الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"صلاة من أجل الوحدة".. البابا تواضروس: الفكر المنفتح بداية الطريق.. مطران كاثوليكي: أسباب الاختلاف سياسية.. وقتلى التناحر يتجاوز أعداد شهداء الاضطهاد والأنبا رفائيل: الكبرياء والعنف لن يحققا الوحدة

أعضاء مجلس كنائس
أعضاء مجلس كنائس مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال أيام قليلة، تعلّو صلوات الكنائس رافعة شعارًا واحدًا وحُلمًا منتظرًا، هو «الصلاة من أجل الوحدة»، بعد أن بدأت منذ سنوات طويلة فكرة الاجتماعات السنوية للصلاة من أجل الوحدة.
ويعود ظهور مفهوم الصلاة للوحدة إلى منتصف القرن التاسع عشر، من خلال مبادرات بعض الحركات الكنسية فى المحيط الإنجيلى والبروتستانتي، قادها الأب بول واتسون، وهو قس إنجيلي، حيث جاء أول احتفال للصلاة المشتركة فى يناير 1908.
وتطورت الفكرة على مدار سنوات، وبدأت بمشاركة المؤسسات المسيحية، كـ«الشبان المسيحيين» وغيرها، وصولا إلى دخول الفكرة لمجلس كنائس الشرق الأوسط، والتى تتعاون فيه الكنائس، قبل تدشين مجلس للكنائس المصرية.
وبرزت فكرة أسبوع الصلاة من أجل الوحدة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، وبخاصة عقب تأسيس مجلس كنائس مصر فى فبراير 2013، بحضور رؤساء الطوائف فى حضرة البابا تواضروس الثاني، وتوالت اللقاءات واجتماعات الصلوات بين الطوائف المختلفة، وداخل كنائسهم بحضور ممثلين لجموع الطوائف؛ فيما تشهد الساحة بين الحين والآخر اشكاليات تعكر الصفو، أو تأكل من أرضية الحلم الذى يتطلع إليه الكثيرون.
وانتفض الكثيرون رفضًا لأى محاولة للاعتراف بمعمودية الكاثوليك، بعدما أثير على «السوشيال ميديا» فى العديد من المواقف، ومنها توقيع وثيقة التفاهم والدراسة بين الكنيسة القبطية والفاتيكان، حول المعمودية، وكذلك فى عدد من المواقف، مثل رفض الصلاة على الموتى ببعض الكنائس لعدم اتباعهم نهج الكنيسة، أو الإكليل لمن لا يتبع الطائفة والمذهب.
وتحدث البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، فى عدة مرات، عن الوحدة بمفهوم يحفظ التعددية ويحافظ على القواسم المشترك، وفى أحد الاحتفالات بالأخوة القبطية الأرثوذكسية الكاثوليكية قال البابا: «إن الوحدة بين الكنائس تحتاج إلى أبطال فى الإيمان».
وأكد أن الوحدة تحتاج إلى ثلاثة أمور، أولًا إلى الفكر المنفتح، وليس الفكر الضيق المنغلق، وطلب أن يصلى الجميع يوميًا صلاة هى: «أعطنى يا الله فكرًا منفتحًا مثلما تعامل ربنا يسوع مع السامرية واللص اليمين وغيرهما».
وأشار البابا تواضروس إلى أن الأمر الثانى للوحدة هو القلب المتسع وليس الحرفية، وذكر أن الفريسيين الذين تركوا عظمة معجزات المسيح، مثل المولود أعمى ومريض بيت حسدا، ووقفوا عند صنع المعجزة يوم السبت.
واستطرد بأن ثالث الأمور هو الروح المتضعة التى تحرس النعم والعطايا التى يمنحها الله، وذكر قداسته أنه تأثر كثيرًا باتضاع البابا فرانسيس عند لقائهما، وكيف استقبله على الباب، وكان يتعامل أثناء الزيارة ببساطة قلب شديدة.
وحول الغرض من أسبوع الصلاة للوحدة وآثاره، قال الأنبا أنطونيوس عزيز، مطران الكاثوليك بالفيوم والجيزة سابقا، إن الوحدة ليست اختيارا لكنها دعوة إلهية، ولفت إلى أن الكنائس تتوحد فى الإيمان بالمسيح والكتاب المقدس ودماء الشهداء، ولا يمكن التفريق بينها على أساس تبعية الكنيسة الفلانية أو غيرها.
وأكد الأنبا أنطونيوس لـ«البوابة»، أن حقيقة الفروق والاختلاف بين الكنائس أسبابه سياسية أو سلطة أو حروب ويجب ألا تكون الكنيسة مفترقة وعليها العودة للأصل الذى خرجت به من يد المسيح كنيسة واحدة.
وتابع: المؤسف فى الأمر الفهم المغلوط للوحدة، ورؤية الوحدة فى ذوبان الكاثوليك فى الأرثوذكس، أو العكس أو تحول أبناء الكنيسة لكنيسة أخرى، وهو ما لن يحدث لاسيما بأن كل كنيسة لها ظروفها التاريخية وهويتها، والتنوع جيد ونعمة من الله ويحدث ثراء، وبخاصة أن الفروق الموجودة بينها بسيطة للغاية، ويجب ألا تجعل المسيحيين منقسمين أو فرقاء أو يكون هناك بعد وجفاء.
وعن أثر أسبوع الصلاة من أجل الوحدة، قال إن الصلاة من أجل الوحدة يذكر المسيحيين بأهمية وضرورة الصلاة اليومية لأجل الوحدة، وليس أكثر، ولأن واجب الصلاة للوحدة يومى ونذكرها، وذلك أمر الوحدة لأن الصلاة لها قوة كبيرة جدًا.
