقودها الولايات المتحدة، ولكن بعد خسارة طالبان الأفغانية الحكم فى كابول عام ٢٠٠١، اعتقل من قبل الولايات المتحدة ونقل إلى معتقل جوانتانامو، ثم أعاده الأمريكيون إلى قاعدة باجرام قرب العاصمة الأفغانية كابل، وأفرجوا عنه وسلموه للسلطات الباكستانية التى ألقت القبض عليه فور عودته إلى بلاده. وتولى قيادة الحركة بعد اعتقال مؤسسها صهره الملا فضل الله. وقد دخلت الحركة بعد حظرها وسجن قائدها فى مواجهة عسكرية مع حكومة الجنرال برويز مشرف، كان من أبرزها قصف الجيش الباكستانى مدرسة الملا لياقت فى باجور أحد رموز الجماعة، مما أسفر عن مقتل ٨١ طالبا يوم ٣٠ أكتوبر ٢٠٠٦. ويقول سهيل عبدالناصر، الصحافى البارز، العامل كمراسل أمنى لصحيفة باكستانية يومية: «استغلت مدرسته الإسلامية كمركز تجنيدى لإرسال الشباب الباكستانيين للقتال إلى جانب طالبان فى أفغانستان». وخلال عقد التسعينيات، قاد مولانا صوفى محمد، فى عدد من المناسبات، جماعات مسلحة من الشباب الباكستانى للقتال إلى جانب حركة طالبان، والتى كانت حينها فى خضم إحكام سيطرتها على أفغانستان. ويستطرد سهيل عبدالناصر: «خلال إحدى هذه الرحلات إلى أفغانستان، التقى صوفى محمد مولانا فضل الله، صهره المستقبلى وزعيم حركة طالبان فى سوات حاليا». فى السياق نفسه، تعمقت جذور الصلة بين طالبان وجماعة تحريك إنفاذ الشريعة المحمدية التابعة لصوفى محمد للدرجة التى بات من الصعب تجاهلها، حيث يقول هارون راشد: «على المستوى القيادي، كان الفارق بين طالبان وتحريك إنفاذ الشريعة الإسلامية واضحا، ولكن على المستوى الأدنى لا يمكنك رسم خط بين ناشطى حركة طالبان وتحريك إنفاذ الشريعة المحمدية».
آراؤه
ومن المعروف عنه أنه ممن يعبرون عن آرائهم التكفيرية بصراحة، وفى بياناته الأخيرة، انتقد جل الأنظمة السياسية الباكستانية بما فيها البرلمان، والمحاكم، وأجهزة الحكومة، واصفا إياها بأنها غير إسلامية، حيث أكد «صوفى» لدى إجابته عن سؤال فيما إذا كان الشعب الباكستانى متجها نحو الحياة غير الإسلامية، فقال: «ما لم نبطل النظام السياسى غير الإلهي، فلن يقبل الله أيا من صلواتنا».
الغريب أن الملا صوفى حريص دائما على تأكيد أن «الديمقراطية» ضد روح الإسلام!!، إذ قال فى مقابلة أجريت معه أخيرا: «إذا أقر ٩٩٪ من الناس العاديين شيئا غير إسلامي، فستعطى الديمقراطية ثقلا كبيرا لما يقوله ويقره العوام من الناس، ولن تصغى إلى عالم دينى واحد يقول الحقيقة ويوضح الروح الحقيقية للإسلام». وانتقد صوفى محمد الديمقراطية واصفا إياها بأنها نظام الكافرين، والذى تم الأخذ به فى شبه القارة الهندية على يد المستعمرين البريطانيين.