وشدد الأنبا أنطونيوس على ضرورة تغير المفاهيم المغلوطة لدى الأجيال الجديدة بأبناء الكنائس، ويلزم ألا تواجه الكنيسة شقيقتها بالأخطاء وعليها بالنظر فى أخطائها بالمقام الأول، قائلا: لو كل كنيسة راجعت نفسها بالأخطاء التاريخية ورأت أخطائها فى حق أشقائها ومراجعة ضميرها حول مجريات التاريخ يعد خطوة للأمام.
واستطرد مطران الكاثوليك السابق بالفيوم والجيزة، قائلا: إن الإشكالية الحقيقية هى عدم مواجهة أنفسنا بالأخطاء، بينما نظل نمجد ونتباهى بالكنيسة كلٌ منا على حدة، وننسى أن الانقسامات كانت سببًا رئيسيًا فى الاقتتال بين المسيحيين لو حصر أعداد القتلى على خلفية الانقسامات بين الكنائس ومحاولة كل منها الانتصار على شقيقتها تجده يتجاوز أعداد شهداء الاضطهاد.
وأكد الأنبا أنطونيوس أن الخلاف والصراع والانقسام أدى للابتعاد عن هدف الله الأول ومعرفة طريقه، مما يستلزم عودتنا ونسيان الإساءة المتبادلة بين الكنائس والكف عن الاتهامات واستدراك كل كنيسة لأخطائها، ولاسيما بأن الوحدة لا تأتى إلا بضمير حى ومعرفة الخطأ وإصلاحه.
وأشار إلى أن الكنيسة التى تتوقف يومًا عن الإصلاح تنهار وتكون جامدة وميتة فإن الكنيسة متجددة ومصلحة وعليها أن تسعى دائمًا لمجد الله وليس مجد لنفسها أو اسمها.
وألمح الأنبا أنطونيوس إلى أن أبناء الكنائس أصبحوا منفتحين ويرفضون أى محاولة للتطاول أو التجاوز فى حق أى كنيسة، ولو كان من أحد رعاة كنيسته حال تجاوزه فى كنيسة أخرى يتخذ الرعية موقفًا تجاهه.
فيما تناول الأنبا رافائيل ـ سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ـ مفهوم الوحدة بعدد من المقالات التى اختص بها مجلة الكنيسة، وتسجيل مقاطع فيديو للمركز الإعلامى للكنيسة.
وسبق وقال الأنبا رافائيل، إن علامة الوحدة الحقيقية تعلمناها من آبائنا القديسين هى الاشتراك فى الذبيحة الواحدة والتناول معًا من نفس المذبح جسد الرب ودمه، وهذا لم يتحقق بعد، ونصلى بدموع أن يتممه الرب يسوع بروحه القدوس وبمشيئة الآب القدوس».
وعن تعطل الوحدة أكد الأنبا رافائيل أن السبب الرئيسى فى تعطيل الوحدة الحقيقية هو اختلاف وجهات النظر فى الكنائس من جهة مفهوم الوحدة، فالبعض يعتبرون الوحدة هى الاندماج فى كنيستهم تحت رئاسة واحدة، والبعض الآخر يعتبرون الوحدة أن نحب بعضنا البعض ونصلى معًا مهما اختلفت عقائدنا وانتماءاتنا (كل واحد يروح كنيسته) وهذا يكفى لإعلان الوحدة.
وأشار الأنبا رافائيل إلى أن البعض يرون أن الوحدة هى وحدة الإيمان والمذبح والذبيحة والكهنوت؛ وأكد أنه لاتوجد نقطة التقاء حتى الآن فى مُسمى الوحدة نفسه، فإن المفهوم الأرثوذكسى للوحدة وحدة الإيمان وهو مبدأ كتابي.
وفى مقاطع فيديو بدأت فى بثها الكنيسة القبطية للأنبا رافائيل، أوضح أن الوحدة الكنسية مبنية على مفهوم الكنيسة جسد المسيح، وكلنا أعضاء فى جسد واحد، وفى رسالة بولس الرسول إلى أفسس «أعطى نعمة ووزع المواهب لشعب الكنيسة منهم الأنبياء والرسل والمبشرين والرعاة والمعلمين».
وقال الأنبا رافائيل إن التنوع ليس فى الإيمان لأنه سبق وقال الكتاب المقدس: «رب واحد إله واحد معمودية واحدة وإنما فى التنوع فى المواهب الروحية التى بها نخدم بعضنا بعضا».
وتابع: إن تعدد المواهب والقديسين يهدف العمل لخدمة وبنيان جسد المسيح، فان التنوع الجميل الموجود فى مواهب القديسين سيكمل الخدمة.
واستطرد الأنبا رافائيل قائلا: إن هناك قضية مثارة وهى تعدد الإيمان ولن نصل لوحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله إلا بالتوحد، ولاسيما بان الاختلاف فى إيمان كل منا يجعل الناس مضللة تسمع لمن وترفض من وتصدق أيهما، وإنما حال وصولنا لإيمان واحد ورأى واحد.
وتابع: أن أول خطوة فى الوحدة نسلك معًا بالتواضع والوداعة لأن الكبرياء والعنف والمشاحنات والردود الخشنة لن تحقق الوحدة وعلينا التحلى بالفضائل الجميلة، لا داعى للانشقاق والانقسام والتطاحن والتشاحن لنكون جسدًا واحدًا وروحًا واحدة وربًا واحدًا وإيمانًا واحدًا».